Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!

المدرسة الإلكترونية

في الدول العربية بين الواقع والمأمول

 

أولاً: دواعي التفكير في إنشاء المدرسة الإلكترونية.

ثانياً : مزايا مشروع المدرسة الإلكترونية كحجر الزاوية في تطوير منظومة التعليم.

ثالثاً : كيفية تنفيذ المدرسة الإلكترونية.

 رابعاً : واقع المدرسة الإلكترونية في الدول العربية.

خامساً : مستقبل المدرسة الإلكترونية. 


 

أولا : دواعي التفكير في إنشاء المدرسة الإلكترونية :-

 

لا شك أن التطور العلمي المذهل الذي حققه الإنسان في القرن العشرين قد أثر بفاعلية علي أسلوب الحياة في كافة المجتمعات المعاصرة. وقد ساهمت تكنولوجيا الاتصالات تحديدا في هذا التطور المعاصر عن طريق تسهيل سرعة الحصول علي المعلومات وسرعة معالجتها واستدعائها وتخزينها واستخدامها في كافة العمليات الحسابية والإحصائية والتحليلية لمواجهة متطلبات الحياة المعاصرة مما أدي أيضا إلي سرعة إنجاز المهام والأعمال وسرعة تحقيق الأهداف. ومع بداية القرن الحادي والعشرين أصبح لزاماً علي كافة المؤسسات المختلفة أن تتوافق أوضاعها مع الحياة العصرية التي تتطلبها تكنولوجيا المعلومات،

لذلك ومن هذا المنطلق أصبحت تكنولوجيا المعلومات بكافة أشكالها السلاح الحقيقي لمواجهة التحديات العديدة التي تواجهنا كأفراد وكأمة وبالتالي الاقتصاد الوطني، وأصبح التطور التكنولوجي هدفا قوميا واحتياجا حقيقيا لنمو المجتمع وقدرات أفراده وحسن استخدام موارده وحمايتها.

 

ومن هنا ظهر مفهوم المدرسة الإلكترونية كأساس لتطوير التعليم العام والذي يهدف إلى خلق مجتمع متكامل ومتجانس من الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين والمدرسة وكذلك بين المدارس بعضها البعض ارتكازا على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحديث العملية التعليمية ووسائل الشرح والتربية وبالتالي تخريج أجيال أكثر مهارة واحترافية.

كما أن مفهوم المدرسة الإلكترونية يعتمد على القطاع الخاص في تقديم الأجهزة والمعدات والوسائط المتعددة والدعم الفني لخدمة المدارس والمنشآت التعليمية مما يغذى الاقتصاد الوطني بالشركات المتخصصة التي تقدم خدماتها بشكل احترافي متميز لخدمة المشروع، وبالتالي يتم إيجاد فرص عمل جديدة في ظل هذا المشروع القومي الراقي.

 

العودة لبداية الموضوع


ثانياً : مزايا مشروع المدرسة الإلكترونية كحجر الزاوية في تطوير منظومة التعليم :-

يحتوي مفهوم المدرسة الإلكترونية علي المزايا الفلسفية الآتية :-

1-إحداث نقلة نوعية في مسيرة التعليم .

2- تلبية الاحتياجات المباشرة لسوق العمل في مجال التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصال الحديثة وأساليب الوصول للمعلومات ومعالجتها.

3- تهيئة المواطن للولوج في مجتمع المعلومات الحديث والتعايش معه وتحقيق متطلبات التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة

4- تزويد الطلبة بالقيم والمهارات التالية: التعلم الفردي-الخبرات لتكنولوجية -التعلم التعاوني- الدافعية الذاتية التعلم التفاعلي- التدريب والممارسة لإتقان المهارات الأساسية -المهارات الإبداعية- محاكاة بيئة العمل الحقيقية-مهارات حل المشكلات- التعلم مدى الحياة.

