تعاني المسطحات المائية الداخلية بجمهورية مصر العربية من ارتفاع معدلات التلوث الذي زادت حدته في الآونة الأخيرة بدرجة ملحوظة ومصادر التلوث متعددة ويعتبر الصرف الصحي من أكبر هذه المصادر وأكثرها خطورة علي البيئة المائية يليه الصرف الصناعي فالصرف الزراعي... وتعتبر البحيرات الشمالية أكثر المناطق تعرضا للتلوث بها علي النحو التالي:
البحيرة المساحة بالفدان أهم مصادر التلوث
بحيرة مريوط 17000 صرف صناعي+ صرف زراعي+ صرف صحي
بحيرة المنزلة 100.000 صرف صحي+ صرف زراعي+ صرف صناعي
بحيرة البرلس 103.000 صرف زراعي+ صرف صحي+ صرف صناعي
بحيرة ادكو 17.000 صرف زراعي + صرف صحي+ بترول مراكب
بحيرة قارون 55.000 صرف زراعي + صرف صحي
بحيرات وادي الريان 40.000 صرف زراعي + صرف صحي
نهر النيل صرف صناعي + صرف صحي + صرف زراعي
بحيرة ناصر 1.200.000 صرف صناعي + صرف صحي
وكمثال لكمية الملوثات التي تدخل البحيرات بحيرة المنزلة حيث يدخل بها سنويا هذه الكميات:-
الصرف الصناعي 4.2 مليون متر مكعب
الصرف الزراعي 6.6 مليون متر مكعب
الصرف الصحي 227 مليون متر مكعب
وهذا المعدل المرتفع أدي إلي تلوث اغلب مناطق البحيرة وادي إلي انخفاض الكميات المصادة بها.
وترجع خطورة مياه الصرف الصحي الي عدم معالجتها بأي صورة قبل إلقائها في المسطحات المائية مما يجعل نسبة المواد العضوية بها عالية جدا وعلي ذلك فهي تؤدي الي جعل الوسط الذي تلقي فية وسط متناسب لنمو الفيروسات والبكتريا المرضية والطفيليات الامر الذي يؤثر بدرجة خطيرة علي صلاحية اسماك هذه المناطق للاستهلاك الادمي . الي جانب ذلك فأن التركيزات العالية للمواد العضوية في الوسط يستهلك كميات كبيرة من الاكسجين الذائب في المياه في عمليات الاكسدة وبذلك يصبح الوسط خالي تماما من الاكسجين أو ان نسبة الاكسجين تقل بدرجة كبيرة تؤثر علي حياة الكائنات والاسماك التي تعيش في هذه المناطق . ويواكب تدفق مياه الصرف الصحي ايضا ارتفاع تركيزات الأمونيا بالأضافة الي نمو الهوائم النباتية بدرجة كبيرة . يرتفع معها الاس الايدروجيني للوسط بدرجة كبيرة مما يجعل الصورة العالية للامونيا هي الصورة الغير متأنية (ن يد 3 ) ذات التأثير شديد السمية علي الكائنات الحية . ومن الأمثلة الصارخة للتأثيرات السلبية للتلوث بمياه الصرف الصحي ما يحدث بالمزارع السمكية المنتشرة علي طريق دمياط – بورسعيد حيث يؤدي تسرب مياه الصرف بما تحملة من تركيزات عالية من الامونيا الغير متأنية الي نفوق جانب كبير من أسماك هذه المزارع وتعتبر أسماك "الدنيس" أكثر هذه الأسماك حساسية لارتفاع معدلات الامونيا. هذا الي جانب ذلك فأن تسرب مياه الصرف الصحي الي هذه المزارع خلال فصل الصيف يؤدي الي نمو غير عادي للهوائم النباتية يواكبة موت وتحلل هذه الكائنات وفي خلال ذلك يرتفع الأكسجين الذائب في مياه المزارع بدرجة غيرعادية أثناء النهار في حين يصل الي الصفر عند الفجر الامر الذي يؤدي الي نفوق أسماك هذه المزارع ولمواجهة هذه الظاهرة يتم بدفع المياه من المغذيات وصرفها بصورة مستمرة أو إذا توافرت امكانيات عمل تهوية لمياه الاحواض باستخدام مضخات الهواء لتعويض ما يفقد من أكسجين من جانب وللمساعدة في سرعة تكسير المواد العضوية من جانب أخر .
