بورصة سعيدة

تحاليل فنية و مالية للشركات المدرجة في بورصة مصر

الرؤية الاقتصادية              الاربعاء 23 سبتمبر 2009 10:32 ص   

 

                         

                       

إعداد: صفاء النعيمي

 

شارع المال والبورصة في الولايات المتحدة الأمريكية «وول ستريت»، هو أحد شوارع مانهاتن السفلى لمدينة نيويورك.

 

وفي الوقت الحالي «وول ستريت» يعني الواجهة الرئيسة للسوق الأمريكي، حيث توجد فيه بورصة نيويورك والكثير من الشركات المالية الأمريكية الضخمة كـ«جي بي مورغان»، ويوجد أيضاً مقر (أمريكان ستوك ايكستشاينغ)، أو بورصة أمريكا، ويقع الشارع في منطقة منهاتن السفلى ويتقاطع مع شارع بردواي ويتجه نحو (ايست ريفير) أو النهر الشرقي، وهو من ضمن الحي المالي.

 

سمي الشارع بهذا الاسم عندما كانت نيويورك مستوطنة هولندية، وعندما تعرضت لاحتلال البريطانيين بنى الهولنديون جداراً ارتفاعه 12 قدماً (4 أمتار ) بواسطة الأفارقة العبيد لصد هجوم البريطانيين، وبعد نجاح البريطانيين بالاستيلاء على نيويورك دمروا الجدار، وعرف المكان باسم «وول ستريت».

 

أبرز الأحداث

 

شهد الـ«وول ستريت» الكثير من الأحداث المهمة في تاريخه، لكن أهمها كان في:1 - 16 سبتمبر 1920 عندما وقع انفجار خلف 38 قتيلاً، و300 جريح أمام مقر «جي بي مورغان»، أو «مورغان هاوس» كما كان يسمى.

 

2 - في سنة 1907 حدث انهيار كبير في البورصة، حيث انخفضت القيمة السوقية لأسهم بورصة نيويورك بسبب أزمة الفوائد البنكية، وفضائح طالت مؤسسات مالية كبيرة.

 

3 - الانهيار الكبير عام 1929 عندما انهار مؤشر «الداو جونز الصناعي»، وبورصة نيويورك، وتسبب في دخول الاقتصاد الأمريكي إلى أعظم كساد في تاريخة بعد انتعاش اقتصادي.

 

4 - الانهيار الاقتصادي عام 1987، الذي تسبب في انهيار مؤشر «الداو جونز الصناعي» بنسبة 23 بالمئة في يوم واحد وهو أكبر هبوط في تاريخ المؤشر.

 

5 - أزمة الرهن العقاري التي وقعت في صيف 2007، وتسببت في إفلاس أهم المؤسسات المالية العالمية مثل «ليمان براذرز»، و«بير ستيرنز»، و«واشنطن ميتيوال» ومازالت مستمرة حتى الآن.

 

بورصة نيويورك

 

(بالإنجليزية: New York Stock Exchange، ويشار إليها اختصاراً بـ NYSE) ، تقع في مدينة نيويورك، وهي أكبر سوق لتبادل الأوراق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية من حيث تعاملاتها بالدولار، وثاني أكبر بورصة من حيث عدد الشركات المدرجة، حيث اجتازتها سوق «ناسداك» عام 1990، ولكن القيمة السوقية للشركات المدرجة أو ما يعرف بالرسملة السوقية، فهي أكبر بخمسة أضعاف عن الشركات المدرجة في سوق «ناسداك».

 

وتضم بورصة نيويورك أسهماً لـ2764 شركة (مقابل نحو 3200 في بورصة ناسداك)، وقيمة سوقية إجمالية لأسهم الشركات فيها بنحو 28 تريليون دولار بنهاية 2008.

 

وقد اندمجت مجموعة بورصة نيويورك مع البورصة الأوروبية يورونكست لتشكيل NYSE Euronext، والتي أصبحت بذلك أول سوق عالمية للأوراق المالية، وتحتوي بورصة نيويورك على مؤشرات عدة لقراءة القطاعات الاقتصادية كمؤشر «الداو جونز الصناعي» لأكبر 30 شركة صناعية أمريكية، ومؤشر S&P 500، أو «ستاندرد أند بورز» لأكبر 500 شركة مالية أمريكية.

