الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

من أهم واجبات واجبات المدرسة العمل على تهيئة الظروف المناسبة لكى يمر التلاميذ بهذه الخبرات تحت إشرافها سواء داخل المدرسة ( فى الفصول ، فى المعامل ، فى الفناء ، فى الملاعب ) أو خارج المدرسة ( فى الرحلات ، فى المعسكرات ، فى المعسكرات ، وفى الزيارات الميدانية ) ومعنى ذلك أن التلميذ يتعلم داخل المدرسة وخارجها ، وهنا يكون الفرق شاسعا بين المنهج التقليدى والمنهج الحديث ؛ إذ أن الأول كان يركز على المعلومات التى يكتسبها التلاميذ داخل حجرة الدراسة ، بينما الثانى قد أفسح المجال للخبرات التى يمر بها التلاميذ ليس فقط داخل حجرة الدراسة وإنما أيضا داخل المدرسة وخارجها .ويمكن تحديد الهدف من إمداد المتعلم بالخبرات التعليمية فى مساعدة التلميذ على النمو الشامل ، أى النمو فى كافة الجوانب إلى تعديل فى سلوك الفرد بحيث يتجه هذا السلوك دائما نحو الأفضل ،وليس معنى الاهتمام بنمو التلميذ فى كافة الجوانب هو توزيع الجهد على هذه الجوانب المختلفة بتساوى ، وواجب المدرسة هنا هو مساعدة التلميذ على النمو فى كل جانب وفقا لطبيعته وتكوينه الجسمى ووفقا لظروفه البيئية والاجتماعية . وهذا ما يطلق علية النمو المتوازن .فإذا افتراضنا مثلا طفلا نريد مساعدته بمجموعة من الفيتامينات الموجودة فإنه الموجودة فإنه يجب أولا فحص هذا الطفل طبيا وإجراء التحليلات اللازمة له ؛ بهدف تحديد النقص وأوجه الضعف لدى الطفل وبالتالى يمكن اختيار أنواع الفيتامينات التى تساعد على التغلب على هذا الضعف وبالتالى مساعدة النمو الصحى السليم ويمكن للمدرسة مساعدة التلميذ على النمو الشامل من خلال تحديد مدى نمو التلميذ فى كل جانب على حدة وبالتالى يحدد حجم العناية الكفاية لكل جانب والوقت والجهد والأنشطة اللازمة لذلك لانتمائه إلى أسرة تشجعه على ذلك وتعطيه القدوة الصالحة ولكن نجده فى الوقت نفسه ضعيف البنية معتل الصحة : نتيجة لعدم ممارسته الرياضة وعدم إتباعه القواعد الصحيحة فى الأكل والملبس والنوم . فماذا يكون واجب المدرسة نحو هذا الطفل ؟ هل تكون مركزة بالدرجة نفسها على الجانبين ( الدينى و الصحى ) ؟ بالطبع لا ... فالجانب الدينى يكفيه القليل من الجهد وذلك لأن نمو التلميذ فى هذا المجال قد وصل إلى درجه كبيرة وتستمر أسرية أسرته فى أداء دور كبير فى هذا المجال.

إن الوصول إلى المستوى الصحى المطلوب من خلال مضاعفة الجهد فى هذا المجال يساعد على وصول التلميذ إلى المستوى الصحى المطلوب حيث تبذل المدرسة الجهد لمساعدة التلميذ على النمو الشامل وفقا لمدى وطبيعة وسرعة النمو فى كل جانب من جوانب النمو لدى كل تلميذ وهذا بالطبع مرتبط بالظروف والأحوال التى يمر بها كل تلميذ .وبهذه الطريقة ستنجح المدرسة فى المساهمة فى نمو التلميذ ، نمو شاملا متوازنا ، ونحن لا نقصد هنا بالنمو المتوازن وصول التلميذ إلى درجة متكافئة فى النمو فى جميع الجوانب ، لأن بعض التلاميذ لديهم استعداد للتفوق فى جانب والجمود فى جانب آخر ، ومهمة المدرسة هى محاولة تقليل الفرق والمسافة بين درجات النمو فى الجوانب المختلفة بحيث لا تجد فى النهاية تلميذ حصل فى الجانب الرياضى على عدة بطولات على مستوى المنطقة أو الدولة . بينما نجده فى الجانب المعرفى متخلفا إلى أقصى درجة بحيث تتكرر مرات رسوبه أو تجده سيئ الخلاق

