الظروف البيئية اللازمة لنمو الفطريات وتحمل تطرفها

* مـقـدمـة: في هذا المقال سوف نهتم بتأثير العوامل البيئية الرئيسية على نمو الفطريات، وخصوصا درجة الحرارة، درجة الحموضة (pH), التهوية، الماء والضوء. وأيضا سوف نهتم بإنحرافات هذه العوامل عن الظروف المثلى وذلك لأن بعض من عمليات الفطر النشطة تتوقف في هذه الظروف. على أية حال، القليل من النقاط التمهيدية يجب أن توضع في الاعتبار لوضع محتوى هذا المقال في حيز الدراسة. أولا: يجب أن نختص بالنمو الجيد بدلا من البقاء على قيد الحياة. لأن جميع الكائنات الحية الدقيقة تستطيع البقاء على قيد الحياة في بعض الظروف البيئية المعينة وقد تكون هذه الظروف غير مشجعه لنموها المعتاد، إلا أنها قد تتكيف مع هذه الظروف. ثانيا: معظم الفطريات تستطيع النمو في مدى واسع من الظروف البيئية مقارنة بتلك الظروف اللازمة لها لتكملة دورة حياتها. هذا يجب أخذه في الاعتبار عند التحول من الظروف المعملية إلى الظروف الطبيعية. ثالثا: الفطريات غالبا يمكنها تحمل تطرف أحد العوامل لو أن العوامل الأخرى كانت قريبة من الدرجة المثلى إلا أن وجود عدة عوامل متطرفة عن الدرجة المثلى في نفس الوقت يمكنه منع أو إعاقة النمو الفطري. على سبيل المثال العديد من الفطريات يمكنها النمو علي درجة حموضة منخفضة (pH اقل من 4) والعديد منها يمكنه النمو في ظروف غير هوائية إلا أن القليل منها يمكنه النمو عندما يكون هناك خليط من أل pH المنخفضة والظروف اللاهوائيه, ولهذا فإننا نجد أن المخزون العضوي الذي تراكم عبر السنين في مساحات ملحوظة من الأرض يختفي بمعدل متعاقب عندما يتم غمر هذه الأراضي بالماء سواء لغرض الزراعة أو في الغابات تاركة للفطريات الفرص لتحرير هذه المواد العضوية الحمضية في ظروف هوائية، بينما لم يحدث ذلك من قبل بسبب وجودها في ظروف لاهوائيه. البشر متهمون, لكن الفطريات يصلحون. تأثير أي عامل على الفطريات في المعمل يمكن أن يعطى مؤشرا إلى حد ما عن تأثيره في الطبيعة, حيث تأتي علاقات التنافس دورها في هذا الميدان. المثال التقليدي لهذا يتضح في شكل 7-1 حيث أن نباتات القمح المنزرعة في تربة معقمة ومعدية بالفطر Gaeumannomyces graminis مسبب مرض Take-all, وهو فطر جذوره شرسة. هذا الفطر يسبب مرض أكثر شدة كلما ارتفعت درجة حرارة التربة من 13 : 23°م أو 27°م (وهذه مثلي للنمو علي الآجار). إلا أنه في الطبيعة في التربة الغير معقمة فأن كمية المرض تتناقص كلما ارتفعت درجة الحرارة فوق 13°م. السبب الرئيسي في ذلك أن درجة الحرارة المرتفعة تكون مفضلة للكائنات الحية الدقيقة الأخرى إلى جانب كونها مفضلة لفطر Take-all, هذه الميكروبات الأخرى تتضمن Pseudomonads fluorescent التي تثبط فطر Take-all عن طريق التضاد الحيوي. كذلك فأننا نرى أن عديد من العوامل المتفاعلة يجب أخذها بعين الاعتبار في الظروف الطبيعية.

 * درجــة الحـــــرارة: يمكن تقسيم الفطريات إلى ثلاث مجموعات كبيرة فيما يتعلق باحتياجاتها الحرارية للنمو:Psychrophiles (فطريات محبة للبرودة), Mesophiles (التي تنمو في درجات الحرارة المعتدلة) و Thermophiles (المحبة للحرارة العالية). على أية حال المدى الحراري لهذه المجاميع يختلف عن مثيله الخاص بالبكتريا لأن هناك القليل من الفطريات التي تنمو على درجة حرارة 37˚م (درجة حرارة جسم الإنسان) والحد الأعلى للنمو لأي فطر يكون بين 62 : 65˚م. في المقابل بعض ألبكتريا يمكنها النمو الأمثل علي 70 : 80˚م وبعض أل archaea من الكائنات المحبة للحرارة العالية جدا, حيث تنمو على أعلى من 100˚م. شكل 7-2 يوضح توزيع المدى الحراري لبعض الفطريات. معظم الفطريات هي وسطية الحرارة حيث تنمو داخل مدي حراري من 10 : 35˚م علي الرغم من اختلاف درجات تحملها للحرارة داخل هذا المدى , وبدرجة مثلي بين 20 : 30˚م. في الظروف العادية هذه الفطريات تنمو بصورة طبيعية علي درجة حرارة الغرفة (22 : 25˚م) من سوء الحظ أن العديد من البكتريا في الظروف الطبيعية تمتلك مدي مشابه لهذا ، على سبيل المثال كل من Rhizobium and Agrobacterium وهي عبارة عن بكتريا مصاحبة للجذور تمتلك حد علوي من المدى الحراري حوالي 30˚م. فقط حوالي 100 فطر تعتبر محبة للحرارة المرتفعة بدرجة حرارة صغري حوالي 20˚م ومثلي قريبة من 40˚م وقصوى تمتد من 50 : 60˚م. مرة أخري هناك تباينات داخل هذا المدى (شكل 7-2) , إلا أن هذه الفطريات تكون شائعة في الكومبست في أعشاش الطيور وفي الأراضي المشمسة. أحد الأمثلة الهامة والميسرة هو فطرAspergillus fumigatus (شكل7-3) والذي يمكنه النمو في مدي حراري من 12 : 55˚م متفوقا علي مدي معظم وسطية الحرارة والمحبة للحرارة المرتفعة , وقد وجد نامي بشكل عادى في الكومبست وكذلك علي الحبوب المتعفنة إلا أنه يمكن أن ينمو أيضا علي الهيدروكربونات في الكيروسين المحترق ، ويمكن أن ينمو أيضا داخل الرئتين بعد استنشاقه في صورة كونيدات محمولة بالهواء , أو يمكنه أن يستعمر الفتحات الجراحية وينمو داخل انسجه جسم المرضي الذي تم زرع أعضاء لهم. وهو لذلك يكون شائعا ويحتل أماكن كثيرة بشكل فعال. القليل من الفطريات تكون محبة للحرارة المنخفضة (أو متحملة للبرودة) , بقدرة علي النمو علي أو تحت الصفر المئوي وبحدود عليا حوالي 20˚م , هذه الفطريات تتضمن العديد من الخمائر والأنواع الخيطية