-5  تقديم وسائل تعليم أفضل وطرق تدريس أكثر تقدما.

-6تطوير مهارات وفكر الطلاب من خلال البحث عن المعلومات واستدعائها باستخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والإنترنت في أي مجال أو مادة تعليمية.

-7 إمكانية تقديم دراسات وأنشطة جديدة مثل تصميم مواقع الإنترنت والجرافيك والبرمجة, وذلك بالنسبة لكافة مستويات التعليم , والذي يمكن أن يمثل أيضا مصدراً إيراديا للمنشأة التعليمية.

-8 إمكانية اتصال أولياء الأمور بالمدرسين والحصول علي التقارير والدرجات والتقديرات وكذلك الشهادات, وذلك من خلال الإنترنت أو من خلال أجهزة كمبيوتر في المدرسة يتم تخصيصها لهذا الغرض

 -9تطوير فكر ومهارات المعلم وكذلك أساليب الشرح لجعل الدروس أكثر فاعلية وإثارة لملكات الفهم والإبداع لدى الطلاب .

-10 إقامة اتصال دائم بين المدارس وبعضها لتبادل المعلومات والأبحاث ودعم روح المنافسة العلمية والثقافية لدى الطلبة . كما يمكن إقامة مسابقات علمية وثقافية باستخدام الإنترنت مما يدعم سهولة تدفق المعلومات بين كافة أطراف العملية التعليمية وتحسين الاتصال ودعم التفاعل فيما بينهم.

-11الاتصال الدائم بالعالم من خلال شبكة الإنترنت بالمدارس يتيح سهولة وسرعة الإطلاع على واستقطاب المعلومات والأبحاث والأخبار الجديدة المتاحة فضلا عن كفاءة الاستخدام الأمثل في خدمة العملية التعليمية والتربوية.

-12الاعتماد على الشركات الوطنية المتخصصة في توريد الأجهزة والمعدات والدعم الفني للمدارس الإلكترونية ينشط ويسرع اقتحام الإنتاج الوطني لمجال صناعة البرمجيات وأدوات التكنولوجيا الفائقة بما يدره هذا المجال الواعد من قيمة مضافة عالية ويتيحه من تطوير لقدرات مجالات الإنتاج الأخرى .

وسيوفر هذا المشروع بيئة تعليمية تسمح للطلبة والمعلمين والإدارة المدرسية وأولياء الأمور والمجتمع بالتواصل والتفاعل في أي وقت وفي أي مكان، كما أنه حل سيحقق متطلبات التعلم الإلكتروني المباشر إذ سوف يغطي عدداً كبيراً من المستخدمين في وقت واحد مما سيغير بيئة الصف التقليدية من بيئة محدودة المصادر إلى بيئة مفتوحة فاعلة مشوقة تساعد الطالب على التفاعل مع الدرس الإلكتروني بالصوت والصورة وإجراء تجارب علمية تطبيقية وغير ذلك من أوجه التطبيق العملي للمعرفة في أي وقت مما سيسهم في رفع تحصيله العلمي من خلال الاستفادة من الإمكانيات الهائلة التي توفرها تقنية المعلومات عبر البوابة التعليمية.

وهذا  التحول سيسمح لكل طالب أن يتعلم وفق قدراته مع مراعاة الفروق الفردية في سرعة التعلم كما سيسمح للمعلم بالتفاعل مع الطلبة ومتابعتهم وتقويمهم بشكل فردي ويساهم في تنمية شخصية الطالب وتأهيله ليكون منتجاً للمعرفة وليس مجرد متلق لها وتأهيله ليكون عنصراً فاعلاً متكيفاً مع مجتمع المعلومات المبني على اقتصاد المعرفة.

