التدرب على علاج التوتر النفسي
معتقدات خاطئة عن التوتر النفسي: خطأ: التوتر هو حالة إيجابية بالنسبة للفرد لأنه يحشد طاقته و يحفزه على النشاط و العمل. صواب: إن المستوى المناسب من التنشيط يحفز المرء على العمل إلا أن هذا المستوى عندما يتزايد و يتعاظم ينقلب إلى إستجابة توترية معطلة للنشاط و من خصائص التوتر السلبية ضعف الفعالية و التشوش و الأداء المنخفض و حتى شلل النشاط. خطأ: الإسترخاء يبدد الطاقة و يمتصها و يترتب عنه الشعور بالتعب و بالكسل. صواب: يصون الإسترخاء الطاقة الإنتاجية التي بددها التوتر النفسي و الشدات. ومن خلال ممارسة الإسترخاء الفعال يستطيع الفرد السيطرة على طاقته وبالتالي يوجهها نحو الأهداف المفيدة. خطأ: في مقدور الفرد الوصول إلى الإسترخاء عن طريق شرب المسكرات ومشاهدة التلفاز أو الذهاب إلى أماكن اللهو و السينما. صواب: إن الركون إلى المرخيات الخارجية يؤدي إلى الإدمان (التعود) النفسي والفيزيولوجي و بالتالى يحرم الفرد من السيطرة على الذات و يفضي إلى حلقة مفرغة من الهروب من مواجهة الواقع و التغلب على متاعبه. خطأ: أنا لا أشعر بالتوتر و لا أعيشه نظرًا لأن صحتي جيدة و عادةً تظهر أمارات وجود التوتر النفسي في الأعراض الجسمية. صواب: كثير منا لا يشعر مباشرةً يتأثيرات التوتر النفسي و إنعكاسه على العضوية ، مثل : الصداع ، الألم القطني ، حتى الطبيب قد لا يجد أثر التوتر عندما يكتشف أن المريض لديه إرتفاع ضغط دم شرياني ، و كل ما في الأمر أننا نشعر بقلق مبهم و غامض ، و تصلب في أجسادنا ، و بالإنزعاج عند الإتصال مع الآخرين ، و بحدوث تبدلات في مزاجنا و عواطفنا و بشعور في الميل إلى فعل شئ ما دون أن نعرف كيف نقوم به ، و بالضجر و العشوائية و التخبط. خطأ: ليس لدى ما أفعله إلى أن أرى علائم التوتر ، أى لا حاجة للقيام بأى إجراء وقائي. صواب: ليس في هذا ما يدل على أن فرداً ما يعاني التوتر أو لا يعانيه ، بل إن ما يعنينا هو إن معظمنا يعجز عن التعامل تعاملاً فعالاً مع التوتر النفسي ، لذا لابد أن يلحق به التخريب الفيزيولوجي نتيجة هذا التوتر برغم أننا لا نعيه و لا ندركه. و مثالنا على ذلك إرتفاع ضغط الدم الشرياني. خطأ: نحن ندرك دومًا توترنا عندما نكون متوترين. صواب: أضحى التوتر جزءًا من حياتنا اليومية في هذا العصر. و أغلب الناس تآلفوا مع التوتر بحيث أضحى خارج نطاق وعيهم. و مع ذلك فإن هذا لا يعني أن التوتر لا يتراكم تأثيره في النفوس ، إذ أن كثيرًا منا يعاني تأثيرات التوتر الضارة المؤذية، و حتى لو كانوا في الظاهر لا يبدون متوترين أو لا يشعرون بإنزعاجه. و في مقدور التوتر أن يبدل علاقاتك مع الآخرين. أو يخرب وظائف أجهزة بدنك حتى في غياب المشاعر الذاتية للإحباط و القلق. خطأ: التوتر هو ذلك الشئ الذي يؤثر فقط على الناس الذين يلاقون ضغوطًا عالية في حياتهم اليومية. صواب: لا ، ليس هذا حقيقة. إن كثيرًا من الأفراد العاديين يعيشون التوتر الدائم و القلق. خطأ: يحصل التوتر نتيجة الحوادث التي ألمت بنا. صواب: العكس هو الصحيح: إن الحوادث بذاتها لا تسبب أى كرب أو ضيق نفس و لكن نظرتنا إليها و تأويلاتنا لها هما اللذان يسببان الكرب و التوتر