مَاذا لو كُنا سَوياً الآن وتَحتسي قَهوتك بِرفقَتي؟
فراس حج محمد
آه منك أيتها الغائبة الحاضرة ما هو مصير قهوتك وقهوتي؟ أراني وقد استعدت عافيتي شاربا لفنجان قهوتي برفقتك وأَتأمل عَينيك; أيُ نهار سَيَكون هذَا! لا شك بأنه سيكون مختلفا وخاصا جميلا وربيعيا سيظل الربيع نابتا في لغتي يُعِدُّ لك أحلى الحكايات وأنقاها ليبوح بسر القلب صباحا ومساء وفي كل مكان، ليقول لك بكل ما أوتي القلب من قوة وشجاعة "إني أحبك يا غاليتي ويا صانعة أحلام غدنا المورق بالجمال"، سيكون طقسا رومانسيا بامتياز.
آه منك أيتها المشغولة بالطقوس المسكونة بالتفاصيل، تختارين اللحظة ببراعة، وتلبسين الحب قلادة ياسمين دمشقي بأناقة، وتستعدين لشرح المعنى بلغة الورد وبإحساس الفنجان، ذلك الفنجان الجائع لوصال طال أمد انتظاره، لعلك تشتاقين العناق كما أنا أشتاق أن يضمني ساعداك ويلتفان حول عنقي، نصنع رقصتنا الخاصة على بوح هامس رقراق، يشفي الظمأ فترتوي الحنايا من ريق رضابي عطر، تتنفسين بصدري، فأتشبع بالنشوة، وأنت تضعين شفاهك لتتحد مع شفتيّ، ترسمين بعناية فنان قبلةَ الشوق الذي أرّقني، وأصابني بهستيريا الجنون كلما تذكرت بعدك، وأنني وصلت إلى حافة الانهيار، بل إنني بكامل قواي قد انهرت وأنا بانتظار لقائنا.
آه منك لو كنت معي الآن نشرب الحب ونرتشفه على مهل، فاليوم ظرف مواتٍ لتكوني حيث أنا مشتاقٌ لوجودك معي، فلا عمل في هذا اليوم، أشعر بأن الوقت يجلدني، ويتمطّى متثائبا، يزحف بالكاد، لا يريد النهار أن يتزحزح. أشعر بثقله يخنقني وأنت بعيدة، ربما الآن أو بعد قليل، أو قبل ذلك شربت فنجانك المسائي بعد وجبة دسمة، فتتذكرين صاحب الطقوس، وتشتعلين شوقا لرؤيته، وربما فكرت بالكلام الذي ستقولينه لو شاركك رشفة من فنجانك الأنيق.
ربما فكرت بأناقة اللباس الذي سترتدينه بحضرته ليليق بك الزمان وينتشي بعطرك المكان، وربما فكرت بأبعد من الجلوس متأملة حديثه وهو يقص عليك قصصا أو حكايات أو يقول فيك الشعر، ربما تخيلته بجانبك تماما، يكاد الجسد يلامس الجسد، تنتصبين بجانبه، وربما ليس بجانبه، ربما جلست قبالته لترين مبسمه كيف يفترّ، وتلاحظين بريق عينيه الحانيتين وشفاهه التي تتهيأ لتصنع لك حرفاً حرفا كلمة "أحبك".
ربما تمنيت أن يقولها ببطء حتى تتشربين حركة الشفاه كيف تكون مع أول حرف الهمزة المضموم، إنهما تشكلان دائرة من نور، تتعانق مع حرف الحاء المبحوحة الهامسة الاحتكاكية، ربما تشتاقين أن يمد النفس أكثر قبل أن يصل إلى حرف الباء القاطعة الساكنة الضاجة بالحياة وكأنها قد قرعت الجرس، ليصل إلى ضميرك أنت المخاطبة، فتكون الكاف بداية لرحلتك عبر التصورات المتوجة على ظلال من أمنيات، ربما شعرت أنك تموجين كنسمة مشتاقة للحرية.
ماذا ستصنعين عندما تتشكل وردة بحجم أربعة حروف هي كون كامل، هي "أحبك"؟ ربما تقفزين من على مقعدك المقابل له فتعانقينه وتشعلين شفتيه برحيق رضابك، فتبدأ رحلة من جنون الحب، لا تنتهي إلا بالاتصال والذوبان متكورين في أيقونة من حياة بدأت ورحلة خطت خطوتها الأولى لزمان قادم يمرح في مروج من أماني النفس الملتاعة المشتاقة لقرب لا ينتهي.
آه منك وأنت تقتنصين الجمال، وتعيدين صياغته في كل أشيائك وفي كل ما حولك، في لغتك ورهافة إحساسك، في انتقاءاتك واختياراتك، في صورك، في حضورك، حتى في غيابك، تتركين الجمال صورا أثيرية تحدث عنك، لعلك تعيدين اكتشافي، أو لعلك تعيدين اكتشاف نفسك، لعلك تعومين الآن على بحر من خيال وجمال، وربما أن الجمال هو الذي منحك سره ومناه.
يا لك من بارعة، فتيهي صبا وتألقي، ولتشربي قهوتك الباذخة، فأنا بقربك وفي عناق دائم لن أفرط بجنب الحب لحظة، دمت لي الأمل ودام نورك ساكناً حنايا نفسي المحبة لتكوني قهوتي المسائية والصباحية، وشجو حروفي التي تحب أن تقول لك ولن تتعب أو تملّ: "إني أحبك أيتها المتأنقة البارعة الصانعة الجميلة المرهفة المتقنة المتقَنة". إني أحبك فلن أتعب مهما طال انتظاري، فأنت سر الروح ونهر من أمل.