<!--<!-- <!--

2-أنواع التفاوض

التفاوض هو الوسيلة التي يعتمدها الناس لحل الخلافات الناشئة بينهم، سواء كانت هذه الخلافات تتعلق بشراء سيارة جديدة ، أو نزاعا على عقد عمل، أو شرطا لصفقة بيع، أو تحالفا معقدا بين شركتين، أو معاهدة سلام بين شعوب متحاربة . ويتم الجري عادة وراء الحلول بواسطة" المفاوضات". فالتفاوض " كما أسلفنا :هو السعي لإقرار اتفاق من خلال الحوار وللتفاوض أنواع أو أشكال رئيسية فإما أن يكون التفاوض "توزيعيا" أو أن يكون " تكامليا" .

في النوع الأول القيمة المتاحة للأطراف ثابتة، ويسعى كل طرف للحصول على أكثر ما يستطيع من هذه القيمة. وهنا يأتي مكسب أحد الأطراف على حساب الطرف الآخر، وهذا ما يطلق عليه " اللعبة ذات المجموع الذي يساوي صفر". أو التفاوض ذو الإجمالي الثابت. بل ربما يكون تعبير ( إربح _ إخسر) أكثر تمثيلا لكل ماهو معني بالأمر .فالشغل الشاغل  في التفاوض التوزيعي هو من سيحصل على حصة الأسد من الغنيمة. فمثلا: بيع سجادة، حيث لا يعرف البائع والمشتري بعضهما، وليس هناك من علاقة تربطهما، وكل ماهو مهم في الأمر هو السعر، وكل جانب يفاوض من أجل الظفر بأفضل صفقة ممكنة ، وكل مغنم يحصل عليه أحد الفريقين يعتبر" مغرما" للفريق الآخر.

أيضا : المفاوضات على الأجور بين أرباب العمل والعمال ، فإن أي قدر يتم التنازل عنه سيخرج من جيوبهم الخاصة، والعكس بالعكس.

في التفاوض التوزيعي النقي، تكون القيمة المكتسبة الخاضعة للتجاذب"ثابتة" ويكون هدف كل جانب هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الكعكة

إن هدف البائع في صفقة توزيعية هو أن يتفاوض من أجل أعلى سعر متاح ، بينما يتمحور هدف المشتري في الحصول على أقل سعر ممكن ،( إن دولارا واحدا  أكثر في جيب أحد الجانبين يعني دولارا أقل في جيب الجانب الآخر).

وهكذا يتنافس البائع والمشتري من أجل الحصول على أكبر مغنم ، فتبدأ لعبة " شد الحبل" فكل مفاوض يسعى (لسحب) الحد النهائي للصفقة بحيث يكون أقرب ما يمكن الى السعر المرغوب لدية( أو حتى لما وراء ذلك).

_  لا تفصح عن أي معلومات لها مغزاها عن ظروفك، بما في ذلك الدافع لعقد صفقة ما، ومصالحك الحقيقية أو القيود التي تكبل عملك، وأفضلياتك للقضايا أو الخيارات، أو النقطة التي عندها ستقبل بشروط الاتفاق وتترك طاولة المفاوضات.غير أنه في صالحك أن تدع الجانب الآخر يعرف بأن لديك خيارات جيدة إذا لم يحالف الحظ هذه الصفقة بأن تبصر النور.

_ إن المعلومات عن الطرف الآخر يمكن أن تكون ذات فائدة لك. أجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن ظروف الطرف الآخر وأفضلياته، بما في ذلك ما يقف وراء رغبته في عقد صفقة.

_استغل معلوماتك عن الطرف الآخر لتوظيفه في طرح عرضك أو طلبك الأولي.

_  لا تبالغ في ما تهدف إليه، فإذا طالبت بعنف أو بطمع، فقد يدفع هذا بالطرف الآخر لأن يترك موقعه وينسحب. وبذلك تكون قد أضعت فرصة إبرام اتفاق.

أما لتفاوض التكاملي: ففيه تتعاون الأطراف من أجل تحقيق أقصى المنافع، بإجراء تكامل بين مصالحها ضمن اتفاق معين، بينما يجري بينهما "في الوقت ذاته" تنافس حاد من أجل اقتسام الغنيمة. في التفاوض التكاملي ينبغي أن تكون ماهرا في إيجاد الغنيمة وتثبيت حقك فيها .إذا ففي التفاوض التكاملي تكون مهمتك ذات شقين:1- إيجاد أكبر قيمة بالقدر المستطاع لك وللجانب الآخر. 2-أن تتطالب بمغنم ذي قيمة لنفسك.

إن كثيرين يستعملون عبارة " ربح- ربح" أو"فوز-فوز" لدى إشارتهم الى هذا الشكل من التفاوض، ولسوء الحظ،يثير هذا التعبير إشكالية في أن جميع الأطراف تحصل على ما تريد، ولكن نادرا ما يكون الحال هكذا. فغالبا ما يجري كل طرف نوعا من المقايضة في سبيل حصوله على أشياء ذات قيمة أعلى، بينما يتخلى عن أشياء أخرى أقل أهمية. فمثلا :يتفاوض مصنع لصناعة الألبسة  الجاهزة مع أحد موّرديه الرئيسيين " لأزرار القمصان" ، على أن يقوم بتوريد "100" ألف زر خلال ثلاثة أسابيع.