إن النمو الشامل المتوازن لا يتعارض مع الفروق الفردية ، إذ إنه لا يمنع من وصول التلميذ إلى درجة عالية جدا من النمو فى أحد الجوانب إذا كانت ظروفه واستعداداته تسمح له بذلك . وفى الوقت نفسه فإن النمو الشامل المتوازن يضمن حدا أدنى للنمو فى بقية الجوانب لا يجب أن يقل عنه التلميذ . ومعنى ذلك أن النمو الشامل المتوازن يسمح بالتفوق فى بعض الجوانب ولكنه لا يسمح بالتجمد أو التخلف فى أى جانب من الجوانب الأخرى .

وفى ضوء المفهوم الحديث للمنهج وكونه مجموعة من الخبرات التربوية . يتضح أنه بدون هذه الخبرات لا يمكننا بناء منهج حديث يحقق الأغراض المنشودة منه ،ولتحقيق ذلك لابد من توافر بعض الشروط فى الخبرات المربية وذلك على النحو التالى:

الشروط التى يجب توافرها فى الخبرات المربية :

يتضمن المنهج مجموعة من الخبرات ذات طبيعة معينة وخصائص معينة، فإذا لم تتوافر فيها هذه الخصائص فإنها لا يمكن أن تساهم فى بناء المنهج . ولابد من أن تتوافر مجموعة من الشروط الواجب توافرها فى هذه الخبرات حتى تصبح خبرات مربية ، ومن أهم هذه الشروط والخصائص ما يلى :

1- تحقق مبدأ الاستمرارية :تسهم الخبرات الماضية فى بناء الخبرات الحالية ،كما تسهم الخبرات الحالية فى بناء الخبرات المقبلة . ومن ثم فإنها تتأثر بخبراتنا السابقة ، وتؤثر فى خبراتنا اللاحقة . وهذا شىء ضرورى ؛ لأن الإنسان إذا ما صادفته مشكلة أو ظاهرة جديدة فإنه ما يستعين بخبراته السابقة فى مواجهة هذه المشكلة أو فى تفسير هذه الظاهرة . ولتوضيح هذه الفكرة نفترض أن ميكانيكيا يقوم بإصلاح سيارة ، وشاهد دخانا يتسرب من المحرك فتركه يدور حتى يكتشف مصدر الدخان ولسوء حظه احتراق قبل أن يتوصل إلى معرفة السبب ولكنه بعد فوات الأوان اكتشف عدم وجود ماء فى مبرد السيارة ، وكان هذا هو السبب فى احتراق المحرك .وكلما كثرت خبراتنا السابقة كانت أمامنا فرصة أكبر للمرور بخبرات أخرى جديدة فتنمو الخبرات وتزداد وتستمر . وبالتالى تكون الخبرة المربية هى التى تسهم فى بناء خبرات ثانية . وتسهم هذه الخبرات بدورها فى بناء خبرات ثالثة وهكذا .

إن استمرارية الخبرات تتحقق إلى حد كبير مع استمرارية الحياة على وجه الأرض . فالحياة البشرية مستمرة وكل فرد يساهم استمراريتها مع أن حياته إلى زوال ومساهمته هذه تنحصر فى إنجاب أبناء ينجبون بدورهم أحفادا . وهكذا تستمر حياة الجنس البشرى إلى يوم القيامة .. ويقال الشئ نفسه عن الخبرات المربية فكل خبرة تؤدى إلى بناء خبرات أخرى . وهكذا تستمر الخبرات ومن هنا يتحقق مبدأ تجنى من ورائها قليلة .