في مناطق العالم الباردة والأنواع القليلة التي تسبب تزنخ اللحوم في حالة التخزين بالتبريد Cladosporium herbarum وفطر Thamnidium elegans (شكل 7 - 3) قد وجدت في اللحوم المحفوظة بالتبريد , إلا أن معيشتها الطبيعية تكون على أسطح الأوراق Cladosporium)) أو في التربة وفي روث الحيوانات (Thamnidium). بسبب قدرته علي تحليل البروتينات المخزنة فان Thamnidium يمتلك فعالية للاستفادة من شرائح اللحم الباردة , إلا أنه من الصعب أن تجد من قام باستخدامه علي نحو مختلف , أعفان الثلوج تسبب أضرارا خطيرة لمحصول الحبوب أو الكلأ العشبي لو غطتها الثلوج فترة طويلة. في الأجزاء الشمالية من الولايات المتحدة الأمريكية فطرياتTyphula spp. (Ascomycota) التي تنتج أجسام حجرية يمكن أن تقتل حتى50 % من محاصيل الحبوب الشتوية كل عام. فطريات Pythium spp المحبة للبرودة تسبب مشاكل مشابهة في اليابان. في بريطانيا علي آية حال فأنه من الشائع أن نرى محاصيل حبوب أو عشب مدمرة بواسطةMonographella nivalis (Fusarium nivale) على الرغم من أن هذا الفطر هو ضعيف التطفل ألا أنه يغزو النباتات ويؤدى إلى تعفن أنسجتها عندما تكون مقاومتها ضعفت نتيجة تعرضها لدرجات الحرارة المنخفضة وضوء خافت. الإضافات الموسمية المتأخرة للتسميد النيتروجيني يمكن أن تجعل العشب مهيئا بأن يهاجم بالفطريات بسبب أن النيتروجين يعيق النمو الصلب ، مسببا ضعفا للنباتات وجعلها حساسة لضوء الشتاء. ** فسيولوجيا تحــمل الــحرارة: القدرة علي النمو في درجات الحرارة المتطرفة يتضمن التكيف الكلي للكائن الحي الدقيق , وليس فقط امتلاك القدرة على التحمل. من المحتمل ولهذا السبب فأن التعقد الخلوي لكل حقيقيات النواة تحدد حدودها الحرارية العليا بحوالي 60 : 65˚م. أيضا فقد اتجه علماء الفسيولوجى نحو التركيز علي تحمل حقيقيات النواة للحرارة المتطرفة , كذلك هناك القليل من المعلومات المبشرة فيما يتعلق بفسيولوجيا تحمل الفطريات للحرارة. من غير الممكن علي الإطلاق احتمال أن تكون الميكانيكيات واحدة في مختلف طرز الكائنات الحية الدقيقة. ولكي يحدث النمو بشكل طبيعي فأن الأغشية البلازمية يجب أن تحتفظ بميوعياتها ونفاذيتها خلال حدود مختلفة , وجميع الكائنات الحية الدقيقة يبدو أنها تحتفظ بهذه الصفة من خلال تغييرها لمكونات أغشيتها من الدهون. الأحماض الدهنية المشبعة (كما في الزبد) تكون أقل ميوعة مقارنة بالأحماض الدهنية الغير مشبعة (كما في السمن الصناعي) عند نفس درجة الحرارة , وبمقارنة 9 فطريات محبة للحرارة المرتفعة , 9 متوسطة تحمل الحرارة من نفس الأجناس أظهرت أن المحبة للحرارة المرتفعة كانت محتوية على نسب مرتفعه بشكل ثابت من الدهون المشبعة إلى الدهون غير المشبعة في أغشيتها البلازمية عندما تنمو الفطريات المحبة للحرارة المرتفعة بالقرب من درجاتها المنخفضة فأنها تغير من التركيب الدهني لأغشيتها ولذلك فأن نسب عدم التشبع تكون أعلي , علي أية حال فأن هذه ليست سمة خاصة في المحبات للحرارة المرتفعة لأنه في الأنواع المحبة للحرارة المتوسطة قد أظهرت نفس الاستجابة عند تنميتها علي درجات حرارة مختلفة داخل المدى الحراري الخاص بها. السمة المميزة للفطريات المحبة للحرارة المرتفعة في كون أن إنزيماتها ومكوناتها الريبوسومية تكون اكثر ثباتاً لارتفاع درجة الحرارة مقارنة بالفطريات التي تكون وسطية الحرارة عند استخلاصها واختبارها خارج الخلية. وقد ظهر هذا بوضوح في حالة الخمائر المحبة للحرارة المرتفعة بالإضافة إلى البكتريا. ثبات تحمل الحرارة للإنزيمات يعزى إلى الارتباط المتزايد بين الأحماض الأمينية بالقرب من مواقع النشاط الإنزيمي , متضمناً روابط عديدة من الروابط الهيدروجينية المتأثرة بالحرارة. العوامل المنظمة لتحمل الحرارة في السيتوسول يمكن أيضا أن تكون هامة في تفسير الثبات الحراري للإنزيمات. علي سبيل المثال , إنزيم بناء الجلوتامين في البكتريا Bacillus stearothermophilus لا يكون بصفة عامة ثابتاً حرارياً عند استخلاصه واختباره معملياً , ولكنة يمكن أن يصبح ثابتا عند إضافة خليط من أيونات NH4+)) والجلوتامين أو ATP والجلوتامين والتي من المحتمل كونها السبب في هذا الثبات في البكتريا. الفطريات المحبة للحرارة تحتوي بالتأكيد علي نسبة عالية من الأحماض الدهنية الغير مشبعه توجد في أغشية خلاياها. الريبوسومات الموجودة بها أيضا تختلف عن تلك الموجودة في متوسطة تحمل الحرارة , حيث وجد أن الريبوسومات المستخلصة من الخميرة Candida gelida المحبة للحرارة أقل ثباتاً عن التي موجودة في الفطرة C. utilis المتوسطة التحمل للحرارة حيث أن الحرارة رفعت تدريجيا في الأنظمة الغير خلوية. فقد ثبات هذه المواد أمكن إحداثه بواسطة طفرات في مكونات بروتين الحمض النووي (RNA) للريبوسومات. ومع ذلك فأن أهمية هذه الدراسة أخذت في الاعتبار أنه لا يحدث طفرات في الريبوسومات علي درجة حرارة أقل من50˚م. المثير للدهشة هو أن الريبوسومات المعزولة من الفطر C. gelida فقدت 70 % من قدرتها علي تخليق السلاسل الببتيدية بعد تعرضها لدرجة حرارة 30˚م لمدة 5 دقائق وفقدت 100% بعد تعرضها لدرجة40˚م لمدة 5 دقائق بينما ريبوسومات C. utilis لم تتأثر علي الإطلاق بهذه المعاملات. وفي المقارنات الأكثر تقدماً لهذين النوعين فأن إنزيمات تخليق RNA الناقلة (والتي توصل الأحماض الأمينية إلى الريبوسومات) وإنزيم decarboxylase (والذي يحول حمض البيروفك إلى اسيتالدهيد أثناء التخمر الكحولي) قد تأثرا حيث أن الفطر C. gelida عالي الحساسية للحرارة. لذلك فأن هذه الخمائر إجبارية الحرارة المنخفضة حيث تمتلك العديد من المكونات الحساسة للحرارة والتي تحدد الحد الحراري الأعلى لنموها. الدراسات الحديثة علي منخفضة الحرارة مالت نحو أخذ عنوان من زاوية مختلفة من خلال التساؤل لماذا معظم هذه الفطريات لا تستطيع النمو علي درجات الحرارة الأكثر انخفاضا؟ فهي تمتلك محاليل خلوية كافية لمنع السيتوسول من التجمد علي درجة صفر مئوية وفي أي حالة تستطيع الفطريات زيادة مستوي المحاليل عندما يكون ذلك ضروريا. أظهرت الدراسات الحيوية أن التفاعلات الكيميائية يمكن أن تحدث علي درجة الصفر المئوي لذلك حتى وسطية الحرارة تكون قادرة النمو علي هذه الدرجة. علي أية حال فقد وجد أن منخفضات ووسطيات الحرارة تختلف في قدرتها علي تجميع الريبوسومات. عند تحويل وسطيات الحرارة إلى درجة حرارة أقل من حدها الأدنى فأنها تستمر في تخليق البروتين لفترة بسيطة ألا أن الريبوسومات لا تستطيع الالتصاق مرة أخري ب mRNA عند اكتمال دورة تخليق البروتين الحالية. علي درجات الحرارة المكافئة فأن منخفضات الحرارة تستمر في تخليق البر وتينات وقد عرفت هذه بالإضافة إلى صفات التحمل الحراري الأخرى في الفطريات بواسطة Griffin. * تركيز أيون الهيدروجين (H+) : في البيئات المزرعية المنظمة تنمو عديد من الفطريات عبر مدي من الحموضة (pH) بين 4 : 8.5 وأحيانا 3 : 9 ودرجة أل pH المثلي لعديد من الفطريات واسعة حوالي 5 : 7. علي أية حال هناك تباينات داخل هذا المدى الطبيعي كما هو موضح في الثلاث أمثلة الموضحة بشكل 7-4. العديد من الفطريات تكون متحملة للحموضة منها بعض الخمائر التي تنمو في كروش الحيوانات وبعض الفطريات الخيطية Fusarium spp) (Aspergillus, Penicillium and والتي تنمو علي pH =2. إلا أن درجة أل PH المثلي لها في المزارع عادة من 5.5 : 6 وفي الواقع فأن الفطريات المحبة للحموضة يبدو كونها نادرة واكثر الأمثلة وضوحاً هو Acontium velatum الذي ينمو في حامض كبريتيك 1.25 عياري. فهو يستطيع بدء النمو علي pH = 7 ولكنة يخفض أل pH بسرعة في البيئة المزرعية إلى حوالي 3 والتي من المحتمل كونها مطابقة للدرجة المثلي لنموه. هناك العديد من البيئات الحامضيه الطبيعية حيث تستطيع الفطريات المحبة أو المتحملة للحموضة النمو عليها وعلي النقيض من ذلك هناك القليل جدا من البيئات القلوية التي تستخدم في نمو الفطريات علي الرغم من أن العديد من الفطريات ينمو حتى pH من 10 : 11 في المزرعة (علي سبيل المثال Fusarium oxysporum, Penicillium variabile). في جميع الحالات التي تم دراستها فأن الفطريات التي استطاعت النمو في وفرة من أل pH قد وجد أنها تمتلك pH خلوي حوالي 7. وال pH الخلوي يمكن قياسه بشكل خام في مستخلصات الخلايا الممزقة أو باستخدام كواشف أل pH مثل الأحمر المتعادل والذي يمتص بالهيفات الحية. علي أية حال فأن أكثر الطرق دقة تتضمن إدخال الكترودات قياس أل pH إلى داخل الهيفات أو تحميل الهيفات بكاشف فلورسنتي حساس لل pH والذي يستطيع النفاذية خلال الغشاء البلازمي. هذه الكواشف تظهر قمم فلورسنتية علي 2 من الأطوال الموجيه وأن المساحة النسبية لهاتين القمتين يتغير بتغير أل pH موضحا تغيرات في أل pH لحدود أقل من 0.1 وحدة pH مقاسه قياسا دقيقا. هذه الاكتشافات أوحت بان السيتوسول الفطري يمتلك قوة أو سعه تنظيمية قوية حتى عند تغير أل pH الخارجي بمقدار عدة وحدات, فأن تغيرات pH السيتوسول بمقدار 0.2 : 0.3 وحدة علي الأكثر. ويمكن الوصول إلى هذا بعدة طرق: 1- اختيار امتصاص أو رشح الأيونات. 2- تبادل المواد بين الفجوات. 3- التغيرات المرتدة للسكريات وعديدات الدهون مثل المانيتول والتي تتضمن تحرر أو ارتباط أيونات الهيدروجين. بسبب أن pH السيتوسول يكون ضعيف التنظيم فأن أي اضطراب في هذا يمكن أن يعمل كإشارة خلوية تؤدي إلى تغيير أو تمييز في قطبية النمو.....الخ. وهناك العديد من الأمثلة علي ذلك في الخلايا النباتية والحيوانية وقد اقترحت الدراسة الحالية أن ذلك موجود في الفطريات بشكل حقيقي. انقسام الجراثيم الهدبية في الحافظة الاسبورنجية للفطريات Phytophthora and Pythium spp يمكن استحثاثها بشكل تجريبي من خلال التبريد المفاجئ. بواسطة استخدام كواشف أل pH الفلورسنتية وجد Suzaki et al. أن pH السيتوسول قد ارتفع بشكل تحولي من 6.84 : 7.04 بواسطة هذه المعاملة , ولا يحدث انقسام لأي من الجراثيم الهدبية إذا جري حقن دقيق للكيس الاسبورانجي بواسطة محلول منظم من pH =7 لمنع حدوث تغير لpH السيتوسول. ** التأثير البـــيئي لل pH : تأثيرات ألpH تكون دراستها اسهل كثيرا تحت ظروف المعمل مقارنة بالطبيعة لان ألpH ليس عامل مفرد فمع حدوث تغيرات في أل pH يمكن حدوث العديد من الأشياء الأخرى التي تؤدي إلى حدوث مشاكل مرتبطة بهذا. فعلي سبيل المثال تؤثر أل pH علي الشحنات النهائية لبروتينات الغشاء مع تغيرات لاحقة في امتصاص العناصر الغذائية. وتؤثر أيضا أل pH علي درجة تلازم الأملاح المعدنية والاتزان بين CO2 الذائب وأيونات البيكربونات. الأراضي ذات أل pH المنخفض يمكن أن تمتلك مستويات سامة بشكل