كان عمرها 40 عاما حين تزوجت.. وكان هو في عامه الخامس والعشرين.. انه الزواج الذي يضرب به المثل.. فقد استطاعت أن توفر لزوجها كل ما يتمناه أي رجل في الدنيا.. كانت مثالا للزوجة التي تقف إلي جانب زوجها وتساعده.. ولهذا قال عنها انها أفضل نساء المسلمين.
انها السيدة خديجة بنت خويلد أولي زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم التي قال عنها فيما رواه البزار والطبراني ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "لقد فضلت خديجة علي نساء أمتي كما فضلت مريم علي نساء العالمين".
فقد ساندته بمالها وعقلها في وفاء نادر لتكون قدوة صالحة لكل النساء في معاملتهن لأزواجهن.
قبل الاسلام كانت تسمي الطاهرة.. حيث اشتهرت بالعفة والنقاء وكانت سيدة حازمة جميلة وثرية تساعد الفقراء والمحتاجين وقد عرض كثير من الرجال عليها الزواج وكانت ترفض.
حتي عرفت محمد بن عبدالله وكانت قد سمعت عن أمانته وكرم أخلاقه فرغبت في أن يتاجر لها في مالها.. ونظرا لنجاحه والأرباح التي حققها في التجارة التي عمل فيها بأمانة وشرف أعجبت به وفكرت في الزواج منه.
أرسلت إليه صديقتها نفيسة بنت عليه.. تستطلع رأيه في ذلك.
قالت نفيسة له: يا محمد ما يمنعك أن تتزوج.
أجابها: ما في يدي شيء أتزوج به.
قالت: فإن كفيت ودعيت إلي المال والجمال والكفاية.
سأل: ومن؟!
قالت: خديجة.
قال: وكيف لي بذلك؟!
قالت: علي وأنا أفعل ذلك.
وعرف الرسول الكريم رغبة خديجة فذهب إليها مع عمه أبوطالب لخطبتها وتولي عقد الزواج عن خديجة عمها عمرو بن أسد.. فكانت أحسن زوجة لأعظم زوج.
وكان صلي الله عليه وسلم يحب خديجة حبا شديدا.. وظل وفيا لها بعد وفاتها..
قالت عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتي يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها.. فذكرها يوما من الأيام فأخذتني الغيرة عليها..
فقلت: هل كانت الا عجوزا قد ابدلك الله خيرا منها؟!
فغضت ثم قال: لا والله.. ما أبدلني الله خيرا منها.. آمنت بي اذ كفر الناس وصدقتني اذ كذبني الناس.. وواستني بمالها اذ حرمني الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء".
قالت عائشة: فقلت في نفسي.. لا اذكرها بعد بسيئة ابدا..
***
ومن بين المواقف التي تبين صدق المحبة بين رسول الله صلي الله عليه وسلم والسيدة خديجة ما ترويه السيدة عائشة:
تقول كان رسول الله صلي الله عليه وسلم اذا ذبح الشاه يقول: ارسلوا إلي أصدقاء خديجة
***
وكان أول ولد لرسول الله صلي الله عليه وسلم من خديجة في مكة قبل النبوة.. القاسم.. وبه كان يكني. ثم ولد له زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم.
ثم ولد في الإسلام عبدالله فسمي الطيب والطاهر لأنه ولد بعد الوحي.
وكان أول من مات من ولده القاسم ثم مات عبدالله بمكة فقال العاصي بن وائل السهمي: قد انقطع ولده فهو أبتر فانزل الله "ان شانئك هو الأبتر".
قال ابن عباس رضي الله عنهما "ولدت خديجة لرسول الله صلي الله عليه وسلم غلامين وأربع نسوة: القاسم وعبدالله وفاطمة وأم كلثوم وزينب ورقية وكل بناته صلي الله عليه وسلم أدركن الاسلام وأسلمن وهاجرن معه.
وكل ذريته صلوات الله عليه من خديجة إلا إبراهيم فمن مارية القبطية التي أهداها له المقوقس.
***
وشهدت السيدة خديجة الأيام الأولي لنزول القرآن وإلي بيتها كان يأوي رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد أن التقي بجبريل في غار حراء وتلقي الرسول كلمات الله الخالدة.. فكانت خديجة تقوي عزيمته وتثبت فؤاده.
وقد شرح الله صدرها للإيمان فكانت أول من آمن به من النساء وهذه ميزة لا تشاركها فيها امرأة أخري.
وقد لقي الرسول في سبيل نشر الاسلام متاعب لاحصر لها ووقفت السيدة خديجة الي جانبه تشد ازره وتعينه علي احتمال الأذي والاضطهاد سنوات عديدة.
وحين شارفت سنها علي الخامسة والستين كانت متاعب الجسد قد بدأت تؤثر عليها فكان الرسول الكريم إلي جانبها يمرضها ويؤنسها ويزف إليها البشري بما أعده الله لها من نعيم.. ثم ماتت السيدة خديجة بعد 24 عاما عاشتها مع رسولنا الكريم.
ماتت في العام العاشر للبعثة وسمي عام وفاتها عام الحزن حيث كانت وفاتها ووفاة أبي طالب عم الرسول في عام واحد.