كما سيسهم هذا النظام في إمكانية تحويل الكتاب المدرسي إلى كتاب إلكتروني مرن تنتقل فيه الصورة الصامتة إلى حركة مع شرح لأي جزء من أجزاء المحتوى ويمكن للمعلم من تحديد معنى أي كلمة في المحتوى وتعميمها على الطلبة. وتوفر المنظومة إمكانية نقل المحاضرات الحية بكاميرات تمكن المعلم من الشرح للطلبة بالصوت والصورة في أي مكان لجميع المدارس المربوطة بالشبكة كما توفر إمكانية الدخول إلى أي موقع تعليمي لتعزيز الدرس وإثرائه بالمصادر المختلفة من المعرفة المتوافرة على شبكة الإنترنت. تفتح هذه المنظومة التعليمية للطالب مجالاً واسعاً من التفاعل مع زملائه ومعلميه من خلال طرح الأسئلة وإبداء الرأي وتبادل الآراء والمعلومات والأفكار مع الآخرين في مدرسته وفي المدارس الأخرى وفي أي مكان في العالم مما يوفر له فرصة التعلم الذاتي حيث يكون لديه خيار جرب بنفسك.

العودة لبداية الموضوع


 

ثالثاً : كيفية تنفيذ المدرسة الإلكترونية :-

تحديد الأهداف الرئيسية :-

1-       تطوير المنشأة التعليمية

2-       إرساء قاعدة للتطوير المستمر للمناهج التعليمية

3-       تطوير فكر ومهارات المعلم وبالتالي أساليب الشرح

4-       تطوير مهارات الطلبة في استقطاب المعلومات واستخدامها

5-       تأمين التواصل والتعاون المستمر بين أولياء أمور الطلبة والمؤسسات التعليمية .

ولتحقيق هذه الأهداف ينبغي التدرج في خطوات تراكمية وإنتشارية تتضمن الآتي:-

تحويل العملية التعليمية إلي عملية ترتكز علي تعليم الكمبيوتر والموضوعان المتعلقة بالكمبيوتر ( مثل تطبيقات الكمبيوتر والإنترنت) في المدارس بالمستويات التعليمية المختلفة وبمعدل حوالي (4) ساعات أسبوعيا لكل طالب ولاشك أن التطور في تطبيق التعليم المبني علي استخدام الكمبيوتر بكافة المستويات التعليمية والاستفادة من التطورات الحديثة في تقنية الكمبيوتر كوسيلة لتحسين العملية التعليمية لمختلف المواد الدراسية مثل الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية سوف ينمي القدرات الابتكارية التي عانينا كثيرا منها بمناهج الحفظ والاستظهار التقليدية .

 

ولا يقتصر مشروع المدرسة الإلكترونية علي تزويد المدارس بما تحتاجه من أجهزة الكمبيوتر وملحقاته ليعتاد الطلبة علي استخدام والتفاعل مع الكمبيوتر بل الأهم من ذلك تطوير المناهج وإبداع البرامج التعليمية في صورة أسطوانات ليزر أو مواقع ويب أو مزيج منهما وتزويد المدرسين ببرامج تدريبية في التكنولوجيا والتعليم وأساليب الشرح الحديثة مما يدعم انتشار تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها بشكل سليم في تطوير منظومة التعليم ككل ونجاح مفهوم المدرسة الإلكترونية .

 

وتأتي خطوات إنشاء الشبكات اللازمة لربط الأنظمة الداخلية للمدارس المختلفة والربط بين المدرسة والمعلمين والآباء والطلبة والمجتمع بالإضافة للربط بين المدرسة وشبكة مدرسة أخري بل والجهات الإشرافية وفق الاحتياجات لتيسر ترابط أطراف العملية التعليمية وتعاونهم الناجح فضلا عن الاستفادة من موارد الكمبيوتر المتاحة في المدارس الإلكترونية لخدمات المجتمع في ساعات ما بعد الدراسة مما يجعل المدرسة مجتمعا تقنيا متكاملا لخدمة المجتمع.