لنا. خطأ: الطريقة الوحيدة لتخفيض التوتر هو أن تبدل محيطك و بيئتك ، أو أن تتناول الأدوية المهدئة. صواب: ليس هذا صحيحاً. إن الطريقة الناجحة والفعالة لإضعاف التوتر النفسي هى تبديل مدركاتك و نظرتك نحو الحياة ، أو تغيير أهدافك في الحياة و أسلوب معيشتك ، و ذلك وفق ملائمة و ذات مغزى. خطأ: للعواطف إرادة طاغية بذاتها و يتعذر السيطرة عليها. صواب: هذا ليس صحيحًا. نحن لسنا ضحايا العواطف الراضة المؤلمة المكربة. و هذه العواطف المنافية لا تخرج من اللاشعور المجهول أو من الأمعاء. فالتوترات تصدر عن عوامل يمكننا السيطرة عليها. و نحن نستطيع تبديل مشاعرنا بتبديل سلوكنا أو تفكيرنا. سؤال: إن عملي يحتاج إلى كثير من الطاقة و العدوانية. فهل يؤثر الإسترخاء على أدائي؟ سؤال وجوابجواب: يؤثر الإسترخاء على الأداء بجانبه الإيجابي. فأولاً ، و خلافًا للمعتقد الخاطئ الشائع ، يزيد الإسترخاء الطاقة و الحيوية فيسمح لبدن الفرد بترميم احتياطاته من الطاقة.و ثانيًا ، بفضل الإسترخاء يستطيع المرء العمل أو التصرف بطريقة ديناميكية بدون أن يكون متوترًا مشدودًا. و الحق أنه إذا كان الفرد متنعمًا بالإسترخاء فإنه يستطيع أن يتصرف تصرفًا عاقلاً و ناجحاً و ينتقي أفضل الأداء و يتخذ أحسن القرارات إضافة إلى امتلاكه قدرة أكبر في السيطرة على سلوكه. و ثالثًا: إن المظهر الإسترخائي يوحي بالثقة من جانب الآخرين و قد تزداد ثقتهم في جدارتك و شخصيتك. سؤال: كيف يبدل الإسترخاء من شخصيتي؟ هل أصبح ضجرًا منكدًا؟ جواب: يؤثر الإسترخاء في تأثيرنا على الآخرين و لكن بطريقة إيجابية.فأولاً: يبدو الشخص المسترخي واثق النفس بطريقة غالبًا ما تكون مثيرة بالنسبة للآخرين. ثم إن الشخص المسترخي يكون التعامل معه سهلاً ، و ينعكس إرتياحه الذاتي و شعوره بالإطمئنان على الآخرين بالعدوى ، بحيث يشعر الآخرون بالإرتياح عند إحتكاكهم مع إنسان مسترخٍ. و لهذا السبب غالبًا ما يفتشون في معاشرتهم على الفرد الهادئ المسترخي و يعجبون به. و فضلاً عن ذلك يكون الفرد المسترخي طبيعيًا غير متصنع و أكثر ألفة ، فالكلمات التي ينطق بها تكون بلا تكلف. و ثانيًا: يتمتع الفرد المسترخي بالمدركات الواضحة الصائبة في المواقف المتفاعلة مع الغير ، أى بتعبير آخر يكون تأويله للموقف صائبًا واقعيًا لا تحرفه العصبية و لا الغضب. لذلك فإن الفرد الهادئ المسترخي هو أقدر من الفرد الغضوب المتوتر على رؤية و استشفاف ما يرغبه الناس و ما هم بحاجة إليه ، و ما يثيرهم و يغضبهم و يزعجهم. ثم إن الفرد الهادئ المسترخي هو أكثر قدرة على ضبط سلوكه ، لذلك ففي مقدوره أن ينتقي ما يرغب به الآخرون و أن يحس بما يزعجهم. سؤال: كيف يؤثر الإسترخاء على عاطفة الغضب؟ جواب: في مقدور الفرد المتمرس على الإسترخاء إعاقة ظهور الإستجابات الإندفاعية الهوجاء التي يندم عليها فيما بعد على جعلها متحكمة به ، موجهة لسلوكه نحو الطريق الخاطئ. و يستطيع الفرد المسترخي أيضًا السيطرة على تفكيره و رد فعله سيطرة واضحة التحكم و الضبط ، و إنتقاء الإستجابة الملائمة فيتجنب بذلك تصعيد التوتر في موقف عاصف ، و يحسن الظروف لحل المشكلة حلاً بناءًا. إن هذا النوع من التقرب و التعامل مع الناس الذين يثيرون غضبك يزيد من تبديل سلوكهم و يضعف فرص عداوتهم مستقبلاً ، و يجعلهم في الموقف الدفاعي بدلاً من الهجومي التعرضي. علامات التوتر الأعراض البدنية إضطرابات التوتر فرط التهيج ضعف التركيز و الإنتباه الشعور بالنهك العام العصبية و فرط الإثارة جفاف الفم صريف الأسنان الإسهال الكوابيس الليلية تعرق الكفين برودة اليدين أو الرجلين تسرع القلب عسر التنفس فرط حموضة المعدة الآلام العضلية الشعور بلفحات حارة و باردة الصداع الوعائي (النصفي) الصداع التوتري الألم القطني أو الرقبي تقرحات/ تشنج القولون إرتفاع ضغط شرياني القلق و الرهاب الربو القصبي فرط التهوية الرئوية. ضواغط المهنة يعرف ضاغط المهنة بالحالة التي يتفاعل فيها عامل أو أكثر في نفسية المرء ، الأمر الذي يختل بتأثيره التوازن الذاتي الفيزيولوجي و السيكولوجي. و يميل الأفراد عمومًا إلى الإستجابة إلى مواقف عمل متماثلة بطرق سلوكية مختلفة. فنجد مثلاً أن عاملاً ما ينزعج من جراء تدقيق رئيسه في مراقبة عمله. في حين يجد هذا السلوك في التدقيق قبولاً و ترحابًا عند عامل آخر. و هناك خمسة أبعاد باعثة على الشدة و التوتر في العمل و هى: حالات القلق الذاتي ، و التوتر ، و الغضب التي تستمر لفترة قصيرة و غير مزمنة ، و تحدث ردًا على توتر العمل و نوعيته. الإستجابات النفسية المزمنة ردًا على موترات العمل ، كالإكتئاب ، و التعب ، والدوار ، و الحالات التي تصبح جزءًا من الحالة الصحية للعامل. التغيرات الفيسيولوجية السريرية العابرة ، مثل إرتفاع مستويات الكاتيكولامينات ، و الدهون في الدم ، و إرتفاع الضغط الشرياني ، و فرط الحركات المعوية ، وغير ذلك من المتغيرات السيكولوجية التي تتبدل تبدلاً واضحًا تحت تأثير التوتر النفسي ، و تعكس حالة الفرد المتوتر موضوعيًا. الحالة الصحية البدنية، مثل الإضطرابات الهضمية ، و مرض القلب ، و النوبات الربوية ، و غير ذلك ممن الإضطرابات السيكوسوماتية (أى البدنية النفسية المنشأ). و تعد هذه الإضطرابات جميعها النتائج الحقيقية المثبتة للتوتر النفسي. يتناقص أداء العمل (كالإنخفاض الشديد في الإنتاجية) و تتزايد معدلات الأخطاء المرتكبة في العمل بفعل التوتر النفسي. بهذا الصدد كشفت الدراسات التي تناولت مسألة تأثيرات توترات العمل عن وجود ترابطات عالية high correlations بين الموترات و التغيرات الفسيولوجية. وهناك أيضًا متغيرات كثيرة فيها ترابطات غير تأثيرات شدات العمل ، فعمال المصنع العاملون في خط التجميع قد يصيبهم الإضطراب الإكتئابي بمعدلات أكبر من أرباب عملهم. و هذا الإضطراب لا ينجم عن العمل ذاته ، بل عن سوء أحوالهم المعاشية في بيوتهم ، أو بسبب مخاطر العمل. و من خلال البحث المجدي و الدراسة الفعالة يمكن إنتقاء عمال أفضل في محاولة لتبديل الموترات ذاتها. فالتكيف المرتبط بالإدارة يتضمن مطلب الإنجاز من موظفي الإدارة ، بحيث إن الأفراد يتحركون من خلال تنظيم تسلسلي سلطوي ، يترافق بضغوط متزايدة من أجل الوصول إلى نتائج جيدة في مردود العمل بما يرضى الرؤساء. إن هذا الموقف يؤدي إلى وضع الأفراد في أدوار مهنية قد يتعذر فيها عليهم التكيف مع ما يطلب منهم. و رغم أن هؤلاء قد