الآن وقد حمل العام عصاه و يتأهب للرحيل خلال سويعات قليلة ليصبح فى الذاكرة وتكون أحداثه  حكايات و عبر  تستضىء بها نفوسنا,  وتبقى لنا بمثابة ذكريات منها المفرح ومنها المؤلم , دروس تعلمناها  لتختزن فى الذاكرة و تصبح من الماضى. يقف الأنسان منا وينظر خلفه فى أثنى عشر شهراً أو 365 يوماً تحقق فيها الكثير و تأجل فيها الكثير أيضاً,  ولكن العاقل من يتعلم من تجاربه فيبنى على النجاحات ويذيدها و يتجنب الآخفاقات  حتى لا تتكرر الا النجاحات.

ينتهى عام باحداثه العديده و الكثيرة التى تصتعصى على الحصر لكن أهمها من وجهة نظرى , ما شاركت فيه وهو  تدشين و تأطير زراعة القصب بنظام الشتل و الرى الحديث و هذا الاتجاه تمكنا أخيراً من اقناع المسئولين بأهميته و فائدته و جدواه  لبلادنا الحبيبة, فتبنوه وأعطوا له دعماً وزخماً و يتبقى لنا التنفيذ و التطبيق  و التوسع و الانتشار فى العام القادم ان شاء الله و الأعوام التالية. و من دواعى الفخر فى هذا الأمر أننى كنت أحد الذين ساهموا بنصيب وافر فى وضع الفكرة للتنفيذ و تدشين باكوره هذا العمل الذى أعتبره بمثابة نقلة هائلة فى زراعة و انتاج قصب السكر فى مصر, و سيكون له ما بعده من نتائج ايجابية كبرى على المدى القريب و المتوسط والبعيد. أتصور أن الفريق الذى عمل  بجد و تبنى الفكرة و ناضل من أجلها منذ ما يقرب من عقدين من الزمان قد رأى خط نهاية السباق و رايات النجاح فى دفع هذا الاتجاه الى مستوى التطبيق العملى على  أرض  الواقع.

فى هذا العام حدثت وقائع مؤلمة و ربما اهمها الامطار و السيول التى ضربت مدينة اسوان و القرى المجاورة و النتائج الاليمة التى اسفرت عنها من اضرار مادية و معنوية شديدة الاثر فقد تمثلت فى خسائر فى الارواح و الممتلكات فضلاً عن اضرار بالاراضى الزراعية و الاشجار المثمرة واشجار الظل حتى المدافن هاجمتها السيول و اقضت مضاجع اناس  افضوا الى الدار الاخره, و كشفت هذه المأساة عن خلل فى مواجهة مثل هذه الاحداث الطقسية السيئة والمفاجئة .و صوراً فى ردة الفعل الرسمى لمواجهتها وعدم الاستعداد لذلك, بالرغم من سهولة مواجهتها بل و الاستفادة منها بما يعرف بحصاد الامطار.

و فى هذا العام لم نحقق مع السودان اى تقدم يذكر فى ملف سد النهضة الذى من المؤكد انه سوف يتسبب فى اضرار كارثية وبعيدة المدى ان لم يتم الاتفاق مع اثيوبيا على نظام ملىء و تشغيل  يحقق الفائده للجميع, مع تعنت واضح للجانب الاثيوبى فى التفاعل و التجاوب و التعاون  فى المفاوضات  و الاستماع الى صوت العقل و تمسكه بان له الحق المطلق فى التصرف فى  مياه النيل ويرفض طلباتنا العادلة ويريد ان يهدر حقوقنا الثابته , و لكن عليه ان يعود الى جادة الصواب  و الا لن يكون اماننا نحن و السودان الا العمل على الحفاظ على حقوقنا التاريخية الثابتة فى مياه نهر النيل, وذلك بتنفيذ وصية الفرعون التى نقشها على جدار مقياس النيل بمعبد حورس بادفو, واتصور ان الوضعية الهشة لاثيوبيا حالياً تمكنا فى الوصول الى ما نريد خلال ساعات لاتزيد عن عدد اصابع اليد الواحدة.

و فى هذا العام تم اصدار قانون الزراعة العضوية و لائحته التنفيذية ,  وهذا يعنى أن يحقق هذا القانون تنظيماً لهذا النمط من الزراعة  و يترتب على ذلك دخول الزراعة المصرية الى عصر جديد يمكن أن يتحقق من خلاله مكاسب عديدة ويمكن أن تتخصص الكثير من المزارع فى انتاج سلع زراعية عضوية تحقق مكاسب جمه للمزارعين و عملات أجنبية تدخل على الخزانه المصرية. وان كان القانون ولائحته التنفيذية تشوبه بعض الأمور التى يتحتم تصويبها أولاً حتى يحقق الفوائد المرجوة منه. و من حسن الطالع أنه فى الشهرين الأخيرين و جدنا أتجاهاً من الدولة  لتصويب هذه الأمور فى القانون.

و فى هذا العام أصبح لدى جمهرة كبيرة من المزارعين اتجاهات وسلوكيات ايجابية حيال التحول من نظم الرى التقليدية الى نظم الرى الحديثة, و قد أحسنت وزارتى الزراعة والرى بتفهم جزئى لاحتياجات المزارعين وملاك الأراضى فى هذا الصدد و العمل على تقديم قروض ميسرة لهم , وقد ساهمت الدولة ممثلة فى البنك المركزى وعدة من البنوك التابعه له  بتقديم تسهيلات فى هذا الأمر تمثلت فى اطالة مدة السداد الى عشر سنوات بدلاً من خمس و الغاء الفائدة على هذا القرض بعد ان كانت 5%. و لكننى أرى أن تكون مساهمة الحكومة أكبر من ذلك لهشاشة  و فسيفسائية الترتيب المحصولى لدينا و ضعف المستوى الأقتصادي للأغلبية الكاسحة من المزارعين و للصعوبات التى ستواجه تحديث الرى وأهمها صغر المساحة  التى يمتلكها غالبية  مزراعى مصر , الذين داهمتهم الزيادة المفاجئة فى اسعار الأسمدة المدعمه التى تعتبر العامل الأهم للانتاج الزراعى.

أتصور أنه عام جيد يغادرنا  بعد سويعات قليلة نحمد الله على ما أنجزناه فيه و ندعوا الله أن نحقق فى العام المقبل ما لم نحقق فى العام الذى سيغادرنا مع منتصف هذه الليلة , و أتمنى لبلادنا الخير العميم, و كل عام وانتم بخير.