دكتور تامر عبدالله شراكى استشارى الأمن و السلامة المهنية

دورات تدريبية فى الأمن و السلامة مواد علمية هدفنا نشر علوم الأمن و السلامة

الأمن الاسري الاجتماعي

كل مجتمع من المجتماعات يتألف من كيانات صغيرة تتجمع لتشكل الكيان الكبير وهو الدولة ، وذه الكيانات الصغيرة هي الأسرة.
والأسرة عبارة عن مؤسسة اجتماعية تربوية تتألف من عدة أعضاء جعلها الله قاعدة تنطلق منها المجتمعات ، فعندما نلقي نظرة ناقدة على أي مجتمع من المجتمعات المختلفة ، نجد أن الأسرة منذ البداية هي المسؤولة عن بقائها واستمرارها ، من خلال الوالدين ورب الأسرة ، ومن خلالها (الأسرة) يتم الحُكم على الدُّولة الذي تتكوَّن من خلال ترابط الأسر بعضها ببعض ، تدور فيها مبادئ وقيم ، ويحكمها منهج ونظام.
إن كل المشاكل التي نشاهدها في مجتمعاتنا هي نتيجة عدم استقرار الأسر وعدم تحمل الوالدين لمسؤوليتهما والضعف التربوي في البيوت 
وكما هو معروف بأن أمن الأسرة يأتي قبل أمن المجتمع
كثير منا يلقي باللائمة إما على الإعلام أو المدرسة ، ولكن الأولى أن نلقي بأكبر قدر من اللوم على البيت، ومسؤولية الوالدين في تربية الأبناء وتعليمهم ومتابعتهم لضمان نشأتهم النشأة الصالحة.

كما أسلفنا في تعريف الأمن ، أن الله سبحانه وتعالى قال في أهل مكة: " فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" ، فلا يتوفر الأمن إلا إذا توفر المأكل والمشرب وتوابعهما ، وهو يمثل الأمن الاجتماعي للأسرة ، وفي ذلك السياق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من أصبح منكم معافىً في جسده، آمناً في سربه ،عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"

ومن هنا نجد أن الأمن في البيت (آمناً في سربه) هو ما يجب أن يتحقق لكل أسرة لحيازة الدنيا.
ولكن كيف يتحقق الأمن الأسري في ظل كل المؤثرات التي تعصف بالأسرة من كل جانب وفي كل حين ؟ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر فساد القنوات الفضائية ، إنشغال الوالدين فضلاً عن جهل العديد من الوالدين بمهارات التربية والعلاقات الأسرية ، بل وإنغماس الوالدين أو أحدهما في متاهات الحياة وغرائزها ؛ ويعد هذا المؤثر أهم المؤثرات الإجتماعية التي تزعزع أمن الأسرة .
مما يؤثر على الأمن الأسري كذلك ؛ الفهم الخاطئ لبعض المفاهيم الشرعية ، وعدم فهم أو تطبيق مفاهيم أخرى مثل: (التدين وبالتالي التطرف الديني ، بر الوالدين ، بر الأبناء ، تعدد الزوجات بدون ضوابط ، النشوز ، القوامة ، طاعة الزوج ، تصفح الإنترنت من غير ضوابط أو رقيب).