 

مؤشر داو جونز

 

مؤشر «الداو جونز»، أو «الداو 30»، هو مؤشر صناعي لأكبر 30 شركة صناعية أمريكية في بورصة نيويورك.

 

أنشأ في 26 مايو 1896، وبذلك يعد أقدم مؤشر في العالم، وكان يحتوي على أكبر 12 شركة أمريكية، وكانت أولى شركاته «جنرال إليكتريك»، وبدأت أعداد الشركات المدرجة بالتزايد حتى وصل إلى 30 شركة عام 1928، ومن الشركات التي تم إدراجها في المؤشر شركتي «شيفرون»، و«بنك أوف أمريكا» في 19 فبراير 2008.

 

اضطرب مؤشر «الداو جونز» أكثر من مرة متأثراً بالأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم، وكان أكبر انهيار له عام 1929، حيث فقد المؤشر ما يقارب الـ50 بالمئة من قيمته بسبب الركود الاقتصادي الذي خيم على الولايات المتحدة لمدة أربع سنوات.

 

ولم يعد إلى مستواه الحقيقي الذي كان قبل الأزمة إلا بعد 20 سنة.

 

وانهار المؤشر أيضاً في سنة 1987، حيث فقد في يوم واحد 22 بالمئة من قيمته، وعاد بعدها للصعود حتى عام 2001، حيث وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي تسببت بخسائر كبيرة للمؤشر.

 

وقد وصل إلى أعلى مستوى له في أكتوبر 2007 فوق مستوى 14000 نقطة.

 

في بداية عام 2008 فقد المؤشر أكثر من 20 بالمئة، ووصل تحت مستوى 12000 نقطة بسبب أزمة الرهن العقاري التي أدت إلى انهيار مؤسسات مالية ضخمة.

 

وفي شهر إبريل عاود المؤشر الارتفاع ووصل إلى مافوق 13000 نقطة، لكنه عاود الانخفاض إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر 2006، ليصل تحت مستوى 11000 نقطة وأنهى المؤشر آخر جلسة تداولات في سنة 2007 على ارتفاع، لكنه انخفض 32 بالمئة دون مستوى 9000 نقطة في عام 2008، والذي يعتبر من أسوأ الأعوام في تاريخ المؤشر التي وصل فيها إلى ما يقارب الـ7550 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ سنوات عدة.

 

توجد حالياً أكثر من 30 شركة مدرجة من بينها «كوكوكولا»، و«ماكدونالدز»، و«إنتل»، و«إيكسون موبيل».

 

الأزمات:

 

أزمة 1907

 

بين عامي 1814 و1914 حصلت 13 أزمة مصرفية في الولايات المتحدة الأمريكية أسوأها في سنة 1907، حيث انخفضت القيمة السوقية لأسهم بورصة نيويورك نحو 37 بالمئة، وكانت قوية جداً بنتائجها، وفرضت إنشاء المؤسسة المهمة التي تعرف بـ«المصرف المركزي» أو «الفيدرالي الأمريكي»، الذي يرأسه اليوم «بن برنانكي».

 

عند اندلاع أزمة 2008 سارع كثير من المحللين من ذوي العقلية التاريخية إلى اختيار أزمة العام 1907 باعتبارها السابقة الرئيسة لأزمتنا الحالية.

 

وتلك الأزمة لا يفصل بينها وبيننا قرن من الزمان فحسب، بل إنها أيضاً تبدو جذابة كحالة تماثل.

 

لقد كانت أزمة العام 1907 فورية التخريب، وأسفرت عن انكماش اقتصادي شديد، ولكنه كان انكماشاً قصير الأمد.

 

كان الهلع في العام 1907 قد بدأ في الولايات المتحدة، في أعقاب ارتفاع أسعار الفائدة بعد تعويض المزارعين في الغرب عن محاصيلهم، والفضائح المالية التي تورطت فيها إحدى المؤسسات المالية الكبرى في نيويورك.

 

ومن دون سابق إنذار، تماماً كما يحدث اليوم، انعدمت الثقة حتى بين المصارف الكبرى، إضافة إلى الفضائح المالية في نيويورك، ومن بينها واحدة متعلقة بمؤسسة مالية مهمة اسمها «نايكربوكر».