وفكرة الترابط فى حد ذاتها فى منتهى الأهمية لأنها ذات تأثير كبير فى حياتنا ومشكلاتنا وبالذات فى هذا العصر الذى يطلق عليه عصر التخصص .وحيث إن ترابط الخبرات يعتبر أمر ضروريا فإن ذلك يستدعى من واضعي المناهج العمل على :

§   ترابط وتنسيق مناهج كل مرحلة بالمرحلة التى تسبقها والمرحلة التى تليها . فلو أخذنا مثلا مناهج المرحلة المتوسطة فمن الضروري الربط بينها وبين مناهج المرحلة الابتدائية ومناهج المرحلة الثانوية .

§      ترابط وتنسيق الخبرات والمقررات الدراسية لكل مرحلة تعليمية .

§      ترابط وتنسيق الخبرات والمقررات الدراسية لكل صف دراسي بحيث يشعر التلاميذ بالترابط بين جوانب المعرفة المختلفة .

§    ترابط الموضوعات داخل كل مادة دراسية . وهذا يستدعى مراعاة مفهوم التدرج من السهل إلى الصعب ومن البسيط إلى المركب ومن المعلوم إلى المجهول .

وبجانب ترابط الخبرات لا بد من تطبيقها . وتستدعى عملية تنظيم الخبرات وضع إطار شامل وتصنيفها إلى مجموعات يتم فيها الانتقال من مجموعة لأخرى وفقا لمبدأ التدرج أى الانتقال من الخبرات البسيطة إلى الخبرات المركبة .كما أن عملية التنظيم هذه تتطلب تحديد الخبرات المباشرة والخبرات غير المباشرة وحجم كل منها والظروف المناسبة للمرور بها والوقت المناسب لذلك .

وتتطلب أيضا عملية التنظيم هذه ربط الخبرات بالأنشطة المختلفة التى تتمشى مع حاجات التلاميذ وميولهم ومشكلاتهم ، وإذا خرجت هذه الخبرات من إطار هذا التنظيم الشامل فإنها تبقى مبعثرة . وبالتالى لا تحقق أغراضها على الوجه الأكمل، ومن هنا تصبح عملية تنظيمها أمرا حيويا وضروريا.

2- التوازن بين الفرد والبيئة :لكى يمر الفرد بخبرة لابد له من القيام بنشاط ما فى بيئة معينة ومن هنا يعتبر الفرد والبيئة طرفين أساسين للمرور بالخبرة . وحتى تكون هذه الخبرة مربية فلابد من العناية بالفرد من حيث معرفة حاجاته وقدراته واستعداداته وأهدافه وتطلعاته .بالإضافة إلى العناية بالبيئة ؛ ويتمثل ذلك فى دراستها ومعرفة إمكانياتها ومصادرها ومشكلاتها والعادات والاتجاهات السائدة بها . حتى يمكن تهيئة أفضل الظروف أمام الأفراد للمرور بالخبرات المطلوبة . والتركيز على الفرد مع إهمال البيئة أو العكس لا يؤدى إلى الخبرة المربية . وعلى هذا الأساس فإن الموازنة بين الفرد والبيئة تعتبر أمر رئيسيا حتى تصبح الخبرة مربية .وإذا ما بالغت التربية فى الاهتمام بالفرد على حساب البيئة والمجتمع أو العكس ، فإنها لا تؤدى إلى تحقيق رسالتها .

4- أن تكون الخبرات متنوعة :فكلما تنوعت الخبرات كلما ساهمت فى تحقيق أكبر قدر من الأهداف التربوية ؛ وحيث إن الأهداف التربوية فى حد ذاتها متنوعة ؛ إذ منها ما يخص الفرد ومنها ما يحص المجتمع . وتلك التى تخص الفرد متنوعة هى الأخرى ، فمنها ما يخص ميوله وقدراته واستعداداته ، ومنها ما يخص حاجات ومشكلاته واتجاهاته . فإن كل ذلك يستدعى تنوع الخبرات حتى تسهم بفاعلية فى تحقيق الأهداف .