مثل أخر من المناطق الأكثر تعرضا لمياه الصرف الصحي هي بحيرة المنزلة التي تستقبل مياه الصرف الصحي الغير معالجة خلال مصرف بحر البقر الذي يصب في الجزء الجنوبي الشرقي للبحيرة حيث تصل كميات مياه الصرف الصحي إلي 1.350.000 متر مكعب يوميا ومياه مصرف بحر البقر يتقدم فيها الأكسجين وذلك لاحتوائها علي كميات كبيرة من المواد العضوية وتصب في منطقة الجنكي حيث تقوم البكتريا الهوائية بعمليات المعالجة الطبيعية للطبقة السطحية في حين تقوم البكتريا اللاهوائية في هذه العمليات في الطبقة التحت سطحية والقاعية ويتم خلال عمليات المعالجة اكسده جانب من المواد العضوية الموجودة وتحويلها الي مواد غير عضوية وحتي عام 2009 كانت حوالي 70% من المواد العضوية المحمل بها مياه الصرف الصحي يتم معالجتها طبيعيا في منطقة الجنكي في حين تظل 30% فقط من هذه المواد لا يتم تحليلها وتخرج الي وسط البحيرة وبعد بدء انشاء ترعة السلام وسحب كميات كبيرة من مياه الصرف الزراعي التي كانت تصب في منطقة الجنكي من خلال مصرف حادوث ورمسيس وكذلك مصرف السرو وبالتالي قلت بدرجة كبيرة عمليات التخفيف التي كانت تتم من مياه الصرف الصحي الواردة من مصرف بحر البقر . وأصبحت نسبة مياه الصرف الصحي التي يتم معالجتها طبيعية في هذه المنطقة حوالي 35%بينما يبقي 65%من المواد العضوية يندفع إلي وسط البحيرة الأمر الذي أدي إلي ارتفاع مدة التلوث في البحيرة في الآونة الأخيرة . وارتفعت نسبة الأسماك المصابة بالبكتريا الممرضة مثل السلامونيلا التي تسبب التسمم الغذائي والشجيلا.
وكذلك ارتفعت نسبة الطفيليات في الأسماك واضطرها ما يسمي بدودة السمك التي تصيب الأسماك وتبقي حويصلات هذه الدودة في أنسجة الأسماك حتى بعد طهيها وتنتقل إلي الإنسان لتعيش في المعدة .
وبالنسبة لمياه الصرف الزراعي فأنها عادة تكون محملة بفائض الأسمدة الزراعية وكذلك المبيدات التي تستخدم في الزراعة ويؤدي تسرب هذه المياه الي البيئة المائية إلي زيادة نمو الهوائم النباتية بدرجة كبيرة بفعل فائض الأسمدة الموجودة وخصوصا ارتفاع تركيزات النيتروجين والفسفور وهذه الظاهرة تعرف بالاتيروفيكاش ، Eutrophication ويواكبها موت وتحلل لهذه الخلايا الأمر الذي يؤدي إلي استهلاك الأكسجين في تحلل خلايا هذه الكائنات علاوة علي أن هذه الكائنات لها القدرة علي إنتاج الأكسجين خلال ساعات النهار خلال عملية التمثيل الضوئي بينما تقوم باستهلاك الأكسجين أثناء الليل خلال عمليات التنفس وعلي ذلك فأن تركيزات الأكسجين الذائب والمواكب لهذه الظاهرة يصل إلي ذروته في الساعة الثالثة بعد الظهر حتي يصل نسبة تركيزة الي اكثر من 200% في حين ينعدم وجودة في الساعة الاولي من الصباح ( الساعة الرابعة صباحا ) مما يؤدي الي نفوق الكائنات الحية التي تعيش في هذا الوسط.
اضف الي ذلك ان بعض هذه الكائنات لها صفة إفراز المواد السامة ونموها بدرجة كبيرة يزيد تركيزات المواد السامة التي تفرزها الي الحد الذي يؤدي الي نفوق الاسماك في هذه المناطق ومن أمثلة ذلك ما يحدث في نهاية فرعي النيل عند فارسكور (فرع دمياط) وعند ادفينا (فرع رشيد) حين ينمو أحد الطحالب الزرقاء ويسمي ميكرسست Microcystis بدرجة كبيرة في فصل الصيف نتيجة لارتفاع تركيزات أملاح النيتروجين والفسفور في المياه وهذا الطحالب يتميز بخاصية افراز المواد السامة ويواكب هذه الظاهرة نفوق الاسماك في هذه المناطق.
ومن أخطر ما تتميز بة مياة الصرف الزراعي احتوائها علي المبيدات الزراعية التي تمتص بواسطة الكائنات الدقيقة الموجودة في الوسط المائي وتتركز في أنسجة الاسماك مما يوثر سلبيا علي مستهلكي هذه الاسماك حيث تتركز هذه المبيدات ايضا في الانسان علي مر السنين في الكلي والكبد وتؤدي في النهاية الي الاصابة بالفشل الكلوي والكبد علاوة عن أن بعضها يسبب السرطان.