كبير من أيونات العناصر الصغرى المتاحة مثل أيونات الألومنيوم (Al3+) , المنجنيز (Mn2+) والنحاس (Cu2+) أو المولبدنيوم (Mo3+). وعلي العكس من ذلك فان الأراضي ذات أل pH المرتفع يمكن أن تكون فقيرة في أيونات العناصر الأساسية مثل الحديد (Fe3+) , الكالسيوم (Ca2+) والماغنسيوم (Mg2+). بعض التقلبات الغير طبيعية في منحنيات النمو لل pH في شكل 7-4 ربما تكون نتجت عن تلك التأثيرات. مع ذلك فان منحنيات الاستجابة لل pH بشكل عام في المزارع المعملية تبدو أن تكون ممثلة لمثيلاتها في الطبيعة. علي سبيل المثال أنواع الفطر Pythium spp بشكل عام غير متحملة للpH المنخفض إلا أنها تتواجد في الأراضي علي pH اعلي من 4 : 5 , فطرStachybotrys chartarum يكون موجود بشكل أساسي في الأراضي القاعدية والقريبة من التعادل (انظر شكل 7-4) , و Trichoderma spp تميز الأراضي الحامضيه . الفطريات يمكنها تغيير درجة ألpH المحيطة بها ولذلك فأنها تساهم إلى حد ما في تهيئة بيئتها. اكثر الطرق العامة لفعل ذلك تكون من خلال انتخاب الأيونات الممتصة والمتبادلة. فمثلا أيونات NH4+ تمتص كبديل لأيونات الهيدروجين , ولذلك فان أل pH الخارجي يمكن أن ينخفض إلى 4 أو أقل مؤديا إلى تثبيط النمو للفطريات الأكثر حساسية للحامضية مثل أل Pythium spp. علي العكس من ذلك فان امتصاص أيونات النيتريت (NO3-) يمكن أن تسبب زيادة أل pH الخارجي بمقدار وحدة. كما تستطيع الفطريات أيضا أن تفرز أحماضا عضوية والتي يمكنها خفض أل pH الخارجي. بعض الكائنات الدقيقة المسببة لأعفان الأنسجة النباتية تفرز كميات كبيرة من حامض الأوكزالك في المزرعة ويبدو أن هذا يلعب دورا في قدرتها المرضية. علي سبيل المثال كلا من Sclerotium rolfsii and Sclerotinia sclerotiorum تفرز حامض الأوكزالك في الأنسجة النباتية مسببة انخفاض أل pH إلى 4. وتفرز أنزيمات محللة للبكتين ذات أل pH الأمثل لها في الحامضية , واحد أدوار حامض الأوكزالك ربما يكون تكوين معقدات مع أيونات الكالسيوم نازعها من جدر الخلايا النباتية فتصبح الخلايا سهلة التحلل بواسطة إنزيمات تحلل البكتين. أل pH البيئي يمكن أن يساهم في توجيه النمو الفطري كما وجد Edwards and Bowling من خلال رسم خريطة أل pH لأسطح الأوراق باستخدام ميكرواليكترويد. تدرج أل pH لأكثر من وحدة واحدة ثبت حدوثه بشكل موضعي حول الثغور المغلقة أي انه لم يكن هناك تدرج أو قليل منه أمكن اكتشافه حول الثغور المفتوحة (شكل 7 - 5) وهذا يحدث بشكل حقيقي عندما تكون فتحة الثغر متحكم فيها بشكل طبيعي بواسطة الضوء أو الظلام وعندما يتحكم فيها بشكل تجريبي بواسطة الكيماويات: الهرمون النباتي حامض الابسسيك يؤدى إلى غلق الثغور في الضوء بينما ناتج الأيض الفطري الفيوزيكوكين (من الممرض النباتي Fusicoccum amygdali) يسبب فتح الثغور في الظلام. العديد من ممرضات النبات تدخل من خلال الثغور ويمكن توجيهها من خلال إشارات طوبوغرافية ، إلا أن Edwards and Bowling وجدوا أن تدرج أل pH ربما يكون مسئولا عن ذلك بسبب أن أنابيب إنبات فطر الصدأ Uromyces viciae -fabae تعبر بشكل متكرر نحو الثغور المفتوحة ولا يكون ذلك عبر الثغور المغلقة. لاختبار ذلك أقيمت تجارب استخدم فيها قطع من أسطح الأوراق مفتوحة الثغور وضعت فوق بيئة الآجار ذات pH = 6 : 7. عندما أنبتت جراثيم الصدأ فوق قطع الأوراق كانت هناك نسبة عالية بشكل معنوي من أنابيب الإنبات التي وجدت مستقرة فوق فتحات الثغور في حالة أل pH = 6 مقارنة بال pH = 7 موحياً بأنها تنمو في اتجاه أل pH المنخفض. * التهوية : معظم الفطريات هوائية حتماً وهي بشكل طبيعي تحتاج إلى الأكسجين علي الأقل في بعض أطوارها . حتى الخميرة Saccharomyces cerevisiae والتي يمكنها النمو بشكل مستمر بواسطة تخمر السكريات في ظروف لاهوائيه تحتاج إلى الأكسجين للتكاثر الجنسي والأكثر من ذلك ما نعرفه عند مناقشة تأثيرات الأوكسجين علي النموات الجسدية وعلي ذلك فأن الفطريات يمكن أن تقسم إلى 4 مجاميع سلوكية: 1- بعض الفطريات تكون هوائية حتما حيث ينخفض نموها بشكل ملحوظ لو انخفض الضغط الجزئي للأوكسجين (Po2) كثيراً عن مثيله الجوي (0.21). علي سبيل المثال نمو الفطر المسبب لمرض Take-all في الحبوب ينخفض حتى لو كان أل Po2 = 0.18. سمك الفلم المائي حول الهيفا يكون حرج في هذه الحالات بسبب الانتشار البطيء للأوكسجين خلال الماء , كما يحدث في أشباه الجذور لفطر Armillaria mellea. 2- عديد من الخمائر وعديد من الفطريات الميسليومية (Fusarium oxysporum, Mucor hiemalis and Aspergillus fumigatus) تكون هوائية اختيارا فهي تنمو في ظروف هوائية إلا أنها يمكن أيضا أن تنمو في غياب الأوكسجين من خلال السكريات المتخمرة. حصيلة الطاقة تكون منخفضة كثيراً وناتج الكتلة الحيوية يكون غالباً اقل من 10% مقارنة بمثيله في المزارع جيدة التهوية كما عرف ذلك بواسطة لويس باستير فيما يتعلق بخميرة S. cerevisiae. علي أية حال فأن الحصيلة من الميسليوم لبعض الفطريات الخيطية يمكن أن تكون اقل من الطبيعي بحوالي 50 % لو تراكمت أيونات النيتريت (NO3-) في حالة التنفس اللاهوائي. 