وفي إحدى تلك الجامعات
التقى بعض خريجيها في منزل أستاذهم العجوز
بعد سنوات طويلة من مغادرة مقاعد الدراسة
وبعد أن حققوا نجاحات كبيرة في حياتهم العملية
ونالوا أرفع المناصب وحققوا الاستقرار المادي والاجتماعي
وبعد عبارات التحية والمجاملة
صفق كل منهم يتأفف من ضغوط العمل
والحياة التي تسبب لهم الكثير من التوتر
وغاب الأستاذ عنهم قليلا
ثم عاد يحمل إبريقا كبيرا من القهوة ، ومعه أكواب من كل شكل
ولون أكواب صينية فاخرة أكواب ميلامين أكواب زجاج عادي
أكواب بلاستيك وأكواب كريستال
فبعض الأكواب كانت في منتهى الجمال
تصميماً ولوناً وبالتالي كانت باهظة الثمن
بينما كانت هناك أكواب من النوع الذي
تجده في أفقر البيوت
: قال الأستاذ لطلابه
تفضلوا ، و ليصب كل واحد منكم لنفسه القهوة
وعندما بات كل واحد من الخريجين ممسكا بكوب تكلم الأستاذ مجددا
هل لاحظتم ان الأكواب الجميلة فقط هي التي وقع عليها
اختياركم وأنكم تجنبتم الأكواب العادية؟؟؟
ومن الطبيعي ان يتطلع الواحد منكم الى ما هوأفضل
وهذا بالضبط ما يسبب لكم القلق والتوتر
ما كنتم بحاجة اليه فعلا هو القهوة وليس الكوب
ولكنكم تهافتم على الأكواب الجميلة الثمينة
و بعد ذلك لاحظت أن كل واحد منكم كان
مراقباً للأكواب التي في أيدي الآخرين
فلو كانت الحياة هي القهوة
فإن الوظيفة والمال والمكانة الاجتماعية هي الأكواب
وهي بالتالي مجرد أدوات ومواعين تحوي الحياة
ونوعية الحياة القهوة تبقى نفسها لا تتغير
و عندما نركز فقط على الكوب فإننا نضيع فرصة الاستمتاع بالقهوة وبالتالي أنصحكم بعدم الاهتمام بالأكواب والفناجين
وبدل ذلك أنصحكم بالاستمتاع بالقهوة
في الحقيقة هذه آفة يعاني منها الكثيرون
فهناك نوعٌ من الناس لايحمد الله على ماهو فيه .. مهما بلغ من نجاح لأنه يراقب دائما ما عندالآخرين ولن يفهم الحياة بصورة جيدة ...)
فنحن لن نفهم الحياة إن تخبطنا في أوهامنا ...بل نفهنها كما هي...فعلينا أن نفهم أعدائنا..
ونفهم الحياة بمنظورهم ...لا أن نضمر الحقد فقط ...
فقد قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
تقوم الساعة والروم أكثر الناس فقال له عمرو أبصر ما تقول قال أقول ما سمعت
من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعا إنهم لأحلم الناس
عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة وأوشكهم كرة بعد فرة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف
وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك....
فلا ننعزل عن العالم المحيط من حولنا فعلينا أن نحتك بمن يمتلك خبرات وتجارب فالحياة ...
فليس كل من حقق أعلى الرتب والشهادات يعرف شئ في الحياة
بل من يفهمها بحق ....لا كما نتمنى وبأوهام....
فلن نستطيع فهم الحياة إلا إذا كشفنا الغطاء عن ذواتنا ...
فلنفتش في أعماقنا ولتعرف من أنت ...
وماذا تريد ... وما يجب عليك أن تفعله ...وما يجب عليك أن تتركه وتتجنبه...