دائماً ما نتابع و نرصد و نستمتع و نفتخر بابداعات اسلافنا معمارى مصر القدماء و الذين ظلت ابداعاتهم حاضرة وشاهدة على تفوقهم السرمدى, و بقيت مثالاً حياً على ذلك عبر عشرات القرون من الزمان فقد تركوا لنا ظواهر عبقرية تتوافق و تتواكب مع احداث هامة ترتبط بحياتهم و حضارتهم و معتقداتهم , و اليوم نتحدث عند تحديدهم الدقيق فلكياً للبداية الجغرافية لفصل الشتاء, أو ما يطلق عليه بالانقلاب الشتوى
وهذا اليوم هو بداية فصل جديد هو فصل الخير و الطعام عند قدماء المصريين ايذانا ببدء المزارعين العمل الجاد بعد موسم الفيضان الطويل الذى كانت فيه السواعد الفتية معطلة, وتذكر لفائب البردى الفرعونية ونقوش المعابد التى تتحدث عن هذا التوقيت بالقول انه فى هذا الفصل يبدأ الانبات و تنمو الزروع و تورق الاشجار و تتفتح الازهار وتتكون ثم تنضج الثمار ويتم الخصب و النماء فى كافة ارجاء البلاد.
فى هذا اليوم الذى يعتبر البداية الجغرافية الرسمية لفصل الشتاء احتفى به الفراعنة و ميزوه بظاهرة فلكية فريدة وهى تعامد الشمس على مقصورة قدس الاقداس بمعبد ين أحدهما فى الفيوم و الآخر بالبر الشرقى بمدينة الشمس المشرقة و عاصمة الامبراطورية المصرية آنذاك و مدينة آمون ,طيبة المقدسة الساحرة الجميلة وهذين المعبدين هما معبد قصر قارون الذى يقع على بعد 65كم اتجاه الجنوب الغربى لمدينة الفيوم وأيضاً فى معبد آمون رع بالكرنك فى البر الشرقى لمدينة الاقصر, حيث يتوسط قرص الشمس البوابة الشرقية للمعبد و الذى سنصف فيه هذه الظاهرة ,حيث حيث تشرق الشمس فى تمام الساعة السادسة و ستة وثلاثون دقيقة صباحاً و تبدأ فى الارتفاع رويدا رويدا حتى تعلو خط الافق بمسافة قوسية تسمح للاشعة بالاندفاع نحو بوابة المبعد الشرقية و يحدث هذا بعد قرابة اربعة دقائق من الشروق الحقيقى لها و باختراق الاشعة للبوابة المذكورة والتى تقع على المحور الرئيسى لمعبدآمون رع بالكرنك, الذى يقابل اقصى الجنوب الشرقى للافق الذى تشرق منه الشمس تكون بداية هذه الظاهرة العبقرية فى هذا المكان تحديداً على النحو التالى تسقط اشعة الشمس عمودية لتقطع الاماكن المقدسة لدى الفراعنة بهذا المعبد التليد فتعبر اشعة الشمس الفناء المفتوح للمعبد ثم صالة الأعمدة التالية له متجهة الى قدس أقداس آمون رع و يظل التعامد ماثلاً حتى الساعة السابعة تماماً
و هذا الظاهر تتبادل بين يومى 21 و 22 ديسمبر كل عام طبقاً لعدد أيام السنة حيث هناك سنوات بسيطة وأخرى كبيسة طبقا لعدد ايام شهر فبراير , و لكن العبقرية هنا فى اختيار هذين اليومين كونها يمثلا أقصر نهار و أطول ليل فى العام يومى 21 و 22 ديسمبر على الترتيب حيث تكون الشمس في أبعد زاوية من خط الاستواء، ومتعامدة على مدار الجدي. كما يقع امر عبقرى آخر عند التعامد وهو ان شعاع الشمس يضيء موائد القرابين المنحوته على محور المعبد.
و يتم فى هذا اليوم احتفال رسمى و شعبى يختلط فيه المصريون مع الضيوف الاجانب يتم الاحتفال بهذه الظاهرة الفريدة الرائعة والمذهلة التى تركها لنا الاجداد منذ اكثر من خمسة آلاف عام. و قد اكتشفت هذه الظاهرة عام 2006 وكان المكتشف هو أحد أحفاد البنائين العظماء الذين حيروا العالم بعبقريتهم, أما هذا الحفيد المكتشف فهو واحد من ابناء مصر البسطاء و يعمل حارسا بالمعبد و لانه احب عمله و تفهمه ادرك بفطرته الاثرية السليمة كنهة هذه الظاهرة و أبلغ بها رؤساءه الذين درسوها و اطرها التأطير الاثرى السليم وينسب الاكتشاف الى جمعية الاثريين المصريين و كانت بداية الاحتفال بها فى عام 2011 اى ان هذا اليوم كان الاحتفال العاشر بهذه الظاهرة الفريدة. ...كل عام واهل مصر بخير
ساحة النقاش