3- القليل من الفطريات المائية مخمرات إجبارية وذلك بسبب خلوها من الميتوكوندريا أو السيتوكرومات (Aqualinderella fermentans, oomycota) أو بسبب احتوائها علي ميتوكوندريات غير عادية وقليل من السيتوكرومات(Blastocladiella ramose, chytridiomycota). فهي تنمو في غياب أو وجود الأوكسجين ولكن دائماً من خلال التخمر. في هذا الشأن هي تحاكي البكتيريا التي تخمر حمض اللاكتيك. وقد وجدت فطريات هذا الطراز في المياه الغنية بالعناصر الغذائية , حيث تسود المواد القابلة للتخمر. 4- قليل من الفطريات الكتريدية التي تنمو في كروش الأغنام والأبقار هي لاهوائية حتماً حيث تقتل خلاياها الجسمية إذا تعرضت للأوكسجين. Neocallimastix spp قد نال عديد من الدراسات في هذا الاتجاه. حيث أن جراثيمه الهدبية اللاهوائية حتماً أظهرت ميل كيميائي منظماً نحو السكريات النباتية في المزرعة , وتتجمع بشكل سريع علي الأعشاب الممضوغة في معدة الحيوانات , حيث تتحوصل بشكل نهائي علي نهايات أوعية الخشب. لذلك تخترق هيفاتها أنسجة النبات وتفرز أنزيم السليوليز وبعض الأنزيمات المحللة للبلومير , مزودة الفطر بالمصادر الغذائية. هذه الكتريدات تكون غير طبيعية فيما بين الفطريات بسبب أنها تمتلك خليط من الأحماض المتخمرة المنتج الرئيسي منها هو حامض الفورميك (HCOOH) , حامض الخليك , حامض اللاكتيك , الإيثانول, CO2 والهيدروجين. نسب المنتجات النهائية لهذه التخمرات تكون متباينة لأن العديد من مركباتها الوسطية تكون قابلة للارتداد (شكل 7-4) من المثير للدهشة أن هذه الكائنات تحتوي علي هيدروجينوسومات (hydrogenosomes) وهي التي تكافئ الميتوكوندريات وظيفياً في الكائنات الهوائية , وتكون مسئولة عن توليد الطاقة بواسطة نقل الإلكترونات كما هو موضح بشكل 7 - 6 . المنتجات النهائية للتخمر يمكن استخدامها بواسطة الكائنات المعوية الأخرى مثل البكتريا المنتجة للإيثانول. في المزارع المعملية يمكن تحسين تحلل السليولوز بواسطة الفطريات المعوية في وجود هذه البكتريا , كذلك هذه الكائنات الدقيقة يكون بعضها مفيداً لنشاط البعض الآخر. ** فسيولوجيا تحمل الأوكسجين: حقيقة أن الأوكسجين يمكن أن يكون ساما لبعض الكائنات الدقيقة ربما تكون مثيرة للدهشة إلا أن السبب في ذلك أن الأوكسجين يمكن أن يتفاعل مع المكونات الخلوية مثل الفلافوبروتينات ليخلق فوق أكسيد الهيدروجين (H2O2) (والذي يستخدم بشكل عادي كمطهر) وأيونات الأوكسجين الطرفية عالية النشاط (O2-) والتي تكون عبارة عن ذرة أوكسجين تمتلك إلكترون زائد في صورة مفردة. حيث يعطي السوبر أوكسيد الإلكترون الزائد لأي مكون يرتبط به مسببا تدميرا خلويا. كذلك فان جميع الكائنات الهوائية تحتاج إلى ميكانزمات خاصة لهذه التأثيرات الفعالة , وهي تعمل بطريقتين. في البداية هي تمتلك أنزيم superoxide dismutase والذي يحول السوبر أوكسيد إلى فوق أكسيد الهيدروجين كما يلي: 2O2- + 2H+ H2O2 + O2 وبعد ذلك يقوم إنزيم الكتاليز بتحويل H2o2 إلى ماء كما يلي 2H2O2 2H2O + O2 الكائنات اللاهوائية حتما تخلو من أحد هذه الأنزيمات أو كلاهما. علي سبيل المثال , فطر Neocallimastix يمتلك إنزيم السوبراوكسيديز إلا أنه لا يمتلك الكتاليز لذا فان قدرته علي التعامل مع فوق أكسيد الهيدروجين من المحتمل أن تفسر فشله في تحمل الأوكسجين. * ثاني أو كسيد الكربون: جميع الفطريات تحتاج إلى Co2 علي الأقل بكميات صغيرة من أجل تفاعلات الكربوكسله التي تخلق الأحماض الدهنية , اوكزالواسيتات ...... الخ. الفطريات التي تنمو في ظروف لاهوائية غالبا ما يكون لها احتياجات عالية من Co2 بينما عديد من الفطريات الهوائية يحدث لها تثبيط في وجود محتوي عالي من Co2. علي آية حال معنوية هذا في البيئات الطبيعية يصعب الحكم عليه. Co2 يذوب في الماء ليكون حامض الكربونيك , الذي يصاحبه أيونات الكربونات بشكل معتمد على درجة الحموضة. عند pH = 8 الاتزان يكون تقريباً 3 % Co2 مع 97 % حمض الكربونيك , لكن عند pH = 5.5 تكون تقربياً 90 % Co2 مع 10 % Hco3. الدراسات في المزارع المعملية علي درجات pH مختلفة اقترحت أن الفطريات اكثر حساسية لأيونات البيكربونات مقارنة بال Co2 نفسه. لذلك يمكن التساؤل ما إذا كان Co2 (أو البيكربونات) هي مثبط النمو الرئيسي في الطبيعة. Co2 اكثر ذوباناً في الماء من الأوكسجين وبأخذ اختلاف معاملات الذوبان في الاعتبار (معامل الذوبان لل Co2 منخفض بشكل فعلي) يمكن حساب أن انتشار Co2 في الماء يكون أسرع من الأوكسجين 23 مرة في الأغشية المائية. لذلك فان الفطريات عندما تتنفس هوائياً يكون مفترضاً أن تخليق 1 مول من Co2 من عديد من مولات الأوكسجين , فالأوكسجين يكون فعلا استنفذ من فلم الماء قبل زيادة مستوى أل Co2 حتى بمقدار 1%. * الاحتياجات المائية: جميع الفطريات تحتاج إلى وجود الماء بشكل طبيعي من اجل انتشار العناصر الغذائية داخل الخلايا وأيضا لإفراز الأنزيمات الخارجية. تحتاج الفطريات أيضا امتصاص الماء للمحافظة علي سيتوبلازم خلاياها. وعلي آية حال يمكن أن يكون الماء موجوداً في البيئة المحيطة ولكنه غير متاح بسبب ارتباطه بقوي خارجية هذه القوي تتضمن القوة الإسموزية (φπ), القوة الفيزيائية (φm), التعكير (φp) وقوة الجاذبية الأرضية (φg). تأثيرات هذه العوامل تكون مضافة لذا فهي يعبر عنها بمصطلح عام الطاقة المائية (Water potential) , ويرمز إليها φوتحدد في شكل طاقة . لذلك فأن الكفاءة المائية للبيئة يمكن توضيحها من خلال المعادلة φ = φπ + φm + φp + φg من أجل أن يحتفظ الفطر بمائه فأنه يجب أن يخلق طاقة مساوية للطاقة المائية الخارجية ومن أجل أن يحصل علي الماء من البيئة فأنه يجب أن يخلق طاقة اكبر من الطاقة المائية الخارجية. معظم الفطريات مهيأة بشكل كبير للحصول علي الماء حتى في حالة وجود قوي خارجية عالية ولذلك فأنها تنمو من خلال محافظتها علي محتواها المائي. علي آية حال النباتات المائية (Saprolegnia, Achlya spp) هي الاستثناء الرئيسي لهذا , فهي تمتلك قدرة قليلة أولا تمتلك القدرة علي الاحتفاظ بانتفاخها في مقابل القوي الخارجية وذلك ربما يكون بسبب أنها تنمو في المياه العذبة . من المثير للدهشة أن هذه الفطريات تنمو بشكل طبيعي حتى عندما تفقد انتفاخها وربما يكون ذلك من خلال الامتداد الهيكلي لقمتها. حيث أنها لا تكون قادرة على اختراق الأسطح الصلبة في تلك الظروف لكونها واقعة تحت تأثير فقد الانتفاخ. جميع الفطريات الأخرى تستطيع النمو والاحتفاظ بامتلائها عبر مدى من الضغوط المائية الخارجية. في الحقيقة فان الفطريات في مجملها تتأثر بذلك وان هذه إحدى أهم خواصها المميزة. يجب أن نعرض بعض المصطلحات قبل أن نأخذ هذا الشرح بعين الاعتبار. في الأبحاث القديمة تم تحديد إتاحية الماء بما يوازي الرطوبة النسبية (RH). وعلى هذا الأساس فان أل RH التي تساوي 70 % تكون قريبة من الحدود الدنيا لنمو الفطريات وعلى الرغم من أن القليل من الخمائر والفطريات الخيطية (Xeromyces bisporus, ascomycota) يمكنها الحصول على الماء على رطوبة نسبية 61: 62 % , وهى التي تعتبر غير مناسبة لأي كائن أخر. في مجال الصناعات الغذائية فان مصطلح النشاط المائي (aw) شائع الاستخدام وهو يكافئ أل RH ولكن يعبر عنة كمصطلح عشري , واحد صحيح للماء النقي (لاتوجد قوى تمنع إتاحيتة) تنخفض إلى الصفر. وبالنسبة لمعظم الظروف البيئية فأنة يفضل استخدام اصطلاح الطاقة المائية وتقاس بالميجاباسكال (واحد MPa يكافئ 9.87 atm أو عشرة ضغط) وكما أشار Papendick & Mulla فان ماء البحر الطبيعي له طاقة حوالي - 2.5 ميجاباسكال , ومعظم النباتات تصل إلى نقطة الذبول المستديم في التربة عند حوالي - 1.5 ميجا باسكال. هذه الوحدات تكون سالبه لان هذه الظروف البيئية تحتاج بذل جهد في سحب الماء. كل الفطريات تقريبا وقاطنات التربة الأخرى تستطيع النمو بشكل جيد في بيئات ذات طاقة مائية - 2 ميجاباسكال. ولو زاد الضغط المائي إلى ابعد من ذلك فتكون الفطريات الغير مقسمة (الزيجية والبيضية) هي أول من يتوقف عن النمو (حيث أن الحد الأدنى لها حوالي - 4 ميجاباسكال). ومع أن عديد من الفطريات المقسمة تنمو على - 4 ميجاباسكال , فلا يمكن اعتبارها متحملة لهذا الضغط على وجهه الخصوص. بعض الفطريات تنمو حتى - 5 أو - 10 ميجاباسكال ومعظم الفطريات المتحملة سوف تنمو قريبا من معدلاتها القصوى على - 20 ميجاباسكال ويمكنها أن تحرز على الأقل قليل من النمو على - 50 ميجاباسكال. وتتضمن هذه الفطريات عالية التحمل خميرة Zygosaccharomyces rouxii وبعض أنواع فطر Aspergillus spp وهى المسئولة عن بدء تحلل المنتجات الغذائية المحفوظة. يجب أن نضع معيارا هاما هو: استجابة الفطريات تعتمد على انه في أي اتجاه يكون التأثير الخارجي. معظم الفطريات تكون اكثر تحملا للقوى الإسموزيه للمحاليل السكرية مقارنه بتحملها للمحاليل الملحية , فهي تثبط من خلال سمية الملح إلى حد كبير قبل تأثرها بالقوة الإسموزيه نفسها. وعديد من الفطريات أيضا تتحمل القوى الإسموزيه المتولدة عن السكر اكثر من تحملها للقوى الإسموزيه الناشئة عن إضافة البولى ايثلين جليكول ذو الوزن الجزيئي العالي إلى بيئة النمو. * الميكانيزمات الفسيولوجية: تستجيب الفطريات بشكل نموذجي إلي القوى المائية الخارجية السلبية من خلال توليد قوى إسموزيه داخلية منخفضة. في بعض الحالات يمكنها إحراز ذلك من خلال امتصاص وتراكم الأيونات مثل امتصاص أيونات البوتاسيوم (K+) بواسطة الفطر المائي البحري Dendryphiella salina . على أية حال لا يكون ذلك مرضيا إلى حد كبير بسبب أن المستويات الايونية العالية تكون مدمرة للخلايا بشكل فعال , وحتى الفطريات البحرية يبدو أنها تمتص أيونات الكالسيوم بصفة مبدئية كميكانزم وأقي ضد سميه أيونات الصوديوم (Na+). واكثر الميكانزمات بشكل عام هي تراكم السكريات أو المشتقات السكرية والتي لا تتدخل في تنظيم الدورات الأيضيه العادية. لهذا السبب فأن هذه المركبات الإسموزيه النشطة يشار إليها بمصطلح الذائبات المتوافقة (compatible solutes). من اكثر الذائبات المتوافقة شيوعا في الفطريات هو الجلسرول , والذي يميز معظم الفطريات المتحملة لهذا الضغط. المانيتول والتريهالوز والرابتول يمكن أيضا أن تسهم في الطاقة الإسموزية. الفطريات البيضيه لا تستطيع تخلق تلك المواد الكربوهيدراتيه الفطرية النموذجية (ماعدا أعفان الماء) ولذلك فهي تميل إلى تجميع الحامض الأمينى البورولين كما تفعل بعض البكتريا كاستجابة للضغط المائي. ويمكن للذائبات المتوافقة في الفطريات أن تخلق من المواد الغذائية المخزونة (مثل الجليكوجين) أو من المواد الغذائية الممتصة إلى داخل الخلايا. وتمتلك الفطريات على الأقل شيء من القدرة على تغيير ذائباتها المتوافقة , معتمدة على العوامل التي تسبب هذا الضغط المائي. وقد اثبت Hallsworth and Magan ذلك في الفطريات الممرضة للحشرات , بتنميتها