لتحقيق الأمن الأسري في مجتمعاتنا يجب علينا إحياء مبادئ أساسية تخلى عنها أرباب الأسر وتنكروا لأدوارهم ، وبالتالي لم يعد الإبن يقوم فيها بالتعاون وتقديم كل ما بوسعه في إسعاد الأسرة ، ولنجد أن كل عضو من أعضاءه يتفاعل في تقديم كل جديد فيها ، بل نجد أنه مهما كان هناك دخلاء يندسون وسط هذه الأسرة لتفكيكها فستجد أن الأبناء قبل الوالدان هم الذين يدافعون وبكل قوة عن هذا الكيان ، وهذا ما نريده من كل فرد ينتمي إلى أسرته ومتى ما تحقق ذلك المفهوم العظيم تحقق الأمن الأسري ، وهنا نورد المبادئ التي ينبغي على الأسر السير على نهجها والمحافظة عليها لنيل أمنها واستمرار حياتها بكرامة: 
أولاً :- بناء العقيدة الإسلامية الصحيحة في قلوب أفراد الأسرة .
ويكون بتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام عندهم ، وأنه دين شامل كامل ليس فيه نقص أو خلل ، منهج رباني عظيم ، يوجد فيه كل تفاصيل الحياة وطريقة الحياة فيها ، وحلاً لكل المشكلات التي تطرأ على الحياة ، وللأسرة حق في ذلك من قبل الأب والذي يُعتبرالعائل الأساسي والكبير ، حيث عليه أن يختار الشريك الثاني في حياته – ألا وهي الزوجة الصالحة - لتساعده في تكوين مجتمع إسلامي سليم وصحيح ، انطلاقاً من قول النبي عليه الصلاة والسلام (...فاظفر بذات الدين تربت يداك ) ، فاختيار الزوجة المحافظة والمطيعة لربها ، والتي تهتم بالتنشئة والتربية الصحيحة ؛ هي بداية تكوين النواة الأولى للأسرة ، ليسهل على الاثنين – الزوج والزوجة – تحقيق مفهوم الأمن الأسري لدى أبنائهم وغرسه في نفوس أبنائهم .
ثانياً :- حث أفراد الأسرة المسلمة على فعل ما أمر به الله تعالى ونبيه الكريم .
كالاهتمام بالعبادات الحركية على أنها تعبدية وطاعة لله مثل إقامة الصلاة ، والصوم والحج والزكاة ، وغيرها من العبادات التي يرضاها الله ، وتنشئتهم على المحافظة عليها ، ولا ننسى دور القرآن الكريم وقراءته وتدبر آياته وذلك بجعل ورد يومي لجميع أفراد الأسرة آباء وأبناء والمداومة على الأذكار والدعاء وإشعارهم بأهميتها وأنها تقيهم من الشيطان ذلك العدو الأول لتفريق شمل الأسر عن طريق الطلاق ، أو هدم بنائه الأساسي عن طريق تشويه أوامر الله ، وأوامر نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام .
ثالثاً :- صلاح الآباء والأمهات :
وهي القدوة الرئيسة التي نبحث عنها ، والأساس القوي الذي ينطلق منه الأفعال ونقد الملاحظات وإبداء الرأي ، والمناقشة المنهجية مع نقد السلوك الخاطئ ، وتشجيع السلوك الإيجابي ، لذا نجد أن هناك من أعضاء الأسرة من يقلدون حركاتهما ، ويتعلمون منهما تصرفاتهما ويريدون أن يكونوا مثلهم في معاملاتهم وبناء شخصياتهم ، فاحرص أيها الأب أن تكون مثلاُ يحتذى به في أسرتك ، وأحرصي أيتها الأم بأنك ستعِدِّي ابنتك ؛ لتكون امرأة وأماً لمجتمع آخر جديد . 
رابعاً :- المحافظة على الأخلاق والقيم النبيلة :
وذلك بالمحافظة عليها داخل الأسرة وبين أفرادها ، وأشاعتها بينهم سواءً بفعل القدوة لهذه الأخلاق والقيم بينهم ، أو بتعليمها لهم بين الفترة والأخرى ، ومن تلك الأخلاق الحسنة ؛التعلم و الإيثار والتضحية والصبر ، و التدرب على إكرام الضيف ، وإعانة الجار، وإغاثة الملهوف ، وإعانة المضطر ، والوقوف بجانب المظلوم و نصرته ، ورد كيد الظالم ودحره ، وتعويد أفراد الأسرة على حب الآخرين والعمل لأجلهم .. وغيرها من تلك القيم الرفيعة والأخلاق العظيمة .