ولقد أصبح بديهيا أن نجاح أي مؤسسة أو منشأة اقتصادية يقاس أولا بقدرة الإدارة على حسن استخدام الموارد لتحقيق الأهداف بكفاءة وإتقان وذلك لا يتحقق إلا بإتباع والاعتماد على أحدث أساليب الإدارة لإنجاز المهام والأعمال وبالتالي لابد من الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات في الإدارة المدرسية تطبيقا لمفهوم مشروع المدرسة الإلكترونية كي يتحقق الحلم الواعد. وأن أي منظومة إلكترونية تتعامل مع الجانب التعليمي والمدرسة الإلكترونية لابد أن تنقسم إلي شقين:-

1-  شق إداري

2-  شق تعليمي

 

الشق الإداري :-   ويشمل الجوانب الآتية:-

-         نظام إدارة شئون الطلبة.

-         نظام متابعة الدرجات والنتائج.

-         نظام متابعة الانتقالات.

-         نظام الجداول المدرسية .

-         نظام الإدارة المالية والحسابات.

-         نظام إدارة الموارد البشرية.

-         نظام الحضور والانصراف.

-         نظام إدارة الأصول الثابتة.

-         نظام إدارة المخازن والمشتريات.

-         نظام إدارة المكتبات.

-         موقع تفاعلي للمدرسة بالإنترنت.

ويقوم الشق الإداري بالمنظومة بخدمة كافة الأنشطة والمهام الإدارية والمحاسبية عن طريق إدارة وتخزين ومعالجة كافة البيانات والمعلومات وطباعة التقارير المتنوعة وخاصة التقارير الخاصة بدعم القرار , وكذلك تحديث الموقع بالإنترنت تلقائيا.

 

أما الشق التعليمي :-  فيشمل الجوانب الآتية :-

-         نظام المحاضرات الإلكترونية.

-         نظام الاختبارات الإلكترونية للطلبة

-         وسائط متعددة للمناهج تعليمية

ويقوم الشق التعليمي للمنظومة بخدمة المدرسين عن طريق إطلاق قدراتهم الإبداعية لشرح المواد والمناهج والإشراف على عملية استقطاب المعلومات التي يقوم بها الطلبة. ويبدع الطالب أيضا في أساليب العثور على المعلومات المخزنة بسيرفر المدرسة أو بالإنترنت وربط تلك المعلومات بعضها ببعض واستخدامها على أرض الواقع وذلك تحت الإشراف المباشر للمعلم و/أو أولياء الأمور.

لذلك ولكل ما سبق يوفر مشروع المدارس الإلكترونية فرصة عظيمة لتحسين التعليم بصفة عامة وتخريج كوادر قادرة علي التعامل مع التكنولوجيا الحديثة بكافة أوجهها , واستخدام هذه التكنولوجيا لرفع درجة ذكاء وأداء ومهارة هذه الكوادر وتحسين مستواهم العلمي والثقافي والمهاري , والانتقال من مرحلة التعليم بالحفظ والاستظهار والدروس الخصوصية الملخصة إلى آفاق إكساب الأجيال الناشئة مهارات التعلم الواعي المستمر والإبداع والابتكار وبالتالي تعظيم مكانة مصر القيادية في المجتمع الدولي .

العودة لبداية الموضوع


 

رابعاً : واقع المدرسة الإلكترونية في الدول العربية :-

إن الحديث عن  "مدرسة المستقبل" وما يحمله هذا المفهوم من الدعوة إلى تجديد التعليم وتطويره كي يصبح أكثر اعتماداً على الحاسب الآلي والتقنية، وما يصحب ذلك من وجود المدارس الإلكترونية والفصول الإلكترونية وغيرها، يذكر بالحركة التقدمية التي ظهرت في العشرينيات من القرن الماضي، والتي انبعثت من كلية المعلمين بجامعة كولومبيا. ومع الانتشار الذائع الصيت لهذه الحركة وأفكارها، وكثرة المؤيدين لها إلا أن أصواتاً بدأت تعلو في الأوساط التربوية - الأمريكية خاصة - بإعادة النظر في كثير من الطروحات التي أدت إلى نشوء عيبين في نظام التعليم العام الأمريكي هما: انخفاض مستوى متوسط تحصيل الطلاب، وارتباط قوي بين الطبقة الاجتماعية والمستوى التعليمي.

