العمارة الحديثة Modern Architecture - عصر الماكينة الاول First Machine Age

كثيرا ما يتم الكلام عن عصر الماكنة الاول والعمارة الحديثة وهي تيار معماري سيطر على الاتجاهات المعمارية في بداية القرن العشرين ولغاية الخمسينات من القرن الماضي تقريبا

على ان الحداثة في العمارة جائت متزامنة مع حداثة الادب والفن في تلك الفترة وبسطور قليلة ساحاول توضيح اهم مميزات عصر الماكنة الاول

لقد اشار جنكس (11) ( تشارلز جنكس ) في كتابه (Late – Modern Architecture) الى الحركات المعمارية الرئيسية في القرن العشرين وفق ثلاثين متغيرا . وبشكل عام يلخص جنكس العمارة الحديثة في وصفه لها بانها من الناحية الايديلوجية , ذات اسلوب دولي موحد ( او بالاحرى بدون اسلوب ) طوباوية مثالية , ذات ( فورمات ) نحتية , وظيفية يلعب فيها الفنان والمعماري دور المنقذ , الطبيب , كما تمتاز بشموليتها . اما من ناحية الاسلوب Style فتمتاز بالصراحة والبساطة وفضاءاتها موحدة الخصائص في جميع الجهات و ( فورماتها ) تجريدية نقائية غير مميزة الاجزاء او علبة صماء, وهي ترتبط بجماليات الماكنة, وتمتاز بالمنطق الصريح في تيارات الحركة والتقانة والانشاء , ....

وبعيدا عن مدى صحة وصف جينكس للعمارة الحديثة الا انه من المهم الاشارة الى علاقة العمارة الحديثة بجماليات الماكنة وصراحة الانشاء والافادة القصوى من التقانة المتاحة.
أما بانهام (Regner Banham ) صاحب كتاب عصر اساطين العمارة Age of Masters فيرى ان ( العمارة الحديثة في أية هيئة وأي اسلوب تمثل حرفة قديمة تحاول مواكبة الحالة التكنلوجية التي تعدت منذ زمن بعيد الحرف اليدوية التي كانت العمارة قائمة على اساسها)(12)
ان بانهام هنا يحاول ان يخرج بأقل ما هو ممكن بدفاعه عن العمارة الحديثة كونها تحاول مواكبة الحالة التكنلوجية . لقد كان مطلب (اساطين) الحركة الحديثة بان العمارة يجب ان تتجاوب مع الزمن الحاضر بحرية مهما توغلت في تقاليد الماضي الا انهم كان لهم موقفهم الخاص , ان اشهر كتاب ألفه معماري حديث على الاطلاق اسمه ببساطة (نحوعمارة جديدة) Towards a New Architecture للمعمار (لوكوربوزيه) . لقد وضع العمارة الحديثة في عصر الماكنة الاول بمقارنة مع عمارة الاغريق القديمة (البارثينون) .ان ما يقصده (لوكوربوزيه) هو ان جميع الاساليب العظيمة للعصور الماضية كانت متكافئة مع التكنلوجيات التي عاصرتها , وأنه عندما تضاهي عمارتنا عن تكنلوجيتنا , عند ذاك ستكون عمارتنا بمستوى جودة البارثيون .
وهنا يبين (لوكوربونيه) مدى اهمية مواكبة التكنلوجية المتاحة وان لكل عصر تقنية خاصة به.
ان حياة العمارة الحديثة ( هذا اذا كانت قد فارقت الحياة اساساً) كانت فعلا قصيرة بالمقارنة بالاساليب العظيمة في الماضي , كالقرون الاربعة للغوطية الانكليزية او المائة والخمسين عاما للباروك الايطالي .
ولكن قياسا الى الحركات الاخرى لزمننا فقد اثبتت الحركة بشكل مذهل قابليتها على البقاء ,
ففي الفنون المنقولة والفنون الادبية ,تمكنت قلة فقط من ان تستمر لأكثر من عشرة اعوام ولم تستمر أي من المستقبلية أو الدادائية كقوى فعالة لأكثر من نصف تلك المدة , ولو ان التكعيبية أو السريالية كلتيهما بالكاد تدبرتا عقد التيارات المعمارية الرئيسية . وفي عالم تميزت فيه بعض الحركات الفنية , كالفن الشعبي Pop Art والفن البصري OP Art كما يتميز ندى الصباح , فأن الاسلوب الجاري من الناحية البصرية . منذ مصنع (فاكوس Fagus ) ل (كروبيوس) عام 1911 الى ابنية العاصمة تشانديكار ل (لوكوربوزيه) ثم مرورا بناطحات السحاب الموشورية ذات الزجاج العاكس والمشيدة في الولايات المتحدة في اوائل الستينيات هو اسلوب يحسب له الف حساب وقابليته للتحمل تفوق توقعات عصرنا.
لقد اصبحت هناك تحولات جذرية في الشكل والوظيفة والانشاء مقارنة بالعصور القديمة حيث انه في عصر النهضة كان بامكان العمارة الاستمرار على ارتداء الثوب الكلاسيكي للعصور الرومانية مع تعديلات طفيفة مثل توسيعه قليلا وتحريك بعض الازرار ولكن مع ظهور عشرات الوظائف الجديدة اصبح من غير الممكن البقاء على تقاليد الماضي , ولقد اصبح هناك امتداد واسع للاحتمالات الانشائية نتيجة الفكر لا المواد الجديدة . هائل هو مقدار الحيوية الكامنة في المواد القديمة , فالكونكريت يجاهد للدفاع عن وجوده بأنواع الانظمة الجديدة للاجهاد المسبق أ, الاجهاد بعد الصب , اضافة الى (الفورمات) المنتجة من مواد خفيفة الوزن , لقد ادت المواد الجديدة خدمات جليلة الى الحركة الحديثة . استطاعت من خلالها ان تحقق تقدما غير مسبوق وسيادة مطلقة طوال الفترة السابقة.
ونتطرق هنا الى ابرز رواد عمارة الحداثة عصر الماكنة الاول وهم الاساطين كما يسميهم راينر بانهام وهم خمس معماريين