 

كان الانهيار راجعاً في الأساس إلى الافتقار إلى السيولة، وكان من الممكن استرداد السيولة بسهولة بوسائل عدة، فأصدرت مصارف نيويورك سيولة خاصة بها عن طريق دار للمقاصة، وبادرت مؤسسة «جيه. بي. مورغان» المالية القوية إلى شراء الأسهم المنهارة، وبهذا تراجعت حالة الهلع والبحث عن السيولة في السوق، كما زودت المصارف المركزية الأوروبية الأسواق الأمريكية بالذهب.

 

فقد نما الاقتصاد الأمريكي بقوة حتى سنة 1907، مما رفع من معنويات قطاع الأعمال، وبالتالي زاد في تهوره الاستثماري التضخمي.

 

وتمت عمليات مضاربة كبرى في العقارات والأدوات المالية حركت الأسعار بشكل جنوني صعوداً ثم العكس.

 

واكتشفت المصارف أن الضمانات المقدمة من المواطنين لاتكفي لتغطية قيمة القروض، وبالتالي حصلت أزمة مصرفية لاتختلف كثيراً عما يحصل الآن.

 

وبما أن «المصرف المركزي» لم يكن موجوداً على عكس الواقع عندها في فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، لم يكن ممكناً توفير السيولة للمصارف المتعثرة كما يحصل اليوم.

 

وحصلت أيضاً أزمة طبيعية في كاليفورنيا سببت، إضافة إلى التضخم والقروض، سقوط الأسواق المالية بعد نحو سنة من الوقت.

 

وما حدث يؤكد أن آلية انتقال المعلومات معقدة، ومتشعبة، حيث تصيب كل جوانب الاقتصاد بما فيها أسواق المواد الأولية وكل الأوراق المالية .

 

كان الدرس الواضح الذي تعلمه الأمريكيون من أزمة 1907 أن المصارف المركزية، هي المؤسسات المثلي القادرة على استرداد السيولة حين يعم الهلع المالي، وأن الإصلاح النقدي كان ضرورياً على الأمد البعيد لمنح الولايات المتحدة مصرفاً مركزياً خاصاً بها، وهو مصرف «الاحتياطي الفيدرالي»، الذي تأسس في العام 1914.

 

وعلى هذا، فقد تحولت أزمة العام 1907 إلى ترنيمة عذبة في وقت الشدة المالية، فكل السبل أمام الأزمات مسدودة مادام «المصرف المركزي» يفهم أبعاد مشكلة السيولة فهماً جيداً.

 

ثمة حالات تشابه معاصرة. فقد بادر مصرف «الاحتياطي الفيدرالي»، و«المصرف المركزي الأوروبي»، حديثاً، إلى ضخ كميات هائلة من السيولة إلى شرايين النظام المالي العالمي.

 

ولقد قامت المؤسسات الخاصة ذات المكانة الاستراتيجية بدورها في دعم الثقة.

 

فقد بثت مؤسسة «غولدمان ساكس»، على سبيل المثال، رسالة واضحة، حين قامت علناً بشراء الأصول المعرضة للخطر في الصندوق العالمي لفرص التمويل التابع لها.

 

الخميس الأسود

 

يتعلق بيوم 24 أكتوبر 1929، وهو يوم انهيار بورصة «وول ستريت».

 

ويعود ذلك إلى تفوق العرض على الطلب بشكل خيالي، حيث تم عرض 13 مليون سهم تقريباً على لائحة البيع، الأمر الذي أوصل أسعار الأسهم إلى أدنى مستوى بعد ارتفاع سابق، وهناك أيضاً من يسمون الانهيار بيوم الثلاثاء الأسود وذلك لأنه بعد مرور خمسة أيام، أي في 29 أكتوبر عام 1929، حدث انهيار آخر في سوق الأوراق المالية أدى إلى تفشي الخوف في قلوب العامة من أن البلاد مقبلة على حالة من الركود أو حتى انهيار المبنى الاقتصادي.

 

لقد بلغ مستوى انحفاض مؤشر داو جونز Dow Jones خلال الأزمة تقريباً 50 بالمئة، وأغلق في يوم 13 أكتوبر 1929 عند مستوى 198.69 نقطة.

 

من الجدير ذكره أن المؤشر عاد إلى المستوى الذي كان عليه قبل الانهيار فقط في عام 1956.

 

وهناك اختلاف لايمكن تهميشهه على مدى تأثير انهيار سوق الأوراق المالية «وول ستريت» على اندلاع الكساد الكبير.

