كتبَ-محمد حمدى
يُحكى أن شيخًا عالمًا كان يمشي مع أحد تلاميذه بين الحقولِ ، وأثناء سيرهما شاهدا حذاءًا قديمًا إعتقدا أنه لرجل فقير يعمل في أحد الحقول القريبـة ،والذي سينهي عمله بعد قليلِ .
إلتفت الطالب إلى شيخه ،وقال : هيا بنا ، نمازح هذا العامل بأن نقوم بتخبئـة حذاءه ،ونختبئ وراء الشجيرات، وعندما يأتي ليلبسه يجده مفقودًا ؛فنرى دهشته، وحيرته !
فأجابه العالم الجليل : يابُني ،يجب أن لا نُسلي أنفُسنا على حِسابِ الفُقراء، ولكن أنت غني، ويمكن أن تجلبَ لنفسك مزيدًا مِن السعادة، والتي تعني شيئًا لذلك الفقير؛ بأن تقومَ بوضع قطع نقدية بداخل حذائه ،ونختبئ كي نُشاهدَ مدى تأثير ذلك عليه !
أُعجب الطالب بالإقتراح ،وقام بوضع قطع نقدية في حذاء ذلك العامل، ثم إختبأ هو، وشيخه خلف الشجيرات؛ ليريا رد فعل ذلك العامل الفقير !
وبعد دقائق جاء عامل فقير رث الثياب بعد أن أنهى عمله في تلك المزرعة ليأخذ حذاءه، وإذا به يتفاجأ عندما وضع رجله بداخل الحذاء بأن هنالك شيئًا ما بداخله، وعندما أخرج ذلك الشيء وجده نقودًا !
وقام بفعل نفس الشيء في الحِذاء الآخر، ووجد نقودًا أيضًا ؛ نظر مليًا إلى النقود، وكرر النظر ليتأكد مِن أنه لا يحلم ،بعدها نظر حوله بكل الإتجاهات ،ولم يجد أحدًا حوله !
وضعَ النقود في جيبه، وخر على ركبتيه ،ونظر إلى السماء باكيًا ،ثم قال بصوت عال يخاطب ربـه : أشكرك يا رب، يا مَن علمت أن زوجتي مريضة، وأولادي جياع لا يجدون الخُبز؛ فأنقذتني ،وأولادي مِن الهلاك !
وإستمر يبكي طويلًا ناظرًا إلى السماء شاكرًا هذه المنحة الربانية الكريمة !
تأثر الطالب كثيرًا، وإمتلأت عيناه بالدموع !
عندها قال الشيخ الجليل : ألست الآن أكثر سعادة مما لو فعلت إقتراحك الأول ،وخبأت الحذاء ؟!
أجاب التلميذ : لقد تعلمت درسًا لن أنساه ما حييت، الآن فهمت معنى كلمات لم أكنْ أفهمها في حياتي : "عندما تُعطي ستكون أكثر سرورًا مِن أن تأخذَ " .
فقال له شيخه : والآن لتعلم أن العطاء أنـواع :
1 - العفو عند المقـدرة ،عطـاء .
2 - الدُعاء لأخيك بظهر الغيب ،عطـاء .
3 - إلتماس العُذر له، وصرف ظن السوء به ،عطـاء .
4 - الكف عن عرض أخيك في غيبته ، عطاء .
فهذه بعض العطاءات حتى لا يتفرد أهل الأموال بالعطاءات وحدهم .
عدد زيارات الموقع
121,152