حتى سنة 1927 كان الآباء في فرنسا يهزون أكتافهم إذا ما سمعوا عن " أدب الأطفال " معبرين عن قيمته لديهم ، وهى لا تتجاوز قيمة العرائس أو اللعب ربما أقل ! .. إن الأطفال في فرنسا شأنهم شأن الأطفال في كل الدنيا في حاجة ماسة إلى " الأدب " ليرضى احتياجاتهم النفسية والعقلية والخيالية .. وإلا فكيف نخلق عقولا مفكرة خلاقة وفنانين مبدعين ؟ !
إن لفرنسـا ثقافة عريضة ، لكن هذا يعنى ما قلناه أن أدب الأطفال لم يكن له دور ما في تثقيف الأطفال وتربيتهـم ؟ ! إن الإجابة تكمـن في تحديث كبار كتـابهم عن طفولتهم ، وكيف قرأت لهم أمهاتهم خلالها ، وكيف تلقت " مارسيل بروست " هدايا عن ميلاده ، كتب جورج معاند ، هذا جانب والآخر أن الأطفال رضوا بما يقدم لهم من كتب سواء كانت للأطفال أو للكبار .. لذلك قرأ الأطفال خلال عدة أجيال أعمال كل من " هوجو ، ديماس ، صاند ، جول فيرن ، بلزاك ، الفونس دوديه ، موبسان ، أناتول فرانس " .
قرأ الأطفال كل هؤلاء دون أدنى احتجاج ، ولم يقولوا أنها ليست أعمالا مثيرة أو ممتعة ، بجانب بعض الأعمال المترجمة ، حتى أننا لا نجد أعمالا تستحق الذكر في مجال أدب الأطفال على مدى الخمسين عاما الماضية ، بل لا نجد كاتبا له أهميته – غير " أندريه موروا " – قد كتب شيئا للأطفال يمكن الوقوف عنده هناك ( الأمير الصغير ) سانت أكسوبرى ، ( جزيرة الزهار ) تشارلز فيلدراك ، ( حكايات قطة ) مارسيل أيميد ، ولقد كتبت هذه الأعمال للأطفال بأقلام مشهورة ونشك كثيرا في أن الأطفال قد فهموها أو استوعبوها ..
وقد أضيف إلى ذلك أخيرا أعمال " رينيه جوييه " و " جان برنهوف " عن ( الدب بابار ) وروايات ( كوليت فيفيميه ) .
وهناك عدد كبيـر من الجوائز لكتاب الأطفال المبدعين الخلاقـين .. لكن ما زالت الفكرة التي تسـيطر على الجميع أنه لا حماسة تجاه قراءات خاصة للأطفال في البيوت تخلف عما في المدرسة ، اكتفاء بها وبكتاب الكبار .. وذلك على الرغم من أن كثيرين يقولون أن بداية أدب الأطفـال كانت على يد " بيرو " الفرنسي .. وأنها خطت إلى الأمام كثيرا على يد " لافونتين " ..