إن مثل تلك الأصوات التربوية التي بدأت تعلو في الدول العربية - بغض النظر عن مدى صحتها أو عدمه -، لا يعني الدعوة إلى إقفال الباب أمام التطوير والإصلاح التربوي -فهو ضرورة، كما أشير إلى ذلك في المقدمة- ولكنها دعوة إلى الحذر من النظرة غير الواقعية في التطوير التربوي، وما يصحب ذلك من الطروحات التربوية الجذابة التي سرعان ما تفشل إذا وضعت تحت التطبيق الفعلي، وفي الظروف الفعلية التي تعيشها المدارس، والظروف الاقتصادية والسياسية، والاجتماعية والثقافية التي تحيط بالمدارس من كل جهة، تؤثر فيها وتتأثر بها.

والواقعية في التطوير التربوي لاتعني الانجذاب التام إلى الواقع الفعلي، وعدم استشراف المستقبل، أو الرقي بمعايير التعليم، (هناك معايير واقعية لكنها غير راقية، وهناك معايير راقية غير أنها غير واقعية، وهناك معايير راقية وواقعية يطمح إليها الطلاب جميعاً ويمكن الوصول إليها)، ولكنها  تعني أن "يكون المخططون واقعيين في تصوراتهم المستقبلية، بحيث تعكس ما يمكن عمله في ضوء الموارد المتاحة والمحتملة؛ ويجب ألا تبنى على تفاؤلات مطلقة، بحيث تكون حبراً على ورق يصعب تحقيقها في ضوء التحليل والتنبؤ الواقعي.".

إن النظر إلى مدرسة المستقبل بواقعية يمنحنا الحكمة في التعامل مع المعطيات المختلفة لتطوير تلك المدرسة، وما يستحق أن يبدأ به لأهميته، وما يمكن تأخيره، وما يمكن تطبيقه ومالا يمكن تطبيقه، وما يصلح لمجتمعنا ومالا يصلح، وما ينبغي تغييره ومالا ينبغي. وفي النهاية، فإن "الجهات التي ستتفوق على غيرها في حقبة ما بعد عصر المعلومات هي تلك الدول التي توخت جانب الحكمة باستثمارها في تطوير رأسمالها الفكري." . 

على الرغم من أن كثير من التربويين في الوطن العربي يتفاءل بمستقبل تعليمي زاهر في ظل الاعتماد على التقنية بشكل عام، والحاسب الآلي بشكل خاص، وما يصحب ذلك من انتشار ما يسمى المدرسة الإلكترونية، والمكتبة الإلكترونية، والتعليم الافتراضي، فإن آخرين يميلون إلى عكس ذلك، ويتوقعون انتكاسة وخيبة أمل، بسبب التسرع في تطبيق التقنية (الحاسب الآلي بشكل خاص) في التعليم العام، في ظل المعوقات الكثيرة التي تحد من تطبيقه في مدارسنا، وكذلك في ظل عدم وجود البحث الكافي، والأدلة المقنعة – حتى الآن -  لتأكيد فائدة استخدامه في التعليم العام (التركيز هنا على التعليم العام، حيث صاحب تطبيق الحاسب الآلي في التعليم الجامعي، خصوصاً ما يسمى "التعلم عن بعد" كثير من النجاح).