وتنوع الخبرات يستدعى تنوع الأنشطة وتعدها وتنوع مجالاتها . ومن هذا المنطلق يجب على المدرسة أن تتيح الفرصة لتلاميذها للقيام بالأنشطة المتنوعة مثل أنشطة عملية ، أنشطة عملية ، أنشطة ثقافية ، أنشطة اجتماعية ، أنشطة فنية.

5- أن تكون موجهة لتحقيق عدة أهداف تربوية :إن الخبرات المربية هى التى تكون موجهة لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة ، وإذا لم توجه لتحقيق تلك الأهداف فإنها لا تعتبر مربية . وكل خبرة لها جوانب متعددة مثل الجانب المعرفى ، الجانب العملى ، الجانب الانفعالي ، الجانب الفني ... إلا أن احد هذه الجوانب يطغى على الجوانب الأخرى . ومن هنا يطلق على الخبرة اسم هذا الجانب .

والخبرات التربوية تحقق أهداف تربوية مثل :

·        اكتساب المعلومات .

·        تنمية القدرة على العمل الجماعي .

·        تنمية القدرة على التفكير العلمى .

·        تكوين عادات واتجاهات نحو الطاعة ، الدقة ، النظام ، الأمانة ، احترام الآخرين وغير ذلك .

وحيث إن المنهج هو وسيلة التربية لتحقيق أهدافها ، والمنهج ما هو الا مجموعة الخبرات المربية التى تهيؤها المدرسة لتلاميذها المربية بقصد مساعدتهم على النمو الشامل وتعديل سلوكهم ، فينتج من ذلك أن الخبرات المربية لها دور كبير فى تحقيق الأهداف التربوية، ولا يتم ذلك الا بعد أن يتم توجيه هذه الخبرات بحيث تعمل على تحقيق الأهداف المنشودة من خلال التخطيط السليم وإتاحة الفرص المناسبة للقيام بالأنشطة اللازمة .

وغنى عن القول أنه لا بد من توافر هذه الشروط جميعها حتى تصبح الخبرة مربية ، وعدم توفر أى شرط منها يجعلنا نحكم بأنها خبرة غير مربية .

فالخبرات المستمرة المترابطة والمنظمة إذا لم توجه لتحقيق الأهداف المنشودة فإنها تصبح غير مربية . والخبرات المستمرة الموجهة لتحقيق الأهداف التربوية بين الفرد والجماعة لا يمكن أن تكون خبرات إذا كانت غير مترابطة .

وهكذا نجد أن اكتمال هذه الشروط يعتبر أمرا ضروريا حتى تصبح الخبرات مربية .

أنواع الخبرات :

    المنهج هو مجموعة من الخبرات التى تقسم بدورها إلى نوعين رئيسيين.النوع الأول : الخبرات المباشرة ،وهى الخبرات التى يمر بها الفرد نتيجة قيامه بعمل ما أو نشاط ما فى بيئة معينة وبذلك تكون النتائج والأحكام التى توصل إليها هى نتيجة لجهده ونشاطه الذاتي .

ووفقا لهذا المفهوم يمكننا القول بأن التلميذ الذى أجرى بنفسه تجربة فى المعمل لإثبات أن المعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة قد توصل إلى هذه النتائج بالخبرات المباشرة . أما إذا توصل إلى هذه النتائج عن طريق القراءة أو السمع أو حتى المشاهدة لما قام به الآخرون فإننا فى هذه الحالة نقول أنه قد توصل إلى هذه المعلومات عن طريق الخبرة غير المباشرة .

والخبرات المباشرة لها دور مهم جدا فى العملية جدا فى العملية التربوية ، وقد ركزت عليها التربية الحديثة تركيزا كبيرا فى بداية عهدها كرد فعل لانتشار المنهج التقليدى الذى اهتم باكتساب المعلومات للتلاميذ عن طريق السرد والتلقين والتكرار والحفظ .

