الأستاذ / محمود ياقوت

محامى ومستشار قانوني

يلجأ الخصوم المتنازعون إلي التحكيم لأنه يحقق لهم ميزة تتمثل في القوة والمرونة وتتمثل القوة في إن هذا الحكم يكون قابلا للتنفيذ مستندا الي النظام القضائي للدولة دولة مقر التحكيم أو دولة تنفيذ الحكم . وتتمثل المرونة في السماح للإطراف باختيار النظام الإجرائي الذي يناسب طبيعة النزاع ونوع النشاط ويسمح لهم أيضا باختيار القانون واجب التطبيق علي موضوع النزاع أو تفويضهم للمحكمين بالصلح .

 أنواع حكم التحكيم :

 أ‌.       الحكم المنهي للخصومة :

يقصد بحكم التحكيم المنهي للنزاع الحكم الذي تصدره هيئة التحكيم فتنتهي به الإجراءات وتنقضي به الخصومة وتستنفذ به هيئة التحكيم ولايتها .

 ب-الحكم الجزئي :-

 ولكن هيئة التحكيم قد تصدر أحكاما جزئية ،والحكم الجزئي هو حكم موضوعي يفصل في جزء من النزاع مع استمرار هيئة التحكيم في نظر باقي الموضوعات المعروضة عليها وبصدور الحكم الجزئي تستنفذ هيئة التحكيم ولايتها فيما فصل فيه هذا الحكم فلا يجوز لها الفصل فيه مرة أخري في حكمها النهائي أو في حكم جزئي أخر .

 ج-الحكم التمهيدي :-

 كذلك يجوز لهيئة التحكيم إصدار أحكام تمهيدية ومثال ذلك الحكم قبل الفصل في الموضوع في الدفوع المتعلقة باختصاصها (م22/1)والحكم التمهيدي بتعيين خبير أو أكثر .

      من المقرر في التحكيم الدولي أنه يجوز للاطراف ان يتفقوا علي شكل الحكم (مسببا- غير مسبب – تفصيلي - مجمل- مكتوب - شفهي –في صورة رسالة للاطراف – أو في صورة حكم بالمعني الغني )

      وبالطبع إذا اتفق الاطراف علي تطبيق قواعد مؤسسة تحكيم معينة مثل غرفة التجارة الدولية بباريس او محكمة لندن للتحكيم الدولي او الاتحاد الامريكي فان شكل الحكم يتم وفقا لقواعد المؤسسة .

         وفي وصف دقيق لحكم المحكمين قيل أنه " يجب أن يكون كاملا في نفسه منصبا علي الموضوعات التي كانت موضع نزاع ، وان يكون قاطعا فيما يلزم به المحكوم عليه
وإلا يتضمن تعبيرا عن الآراء الشخصية للمحكمين
" .

    وهذا الوصف دقيق فالخصوم يلجأون الي التحكيم بقصد صدور حكم حاسم للنزاع ملزم للطرفين وقابل للتنفيذ .

 شروط حكم التحكيم :-

     تشترط قوانين التحكيم العربية في حكم التحكيم شروطا تتفق في مجملها مع الشروط التي يتطلبها القانون المقارن وقواعد مؤسسات التحكيم الدولية وهذه الشروط تتعلق بشكل وموضوع الحكم .

 الشرط الأول :  يجب أن يصدر الحكم بعد مداولة يشترك فيها جميع المحكمين دون غيرهم :

        يجب ان يحضر المداولة السابقة علي إصدار الحكم جميع المحكمين وتعد المداولة اجراء جوهري ويمثل مبدأ من المباديء الاساسية للعمل القضائي يترتب علي إغفالها بطلان من النظام العام ويبطل عمل المحكمين إذا أشركوا في المداولة غيرهم من الاشخاص ويقصد بالمداولة تبادل الرأي بين المحكمين في حالة تعددهم بحيث يصدر الحكم كثمرة لتعاونهم وسواء تضمن القانون الذي يحكم الاجراءات نصا علي المداولة أم لم يتضمن فالمداولة أمر ضروري متفق عليه في التحكيم المحلي والدولي .

