استشارات زوجية

موقع يعرض لأهم مشكلات الأسرة ونحاول حلها من خلال المتخصصين

أنا متزوج منذ عام وشهر بزوجة من عائلة فقيرة لحد ما ومتدينة، وحماي توفي بعد شهر من زواجي ونسألكم الفاتحة فهو مسلم حقا
والمفترض حماتي أيضا ولكنها شحنت زوجتي من قبل الزواج على أهلي.
وربنا أكرمني ببنت عمرها 3 أشهر وامرأتي عنيدة جدًا وقاطعت أهلها بسبب مقاطعتها أهلي ولكن أهلي في ضغط مستمر علي حيث ظنوا بها خيرًا.
وجاءت شخصيتها عكس التوقعات بالرغم من أنهم هم الذين اختاروها لي.
وأنا ناجح في عملي ـ والحمد لله ـ ودخلي جيد، يعني المشاكل المادية غير موجودة، فهي ممكن تقاطع ولا عندها أي مشكلة وتلك المشكلة تؤرقني لدرجة أني أفكر في الانفصال دائما، وهي تحبني ولكنها تحب نفسها ولا تفكر إلا من وجهة نظرها فقط.
أرجو أن ترسلوا لي بالحل لهذه المشكلة، فأنا حاولت بالسياسة واللين والحب لتدارك الموقف معها ولكن ينتهي الحوار دائما بالغضب، عنيدة وتحب المظاهر والسبب أمها!.

