الإسلام هو دين الحرية والدولة المدنية (أصلاً)..مخاوف الأقباط من السلفيين مبالغ فيها

خالد صلاح يكتب: الإسلام هو دين الحرية والدولة المدنية (أصلاً)..مخاوف الأقباط من السلفيين مبالغ فيها.. ولا يجوز محاسبة التيار الإسلامى على ردود فعله فى سنوات الطغيان طوال حكم مبارك


















هل جرّبت هذه المشاعر من قبل..؟
أن يقتحم ضباط الأمن المركزى منزلك الصغير، ويدخلوا إلى حجرة نوم زوجتك، ويلقوا الرعب فى قلوب أطفالك، وينتزعوك من فراشك فجرا، ويسحبوك كحفنة من الذئاب تختفى بفريستها بعيدا، ثم يهددوك بهتك عرض أمك وأخواتك البنات، لكى تعترف بجريمة لم ترتكبها أبدا؟



هل جربت هذه المشاعر من قبل..؟
أن يدخلوك عاريا إلى غرفة التحقيق إلا بما يستر السوءات، ويلقوا الماء البارد على جسمك المرتعش، ويستخدموا تقنيات التعذيب المتطورة من الصعق بالكهرباء، والضرب بالكرابيج، وتعليقك فى سقف الحجرة كالذبيحة حتى تنطق بما تكره، أو حتى تتمنى الموت لتنجو من الطغيان والاستبداد وسحق الكرامة؟

إن كان الله قد عفا عنك ولم تجرب هذه المشاعر، فاعلم أن التيار الإسلامى فى مصر بكل فصائله (السلفى والجهادى والإخوانى والدعوى)، لم يكن يلقى سوى هذه المعاملة فى سجون النظام السابق، وأعرف أن هذا التيار كان يلجأ إلى العنف الشديد كرد فعل على هذه الحرب اللاإنسانية التى يتعرض لها فى السجون، دون أن تنتصر له منظمات حقوق الإنسان، أو يشعر به الشارع، أو يحصل على حقه الكامل فى محاكمة مدنية عادلة. 
التيار الإسلامى فى مصر تعرّض لحرب ضروس، أدت به إلى البحث عن قوة مضادة، يواجه بها هذا البطش الذى انتهجه النظام السابق وأجهزته الأمنية، فالإسلاميون فى مصر بدأوا مسارهم بالدعوة بالحسنى، ثم انجرفوا نحو العنف جبرا وقهرا، بعد أن واجهوا تعذيبا وحشيا فى السجون، وقطيعة كاملة للحوار بينهم وبين السلطة، ومن ثم لا نستطيع الآن أن نصدر حكما استباقيا على التيار الإسلامى، تحت زعم أنه لن يؤمن بالدولة المدنية، أو أنه سينقلب على الحريات، فى حين تغيّرت الظروف السياسية المحيطة بالعمل الدعوى، والعمل السياسى للإسلاميين فى مصر.. ولا نستطيع أيضا أن نحكم بحرمان هذا التيار من العمل، أو إطلاق المخاوف من حوله، فى حين أن أبناء الحركات الإسلامية إن أمنوا على أنفسهم من بطش السلطة، أو غدر أجهزة الأمن، فإنهم قد يقدمون نموذجا مشرفا فى المشاركة الاجتماعية والسياسية فى البلاد.

لا أريد لنا أن نقع فى الخطأ نفسه الذى وقع فيه مبارك عمدا، ووقعت فيه الحكومات السابقة، بأن نعزل جزءا من نسيجنا الوطنى بعيدا عن المشاركة، تحت شعارات الخوف من الدولة الدينية، ولا أريد لنا أن نستخدم منهج الإقصاء والإبعاد نفسه، فى الوقت الذى تجرى فيها دماء الحرية فى عروقنا جميعا للمرة الأولى على هذا النحو غير المسبوق.

الإسلاميون فى مصر بتياراتهم المختلفة، كانوا أبرز ضحايا نظام مبارك تعذيبا وترهيبا وإذلالا، ولذلك لا نستطيع أن نقول لهم بكل بساطة، إنهم من أهل العنف لأن سلوكهم السياسى تأسس على مواجهة حاكم ظالم، خرج عن كل المواثيق والأعراف والقوانين، وانتهج مسارا عنيفا فى مواجهة قطاع كبير من أبناء شعبه، فكيف نحاكمهم بأثر رجعى هنا، وهم لم يحصلوا على الفرصة للمشاركة المدنية والليبرالية من الأساس.
وما كانت ثوراتهم المتعاقبة أو حتى جموحهم فى استخدام القوة إلا بشعور فياض.. أنهم يحققون مصالح أمتهم؟.. حتى إن أخطأوا السبيل إلى ذلك.
نحن فى حاجة إلى أن نكف عن المحاسبة بأثر رجعى مع تيار الإسلام السياسى، وفى حاجة أيضا إلى أن نفتح قلوبنا لمشاركة الجميع، دون إطلاق حملات التخويف التى أرى كثيرا منها يصل إلى حد التضليل وإطلاق المزاعم على غير الحقيقة.