       ويجب ان تتم المداولة في سرية لضمان استقلال المحكم فيما يبديه من رأي وعدم تأثره براي من اختاره محكما للمحافظة علي اسرار الخصوم في التحكيم فهم وان ارتضوا أن يعرفها المحكمون لم يرتضوا أن يعرفها العامة ويقصد بسرية المداولة عدم افشاء ما دار فيها من تبادل للرأي لأطراف الخصومة والمحكم الذي يخالف ذلك يكون عرضه للمسئولية المدنية لكن تلك المخالفة لا تبطل الحكم .

        ولا يخل بسرية المداولة أن ينص القانون علي جواز صدور الحكم بالاغلبية أو ينص علي ذكر اسم المحكم الممتنع عن التوقيع علي الحكم وأسباب امتناعه (3/1مصري).

 الشرط الثاني : يجب أن يصدر الحكم بأغلبية الآراء ما لم يتفق الاطراف علي غير ذلك :. 

       ومعني ذلك انه إذا تكونت هيئة التحكيم من اكثر من محكم فيكفي أن يصدر الحكم بأغلبية الآراء ولا يشترط الاجماع الا اذا أتفق الاطراف علي وجوب الاجماع لإصدار الحكم

 الشرط الثالث: يجب أن يكون الحكم شاملا لكل جوانب النزاع دون تجاوز المحكمين لحدود ولايتهم بمعني أن يشمل الحكم جميع المسائل التي أثارها الخصوم أمام المحكمين ولكن لا يملك المحكمون اكثر مما طلبة الخصوم ولا الحكم بما يطلبوه لانهم يستمدون سلطتهم من اتفاقهم فالتحكيم طريق استثنائي ومن ثم يقتصر علي ما اتجهت اليه الارادة .

        ويعد سببا من اسباب البطلان تجاوز المحكم لحدود ولايته ويكون البطلان جزئيا إذا أمكن فصل الاجزاء التي فصل فيها الحكم ولم تكن داخلة في ولاية المحكمين عن إجزائه الاخري فإذا لم يمكن الفصل كان الحكم باطلا بصورة كاملة 0

 الشرط الرابع : يجب أن يصدر حكم التحكيم وفقا لقواعد القانون الذي اختاره الإطراف:

      وينطبق ذلك سواء من حيث الإجراءات  او من حيث الموضوع ويعد سببا للبطلان ان يتجاهل الحكم أرادة اطراف النزاع وبفصل فيه وفقا لقانون اخر الا اذا كان المحكم مفوضا بالصلح .وعلي ذلك إذا كان المحكم غير مفوض بالصلح فيجب عليه أن يقضي وفقا للقانون المتفق عليه بين الاطراف فلا يجوز ان يستند الي اعتبارات العدالة ويهمل هذا القانون ولا يصح أن يتجاهل المحكم حقا شخصيا إكتسبة احد الخصوم من نص في القانون او ذكر في العقد الذي ينظم العلاقة بين الطرفين .

 الشرط الخامس : يجب أن يكون الحكم مكتوبا :

       يشترط في حكم التحكيم أن يكون مكتوبا ولو كان المحكمون مفوضون بالصلح او غير مقيدين بإتباع قانون معين وكتابة الحكم شرط لوجوده لا لإثباته وصدوره شفاهة لا يتحقق به وصفه بأنه حكم تحكيم ولا يكتسب الحكم الشفهي حجية الامر المقضي ولا يكون ممكنا تنفيذه فالقوانين المختلفة تشترط تقديم صورة أصلية معتمدة او موثقة من الحكم مع طلب التنفيذ وهو ما لا يتصور الا بكتابة الحكم .

 الشرط السادس : يجب أن يكون الحكم موقعا من المحكمين :

      يجب أن يوقع المحكمون علي حكم التحكيم ،فإذا امتنع احد المحكمين عن التوقيع وجب بيان اسباب هذا الامتناع والحكم الذي يصدر خاليا من ذكر هذه الاسباب يكون معرضا للبطلان ،ولكن الرأي المخالف ليس له حجية قانونا ولا يعد ما تضمنه من اسباب سببا للبطلان

 الشرط السابع : تسبيب حكم التحكيم :

        الاصل ان يكون حكم التحكيم مسببا ولو كان المحكم مفوضا بالصلح وان كان قانون 27/1994المصري جعل من حق الخصوم أن يتفقوا علي عدم التسبيب واعفي المحكمون منه في حالة عدم اشتراط القانون واجب التطبيق ان يكون الحكم مسببا .