 

أما سبب الانهيار، فيعود لاستثمار مبالغ ضخمة، مما رفع أسعار الأسهم إلى قيم وأسعار خيالية وغير واقعية وارتفاع الأسعار جذب واستقطب مستثمرين من شتى الطبقات والمستويات على استثمار أموالهم في البورصة.

 

حتى البنوك اشتركوا في الاستثمار، حيث قاموا بتمويل قروض مع شروط مريحة للمستثمرين، الأمر الذي ضاعف الاستثمارات، ورفع الأسعار أكثر وأكثر.

 

في صبيحة يوم 24 أكتوبر من عام 1929، عرض على لائحة البيع أكثر من 13 مليون سهم، مما جعل العرض أعلى من الطلب واتجهت الأسهم نحو القاع.

 

وعلى الفور عمت الفوضى في المكان، حيث بدأت أموال المستثمرين تتبخر، وازداد الأمر سوءًا حين زاد عدد الأسهم المعروضة إلى 30 مليون سهم، الأمر الذي جعل أسعار الأسهم بلا قيمة، وجعل الكثير من المستثمرين في ديون عميقة، وعبء ثقيل للبنوك التي أعلنت إفلاسها بسبب الديون العميقة التي تراكمت من كثرة القروض غير القابلة للسداد بسبب انهيار البورصة وإفلاس المستثمرين.

 

ويخشى كثير من الأمريكيين أن تأتي موجة أخرى للكساد في الأعوام 2009 و2010، وذلك بعد الأزمة المالية الحالية.

 

الكساد الكبير

 

هي أزمة اقتصادية أعقبت انهيار البورصة في عام 1929، واستمرت طوال عقد الثلاتينات وبداية الأربعينيات، وتعتبر أكبر و أشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، ويضرب بها المثل لما قد يحدث في القرن الواحد والعشرين وما مدى سوء الأزمة التي قد تحدث، وقد بدأت الأزمة بأمريكا.

 

ويقول المؤرخون إنها بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929، والمسمى بالثلاثاء الأسود.

 

وكان تأثير الأزمة مدمراً على كل الدول تقريباً الفقيرة منها

 

والغنية، وانخفضت التجارة العالمية ما بين النصف والثلثين، كما انخفض متوسط الدخل الشخصي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح.

 

أكثر المتأثرين بالأزمة المدن، خصوصاً المعتمدة على الصناعات الثقيلة، كما توقفت أعمال البناء تقريباً في معظم الدول، كما تأثر المزارعون بهبوط أسعار المحاصيل بنحو 60 بالمئة من قيمتها.

 

و كانت المناطق المعتمدة على قطاع الصناعات الأساسية كالزراعة، والتعدين، وقطع الأشجار، هي الأكثر تضرراً، وذلك لنقص الطلب على المواد الأساسية، إضافة إلى عدم وجود فرص عمل بديلة.

 

كما أدت إلى توقف المصانع عن الإنتاج، ونتج عنها أن أصبحت عائلات بكاملها تنام في أكواخ من الكرتون، وتبحث عن قوتها في مخازن الأوساخ والقمامة.

 

وقد سجلت دائرة الصحة في نيويورك أن أكثر من خمس عدد الأطفال يعاني من سوء التغذية.

 

وكانت أمريكا قد بدأت بازدهار اقتصادي في العشرينات، ثم ركود، ثم الانهيار الكبير عام 1929، ومن ثم عودة عام 1932.

 

وبعد انهيار بورصة «وول ستريت» كان لايزال التفاؤل سائداً

 

وقال رجل الصناعة الشهير «جون روكفيلير» حينها، «خلال هذه الأيام يوجد الكثير من المتشائمين، ولكن خلال حياتي التي امتدت لـ93 عاماً كانت الأزمات تأتي وتذهب، ولكن يجب أن يأتى الازدهار بعدها دائماً».

 

بدأت الأزمة في الزوال في كل الدول في أوقات مختلفة، وقد أعدت الدول برامج مختلفة للنهوض من الأزمة، وكانت قد تسببت الأزمة في اضطرابات سياسية دفعتها لتكون إما من دول اليمين أو اليسار، ودفعت أيضاً المواطنين اليائسين إلى الديماجوجية -ومن أشهرهم أدولف هتلر- وكانت هذه من أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية.