أهم مميزات الخبرات المباشرة :

يمكن تحديد أهم مميزات الخبرات المباشرة فيما يلى :

1- تسمح للتلميذ بالنشاط ، ويعطيه دورا ايجابيا بدلا من السلبية المطلقة التى يعيش فيها التلاميذ حينما يتم التعلم عن طريق الخبرة المباشرة.

2-  ما يتعلمه الإنسان بالخبرة المباشرة يظل عالقا بالذهن مدة أطول .

3- تعطى الخبرة المباشرة للمعلومات والمفاهيم والأحكام والقوانين والحقائق التى نتوصول إليها معنى أدق وأعمق ... فكثير ما يكرر التلميذ ألفاظا لا يدرك معناها جيدا ،ونتيجة للحفظ الآلي لمثل هذه العبارات نجد أن التلميذ فى بعض الحيان قد يخطئ ويعكس معنى العبارة دون أن يفهم .

4-  تحبب التلميذ فى الدراسة ، وتقلل من إحساسه بالملل والسأم كما يعطيه الثقة فى نفسه .

5- تساعد على تنمية القدرة على التفكير ، وذلك لأنها تتطلب النشاط والممارسة ، وأثناء القيام بالنشاط يواجه الفرد بعض المشكلات وهذا يدفعه إلى إيجاد الحلول المناسبة لها . وعملية التدريب على حل المشكلات التى واجهها الفرد أثناء ممارسته لأحد الأعمال أو إحدى التجارب تساعد على تنمية قدرته على التفكير .

6- اعتماد التلميذ على نفسه فى التوصل إلى النتائج والحكام عن طريق الخبرة المباشرة يكون لديه الاستعداد للتعلم الذاتي والتعلم المستمر .

7- تخفف العبء عن المدرس ويسمح له بتوجيه جزء منه وقته للقيام بدوره التربوي بشكل أفضل بدلا من تمضيه كل وقته فى إلقاء المعلومات وترديدها .

8-  تساعد على اكتساب بعض المهارات لدى التلاميذ ، كما أنه يعمل على تكوين بعض الاتجاهات لديهم .

9-  تتيح الخبرة المباشرة الفرصة لمواجهة الفروق الفردية .

أما النوع الثانى فهو الخبرات غير المباشرة ، فبرغم أهمية الخبرات المباشرة للعملية التربوية ، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها كليا فى عملية التعلم ، فهناك مواقف وظروف يستحيل على الإنسان أو يصعب أن يتعلم بالخبرة المباشرة ، فحياة الإنسان مهما طالت تعتبر قصيرة وبالتالى فهى لا تسمح له بتعلم كل شىء عن طريق الخبرة المباشرة وخاصة أننا نعيش الآن فى عصرها الانفجار الثقافى ،وتتزايد الخبرات غير المباشرة للأسباب التالية :

-       هناك مواقف يستحيل على الإنسان أن يتعلمها بالخبرة المباشرة مثل اكتشاف الكواكب الأخرى أو دراسة الفضاء بين الكواكب .

-   هناك مواقف يصعب فيها على الإنسان التعلم عن طريق الخبرة المباشرة ، مثل دراسة أعماق البحار والمحيطات ، أو دراسة أوجه الحياة فى المناطق الصحراوية النائية .

-   وهناك مواقف يكون من الخطر فيها على الإنسان أن يتعلم بالخبرة المباشرة وذلك مثلا إذا أردنا أن نشرح للتلاميذ كيفية حدوث التفجير النووي أو الأضرار الناتجة عن فهل نأخذهم مثلا إلى مكان حيث يجرى فيه تفجير ذرى لكى يتمكنوا من رؤية نتائجه؟

-   البعد المكاني قد يكون حائلا أمام التعلم بالخبرة المباشرة فإذا درس الطالب فى بلادنا حياة الإسكيمو لرؤية كيفية معيشة سكان هذه المناطق على الطبيعة ؟

-   البعد الزماني قد يقف بدوره حائلا منيعا أمام التعلم بالخبرة المباشرة : فلو أردنا دراسة الحياة فى العصور التاريخية الماضية فمن المستحيل أن يتم ذلك لأنه لا يمكننا أن نرجع بعجلة التاريخ إلى الخلف .