المصنع مهتم طبعا بالحصول على أقل الأسعار، لكنه في نفس الوقت حريص على استمرار علاقة طويلة الأجل مع هذا الموّرد، لأنه أثبت خلال السنوات الماضية أنه موّرد مبدع ويمكن الاعتماد عليه.وفي الوقت ذاته يرغب مدير المبيعات لدى الموّرد أن يصل بالسعر الذي ستحصل عليه شركته الى أقصى حد.ولكن أيضا يجب عليه أن يكون مستوعبا للعلاقة مع المصنع فهو لا يريد أن يخسر زبوناً قديما ومهماً.

وبوصفهما شركاء على المدى البعيد ، يحاول كل جانب أن يفضي للآخر ببعض مصالحه، وبناءا عليه وَجَبَ على أحد الأطراف أن يقدم تنازلا في السعر، على أمل أن يكون بمقدور الطرف الآخر أن يقدم شيئا بالمقابل على جبهة أخرى.فيستقر الطرفان المتفاوضان على اتفاق يعطي الموَرد السعر الذي حدده بمقابل أن يقدم الموَرّد تسهيلات في السداد  الى تسعين يوما بدلا من ثلاثين .فترة السماح هذه تساعد المصنّع على تقليص متطلبات رأس المال العامل بموجب هذا الشرط من العقد. زد على ذلك توافق الشركتين على تعاون مشترك بينهما مؤداه تصميم نوعية جديدة من ألأزرار لا تزال حاليا على لوحة الرسم.

في بعض الأحيان لا يجري التنافس أبدا بين مصالح الجانبين، في هذه الحالة تكون المهمة هي الوصول الى صفقة تجمع بين مصالحهما على أفضل وجه من الفعالية. إن الموافقة على مزيد من التنازل نحو ما يعتبر ذا قيمة لدى أحد المتفاوضين ، لا يعني بالضرورة أن يأخذ المفاوض الآخر قدراً أقل من أي شيء يُعتبر ذا قيمة له.وهكذا: إن مقدرة جانب واحد أن يدعي أو يحصل على ما يرغبه أو يحتاجه في الصفقة لا يستقطع بالضرورة قابلية الآخر لأن يطلب أو يكسب أكثر ما يمكن.

ليس فقط موضوع السعر أو تاريخ الشحن أو أي أمر منفرد هو مايتم التفاوض عليه تكامليا  فالفرص المتوفرة للإبداع كثيرة .

يقول (Mark Gordon) المتخصص بشؤون التفاوض وصاحب تعبير" المساومة التعاونية" ،فيما يخص هذا النوع من التفاوض:إن على الأطراف أن تبحث عن خيارات خلاّقة، وليس التركيز فقط على التنازل الذي سيتم تقديمه.( ينبغي أن تقتنع أنه يصب في مصلحتك أن تفتّش عن طُرق تُسدي فيها النفع الى نظيرك الذي يتفاوض معك. لا يعتبر هدفاً لك أن تتسبب في إيذائه،ولكن أن تساعده في حدود كلفة قليلة تقوم بتحملها، وأن تجعله يمد لك يد العون بكلفة غير مُرهقة. فبمقدار ما تكونا خلاّقين كطرفين تجاه تحقيق أشياء مفيدة لكما، فإن هذا يغمركما بالسعادة أنتما الاثنين.).

هذا الإبداع ممكن فقط إذا كان كل من الطرفين واع لمصالحه الرئيسية وتلك التي تخص الجانب الآخر.

هنا قد يطرح احد المشاركين في التفاوض السؤال التالي:" هل ينبغي عليّ أن أُقحم نفسي من أجل قطعة أكبر من هذه الكعكة،بمقابل أن أخاطر بأن يحصل الجانب الآخر على المغنم؟" أو"هل ينبغي عليّ أن أُبدي استعداد للتعاون أملا بالخروج بأداء مقنع؟"

في الحقيقة : تنطوي هذه الأسئلة على خيارات استراتيجية صعبة، وتعني إقامة توازن بين الإستراتيجيات المبنية على التنافس إزاء الإستراتيجيات المستندة الى التعاون.إن العلم سواء في المضي قدماً في التنافس" حيث تناقض المصالح"(المطالبة بالأكثر) ، أو في إيجاد قيمة بالاعتماد على تبادل المعلومات التي تؤدي الى نشوء خيارات ذات منفعة للطرفين هو في صلب" الفن" الذي يمارسه المفاوض.

في رأيي الشخصي والذي يتماشى مع رأي(Jim Camp) الناقد المعروف في التفاوض :

إن المفاوض المحنّك في أي حقل كان، يعلم أن المفاوض الآخر المتحمس لفكرة الكسب المزدوج ، والذي يجلس على الطرف الآخر من الطاولة ماهو إلا بطّة عاجزة...

إن أصحاب الكلام الانسيابي لا يقدمون شيئا لقاء تسوية ما، بل إنهم يطلبون منك أن تقوم بذلك

"أنا أقول كما كان السوفييت يقولون: ماهو لنا فهو لنا، وماهو لك  فهو خاضع للتفاوض".

" سوف نتحدث بتفصيل أوسع عن نوعي التفاوض عندما نستعرض استراتيجيات التفاوض في فصل لاحق."

 

wahed152002

سـبـحان الله وبـحـمـده سـبـحان الله الـعظـيـم

  • Currently 253/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
86 تصويتات / 3257 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2010 بواسطة wahed152002

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

149,035