الإجابة

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه على ما منَّ عليك من إعفاف نفسك بهذه الزوجة التي أشرت إلى أنها - بحمد الله – زوجة صالحة في دينها وأنها ملتزمة بشرع ربها، فهذا من فضل الله عليك، فقد قال - صلوات الله وسلامه عليه -:
( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم في صحيحه. وقال - صلوات الله وسلامه عليه -: ( تنكح المرأة لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق على صحته.
فقد وفقك الله جل وعلا في هذا الزواج ووفقك أيضًا في المرأة الصالحة التي تصونك وتصون عرضها وتصون زوجها، ومع هذا فقد عرضت لكم هذه المشكلة التي أشرت إليها، وبداية فلابد أن يكون حاضرًا عندك أن الزواج يحتاج إلى شيء من الصبر ويحتاج إلى شيء من التمهل في علاج أي مشكلة عارضة، فالمشكلة التي بين زوجتك وبين أهلك هي مشكلة تقع في كثير من الحالات نظرًا لوجود كثير من الأوضاع المختلفة التي قد تكون بين الزوجة وبين الأهل، فمثلاً قد تشعر الزوجة بأنها غير محترمة من قبل أهل زوجها - وهذا ليس من شرطه أن يكون واقعًا من أهلك ولكن هذا من باب الفرض حتى يتضح المثال - وقد تشعر بأنها غير مرغوبة أو أن بعض أهلك يوجه لها إشارة أو كلمة لا تحمدها فتشعر حينئذ بالضيق وربما قادها ذلك إلى شيء من النفور من مخالطة أهلك، خاصة إذا كان الأمر – كما وصفت – من أنها تجد من يشجعها على ذلك ويحثها عليه، فحينئذ لا ينبغي أبدًا أن تفكر في فراق زوجتك لاسيما وقد رزقك الله منها هذه البُنية التي هي نعمة عظيمة ساقها الله جل وعلا إليكما وهي هبة من الرحمن الرحيم، فلا ينبغي أن تفكر في تشريد أسرتك وأن تفكر في طلاق امرأة قد عرفت صلاحها وعرفت دينها واستقامتها..
نعم هي قد تكون مخطئة خطئًا واضحًا في مقاطعة أهلك على هذا النحو، فلا ينبغي أن يصدر منها مثل هذا الفعل، ولكن أيضًا لا ينبغي منك كذلك أن تواجهها بالحل القاصم وهو كسرها وهو طلاقها، فهذا أمر ينبغي أن تلغيه من ذهنك وألا تلتفت إليه، فإن هذا هو غاية الشيطان وهدفه أن يفرق بين المرء وزوجه؛ كما ثبت ذلك عن النبي – صلوات الله وسلامه عليه – فهو يفرح لهذا فرحًا عظيمًا، فينبغي أن يكون هنالك علاج لهذه المشكلة وبأسلوب حسنٍ، وقد أحسنت عندما واجهت هذا الأمر بحكمة ورفق ولين، ولتنتقل بعد ذلك إلى الخطوات التي تعالج بها هذا الأمر؛ فأول ذلك:
الاستعانة بالله جل وعلا، فاسأل ربك عز وجل أن يلين قلب زوجتك تجاه أهلك وأن يلين قلوبهم عليها وأن يؤلف على الخير قلوبهم، فقد كان من دعاء النبي – صلوات الله وسلامه عليه -: ( اللهم ألف على الخير قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ). فبهذا الدعاء الخاشع المخبت تتوجه إلى ربك؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}. فهذا من أوكد الأمور. والخطوة الثانية:
أن تجلس جلسة هادئة مع زوجتك دون أن يكون هنالك صراخ ودون أن يكون هنالك انفعال، وبعد ذلك تبادلها المشاعر الكريمة ثم تسألها سؤالاً لطيفًا فتقول لها مثلاً: ألا تحبينني يا زوجتي الحبيبة؟ ألست زوجك وأبو عيالك؟ فتقول لك: نعم إنني أحبك وإنني أرغب فيك.. ونحو هذه الكلمات. فقل لها: إن أهلي هم أهلك وإن والديك هم والدي، فها أنا أترحم على والدك وأسأل الناس أن يدعو له وأكن له كل محبة وتقدير وكذلك والدتك الكريمة فأنا أنزل أهلك منزلة أهلي؛ فلماذا يوجد هذا الشقاق ولماذا لا نصلح علاقتنا بأهلنا ولماذا لا تنزلين والدتي على أنها في مقام والدتك وكذلك والدي على أنه في مقام والدك، وأن تتحملي منهما ما قد يصدر من والديك، فلو فرض أن والدك - رحمه الله تعالى - قد غضب عليك ألا تتحملينه، ولو أن والدتك غضبت عليك ألا تحتملين ذلك منها، فكذلك فلتحتملي هذا لأسرتي، فإن إكرامهم من إكرامي وإن برهم من بري والإحسان إليَّ، وقد قال – صلوات الله وسلامه عليه - :
( أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة ) أخرجه الترمذي في سننه.
فينبغي أن نصلح وينبغي أن يكون منك مبادرة ولا يصلح بك أن تقاطعي أهلي الذين هم أجداد ابنتك وأهل زوجك، فهذا لا يستقيم للمرأة الصالحة من أمثالك..
فبمثل هذا الكلام الطيب ينبغي أن تكلمها وأن تشجعها على ذلك وأن تكون قد هيأت الأوضاع عند أهلك فلا تذكر لهم إلا كل خير، فمثلاً قل لهم: إنها لا تذكركم إلا بخير وإنها - بحمد الله عز وجل – إذا جاء ذكركم على لسانها أو أمامها فإنها تثني عليكم خيرًا وإن كانت هي تجد تحفظًا فيه الأوقات نظرًا لبعض الظروف النفسية التي لديها ونحو ذلك..
فانقل لأهلك عنها الكلام الخير حتى ولو لم يكن واقعًا ذلك؛ لأن هذا من الكلام الجائز الذي يقصد به الإصلاح بين الناس وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – الترخيص فيه كما هو مخرج في الصحيح. مضافًا إلى ذلك أن تهتم بنقل الكلام الحسن أيضًا إلى زوجتك من قبل أهلك حتى يكون هنالك قدر من التلطف ولا تبالغ في ذلك حتى لا يفهم أن ذلك متعمد منك وأنك تبالغ في ذلك وتكثر منه، بل حاول أن تتلطف في هذا. وأيضًا فإن المطلوب منك أن تأخذ الفرصة السانحة للزيارة إلى والدة زوجتك بحيث تزورها وتكون أنت المبادر بذلك لتشجع زوجتك على أن تزور هي كذلك أهلك.
وينبغي أن تبين لزوجتك أنه لا تستقيم الحياة بهذه الصورة فكيف تكون زوجة ابنهم مقاطعة إياهم لا تزورهم ولا تسأل عنهم ولا تأخذ ابنتها لتكون عند جدتها لتلاعبها وتفرح بها، فهذا أمر لا يستقيم ولا ينبغي أن يقع، فبالهدوء وبالأسلوب الحسن وبالإصلاح بينكم وبإدخال العلاقات الحسنة وبالهدية اللطيفة يحصل المقصود، ولا تفكر أبدًا في الطلاق، فإن هذا ليس هو الحل وليس هو الأمر المحبوب إلى الله جل وعلا وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
فاحرص على هذا الأمر وعليك بالصدق في المحاولة وستجد أثرها ظاهرًا مع ضبط نفسك وعدم الانفعال ومواجهة زوجتك بالحجة والإقناع، فهذا خير ما تقوم به، ونود أن تعيد الكتابة إلى الشبكة الإسلامية بعد أسبوعين أو ثلاثة للتواصل معك في هذا الشأن وتقديم الإرشاد لك مع الإشارة إلى ما جد لك من النتائج في هذا الأمر، مع التكرم بالإشارة إلى رقم هذه الاستشارة، والله يتولاك برحمته ويرعاك بكرمه، ونسأل الله أن يصلح ما بينكم وأن يؤلف على الخير قلوبكم وأن يصلح ذات بينكم.
وبالله التوفيق.

المصدر: استشارات الشبكة الإسلامية
zwag

مستشارك الأسري

  • Currently 151/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 1993 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

314,326