ومما يجعل بعض التربويين لا يتحمس أو يتسرع في قبول فكرة الاعتماد بشكل كبير على التقنيات التعليمية هو ما يصحب تطبيق تلك التقنيات (الحاسب الآلي بشكل خاص) من النواتج التعليمية الضعيفة، وتغليب الجانب المعرفي على الجانب التربوي، والنقص في إشباع الحاجات النفسية والوجدانية والروحية للتلاميذ، وصرف كثير من جهود الطلاب وأوقاتهم في النواحي الشكلية والتنظيمية، على حساب جودة العمل، فضلاً عن المبالغة في توفير البيئات الافتراضية من خلال الحاسب الآلي، التي تقل معها معايشة الطالب للواقع الفعلي، والممارسة الطبيعية والمحسوسة لكثير من الأشياء الممكن تعلمها واقعياً.

وثمة أمر آخر يقلق بعض التربويين يتعلق بالنواحي الاقتصادية التي هي عماد التقنية، ووقود قوتها واستمرارها. فمع النفقات الكثيرة المترتبة على انتشار الحاسبات الآلية، وخصوصاً في المدارس، وما يصحب ذلك من نفقات الصيانة والتحديث وشراء البرامج، فإن بعضهم يخشى من التراجع لاحقاً عن التوسع في تطبيق التقنيات التعليمية، بسبب عدم القدرة على دفع التكاليف المستمرة للحاسبات الآلية، ومن ثم خسارة كثير من الأموال، والجهود، والأوقات التي كان من الممكن  توجيهها لسد الاحتياج من الأوليات التي تفرض نفسها، مثل توفير المباني الحكومية بدلاً من المستأجرة، والبيئة التعليمية النظيفة الآمنة، وغير ذلك من الدواعي الضرورية لنشر التعليم، والرقي بمستواه.  

وبمناسبة الحديث عن النواحي الاقتصادية، فإنه من المفيد الإشارة إلى أن التوسع في استخدام الحاسب الآلي في التعليم يمكن أن يزيد من مستوى الارتباط بين الطبقة الاجتماعية والمستوى التعليمي. بمعنى أن يتمتع التلميذ الذي يمتلك الأجهزة التقنية المتطورة بمستوى من التعلم يفوق أقرانه الذين لا يستطيعون ذلك. ولا شك أن الفصول الإلكترونية، والمدارس الإلكترونية التي هي من أبرز خصائص مدرسة المستقبل تتطلب قدرة شرائية عالية تساعد التلاميذ في اقتناء الجديد والحديث من الأجهزة التعليمية، وهذا لا يتوافر عادة إلا لميسوري الحال، مما يتوقع معه  أن يفرض المستقبل على المجتمعات توفير نوعين من المدارس: مدارس إلكترونية - بما تحويه من تجهيزات تقنية عالية للتلاميذ الأغنياء - وأخرى مدارس عادية للتلاميذ الأقل ثراءً. ولاشك أن زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الوقت الحالي ينذر بشيء من ذلك، وهذا فيه من الخطورة على المدى البعيد ما يعلمه المتخصصون في علم الاجتماع.

وعملياً فقد بدأت بعض الدول العربية في اتخاذ خطوات هامة لتطبيق مشروع المدرسة الإلكترونية فعلى سبيل المثال أنشأت المملكة العربية السعودية العديد من المشاريع في هذا المجال وأهمها "مشروع عبد الله بن عبد العزيز وأبنائه الطلبة للحاسب "موجها إلى قطاع التعليم العام بمراحله الدراسية المختلفة بهدف تنمية مهارات الطلاب وإعدادهم إعداد جيدا يتناسب مع المتطلبات المستقبلية ، ورفع مستوى قدرات المعلمين في توظيف المعلومات في كافة الأنشطة التعليمية ،مع توفير البيئة المعلوماتية بمحتواها العلمي الملائم لاحتياجات الطلاب والمعلمين ، وإتاحة مصادر التعليم المباشر ة ، لتكون نواة لصناعة تقنية المعلومات المتقدمة بالمملكة ، ونشر المعرفة بتقنية المعلومات بين أفراد المجتمع.