-   كما أن هناك فى الطبيعة أو فى داخل جسم الإنسان كائنات صغيرة جدا لا يمكن رؤيتها ومتبعتها بالعين المجردة وليتم ذلك إلا عن طريق ميكروسكوبات لا يمكن وجودها فى المدارس . والحل الوحيد هو مشاهدتها من خلال عرض فليم تعليمي قد تصل فيه درجة التكبير إلى 50 الف مرة . ومثال لذلك متابعة إحدى المعارك التى تدور فى دم الإنسان بين الكرات الدموية البيضاء الموجودة فيه والميكروبات التى تهاجمه .

-   كما أن تعلم كل شىء بالخبرة المباشرة يكلف من الأموال مالا تستطيع أن تتحمله ميزانية أغنى الدول فى العالم . فقد يكلف تحضير جرام واحد لحد الأحماض فى المعمل مبالغ طائلة ، فكم يكون المبلغ النهائي اذا أردنا تحضير هذا الحامض فى الالف المدارس لملاين التلاميذ ؟

وهكذا نجد أن هناك استحالة تعلم كل شىء عن طريق الخبرة المباشرة وبالتالى فلا مفر من اللجوء إلى خبرات بديلة يطلق عليها الخبرات غير المباشرة حين يستحيل أو يصعب اللجوء إلى الخبرات المباشرة . ومعنى ذلك أن الخبرات غير المباشرة لا تقل أهمية عن الخبرات المباشرة . واى منهج لا بد وان يشمل هذين النوعين من الخبرات .والخبرة غير المباشرة هى فى الواقع خبرة الآخرين نكتسبها من خلال خبرة مباشرة ، أما إذا قام المعلم بالتجربة فأنه يكتسب خبرة غير مباشرة .والتلميذ إذا قام بنفسه بالتجربة فإنه يكتسب خبرة مباشرة  أما إذا قام بالتجربة فإنه يكتسب خبرة غير مباشرة .

فوائد الخبرات غير المباشرة :

1-  أنها تمكننا من الاستفادة من خبرات الآخرين فى جميع مجالات الحياة مهما طالت المسافة أو بعد الزمن بيننا وبينهم . وهكذا توفر لنا الجهد والوقت والمال . فإذا استطاع الآخرون صنع طائرة مقاتلة على أحداث طراز بحيث تتوفر فيها كل المزيا المطلوبة بعد بحوث وتجار استمرت عشرات السنين . وإذا أردنا أن نصنع طائرة مقاتلة بأنفسنا فليس من المعقول أن نبدأ بحوثا وتجارب من درجة الصفر . وإنما يمكننا الاستفادة مما توصل إليه الآخرون فى هذا المجال . وهذا ما تقوم به حاليا الهيئة العربية للتصنيع الحربي بمصر ، إذ تستعين بخبرات الولايات المتحدة الأمريكية فى صنع سيارات الجيب وتستعين بفرنسا فى صنع الصواريخ .. الخ الشىء نفسه يقال عند إقامة الكباري وشق الطرق أو عند تنفيذ مشروع مترو الأنفاق بالقاهرة ، وهذا يوفر لنا الكثير .

2-  أنها تعتبر البديل الوحيد إذ ثبتت استحالة أو خطورة أو صعوبة اللجوء إلى الخبرة المباشرة وقد بينا ذلك بالتفصيل فى الصفحات السابقة .

3-  أن الخبرة غير المباشر أساسية فى كثير من الأحيان للمرور بالخبرة المباشرة . فعند قيام الفرد بإحدى البحوث فإنه يستعين بما لديه من معلومات وخبرات سابقة فى بناء خبراته الجديدة . ولو حللنا معلوماته وخبراته السابقة لوجدنا معظمها مستمدة من قراءة الكتب والبحوث . بالإضافة إلى أن المشكلات التى تواجهنا عند القيام بالبحوث . قراءات متنوعة ومعرفة ما قد توصلت إليه البحوث السابقة . وفى ذلك ما يؤكد لنا أن الخبرات غير المباشرة تدخل فى بناء الخبرات المباشرة .