 

كانت الأزمة بدأت مع انهيار مفاجئ وكامل للبورصة، ومع أن الأسهم في إبريل 1930 بدأت في التعافى والرجوع لمستويات بدايات 1929، إلا أنها ظلت بعيدة عن مستويات سبتمبر 1929 بنحو 30 بالمئة.

 

ومع ان الإنفاق الحكومي زاد خلال النصف الأول لعام 1930 إلا أن إنفاق المستهلكين قل بنسبة 10 بالمئة، وذلك بسبب الخسائر الفادحة بسوق الأسهم، إضافة إلى موسم جفاف شديد عصف بالأراضى الزراعية الأمريكية ببداية صيف 1930.

 

و في بدايات عام 1930 كان الائتمان وفيراً، وبمعدل فائدة قليل إلا أن الناس كانت محجمة عن إضافة ديون أخرى بالاستدانة.

 

وفي مايو 1930 كانت مبيعات السيارات قد انخفضت لمستويات منتصف 1928، وبدأت الأسعار في التراجع إلا أن المرتبات ظلت ثابتة، ولكنها لم تصمد طويلاً وانخفضت بمنتصف عام 1931، أما المناطق الزراعية فكانت الأكثر تضرراً بهبوط أسعار السلع عامة.

 

ومن ناحية أخرى كانت الأزمة في مناطق التعدين، ومناطق قطع الأخشاب بسبب البطالة وعدم وجود فرص عمل بديلة.

 

كان انكماش الاقتصاد الأمريكي، هو العامل في انكماش اقتصادات الدول الأخرى، وفي محاولات محمومة طبقت بعض الدول سياسات حمائية، فقد قامت الحكومة الأمريكية عام 1930 بفرض تعريفات جمركية على أكثر من 20 ألف صنف مستورد، وعرفت باسم تعريفة «سموت هاولي» وردت بعض الدول بفرض تعريفات انتقامية، مما زاد من تفاقم انهيار التجارة العالمية، وبنهاية عام 1930 واصل الانهيار بمعدل ثابت إلى أن وصل إلى القاع في مارس عام 1933.

 

يرجع حدوث الأزمات الاقتصادية في الدول الرأسمالية إلى أن النظام الحر يرفض أن تتدخل الدولة للحد من نشاط الأفراد في الميدان الاقتصادي، فأصحاب رؤوس الأموال أحرار في كيفية استثمار أموالهم، وأصحاب الأعمال أحرار فيما ينتجون كماً ونوعاً. وهذا ما يمكن أن نسميه فقدان المراقبة والتوجيه، وتتبع الحرية الاقتصادية حرية المنافسة بين منتجي النوع الواحد من السلع.

 

كما أن إدخال الآلة في العملية الاقتصادية من شأنه أن يضاعف الإنتاج ويقلل من الحاجة إلى الأيدي العاملة. وبالتالي، فإن فائض الإنتاج يحتاج إلى أسواق للتصريف.

 

وعندما تختل العلاقة بين العرض والطلب في ظل انعدام الرقابة تحدث فوضى اقتصادية تكون نتيجتها الحتمية أزمة داخل الدولة الرأسمالية.

 

ومن أسباب الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية عدم استقرار الوضع الاقتصادي وسياسة كثافة الإنتاج لتغطية حاجات الأسواق العالمية خلال الحرب العالمية الأولى بسبب توقف المصانع في بعض الدول الأوروبية بعد تحولها إلى الإنتاج الحربي وعودة الكثير من الدول إلى الإنتاج بعد انتهاء الحرب والاستغناء عن البضائع الأمريكية.

 

لهذه الأسباب تكدست البضائع في الولايات المتحدة وتراكمت الديون، وأفلس الكثير من المعامل والمصانع، وتم تسريح العمال وانتشرت البطالة، وضعفت القوة الشرائية، وتفاقمت المشكلات الاجتماعية والأخلاقية.

 

إضافة إلى ذلك أثار تأخر الدول الأوروبية عن تسديد الديون المتوجبة عليها للولايات المتحدة الأمريكية كثيراً من التكهنات عند المواطن الأمريكي، ففقد المستثمرون الأمريكيون والأجانب الثقة في الخزانة الأمريكية.

 

وانعكس ذلك على بورصة «وول ستريت»، إذ أقدم المساهمون في الشركات الكبرى على طرح أسهمها للبيع بكثافة.