على بيئات متخصصة تحتوى على مستويات مختلفة من الضغط الإسموزي باستخدام الجلسرول والتريهالوز أو بعض المركبات الأخرى. تحليل هذه الذائبات في الجراثيم المنتجة على هذه البيئات (شكل 7 - 7) أظهر أن الجلسرول غالبا ما يتراكم عند استخدامه في صورة منظم إسموزي خارجي , بينما المانيتول والسكريات الكحولية الأخرى تتراكم كاستجابة لضغط تمثيل الجلوكوز , وربما يتراكم التريهالوز عند إضافته خارجيا. هؤلاء الباحثين وجدوا أيضا أن الجراثيم الناتجة في بيئات ذات ضغط إسموزي عالي , وفوق ذلك محتويه على مستويات عالية من الذائبات تكون اكثر قدرة على الإنبات واختراق الحشرات تحت الظروف الجافة نسبيا. وقد يكون هذا معنويا في المكافحة الحيوية للحشرات لأن الاحتياجات المائية للإنبات تشكل العائق الرئيسي أمام استغلال الفطريات الممرضة للحشرات. والمقارنة بين الفطريات المتحملة والغير متحملة أظهرت أن كلا الطرازين يمكنه إنتاج ذائبات متوافقة كاستجابة للضغط المائي إلا أنها تختلف في قدرتها على الاحتفاظ بهذه الذائبات في خلاياها. على سبيل المثال الجلسرول الذائب متوافق بكل من Saccharomyces cerevisiae (الغير متحملة) وال Zygosaccharomyces rouxii (المتحملة) , وكلا الفطرين ينتجه وبنفس الدرجة عند تعرضه للضغط المائي , ولكن يتسرب الجلسرول بعد ذلك من S. cerevisiae إلى البيئة المزرعية بينما تستطيع أل Z. rouxii الاحتفاظ به. وقد أثبتت هذه الحقيقة عند مقارنة أنواع Penicillium janczewskii المتحملة مع أنواع digitatum P.الغير متحملة. ويبدو أن ميوعة الأغشية البلازمية تساهم في هذا وهناك أدلة على وجود محتوى عالي من الدهون المشبعة في أغشية الخمائر المتحملة للضغط الإسموزي. المظاهر البيئية والتطبيقية: الفطريات المتحملة للضغط المائي تعتبر مهمة اقتصاديا فهي مسئولة عن أعفان الحبوب والمنتجات الغذائية المخزونة الأخرى. لا تستطيع أي من هذه الفطريات أن تنمو على البذور المجففة ذات مستوى رطوبة 14 % , إلا أن هذا لا يكون دائما قابل للتطبيق عمليا فحتى لو ارتفع محتوى الرطوبة بشكل قليل (15 : 16 %) فان الفطريات المتحملة من أنواع Aspergillus spp تبدأ في النمو. الفطر A. amstelodami يبدأ في الإتلاف عند - 30 ميجاباسكال في أي جزء ترتفع فيه الرطوبة إلى حد ضئيل جدا من الحبوب المخزونة. فهي تخلق ماء أيضي من خلال تحليل النشا إلي جلوكوز ثم تحليل الجلوكوز إلى Co2 وماء أثناء التنفس. كما تتولد أيضا حرارة أيضيه مسببه تبخير الماء وتكاثفه في أي مكان من كتلة الحبوب , لذلك فأن العفن ينتشر بشكل متزايد وأخيرا يفتح الطريق لنمو الفطريات الأقل تحملا للضغط الإسموزي . الشكل 7- 8 يوضح كيف يحدث هذا التسلسل. وتسبب فطريات Aspergillus and Penicillum spp أعفان ما بعد الحصاد بشكل نموذجي إلا أن معظم الأنواع المتحملة للضغط (A. amstelodami and A. restrictus) تكون هي البادئة في ذلك يليها A. fumigatus and Penicillium spp. في المقابل فأن أنواع أل Fusarium spp بشكل عام ينظر إليها كفطريات حقلية فهي تبدأ العفن تحت ظروف الحقل لو كان هناك موسم حصاد رطب إلا أنها تعتبر غير متحمله للضغط المائي الحاد. شكل 7- 8 يوضح أيضا كيف تتفاعل الحرارة مع إتاحية الماء لتؤثر على نمو فطريات ألأعفان. وقد اعتمدت النتائج على الدراسات المز رعية المطلقة إلا أنها امتلكت قيما منبئه ويمكن استخدامها في توفير افضل الظروف الآمنة والأقل كلفه للتخزين. وبالمثل يمكن استخدام الدراسات المعملية على التفاعل بين الحرارة والضغط المائي للتنبؤ بظروف إنتاج السموم الفطرية (شكل 7 - 9). على سبيل المثال الفطرA. flavus يستطيع إفراز السم الفطري A في مدى واسع من الظروف البيئية التي تشجع نموه بينما Penicillium verrucosum يفرز السم الفطري A في جزء ضئيل من المدى الملائم لنموه. إنتاج الباتيولين (الذي يسبب أضرارا بالرئتين والمخ في حيوانات التجارب) يتم عبر مدى ضيق إلى حد ما من الظروف مقارنة بتلك التي تدعم نمو فطر عفن التفاح P. expansum. الفطريات التي تنمو كمترممات بشكل عادى على أسطح الأوراق الحية (phyllosphere) تظهر طرازا مختلفا من التكيف على الضغط المائي. تلك الفطريات مثل Cladosporium, Alternaria and Aureobasidium لا تنمو على الضغوط المائية المنخفضة إلا أنها تمتلك قدرة ملحوظة على مجابهه تقلبات الرطوبة والجفاف. Park أمكنة إثبات ذلك بطريقة بسيطة وذكية ، فقد نما تلك الفطريات على قطع من رقائق السيلولوز الشفافة (السلوفان) على أسطح بيئة أجار المولت (ضغط مائي منخفض) ثم بعد ذلك تم نقل تلك القصاصات بما عليها من مستعمرات فطرية وإذابتها في محاليل مشبعه من الصوديوم نيتريت أو البوتاسيوم نيتريت , التي تعطى ظروفا من الرطوبة النسبية 66 % أو 45 % على التوالي. بعد مرور فترات زمنية مختلفة على تلك الظروف تم وضع قصاصات السيلولوز مرة أخرى على بيئة أجار المولت لملاحظة نموها مرة أخرى. حتى بعد 2 أو 3 أسابيع من الجفاف بدأت فطريات الفلوسفير في استعادة نموها خلال ساعة من وضعها على الآجار , وهذا النمو حدث من قمم الهيفات الرئيسية. في المقابل العديد من الفطريات الشائعة (Fusarium, Trichoderma, Gliocladium) أو الفطريات المحللة للأغذية (Penicillium) لم تستطيع استعادة نموها على الإطلاق من قمم هيفاتها الرئيسية على الرغم من أن