4-     سهولة الحصول عليها وغالبا ما يتم ذلك فى صورة ما يلى :

·          كتب دراسية تحتوى على جزء من التراث الثقافى الذى يمثل بدوره خبرات الآخرين.

·    مجموعة من الوسائل التعليمية مثل الأفلام ، والصور ، والتمثيليات ، والتسجيلات ، والنماذج والمجسمات ، والرسوم ، وغيرها من وسائل التكنولوجيا الحديثة .

وحتى يمكن الاستفادة من الخبرات غير المباشر بطريقة أكثر فاعلية فى مجال التعليم ، مع مرعاة مايلى :

1- تطوير الكتب الدراسية تطويرا جذريا يتضمن التأليف والمحتوى والإخراج ؛ بحيث تغرى التلاميذ وتجذبهم لقراءة بدلا من النفور منها .

2- إصدار مجموعة كبيرة من الكتيبات المصاحبة ، وهى كتيبات صغيرة الحجم جميلة الطبع والإخراج تغرى التلاميذ تحتوى على صور ملونة .

ويتعرض كل كتيب لأحد الموضوعات الدراسية التى يتضمنها الكتاب المدرسى مثل القلب ، الدم ، الميكروبات الهواء ، المحرك ، الدينمو ، البطارية ، الكواكب ، النجوم ، الارض ، الفضاء ، الغذاء ، الورثة ....بالإضافة إلى سلسلة طويلة عن حياة المفكرين والعلماء والأدباء والقادة . وهذه الكتيبات تكمل الكتب الدراسية بمعلومات أكثر عمقا بأسلوب سهل يتناسب مع حصيلة التلميذ اللغوية .

3- اتباع الأسلوب العلمى فى إعداد الوسائل التعليمية التى سبق ذكرها مثل الأفلام والنماذج والصور والمجسمات .. بحيث تتسم بالدقة والجاذبية ومرعاة.

4-  تدريب التلاميذ على القراءة الصحيحة ، وهذا يتضمن تنمية القدرة على الفهم والتحليل والتعليق وإبداء الرأي والحكم على ما يقرأه الفرد بموضوعية .

التنسيق بين الخبرات المباشرة وغير المباشرة :

يتضمن المنهج كما ذكرنا خبرات مباشرة وخبرات غير مباشرة ولكل نوع من هذه الخبرات أهميته الخاصة . وترتبط الخبرات المباشرة وغير المباشرة ارتباطا وثيقا وتؤثر كل منا فى الأخرى . فالخبرات المباشرة تؤثر فى الخبرات غير المباشرة والدليل على ذلك هو أن فهمنا لفيلم أو كتاب من الكتب أو لخريطة من الخرائط مرتبطة بمدى ما لدينا من خبرات . والخبرات غير المباشر هى الأخرى تؤثر فى الخبرات المباشرة وقد سبق لنا أن أوضحنا أن الفرد حين يقوم بإجراء التجارب فإنه يتأثر بخبرات الآخرين ، التى تتمثل فى صورة قوانين واتجاهات وأحكام وآراء تحكم من إثبات صحتها على مر الأيام .

المصدر: الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 3784 مشاهدة
نشرت فى 30 مايو 2011 بواسطة wageehelmorssi

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

wageehelmorssi
الايميل الحالي: [email protected] المؤهل العلمي: •دكتوراه الفلسفة في التربية جامعة عين شمس عام 2001م. •الوظيفة الحالية: أستاذ مناهج و طرق تدريس العلوم الشرعية والعربية بجامعتي الأزهر وطيبة بالمدينة المنورة. جمعيات علمية: 1-عضوية الجمعية المصرية للقراءة والمعرفة. 2-عضو الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس بالقاهرة. 3-عضو لجنة التطوير التكنولوجي بجامعة الأزهر. 4-عضور »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,796,132