ويهدف المشروع إلى توفير حاسب آلي لكل عشرة طلاب مع إكمال ربط المدارس بالشبكة الوطنية وبناء شبكات محلية داخل كل مدرسة . وتشمل مراحل التنفيذ الأربع : مرحلة الدراسات والاستقصاء والتجارب مع بدء عملية بناء الشبكة ، ومرحلة التنفيذ والمتابعة والتطوير والتعديل ليتم توفير تقنية التعليم لحوالي (50%) من الطلاب ومرحلة استكمال ربط المدارس وبناء شبكاتها بينما تتم في المرحلة الرابعة عملية المتابعة والتحديث والتعديل لمسايرة التطويرات التقنية العلمية في هذا المجال.

أما في مصر فقد تزايد الاهتمام بمشروع المدرسة الإلكترونية من الحكومة التي وقعت مؤخراً عقداً مع جهات استشارية متخصصة في إنشاء وتطوير برمجيات المدارس الإلكترونية .

وفى سورية فقد شهد التعليم العالي مؤخراً قفزة نوعية في مجال التعليم الإلكتروني حيث تم اعتماد نظام التعليم المفتوح في الجامعات السورية بدءاً من العام الدراسي الحالي، وتوجت بإصدار مرسوم بإحداث الجامعة الافتراضية السورية التي تعتبر أول جامعة عربية في منطقة الشرق الأوسط تعتمد نظام التعليم عن بعد (التعليم الإلكتروني عن طريق الشبكة العالمية) وان كانت البداية تخص قطاع التعليم العالي إلا أن هذه الخطوة بلا شك تمثل لبنة أساسية لمشاريع أكثر طموحاً مثل المدارس الإلكترونية والفصول الإلكترونية.

وهناك العديد من الدول العربية الأخرى مثل الكويت و الإمارات العربية وسلطنة عمان وقطر والتي اتخذت خطوات مماثلة في هذا المجال وان كانت بمستوى اقل إلا أنها تسير بوتيرة متسارعة .

 العودة لبداية الموضوع


 

خامساً : مستقبل المدرسة الإلكترونية :-   

إن الجدل حول فائدة استخدام التقنيات التعليمية أو ضرورتها في التعليم العام لم يحسم بعد، لكن الذي لايختلف عليه اثنان هو ذلك التحدي الكبير الذي يواجه مدارسنا اليوم، وهو كيف تتغير المدارس لتواجه متطلبات المستقبل، بما في ذلك تسخير التقنيات المختلفة تسخيراً فاعلاً، وتحتل موقعاً فيما يسمى "طريق المعلومات السريع" (Information Superhighway). يقول البروفيسور لاري كيوبان من جامعة ستانفورد بولاية كليفورنيا: "إن التقنيات الجديدة لاتغير المدارس، بل يجب أن تتغير المدارس لكي تتمكن من استخدام التقنيات الجديدة بصورة فعالة" (مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2000). بمعنى، أن مدارسنا يجب أن تشتمل على بنية تحتية جيدة ، ونظام مرن، وإدارة وفاعلة، كي تكون مهيأة لاستخدام التقنيات التعليمية بفاعلية، وليس مجاراة للآخرين. 

وبالإضافة إلى الحاجة إلى تغيير المدارس، فإن الحاجة تبدو ماسة أيضاً للاهتمام بالمعلمين الذين هم حجر الزاوية في العملية التعليمية. وإذا كان هدف المدرسة - أي مدرسة - هو بناء الإنسان عقدياً ومعرفياً، ووجدانياً ومهارياً وسلوكياً، فلا مناص من النظر إلى التعليم على أنه يقوم على أساس علاقات إنسانية مؤثرة، ومن ثم ضرورة التركيز على المعلمين وتطوير أدائهم التدريسي، وتعريفهم بالاحتياجات الإنسانية المتجددة للتلاميذ، وسبل إشباع تلك الاحتياجات بما يمنحهم الاستقرار العاطفي والنمو العقلي والقوة البدنية، وهذا ما تقصر عن تحقيقه الأجهزة التقنية المتطورة وحدها.