 

وأدى ذلك إلى هبوط أسعار الأسهم بشكل حاد، وجر مزيداً من الإفلاس والتسريح والبطالة.

 

اقتضى البدء بمعالجة الأزمة توافر السيولة المالية لتحريك السوق، ولتأمين السيولة، وجب سحب الودائع الأمريكية من المصارف العالمية، خصوصاً الأوروبية.

 

هذا الإجراء أسهم في انفراج الأوضاع الاقتصادية الأمريكية إلى حد ما، ولكنه أسهم في تدويل الأزمة فانتقلت إلى سائر الدول الرأسمالية في العالم، خصوصاً بريطانيا وفرنسا

 

وألمانيا وتبني الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت سياسة اقتصادية جديدة تقوم على الدخول في مشاريع كبرى بهدف تشغيل أكبر عدد ممكن من العمال لحل مشكلة البطالة، وتم لأجل ذلك إنشاء مكاتب التوظيف والتوسع في المشاريع الإنمائية والاجتماعية.

 

تركت الأزمة الاقتصادية الكبرى تأثيراً كبيراً في الأنظمة الرأسمالية فقد تحول النظام الاقتصادي الرأسمالي الحر إلى اقتصاد موجه وخضعت بعض القطاعات الحيوية كشركة إنتاج الفحم الإنجليزية وشركة المترو الفرنسية لنظام التأميم.

 

كما تدخلت الدولة لتوجيه الصناعيين والمزارعين والمستثمرين وتوعيتهم.

 

وأسهمت الأزمة في وصول الأنظمة الدكتاتورية إلى السلطة في بعض البلدان كالنازية في ألمانيا.

 

وأغلقت أسواق كثيرة في وجه التجارة العالمية وتوقف التبادل التجاري واتبعت دول كثيرة سياسة الاكتفاء الذاتي مثل النظامين الفاشي في إيطاليا والنازي في ألمانيا.

 

كما أن انهماك الكثير من الدول في معالجة أزماتها الاقتصادية جعلها تغفل عن خطورة ما يجري على الصعيد العالمي من انتهاك لقرارات المنظمة الدولية والعودة إلى مبدأ التسلح وخرق المعاهدات الدولية، ولقد قوت الأزمة بطريقة غير مباشرة النظام الشيوعي الذي لم يتأثر بها بغض النظر عن أزماته الداخلية.

 

هكذا كانت الأزمة الاقتصادية الكبرى نتيجة من نتائج الحرب العالمية الأولى، وسبباً من أسباب قيام الحرب العالمية الثانية.

 

أزمة السبعينات

 

انهيار سوق الأوراق المالية في الأعوام بين 1973-1974، وهو الانهيار الذي استمر بين يناير 1973 وديسمبر 1974، وأثر على جميع أسواق الأوراق المالية الرئيسة في العالم ، ولا سيما المملكة المتحدة، كانت واحدة من أسوأ حالات الركود سوق الأوراق المالية في التاريخ الحديث، وجاء الحادث بعد انهيار نظام «بريتون وودز» على مدى سنتين، وصاحب ذلك «صدمة نيكسون» في الولايات المتحدة وانخفاض قيمة الدولار في إطار اتفاق «سميثونيان».

 

وضاعف التأثير اندلاع أزمة النفط عام 1973 في أكتوبر من ذلك العام.

 

في غضون 694 يوما بين 11يناير 1973 و6 ديسمبر 1974، كان مؤشر «داو جونز الصناعي» في بورصة نيويورك قد فقد أكثر من 45 بالمئة من قيمته، مما جعله يتحمل سابع أسوأ هبوط في تاريخ المؤشر.

 

لقد كان العام 1972 عاماً جيداً لمؤشر «الداو جونز»، مع تحقيق مكاسب بلغت 15 بالمئة في اثني عشر شهراً، كان من المتوقع أن يكون عام 1973 أفضل، مع تقرير مجلة «التايم».

 

لكن بعدها بثلاثة أيام فقط بدا الانهيار ، وفي العامين من 1972 إلى 1974، تباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي من نمو الناتج المحلي بقيمة 7.2 بالمئة، ليتقلص إلى 2.1 بالمئة، في حين أن التضخم قفز من 3.4 بالمئة في عام 1972 إلى 12.3 بالمئة في عام 1974.

