على مسئولية.. جينا نجيب الريحانى:
هذا هو سر ظهورى المفاجئ والكشف عن هويتى !
القاهرة : طاهـــر البهي
عندما ظهرت تلك السيدة الفرنسية (جينا) ، معلنة أنها الإبنة الوحيدة لنجم المسرح والسينما فى الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضى، فإن هذا الخبر قد أحدث دوياً هائلاً فى الأوساط الصحافية والفنية ليس فى مصر وحدها بل و فى المنطقة العربية حتى امتد ليشمل العاصمة الفرنسية (باريس) محل ميلاد هذه الإبنة المجهولة حيث أُقيم هناك أسبوعاً ثقافياً فنياً، ضم معرضاً للصور النادرة كما عرضت السبعة أفلام التى تشكل الرصيد المتبقى من تراث الريحانى، والآن تحتشد جينا لتفجر مفاجأة من العيار الثقيل، حيث تكشف عن فيلم مجهول لأبيها ـ الريحانى ـ باسم " ياقوت " كان قد صوره وأنتجه فى عجالة، وهى لا تدرى انه مجهول بالنسبة لها، ولكن اصغر ناقد يعلم تفاصيله! صوره فى العاصمة الفرنسية باريس، بعد مروره بضائقة مالية، أملا فى الحصول على بعض المال إبان الأزمة الاقتصادية التى ألمت بالعالم والتى واكبت الحرب العالمية الثانية .
..التقينا جينا فى القاهرة ،وكشفت لنا عن اسرار لا تزيح الستار عن لغز ظهورها هى على الساحة.. ولماذا الآن ؟
ياقوت كان قد صوره الريحانى فى الأربعينيات، فى العاصمة الفرنسية مضطراً بعد نفاذ نقوده، اضطر لتقديم هذا العمل، حتى يجمع المال اللازم للعودة إلى مصر .
وكانت چينا، قد جاءت إلى القاهرة، لتحقق رسالة، هى تخليد وإحياء ذكرى والدها نجيب الريحانى، عملاق المسرح، وسيد كوميديا المأساة، خاصة أن هذه الأيام تحل الذكرى الواحد والستون، لرحيل العملاق، وهى محتشدة - لهذا الغرض، بعد أن أقامت معرضاً بالمركز الثقافى المصرى فى باريس ضم (34) صورة، مقاس كبير 40فى30، كما تم عرض ستة أفلام، بواقع فيلمين كل أسبوع، والاحتفالية لاقت نجاحاً غير عادى بإقبال المصريين والعرب، وهى تبحث حالياًعن دول أخرى عربية تستضيف المعرض والعرب المغتربين فى باريس، كما أنشأت مسرحاً فى مدرسته «الفرير» بالخرنفش أحد أحياء القاهرة الشعبية.
و كان لابد أن أبدأ من سؤال: وأين كنت طوال ستين عاماً من غياب الريحانى؟
- قالت: مع الأسف، لقد كانت لى ظروف خاصة، فقد كنت متزوجة من مصرى، غيور، فهو من أصول صعيدية، وهو رجل شهم، ولكنه كان يغار علىّ بشدة وقد منعنى من الظهور العام طوال السنون الماضية.
قلت: وما هى خطتك لإحياء ذكرى الريحانى؟
- قالت: أبذل قصارى جهدى، ولكن للأسف، لقد أتيت بعد أن «راح» كل شىء، لقد كانت له شقة فى عمارة الإيموبيليا الشهيرة بوسط البلد «شارع شريف»، ولكن وجدت الشركة المالكة، قد باعتها لآخرين، لأنها إيجار وليست تمليك، ولكننى استطعت أن أقنع الملاك الجدد، بوضع صور الريحانى فى أرجاء الشقة، التى أصبحت مكتباً- وبالفعل استجابوا لى مشكورين.
وأحاول مع دار الأوبرا المصرية، لجمع مقتنياته، ولكننى استطعت إستعادة قصره فى حدائق القبة، الذى باع من أجله كل ممتلكاته، ليعيش فيه آخر أيامه، والآن القصر يرمم بمعرفة أحد رجال الأعمال المحبين للفن هو رجل الأعمال المعروف نجيب ساويرس، أيضاً كونت جمعية فى مدينة الإسكندرية لمحبى فنه.