العديد من هذه الفطريات استطاعت استعادة نموها بعد 24 ساعة من الجراثيم أو الأجزاء الهيفية البعيدة عن القمم. وتمتلك فطريات الفلوسفير غالبا هيفات داكنة إلا أن قممها النامية تكون شفافة وتفسير تحمل قممها للجفاف الشديد لا زال غير واضحا إلا أن احتمال أن يكون ذلك راجعا لكراهيتها للماء. على أية حال تلك الفطريات تتكيف بشكل كبير على ظروف تقلبات الرطوبة لسطح الورقة , ونفس التكيف ربما هو الذي يسمح لتلك ألأعفان الهبابيه أن تنمو على حوائط المطابخ والحمامات في بعض المنازل. * الضوء: الضوء المرئي (الطول الموجي من 380 : 720 نانوميتر) ذو تأثير قليل نسبيا على النمو الجسدي , على الرغم من أنه يمكن أن يؤدي إلى تكون الحلقات لبعض الفطريات على الآجار , لذا فأن هذه الحلقات أو الدوائر المتعاقبة ذات النمو كثيف التفرع تتبادل مع حلقات من النمو العادي (شكل 7-10). Lysek اقترح أن ذلك يحدث بسبب تثبيط الضوء لامتداد قمم الهيفات إلى التفرع الكثيف للهيفات النامية سطحيا بينما الهيفات المتخللة للآجار تستمر في النمو وتتخطى الهيفات السطحية ، لذا تصل إلى السطح في حين أن نمو الهيفات السطحية الأساسية يكون مثبط. هذه الحلقات نفسها يمكن أن تتكون بسبب التقلبات الحرارية ويمكن أيضا أن تحدث بشكل أساسي في بعض طفراتNeurospora crassa and Ascobolus immersus, , حيث عرف أنها محكومة بجين مفرد. على العكس من النموات الجسدية فان الضوء يمكن أن يؤثر بشكل ما على التكاثر أو الأعضاء التكشفيه الأخرى. عديد من الفطريات تنتج دوائر حلقية من التجرثم اللاجنسي على أسطح الآجار مستجيبة إلي التعاقب اليومي للضوء والظلام. كلا من N. crassa and Trichoderma spp تظهر غالبا تلك الحلقات الدائرية من الكونيديات , بينما Podospora anserina وبعض الفطريات ألأسكيه الأخرى تظهر نفس الحلقات من تطور الأجسام الثمرية (الجنسية). أحيانا تشير تلك الحلقات إلى حلقات مبكرة من النمو الجسدي الموصوفة مسبقا , إلا أنها تختفي أثناء تطور وتكشف التراكيب , مما يوحي بدور هذه العوامل. وغالبا ما تستحث هذه الاستجابات بواسطة الطيف الفوق بنفسجي القريب (NUV 330 : 380 نانوميتر) أو بالضوء الأزرق (حوالي 450 نانوميتر) , متضمنة المستقبلات المحتوية على الفلافين. ولكن هناك تباين جدير بالإعتبار , ربما يرتبط بعادة النمو الطبيعي , لان Alternaria spp يمكن حث تجرثمها بواسطة الإشعاع الفوق بنفسجي (280 : 290 نانوميتر) , وفي Botrytis cinerea يكون بدء الاستحثاث بال NUV ولكن الباقي يكون بواسطة الضوء الأزرق. الأجسام الثمرية لعديد من الفطريات البازيديه تتكون كاستجابة للضوء ، ولكن مع احتياجات إضافية لمستوى منخفض من Co2 في عديد من الحالات. فقد درست هذه العملية في فطر Coprinus congregatus والذي ينتج قبعته بسهوله في المزارع المعملية. كما يوضح شكل 7 - 11 فان مستعمرات الآجار لهذا الفطر يجب أن تصل إلى عمر حرج (حوالي 3 أيام) قبل أن تستجيب للحث الضوئي. لذلك , حتى التعرض القصير للضوء الأبيض يسبب تموج مؤقت في النمو عند حافة المستعمرة. بعد ذلك تستعيد هذه الفطريات نموها ، إلا أن موضع الموجه (الوقفة) يصبح مكانا لتطور بدائيات الأجسام الثمريه اللاحقة, لو تعرضت هذه المستعمرة لحث ضوئي ثانوي (أو ضوء مستمر بعد الحث الرئيسي) على الأقل لثلاث ساعات لاحقه. هذه الفترات الزمنية يعتقد أنها مطلوبة لتخليق الجين الجديد الذي يشكل جزء من معقد المستقبلات الضوئية. وقد عرف أن بدء الاستحثاث الضوئي يؤدي إلى تغيرات فسيولوجيه في الهيفات لأنه بعد بضعة ساعات وفي غياب الحث الثانوي فان الهيفات في موقع الموجه تصبح ملونه. وينتج هذا التلون (الميلانين) بواسطة إنزيم أل Phenoloxidase , والذي يعتبر مركب مرتبط بالغشاء البلازمي بشكل أساسي في الهيفات إلا أنه يتحرر من الغشاء من خلال الاستحثاث الضوئي وعندئذ يمكن اكتشافه في المستخلصات الهيفيه. ولم يعرف ما إذا كان له أي دور في المراحل التالية في التطور ، إلا أن هذا الإنزيم يوجد دائما في قمم الهيفات ومستعد للانطلاق وإحداث التلون الموضوعي لأطراف الهيفات عند تعرضها للضوء. كذلك فان الفطر يمتلك طريقه ذكيه للإحساس عند بلوغه سطح التربة أو مادة الأساس من اجل بدئه لتكوين الأجسام الثمريه. على أية حال مواضع تطور هذه البداءت يحدد من خلال بدء الاستحثاث الضوئي , وتطور بداءت الأجسام الثمريه ذاتها يحدث عندما تحد الظروف من النموات الجسدية الإضافية. على سبيل المثال عندما يصبح أحد العناصر الغذائية الحرجة محددا للنمو أو عندما تصل المستعمرة إلى حافة طبق الآجار. عندئذ يتحول مخزون الميسليوم إلى طاقه لتطور الأجسام الثمريه. وللضوء تأثيرات أخرى على التراكيب التكاثرية الفطرية , بشكل ملحوظ على استثارة خاصية الانتحاء الضوئي على الحوامل الاسبورانجيه في بعض الفطريات الزيجيه وقمم الأكياس الأسكيه في بعض الفطريات الأسكيه. وننهي هذا الموضوع بالإشارة إلى أن الاستجابة الضوئية للفطريات غالبا ما ترتبط بوضوح ببيئتها , فالفطريات المستجيبة للضوء هي تلك الفطريات المنتجة لجراثيم هوائية الانتشار.

ساحة النقاش

د. عابد عبد الجليل عطا

Abedata
باحث - بمركز البحوث الزراعية - معهد بحوث أمراض النباتات - قسم بحوث أمراض الذرة والمحاصيل السكرية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

130,352