 

وكان أسوأ أثر حدث خارج الولايات المتحدة قد وقع في المملكة المتحدة، خصوصاً على بورصة لندن التي فقدت 73 بالمئة من قيمتها خلال الحادث.

 

كما تراجع نمو في ناتج المحلي الإجمالي الحقيقي البريطاني من 5.1 بالمئة في عام 1972، لينتكس عام 1974 وينخفض الناتج المحلي الإجمالي 1.1 بالمئة .

 

ووصلت جميع مؤشرات الأسهم الرئيسة للدول الصناعية السبع الكبرى إلى أدنى مستوياتها ما بين سبتمبر وديسمبر 1974، بعد أن فقدت على الأقل 34 بالمئة من قيمة الأسهم الاسمية، و43 بالمئة من القيمة الحقيقية.

 

وفي جميع الحالات، فإن الانتعاش كان عملية بطيئة، ورغم أن ألمانيا الغربية كانت السوق الأسرع استرداداً لقيمتها، فعادت إلى المستوى الاسمي خلال ثمانية عشر شهراً، لكنها لم ترجع إلى المستوى الحقيقي نفسه حتى يونيو 1985، والمملكة المتحدة لم تعد إلى مستوى السوق نفسه حتى مايو 1987 (قبل بضعة أشهر فقط من حادث الإثنين الأسود)، في حين أن الولايات المتحدة لم تعد إلى المستوى نفسه من حيث القيمة الحقيقية حتى أغسطس 1993، بعد أكثر من 20 عاماً على بداية الأزمة العالمية التي تسببت في حالة اضطراب في الأسواق العالمية.

 

انهيار 1987

 

في 19 أكتوبر عام 1987، شهدت «وول ستريت» انبعاث مشاكل عمرها 58 عاماً من جديد.

 

وفقد مؤشر «داو جونز» الأساسي في «وول ستريت» 22.62 بالمئة في يوم واحد، بعد تحقيق رقم سيئ للعجز التجاري وارتفاع أسعار سندات البنوك.

 

إلى ذلك، خفض ارتفاع أسعار الفائدة جاذبية الأسهم التي تضخمت قيمتها.

 

فقاعة الإنترنت 2000

 

شهد منتصف التسعينات بداية فقاعة شركات الإنترنت، والتي انتهت عام 2000.

 

سجل عام 2000 بداية انفجار فقاعة الإنترنت، أو ما يسمى بفقاعة أسهم التكنولوجيا، إثر المبالغة بتقييم أسهم تلك الشركات والمبالغة بتقييم حجم النمو الحقيقي المتوقع لشركات الـ«دوت كوم» في الأسواق.

 

أدى ذلك الى تراجع في التمويل المتوافر للشركات الجديدة في قطاع تقنيات التكنولوجيا والاتصالات.

 

وصل مؤشر «ناسداك»، الذي يضم أقوى الشركات التقنية، إلى مستوى قياسي 5048.62 نقـطة في 10 مـارس، قـبل أن يـفقد 27 بالمئة في أول أسبوعين من إبريل و39.3 بالمئة في عام كامل.

 

وابتداءً من سبتمبر عام 2000، شهدت مؤشرات البورصات العالمية الرئيسة هبوطاً بطيئاً دام نحو 3 أعوام، حتى مارس عام 2003. فعلى سبيل المثال، انخفض مؤشر «كاك 40 الفرنسي» من مستواه القياسي 6945 نقطة إلى أقل من 2401 نقطة في 12 مارس عام 2003، مسجلاً نسبة هبوط 65 بالمئة في 3 أعوام.

 

وقد عمقت أحداث 11 سبتمبر عام 2001 هذه الأزمة، بعد أن أغلقت لمدة أسبوع كامل.

 

وفتحت بورصة نيويورك على إثرها أبوابها منخفضة 7.3 بالمئة، وهو أكبر انخفاض في تاريخ «داو جونز» بعدد النقاط، إذ فقد المؤشر 384.81 نقطة.

 

الأزمة المالية العالمية

 

في سبتمبر 2008 بدأت أزمة مالية عالمية اعتبرت الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929، فقد بدأت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم امتدت إلى دول العالم لتشمل الدول الأوروبية، والدول الآسيوية، والدول الخليجية، والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي.