ما هى الملامح الإنسانية لنجيب الريحانى الأب ؟
- قالت: ما أذكره عن «بابا» قليل، لأنى عاصرته حوالى 3 سنوات فقط، قضيتها معه بين القاهرة حى جاردن سيتى، وباريس، حيث كان إذا شعر ببعض ارتفاع فى درجة حرارة الجو، جاء فوراً إلى باريس ! ولكنى أستطيع أن أقول لك: بابا كان بيفسحنى كتير، لم يعلو صوته أبداً فى البيت، هادئ جداً جداً، كان يشجعنى على قول الحقيقة مهما كانت العواقب، كان سخياً تجاه الفقراء، لو جلس بمفرده، فإنه يكون «سرحان» دائماً على طول، قبل نومى فى السابعة مساء لابد أن يحكى لى قصة من الأدب الفرنسى، فهو كان واسع الاطلاع على الأدب العالمى..
هل تألمتى بسبب كونك ابنة سرية للريحانى؟
- حرمنى ذلك من الذهاب إلى مسرحه، والدخول إلى كواليسه، بسبب أن زواجه من أمى كان سرياً، وعندما ذهبت مع والدتى إلى مسرحه «مسرح الريحانى بعماد الدين»، ذهبنا مع الجمهور العادى، ولم ينظر إلينا طوال العرض، ولم ندخل إليه فى الكواليس، ورغم أننى وأمى، لم نكن نجيد اللغة العربية وقتها، إلا أننا كنا سعداء بالضحات الكثيرة التى كان يفجرها بين الجمهور.
هل تحتفظين بصور فوتوغرافية لك معه؟
- مع الأسف.. ما عنديش صور معاه.. أقولك إيه، أيام الحرب العالمية الثانية، كنا نعيش وقتها فى ألمانيا، نزلت قنبلة على بيتنا، أضاعت وحرقت شنطة الصور.. اغتالت ذكرياتى.
ومتى حدث الانفصال بين الريحانى وبين والدتك؟
- أبى لم يطلق أمى حتى رحيله، ولكن حدث شرخ فى العلاقة بينهما، بسبب أننا جئنا إليه فى اجازة الكريسماس، وأمضينا ثلاثة أسابيع فى شقته بجاردن سيتى.. تصور أنه خلال كل هذه المدة لم يأت «بابا» لزيارتنا ولو مرة واحدة.. قالوا لنا «الباشا بابا مش فاضى علشان يقعد معانا"، أما الحقيقة، فإنه كان هناك سببان لعدم مجيئه، الأول ألا تشعر زوجته الأخرى الراقصة بديعه مصابنى، بعلاقته بأمى، السبب الثانى أن بابا كان يعيش قصة إعجاب جديدة مع بطلة شابة فى مسرحه !
إذاً.. ذهبت قصة حبه مع والدتك «لوسى دى فرناى»؟
- بابا كان بيعجب بالجميلات.. لكنه لم يكن ينسى لوسى !
إذاً.. نبدأ الحكاية من أولها.. كيف تعرف على والدتك «لوسى»؟
- أمى حضرت إلى القاهرة عام 1917، كراقصة مع فرقتها، وعندما رآها الريحانى، اتجنن عليها، وكان يحتاج إلى راقصة فى رواياته، عرض عليها العمل معه والبقاء فى القاهرة، وافقت أمام وقوعها فريسة لسحر القاهرة، لكنها تعرضت لغيرة بقية الراقصات، حاولت الرجوع إلى باريس، ولكنه إستأجر لها شقة فى مصر الجديدة- أيام لافتة شقة للإيجار- كانت تحبه جداً، ولكنها كانت تحاول أن تضع حداً لإنفاقه الزائد، ولكنها تحملت، حتى جاءها من يخبرها بأن الريحانى واقع فى غرام، ويغازل إحدى بطلات مسرحه.. و تكهربت العلاقة بينهما إلى أن.. قررت الرحيل العام 1921، وبعد عودتها أخذ يطاردها بخطابات الاعتذار، ولكن من دون رد من جانب لوسى- الأم - حتى يأس وتزوج من بديعة 1924 .
ثم لعبت الصدفة دورها، حيث التقى نجيب مع لوسى، فى باريس مرة أخرى فى «أوبرا كوميك» عام 1931، هى كانت مصممة لأزياء الفرقة، ومكث معها فترة طويلة، حتى أنه عندما احتاج لنقود، بعد أن نفذت نقوده، صور فيلم «ياقوت» فى مدينة نيس الجميلة «على ساحل الكوت دازور» وصوره فى ستة أيام فقط، لمجرد أن يجمع مالاً يعود به إلى مصر.
هل سمعت عن اعتناق الريحانى للإسلام ؟
ـ نعم سمعتها وهذا ليس صحيحا، فقد مات على المسيحية.
وفى الثامن من يونيو من عام 1949 رحل نجيب الريحانى فى غرفة بالمستشفى اليونانى بوسط القاهرة.
ساحة النقاش