      ولكن لا يقاس تسبيب احكام المحكمين بالمعايير نفسها التي يقاس بها تسبيب الاحكام القضائية فيكفي أن يتضمن ما يكفي لتمكين المحكمة التي تنظر دعوي البطلان او تامر بوضع الصيغة التنفيذية من مراجعة صحة الاجراءات او في حالة طلب تنفيذه مراقبة عدم مخالفته لقواعد النظام العام في قانون بلد التنفيذ.

الشرط الثامن :يجب ان يتضمن حكم التحكيم بيانات معينة :

 يجب ان يتضمن حكم التحكيم ما يلي :-

1-    ملخص لاقوال الخصوم وطلباتهم ومستنداتهم  أي وقائع القضية التي صدر فيها .

2-  يجب ذكر اسماء الخصوم وصفاتهم وعناوينهم  أو الموطن المختار لمن له موطن مختار منهم ومن باشر الاجراءات نيابة عنهم والنقص او الخطأ الذي يترتب عليه التجهيل بأطراف الخصومة او بعضهم يترتب عليها بطلان الحكم .

 3-  يجب ان يتضمن الحكم اسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم في التحكيم وصفاتهم المهنية واغفال هذا البيان او النقص فيه يرتب البطلان فيما عدا نقص الصفات المهنية لا يرتب البطلان مادامت ذكرت صفاتهم في التحكيم .

4-  يجب ان يتضمن الحكم تاريخ اصداره والمكان الذي صدر فيه وتاريخ صدور الحكم وهذا الشرط ضروري لتحديد التاريخ الذي يبدأ فيه ميعاد الطعن بالبطلان ولتحديد التاريخ الذي يبدأ فيه حساب فوائد علي المبالغ المحكوم بها . وكذلك لتحديد المدة التي يحوز فيها تقديم طلب تفسير الحكم او طلب اصدار حكم اضافي او طلب تصحيح الخطا فيه المادي ولتحديد التاريخ الذي يعتبر فيه المحكمون استنفدوا ولايتهم واخيرا للتاكد من صدور الحكم اثناء مدة التحكيم واهمية ذكر مكان التحكيم تبدو بوجه خاص في تحديد جنسية حكم التحكيم التي يترتب عليها تعيين المحكمة المختصة بنظر دعوي البطلان والمحكمة المختصة بإصدار الامر بتنفيذه . وفي حالة عدم ذكر مكان إصدار الحكم يعتبر انه قد صدر في مقر التحكيم .

 5-  يجب ان يتضمن الحكم صورة من اتفاق التحكيم ،والمقصود بذلك شرط التحكيم
او مشارطة التحكيم وذلك حتي يمكن للمحكمة التي تفصل في دعوى البطلان مراقبة إجراءات إصدار الحكم ،فإذا لم يتضمن الحكم اتفاق التحكيم ترتب علي ذلك الحكم ببطلانه .

 6-    يجب ان يتضمن حكم التحكيم منطوقة .

     والمنطوق هو الذي يفصل في النزاع صراحة ولا يصح أن يستفاد المنطوق من عبارات الحكم بطريقة الاستنتاج.

7- يجب أن يكتب الحكم باللغة العربية لأنها لغة التقاضي في مصر أو عمل ترجمة له إذا صدر بغيرها .

المصدر: مكتب أ / محمود ياقوت للمحاماة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1743 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2013 بواسطة yakout2012

الأستاذ / محمود ياقوت المحامي

yakout2012
موقع تابع لمكتب الأستاذ / محمود ياقوت المحامي للمساهمه في تقديم خدمه قانونية على أرقي مستوي من خلال مجموعه من المحامين المتخصصين في كافة مجالات القانون وذلك على المستوي الداخلي والخارجي من خلال تعوننا مع مجموعة من المكاتب العربيه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,964