 

وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال العام 2008 إلى 19 بنكاً، كما توقع آنذاك المزيد من الانهيارات الجديدة بين البنوك الأمريكية البالغ عددها 8400 بنك.

 

بعد الإعلان عن انهيار «بنك ليمان براذرز»، هبطت المؤشرات الأوروبية بشدة، وتجاوزت الخسائر في بعض المؤشرات 6 بالمئة. وعند افتتاح الأسواق الأمريكية هبطت بقوة ووصلت خسائر سهم بنك «ليمان براذرز» إلى 95 بالمئة.

 

وأغلقت بورصة نيويورك على أقوى انخفاض منذ أحداث 11 سبتمبر عام 2001، حيث خسر مؤشر «الداو جونز الصناعي» أكثر من 500 نقطة بنسبة 4.5 بالمئة، فيما يعد سادس أكبر تراجع في تاريخ الـ«وول ستريت».

 

وانخفض مؤشر «ستاندرد أند بورز» لأكبر 500 شركة أمريكية إلى أدنى مستوياته في عامين.

 

وبلغ معدل خسائر مؤشر «داو جونز الصناعي» يوم 15 سبتمبر 2008 نحو 300 نقطة.

 

وكانت مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا هوت بشدة ذلك اليوم، حيث هبط مؤشر «فاينانشيال تايمز»، بنسبة 7. 2 بالمئة، بينما هوى مؤشر «كاك 40 الفرنسي» بنسبة 4. 3 بالمئة، ومؤشر «داكس الألماني» بنسبة 8. 2 بالمئة.

 

وفي آسيا، أنهى المؤشر الرئيس في أستراليا التعاملات، متراجعاً بنسبة 8. 1 بالمئة، وفي سنغافورة هبط مؤشر «إس تي إي» بنسبة 3. 2.

 

وفي تايوان أغلق المؤشر الرئيس للأسهم على انخفاض بنسبة 4بالمئة، وفي الهند هوت أسعار الأسهم بأكثر من 5 بالمئة.

 

غير أن معظم البورصات الرئيسة في آسيا ـ مثل طوكيو، وهونغ كونغ، وشنغهاي، وسيؤول ـ كانت مغلقة يوم الإثنين 15 سبتمبر 2008، بسبب عطلات هناك، الأمر الذي أبعدها نوعاً ما عن صدمة التراجعات.

 

وفي الوقت نفسه تراجعت قيمة الدولار في التعاملات الآسيوية ،وهبط سعر الدولار بنسبة 3. 2 بالمئة إلى 45. 105 ين، كما ارتفعت قيمة اليورو مقابل الدولار بنسبة 7. 1 بالمئة، ليصل اليورو إلى 4479. 1 دولار.

 

أما الجنيه الإسترليني، فارتفعت قيمته مقابل الدولار إلى 8040. 1 دولار للجنيه.

 

وقال مراقبون في وقتها إنه لا يمكن مقارنة ما يحدث الآن سوى بفترة الكساد الكبير في عقد الثلاثينات من القرن الماضي، وكذلك سلسلة الإفلاسات التي حدثت في القرن التاسع عشر.

 

وأضافوا «لم نر شيئاً مماثلاً من قبل، وليس هناك خارطة طريق للخروج من الأزمة».

 

وفي موسكو خسر المؤشر 17 بالمئة، مما اضطر المسؤولين إلى تعليق التداول للحد من الخسائر، وأغلقت البورصة في اليوم التالي، فيما هبط سعر النفط دون الـ95 دولار للمرة الأولى منذ 6 أشهر.

 

وتأثرت أسواق الشرق الأوسط بشدة، حيث سجلت الأسهم الخليجية أدنى مستوى لها خلال 17 شهراً، وكان أكبر الخاسرين سوق الدوحة، وسوق السعودية بخسائر قاربت الـ7 بالمئة.

 

وفي الأسبوع الماضي أظهر تقرير اقتصادي عودة أسواق الأسهم في أربع دول بين الدول الأعضاء الثلاثين لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى مستواها قبل تفجر الأزمة المالية العالمية في أعقاب انهيار بنك «ليمان براذرز» الاستثماري الأمريكي في سبتمبر الماضي.

Al-borsa

Mohamed Ammar

  • Currently 206/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
69 تصويتات / 4008 مشاهدة
نشرت فى 4 نوفمبر 2009 بواسطة Al-borsa

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

57,687