-      اندثار الملاحم الشعبية

ولكن مع الزمن بدأت معظم تلك السير تتآكل تبعاً لاحتياجات المجتمع، فالمجتمع لم يعد قادراً على استيعاب فكرة العبد الذي يريد أن يصبح سيداً ( كما في عنترة)، ذلك لأن التطور نسف الموضوع برمته، وبالتالي لم يعد للإنسان المستمع مصلحة، في أن يستمع لهذا العمل، حتى بالنسبة للزير سالم، كانت القضية ثأرية، ورغبة الزير في أن ينتقم لمقتل " كليب" فهذه أيضا مشكلة قبلية ضيقة.

وهكذا بدأت تزيل هذه السير، ولم يتبق منها سوى أطراف باهتة، جمعتها من بعض عمال في مناجم طرة والوجه البحري، وذهبت هذه السير، ولم تظل على قيد الحياة، سوى سيرة بني هلال "السيرة الهلالية" ، ولولا أهميتها لجمهورها، ما كنا نعثر على شعراء لها، مع وجود"جابر أبو حسين" و "سيد الضوي" وهما من أصحاب المواهب الحقيقية، والجمهور الأصيل الذي حافظ على حياة الشعر والشاعر، بقروشه القليلة على مدى 800عام(!)

* ولكن هناك من يزاحمك على امتلاك الهلالية؟

        - قبل أن أبدأ بنداء خاص وذاتي في جمع سيرة بني هلال، لم يكن سبقني في ذلك سوى، عمنا الدكتور عبد العظيم يونس في رسالته عن بني هلال، وكان الرجل يعرف أنه يشتغل على النص الفصيح ( المكتوب)، ولكنه كان يعلم أنني أعمل على نصوص شعبية، حقيقية للمرة الأولى، وكنت كلما أجمع طرفاً من السيرة، أذهب إلى منزل د.يونس، بصحبة الشاعر سيد خميس وبعض أصدقاءنا، وأسمعه ما جمعت، وهو الذي امتحنني في اختبار تمهيدي الماجستير، وسألني سؤالا لا أظن أن أحداً ممن يدعون الآن اهتمامهم المتكلف، المفتعل، بسيرة بني هلال، يعرف أجابته، ولقد سعدت جدا أن وجدته يمنحني الدرجة النهائية.

        وملخص الأمر أنني سعيد وفخور الآن، بأنني وراء كل هذه الثرثرة عن السيرة الهلالية!

        وهؤلاء الذين يفرضون شعراء بعملية تشبه " الولادة القيصرية" أنهم يأتون بشرائط الشاعر العظيم "جابر أبو حسين" ، وأنا الذي شرحتها له!

-   ويستطرد عبد الرحمن الذي يحب أن أناديه " خالي " بنبرة أسى: نحن لم نر غير محاولة اغتيابي في ندوات البعض، ومحاولة النيل من النصوص التي أخرجتها في ثلاث مجلدات، سوف يستفيد منها شعراء المستقبل في استلهام التراث، وسوف أبقى أنا جامع وشارع السيرة الهلالية ولو كره الحاقدون!

وهم يقولون أن الأبنودي يهيمن على السيرة الهلالية، ويتناولون مقالاتي النقدية عن السيرة، كأنهم هم الذين خاضوا التجربة، رغم أنهم تربويون يعلمون الشباب مبادئ الملكية الفكرية.

ويختتم الأبنودي كلامه قائلاً : أنا سعيد أن أصبح في العالم العربي الآن "موضة" اسمها" السيرة الهلالية!

 وهى موجودة بشكل أو بآخر في ليبيا، السودان، تونس ( جمعها هناك الأستاذ عبد الرحمن جيجا).وفي الجزائر، كما جمعتها باحثة أمريكية من أطراف حدود تشاد ونيجيريا، أما مصر فهي تتميز بأنها البلد الوحيد التي ينشد شعراؤها هذا العمل العبقري ، وإن كانت هناك أطرافاً منها تنشد فن الجماهيرية الليبية.

وهل تحويلها إلى عمل تليفزيوني أضاف لها ؟

طبعا يا صديقي، فالآن أصبحت السيرة الهلالية موثقة بالصوت والصورة لأجيالنا القادمة.

 

المصدر: حوار/ طاهر البهي
taheralbahey

طاهر البهي الموقع الرسمي

  • Currently 80/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
26 تصويتات / 690 مشاهدة
نشرت فى 22 أكتوبر 2010 بواسطة taheralbahey

ساحة النقاش

طاهر البهى

taheralbahey
الكاتب الصحفى مقالات وتحقيقات واخبار وصور حصرية انفرادات في الفن والادب وشئون المرأة تحقيقات اجتماعية مصورة حوارات حصرية تحميل كتب الكاتب طاهر البهي pdf مجانا »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

253,088