لم يعد الكلام حول التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ على الكرة الأرضية محل شك وبالرغم من أن بعض الأصوات لا تزال تشكك في حدوثه إلا أن المؤكد الآن هو وقوع تأثيرات سلبية ناجمة عن التغيرات المناخية خلال العقود القليلة القادمة و أهمها العواصف, الفيضانات , الجفاف ، نقص الإنتاج الغذائي ، ارتفاع منسوب مياه البحر ، وخسارة التنوع البيولوجي، وتردي الصحة البشرية. تلك هي التأثيرات السبع التي حتما سوف تداهم العالم قريبا. و في إقليمنا العربي سنكون الأكثر عرضة لمعظم هذه الآثار , و بالرغم من أن كافة الدول العربية سوف تنجو نظريا من احتمالات التأثر بالعواصف والفيضانات , إلا أن عدة دول سوف تتأثر بشدة بالجفاف و نقص الغذاء و ارتفاع منسوب ماء البحر وينجم عن ذلك التأثيرين التاليين وهما خسارة التنوع البيولوجي و تردى صحة البشر. فمثلا فيما يخص التعرض للجفاف نجد أن السودان يقع ضمن الدول العشرة الأكثر تأثرا على المستوى العالمي . وكذلك في مسألة نقص الإنتاج الغذائي نجد أن السودان و المغرب و الجزائر من أكثر الدول تأثرا على المستوى العالمي بها فالدول الثلاث تقع ضمن الدول الاثنا عشر الأعظم تأثرا على المستوى العالمي. بينما مصر وتونس وموريتانيا و ليبيا تقع ضمن قائمة عالمية تضم احد عشر دولة هي الأكثر تأثرا بظاهرة ارتفاع منسوب مياه البحر إلى الدرجة التي تهدد باختفاء أراضى دلتا نهر النيل في مصر من الوجود خلال القرن الأول من الألفية الثالثة بالإضافة إلى اختفاء جزء كبير من تونس الخضراء وربما أجزاء اقل من كلا من موريتانيا وليبيا تحت مياه البحر. هذا عن الأضرار الشديدة التي تتعرض لها بعض الدول العربية , كما سوف تتعرض الدول العربية بالكامل إلى درجات من الضرر الأقل من التأثيرات السلبية للظاهرة , بل وسوف ينجم عن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية تأثيرا مباشرا على الصحة البشرية و تهديدا للنوع الحيوي في كافة الدول العربية. فهل أعددنا العدة لذلك؟ ومما يزيد صعوبة الأمر فيما يخص التغيرات المناخية و تأثيراتها السلبية على إقليمنا العربي النقص الشديد في قواعد البيانات إلى جانب عدم امتلاك الدول العربية لعدد كاف من العلماء و الباحثين المتخصصين في تغير المناخ, ليس هذا فحسب بل أن عددا لا بأس به من النخبة العربية لازالوا يجادلوا في حدوث الظاهرة. كل هذا يزيد من ضخامة التحديات ومما يحزن انه لا يجري تنفيذ جهود تخفيفيه أو تكييفيه منسقة على المستوى العربي و بالتالي فربما نكون من اقل مناطق العالم استعدادا لمواجهة تأثيرات تغير المناخ التي باتت تدق أبوابنا بعنف. في نهاية الثلث الثاني من شهر نوفمبر 2010 أي بعد شهر ونصف من الآن يمر عام كامل على إطلاق تقريراً هاما ومفصلاً حول "أثر تغير المناخ على البلدان العربية" ، أعده المنتدى العربي للبيئة والتنمية بالتعاون مع أبرز الخبراء ومراكز الأبحاث العربية والعالمية. و الذي تم في المؤتمر السنوي للمنتدى الذي احتضنته بيروت. وبالرغم من أن التقرير تضمن بيانات شاملة و دقيقة و أصيلة و موثقة عن تأثيرات التغيرات المناخية على الوطن العربي وان هذه البيانات تم تحليلها تحليلا ممتازا وتم استقراء مدلولاتها واستنباط ما سوف ينجم عنها بشكل جيد من قبل علماء كبار غالبيتهم من العرب أي يهمهم هذا الأمر جدا ألا أن المحزن أننا لم نر أنها أخذت مأخذ الجد في السواد الأعظم من وطننا العربي وكأن كل ما قيل يخص مكان آخر خلاف أرض العرب. فأين يكمن الخلل؟ هل في المنتدى العربي للبيئة و التنمية الذي بذل جهدا خارقا حتى يرى هذا العمل النور؟ أم هو في الباحثين والعلماء الأفذاذ الذين تعرضوا للأمر وجمعوا البيانات ودرسوا الظواهر و استخرجوا النتائج ووضعوا الحلول ؟ أم في حكومات الدول العربية؟ أم في المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج. اننى أود أن أطلب من صديقنا الأستاذ / نجيب صعب أمين عام المنتدى العربي للبيئة و التنمية أن تخصص جلسة في المؤتمر السنوي القادم الذي سوف يعقد في بداية نوفمبر 2010 لمناقشة كيف كانت استجابة العرب للتقرير الممتاز الذي أطلقه المنتدى العام الماضي؟, ثم ماهى استعدادات العرب لمواجهة التغيرات المناخية؟ و أن ترسل نتائج مناقشات هذه الجلسة تحديدا إلى كافة الجهات الحكومية والغير حكومية المهتمة بهذا الشأن في العالم العربي.
د أحمد زكى
يحتوى الموقع على مجموعة من المقالات الخاصة بالزراعة و المياه و البيئة و التنمية المستدامة. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
227,360
ساحة النقاش