حتى ملف الأضرحة، الذى قد تفكر فيه الآن، فقد تفجّر على نحو مفاجئ، وجرى استخدامه لتعطيل عملية دمج السلفيين فى العمل العام، والواقع يؤكد وجود مبالغات غير منطقية فى القصص المروية عن عمليات هدم الأضرحة، كما أن رموزا كبارا من قيادات ودعاة الحركة السلفية والجهادية، أعربوا عن إدانتهم لعمليات هدم محدودة، جرت فى بعض الأضرحة، مما يؤكد أن النوايا فى أساسها طيبة، وأن الأمر لا يخرج عن كونه جموحا لعدد محدود من الأفراد، لا ينبغى أن يدفع ثمنه تيار الإسلام السياسى بالكامل، كما لا ينبغى أن تتحمل عواقبه الحركة السلفية المعروف عنها الالتزام والبعد عن العنف.
ضع إلى جوار كل ذلك هذه المخاوف القبطية التى أطلت برأسها من بين التفاصيل، فالأقباط أظهروا جرأة كبيرة فى انتقاد المادة الثانية من الدستور، فيما كانوا يلتزمون الصمت التام إزاء هذه المادة فى عصرى السادات ومبارك، لا أنكر هنا حق الأقباط فى أن يطرحوا ما يشاءون من أفكار، ولكننى أذكرهم هنا بأن السلفيين والإسلاميين الجهاديين والإخوان المسلمين، لم يضعوا بأنفسهم المادة الثانية فى متن الدستور، بل وضعها رؤساء لمصر، زعموا عن أنفسهم أنهم مدنيون، ويحكمون بالديمقراطية، ولا يجوز هنا أن نلصق بقاء المادة الثانية فى الإعلان الدستورى باعتبارها فعلا سلفيا أو نتيجة ضغوط الإسلام السياسى، فى محاولة لمزيد من التخويف وإثارة الذعر.

إن كنا قد فتحنا قلوبنا للجميع، فلا يجوز هنا أن نجعل قلوبنا غلفًا فى مواجهة الإسلام السياسى وفق ميثاق الدولة المدنية التى نبتغيها جميعا، ولا يشك عاقل أيا ما كان دينه.. مسلما أو مسيحيا، أو غير ذلك، بأن الإسلام فى نسخته المحمدية، وتطبيقه فى دولة يثرب، كان نموذجا لهذا الفكر المدنى القائم على التعايش أصلا، فالنبى محمد صلوات الله وسلامه عليه، انتهج مسار التعايش والمواطنة منذ اللحظة الأولى لوجوده فى المدينة، ولولا الخيانات التى أقدم عليها يهود بنى قريظة، وبنى النضير لكان اليهود جزءا من الدولة المدنية حتى يومنا هذا، الخيانة فقط هى التى دفعت النبى صلى الله عليه وسلم إلى تطبيق حدود الله، فى وقت كانت فيه قبائل الجزيرة قبل الإسلام تعض الأنامل من الغيظ كلما استقر حلم الدولة الإسلامية فى المدينة المنورة.
الإسلاميون فى مصر وفى العالم أجمع يفهمون الفرق بين زمن يعلو فيه الاستبداد السياسى، ويطغى فيه رجال الحكم بالقوة، وزمن آخر يسوده التفاهم والسلام والحرية، وعلينا أن نمد الجسور خطوة بخطوة، ليكشف أبناء الحركات الإسلامية عن أفضل ما فيهم، لا أن نواصل الهجوم الساحق عليهم، فنضع ظهورهم إلى الحائط كما فعل نظام مبارك، ولا أجد- نظريا وعمليا- ما يمنع التيارات السياسية المدنية أن تبادر إلى بناء جسور التواصل مع الشباب الملتزم بتعاليم الدين، وتشجعه على الاندماج فى الحلم الديمقراطى الجديد فى مصر، فبين صفوف تيار الإسلام السياسى نخبة من أرفع العقول العلمية والثقافية التى حاصرها طغاة الحكم، فقادوها إلى الانجراف بعيدا عن المسار الصحيح

elbrnsesa

أستغفر الله وسبحان الله ولا حول ولا قوة الا بالله

  • Currently 25/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 1004 مشاهدة
نشرت فى 12 إبريل 2011 بواسطة elbrnsesa

ساحة النقاش

nazrat

تحياتي
أحسنت الاختيار , وبدى منك جهد وافر في تصوير المقال

سمر محمد الشريف

elbrnsesa
موقعى ليس لديه نشاط معين او محدد فكل ما يخطر فى بالى اكتبه وانشره لكم وفى الغالب يوصف حالتى التى اعيشها ولكن قسمت موقعى للاقسام الاتيه 1- القسم الدينى 2- القسم الاجتماعى 3- قسم الدعايه والاعلان 4- قسم كلمات 5- اقوال »

أبحث وستجد ما تريد هنا

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,044,862

أين الله فى حياتنا