ومن أخطر هذه المبيدات علي الأطلاق د.د.ت الذي مازال يستخدم حتي الان في مصر علي الرغم من أن قد بطل استخدامه عالميا نظرا لخطورتة الشديدة حيث أن المبيد الجيد هو الذي يكون تأثيرة قوي علي الهدف الذي يستخدم له ويتكسر بسرعة بفعل الضوء والحرارة والكائنات الدقيقة وبالنسبة د.د.ت فأن تأثيرة قوي كمبيد للحشرات ولكن لايتكسر بسرعة ويبقي لسنوات عديدة بدون تكسير وهناك أيضا مبيدات الفسفور التي تستخدم بكثافة لابادة الحشرات الزراعية فأنها تسبب السرطان.
والمصدر الثالث من مصادر التلوث هو الصرف الصناعى الذى يشكل أضراراً بالغاً للبيئة المائية ويجعل أسماك المناطق التى تتعرض لهذا النوع من التلوث غير صالحة للاستهلاك الادمي وذلك راجع الي أن الصرف الصناعي يحتوي علي تركيزات مرتفعة لايونات المعادن مثل الكاديوم – الزئبق – الرصاص – النحاس .... الخ وأيونات هذه المعادن تتميز بدرجات سمية اذا جاوزت تركيزات معينة بالاضافة الي أن وجودها بتركيزات شحيحة يتيح للكائنات الحية وخصوصا الاسماك تركيز هذه العناصر في انسجتها بدرجة كبيرة مما ينعكس ذلك علي مستهلكي هذه الاسماك الذي تتركز ايضا ايونات هذة العناصر في انسجتهم وخصوصا في الكلي وتؤدي في النهاية الي الفشل الكلوي واخطر المناطق تعرضا لهذا النوع من التلوث هو نهر النيل الذي تصب فيها نفايات المصانع بدءا من مصانع كيما بأسوان الي مصنع طلخا للسماد بفرع دمياط ومصنع كفر الزيات للمبيدات بفرع رشيد هذا بالاضافة الي مصانع الحديد والصلب بحلوان ومصانع السكر بالحوامديه بالاضافة الي العديد من المصانع الصغيرة ويمثل ذلك اضرار جسيما بالصحة العامة للمواطنين حيث ان النيل هو المصدر الرئيسي لمياه الشرب للسواء الاعظم من مدن وقري جمهورية مصر العربية ولكون هذه المصانع قطاع عام فأن الجهات المنوط بها قانون حماية نهر النيل من التلوث تقف مكتوفة الايد حيال هذا التحدي الصارخ من قبل هذة المصانع لكافة القوانين التي تجرم تلويث نهر النيل .
وتعتبر بحيرة مريوط من أكثر بحيرات مصر تعرضاً للتلوث الصناعى بالنسبة لمساحتها والذى أدى فى النهاية إلى أن أصبحت معظم إنتاج البحيرة من الأسماك غير صالح للاستهلاك الأدمى لإرتفاع تركيزات المعادن الثقيلة فى أنسجة الأسماك من جانب واصابة هذه الأسماك بالبكتريا والفيروسات والطفيليات التى من الممكن أن تصيب الإنسان بعد طهى هذه الأسماك من جانب آخر.
وتتجه الدولة الآن لإتخاذ إجراءات من شأنها الحفاظ على المسطحات المائية المتاحة نظراً لدخول جمهورية مصر العربية الفقر المائى حيث أن المقنن العالمى هو 1000 متر مكعب للفرد ومعدل استهلاك الفرد فى جمهورية مصر العربية عام 2009 هو 84 متر مكعب وفى عام 2012 هو 524 متر مكعب. وهذا دعى الحكومة إلى إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الزراعى والصحى وإعادة تدويرها وقامت الدولة بإنشاء عدد 8 محطات حتى عام 2009 وجارى تكميلها إلى عدد 26 محطة على مستوى جمهورية مصر العربية تساهم فى تخفيف حدة نقص المياه.
كذلك تقوم الدولة بإتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة الحياة لبحيرات جمهورية مصر العربية وذلمك بإتخاذ التدابير والقوانين اللازمة لتخفيف حدة التلوث ووقف عمليات التخفيف ودفع المخزون السمكى وكذلك رفع درجة الوعى السمكى بهذه المناطق.
ساحة النقاش