ودور المعلمين في ظل استخدام التقنية التعليمية - بما في ذلك الفصول الإلكترونية، والمناهج الإلكترونية - سيكون أكبر وأكثر فاعلية. وفي هذا الصدد،  أن التقنية سوف تزيد، ولن تقلل من الحاجة إلى معلمين جيدين وأساليب تدريسية بارعة. وإننا بحاجة إلى زيادة استثماراتنا في الموارد البشرية وفي التنمية المهنية للتربويين، لا في المناهج التقنية، مثل "التعلم في الوقت المناسب" بوصفه مفهوماً مفيداً لأهداف محددة.         

كما يجب النظر في مدرسة المستقبل إلى برامج الحاسوب والإنترنت على أنها وسائل معينة على التعلم الذاتي، ولا يمكن الاستغناء معها عن المعلمين؛ بل إن النظرة العلمية تجعل المستقبل مشرقاً أمام المعلمين الجيدين، يقول بيل جيتس (رئيس ومؤسس شركة ميكروسوفت): "إن مستقبل التدريس – وخلافاً لبعض المهن - يبدو مشرقاً للغاية. فمع تحسين الابتكارات الحديثة، المطرد لمستويات المعيشة، كانت هناك –دائماً- زيادة في نسبة القوة العاملة المخصصة للتدريس، وسوف يزدهر المربون الذي يضفون الحيوية والإبداع إلى فصول الدراسة، وسيصادف النجاح أيضاً المدرسين الذين يقيمون علاقات قوية مع الأطفال، بالنظر إلى أن الأطفال يحبون الفصول التي يدرس بها بالغون يعرفون أنهم يهتمون بهم اهتماماً حقيقياً، ولقد عرفنا جميعاً مدرسين تركوا تأثيراً مختلفاً... إلخ" .

لاشك أن التقنيات العلمية والتعليمية غيرت كثيراً في حياتنا، ووفرت كثيراً من الوقت والجهد. ولا شك أن الحاسبات الآلية وسيلة جيدة للتعليم والتعلم، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة، كما أنها ليست -دائماً- الوسيلة الأفضل. لذا، فمن الحكمة وضع استخدام الحاسب الآلي في التعليم (العام) في موضعه، وعدم إعطائه أكثر من حجمه، ومراقبة آثاره الإيجابية والسلبية على المتعلمين والمعلمين، والعملية التعليمية على حد سواء. 

 

وبالتأكيد إن انعكاسات أهمية التقنية في التعليم في المستقبل متعددة ،  وتشمل ما يلي:-

-   الحاجة إلى تدريب المعلمين وإعادة تدريبهم على استعمال التقنية بشكل خلاق.

-  الحاجة إلى المحافظة على العلاقات البشرية ذات الأهمية التقليدية في التعليم؛  وذلك لمواجهة الآثار المحتملة المجردة من الإنسانية لبعض أنواع التقنية.

- الحاجة إلى أخذ الحيطة من أن توسع التقنية –لا أن تضيّق- الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة،والمناطق الغنية والمناطق الفقيرة في الدولة الواحدة أيضاً.

 وبعد الإشارة إلى تلك الانعكاسات، ربما كان أهم هذه المضامين هو الحاجة إلى الإبقاء على التقنية التربوية في سياقها القويم. ففي كل تجلياتها يمكن أن تصبح التقنية أداة مهمة، غير أنها ليست علاجاً ناجعاً للمشكلات الاجتماعية والتربوية كافة.

 

العودة لبداية الموضوع

Site hosted by Angelfire.com: Build your free website today!
Sponsored by sponsor logo