authentication required

 

 

تتوالى على المعلم العديد من الآراء التربوية المختلفة والتي كثيرًا ما تتعارض في توجيه المعلم، فالكل يدلو بدلوه ويقدم رأيه دون مبرر واضح،  ويبدأ المعلم في استعراض التغذية الراجعة على الحصة الدراسية التي قُدِمتْ له والتي تجعله في حالة يرثى لها، فهناك استبيان يخبره بأنه لم يراعِ الفروق الفردية، وآخر يقول أن التهيئة الحافرة لم تمهد للدرس، وثالث يقول كان يتوجب عليه أن يستخدم تقييم الأقران أو التقييم الذاتي، ورابع يقول: لماذا لم توظف المنصات الإلكترونية أو التعلم الفردي، وهناك من يحفز استخدام التعلم التعاوني وترك التعلم الفردي، أو من يدعو لاستخدام الكتاب المدرسي فقط، والابتعاد عن وسائل التقنية، ويأتي آخر ليقول: إن المستوى العام للطلاب في المهارات لم يصل لمستوى الأقران في نفس الفئة العمرية بمدارس أخرى..

وهنا يقف المعلم حائرًا لا يدري ماذا عليه أن يفعل!؟ وكيف يمكنه أن يرضي كل هذه الأطراف التي تطالبه ولا تكف عن رغبتها بإحداث تغيير في أساليب التدريس التي يتبعها.

ولا يدري ماذا يتوجب عليه أن يفعل؛ فيصيبه الإحباط أمام تلك التضاربات الفكرية ذات الملامح غير الغامضة، والتي ربما تحتكم إلى آراء شخصية ووجهة نظر فردية دون التصريح باتباع أي منهجية علمية أو نظرية تربوية..

أو ربما تعود إلى الاعتماد على توجهات فكرية غير واضحة، ولا يستطيع العقل أن يجزم على صوابها..

وهنا لا يسعنا سوى أن نربط على شعوره، ونسدي له كامل الاحترام والتقدير على ما أنفق من وقت وجهد ونية من أجل الوصول للهدف المنشود..

وعلينا أن نقول له بكل مصداقية: أنتَ الحاكم والآمر والناهي في حصتك، أنت فقط من له الحق في توظيف استراتيجية أو منهج أو طريقة تدريس؛ تبعًا لنوع المهارات التي تريد إكسابها للطلاب وتبعًا للفئة العمرية والمستوى الأكاديمي والسلوكي لكل صف.

فقد يتم تدريس مهارة معينة في صف معين، ولا تحقق هذه الاستراتيجية النتائج المرجوة منها في صف آخر؛ نظرًا لاختلاف طبيعة الطلاب أو البيئة أو المستوى الأكاديمي.

إذن لا يمكن تعميم فكرة معينة أو أسلوب تدريسي معين أو منهج تربوي.. ولا يمكن أن نصف خطوات تدريس معينة أنها الأنجح أو الأكثر تحقيقًا لنواتج التعلم، فالأمر كله يعود إلى عدة عوامل متداخلة:

1-السلوك الذي يتسم به الطلاب، فالطلاب الذي يتسمون بالنشاط الحركي يحتاجون إلى استراتيجيات وطرق تدريس تختلف عن هؤلاء الذين يتصفون بالهدوء والخجل والانطواء، وغير الذين لديهم نوع من نقص الدافعية وعدم المبالاة.

2-طبيعة المهارة المطلوب تدريسها، فالمهارات القرائية تحتاج لاستراتيجيات تختلف عن الكتابية وعن مهارات التحدث والاستماع وغيرها من المهارات، فكل منهم يحتاج لاستراتيجية تناسبه.

3-المستوى الأكاديمي للطلاب، فالطالب أغلب المهارات التي يدرسها مبنية على مهارات سابقة، قد درسها في مراحل دراسية سابقة، وبالتالي فالطالب الضعيف لن يتذكر هذه المهارات، ولذا يتوجب على المعلم تقديم نشاط كتابي مثلا ليذكره بها، ويمهد بذلك للمهارات الجديدة، بينما الطالب المتوسط قد يحتاج للتذكير الشفهي بأن يطرح سؤالًا، في حين أن الطالب المتميز قد يستطيع أن يدمج المعلم له المهارات القديمة مع الجديدة دون أن يحتاج لتخصيص وقتًا إضافيَا لعرضها بالتفصيل، وبالتالي ستختلف طرق التدريس والأنشطة المقدمة في كل صف تبعًا لمستواه الأكاديمي.

وهنا يأتي السؤال: كيف يمكن أن نحكم على جودة الحصة الدراسية من عدمها؟ إذا كان الأمر متغيرًا ويعتمد على عوامل المعلم وحده هو الذي يدركها بالتفصيل، وبشكل لا يمكن التشكيك فيه بحكم خبرته ومقابلته للطلاب بشكل يومي، لذا يمكننا أن نوجزها في نقاط واضحة وبسيطة، وهي كالتالي:

1-هل اتبع المعلم خطوات واضحة أثناء سيره في الحصة، بحيث كانت التهيئة الحافزة واستراتيجية عرض الدرس والتقييم الختامي قد تم تقديمهم بفاعلية ونظام.

2-هل تحققت نواتج التعلم التي كتبها المعلم على السبورة، وهل كانت الأهداف قابلة للقياس.

3-هل وظف المعلم أدوات تقييم تقيس التقدم بشكل مقنن وعلمي فعال.

4-هل قدم المعلم تعلم نشط وحدث تفاعل صفي شارك فيه كل الطلاب.

5-هل قدم المعلم تعليم متمايز في أساليب التدريس وراعى الفروق الفردية في الأنشطة والتدريبات.

إذا حدث تفاعل صفي وتحققت نواتج التعلم لا يسعنا سوى أن نرفع القبعة لهذا المعلم الذي تجاوز كل الصعوبات التي واجهته من اختلاف بيئات الطلاب وسلوكهم وخبراتهم وخلفيتهم الثقافية ووجهات نظرهم وتنشئتهم الفكرية والنفسية، هذا إلى جانب الفاقد التعليمي الذي كان لديهم في بعض المهارات، والذي تجاوزه المعلم بأنشطة وتدريبات تذكرهم به.

فيكفي أنه قدم تعلمًا ممتعًا فعالًا محققًا نواتج التعلم، ولم يجعل الملل يتسرب إلى طلابه، فما أسوأ أن ندخل صفًا لنجد الطلاب في حالة خمول وكسل وغير مكترثين بما يحدث حولهم!

لأنه للأسف الشديد بعض المعلمين يفقدون الطلاب شغفهم، أو ربما لم يحاولوا أن يحلوا مشكلة الطلاب فاقدي الدافعية، ويكتفون بمن يتجاوب معهم فقط.

وهنا علينا أن نميز بين من حاول وفكر ونوع في أساليب التدريس، وبين من اتبع روتين قضى على دافعية الطلاب.

لنتوجه بوافر الامتنان والشكر للأول، ونقوم بتطوير الثاني عن طريق إعداد خطة تطوير مكتملة الأركان يشرف عليها المسؤول الأكاديمي بالمؤسسة.

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 28 ديسمبر 2022 بواسطة yasminmoghieb

عدد زيارات الموقع

11,807