خامساً : توضيح الأدوار لكل عضو وفرد من الأسرة :
وذلك بإيضاح دور الأب ودور الأم ودور الأبناء ، كلٌُّ في مهمته وعمله ، وأن تلك الأدوار تساعد على تحقيق الأمن الأسري والذي يضمن أيضاً سيرة الأسرة الصالحة ، مع توضيح الحقوق المتعلقة بالأب تجاه ابنائه ، وتوضيح دور الأبناء تجاه والديه .. 
سادساً:تلبية حاجات أفراد الأسرة:
وهذا من أهم الطرق في تحقيق الأمن الأسري ، فإن عدم توفر متطلبات العيش الهانئ ، والحياة الأسرية الكريمة يجعل كل فرد من أفراد هذه الأسرة يبحث عنها عند الغير ، فالذي يحتاج إلى الرصيد العاطفي كالحب والرحمة فإنه يبحث عنها عند الآخرين ، وهنا تكمن المشكلة الكبرى ؛ وهي البحث عن المخزون العاطفي لدى الغير؛ لأنها بداية انحراف أخلاقي حتمي وكثير من الآباء والأمهات لا يعون هذه المسألة جيداً ؛ من توفير كلمات الحب العفيف النابع من قلب الرحمة والشفقة تجاه أفراد الأسرة ، حتى يسود جو الأسرة المزيد من الترابط والقوة .
وهناك المزيد والمزيد من النقاط التي تساعد في تحقيق الأمن للأسرة ، وثباتها وبقائها مستمرة المسيرة ، ماضية إلى الأمام لا يوقفها إلا ما يكتب الله لها من الخلود في الدنيا ، أو ذهابها .
لذا فحري بنا أن نحيي هذا المفهوم لدى أسرتنا ، فجميل أن يعود الابن للمنزل بعد عناء دراسي، يعود وهو متلهف للمنزل وللقاء أسرته ، وكذلك الفتاة تتلهف للعودة إلى الكيان الأمني الاجتماعي ، إضافة إلى الأب يعمل ويكدح ، فنراه يفكر في أسرته وأن يعود وهو يحمل الود والمحبة معه ، وكذلك الأم تستعد لاستقبال كل عضو من أعضاء أسرتها وكأنهم ضيوف مكرمون تقدم لهم الابتسامة التي تمسح آثار يوم شاق وطويل ، وكذلك الأخ الأكبر والأصغر ، وكل شخص يعود يحمل في قلبه أن الأمن لا يعم داخل كيان كبير ؛ حتى يظهر داخل كيان مصغر ألا وهو الأسرة ، وكل ذلك نابع عن الحب لهذا الكيان ، فالحب لا يظهر إلا عندما يظهر الأمن
سابعاً: فهم المجتمع ومؤسسات الدولة لحاجات الأسرة:
لن تتمكن الأسرة لوحدها حماية هذ الكيان وتحقيق المبادئ السابقة مالم يكون هنالك تكاتف من المجتمع ومؤسسات الدولة ، وخاصة من حيث:
• خلق مؤسسات ومراكز تهتم بالأمن الأسري.
• إيجاد صندوق مالي أكثر فاعلية لدعم الأسر.
• إنشاء برامج إرشاد وتوجيه أسري لمن يحتاج لها من الأسر.
• تشريع قوانين لحماية الأسر من الإفلاس والقهر والطرد.
• تجريم الخيانة الزوجية.
• إيجاد ضوابط صارمة للطلاق.
• تقنين التعدد.
• إعطاء الأولوية في سوق العمل للمتزوجين العاطلين.
• رفع كفاءة الخدمات الإجتماعية والتأمينية. 

tamersafety

دكتور تامر عبدالله شراكى استشارى الأمن و السلامة المهنية

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 494 مشاهدة
نشرت فى 9 يناير 2012 بواسطة tamersafety

دكتورتامرعبدالله شراكى

tamersafety
مقدمة دكتوراه في السلامة والصحة المهنية -الولايات المتحدة الامريكية ماجستير إدارة أعمال في الأمن والسلامة المملكة المتحدة استشاري الأمن والسلامة المهنية عضو المجلس الاستشاري الدولي معهد السلامة و الصحة المهنية – فلسطين صاحب TSTC للتدريب والاستشارات عضو المنظمة الدولية لمديري الطوارئ IAEM مشرف قسم السلامة المنتدى العربي لإدارة الموارد البشرية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

969,284