حالفهم النجاح في ممارستهم للدور المختلف إلا أنهم عندما نشطوا لممارسة الدور الجديد كان الفشل حليفهم. المهن الباعثة على التوتر بالنسبة للمجتمعات الصناعية ، يبدو أصحاب المهن التالية أكثر تعرضًا لمخاطر المهنة على مستوى التوتر النفسي: الطبيب ، و السكرتيرة ، و عامل المنجم ، و مدير المبيعات في الشركة. و المهنة التي تبدو أكثر تعرضًا للمرض البدني بفعل الشدات و التوتر بين المهن التي ذكرناها (و نقصد القرحات الهضمية و مرض القلب) هى مهنة مدير المبيعات في الشركة ، إذ يتوجب عليه إقحام نفسه في المنافسات العالية و العدوانية من أجل الحصول على أعلى في رقم مبيعات. و قد أبانت دراسة أجريت حديثًا أن الفتيات العاملات في ميدان السكرتارية و الضاربات على الآلة و مستقبلات الزبائن و الضيوف في الشركات يعانين إضطرابات بدنية مصدرها التوتر النفسي و بدرجات غير متوقعة. ومن أصحاب المهن الأخرى التي تدخل في تعداد المهن المثيرة للتوتر النفسي: فنيو المختبرات ، و موظفو المكاتب في مستوى أقل من مرتبة المدير ، و المضيفات في الطائرات ، و الممرضات ، و عمال جمع القطع في المصانع (العمل الرتيب الآلي الذي يثير التوتر). يبدل التوتر النفسي كيميائية الدم ، و بالتالي يحدث أعراضًا بدنية غير واضحة السبب فصعوبة النوم و الألم العضلي ، و حساسية المعدة ، وتسرع ضربات القلب، و الدوار ، غالبًا ما تكون علامات التوتر النفسي. و من علامات التوتر النفسي أيضًا رد الفرد بسلوك عنيف لا يتناسب مع طبيعةالمؤثر أو المسبب. إن التفسير لإرتفاع نسبة إصابة العاملات في السكرتارية بأمراض التوتر النفسي البدنية هى: الضغوط الواقعة عليهن للإنجاز السريع و إنهاء الأعمال المطلوبة في أوقات محددة ، إضافة إلى تعاملهن مع الآلات التي تسبب جهدًا بدنيًا على الكتفين و اليدين أو الظهر. و العناصر المبينة أدناه قد تكون نافعة في عملية تقويمنا لمعدلات توتر المهنة: المطالب المتضاربة للمدراء و معاونيهم. وجود شعور قليل من السيطرة على العمل. العمل تحت ضغوط الأوقات المحددة للإنجاز. وجود عمل سريع متواقت بفواصل زمنية نظامية مع خط قليل من الراحة. التعامل مع الناس. التكرار الممل. العمل الموقوت بآلة. كيفية التصدي لتوتر المهنة إن رجل الأعمال الناجح ينجز أعماله على أحسن وجه عندما يكون تحت تأثير الضغوط ذلك لأنه من الصعب أن يكون المرء رجل أعمال دون أن يتعرض للتوترالناشئ عن علاقته برؤسائه و مرؤوسيه و زبائنه...إلخ. إن بروفيلات الأفراد المعرضين لإضطرابات التوتر و أمراضه هم من النماذج التنافسية الذين غالبًا ما ينجحون في أعمالهم. و نذكر من هذه النماذج: الرجل الذي يحاول القيام بأعمال متعددة بآن واحد. المستعجل المزمن في إستعجاله للوقت ، و الذي يعمل على إنجاز أعماله بأوقات مفروضة محددة. الشخص غير الصبور الذي يرغب في أن يكون أول من يسبق عندما تتحول إشارة المرور الحمراء إلى خضراء ، أو الذي لا يصبر على الإنتظار بدوره عند شراء السلع أو ركوب الباص. النموذج الإندفاعي الأهوج الذي يكون جاهزًا على الدوام لتفجير غضبه. المتحدي المخاصم الذي يرغب في أن يكون الشخص الأول و ينجز أى عمل يتحداه. الأشخاص الذين يبدلون نموذج حياتهم ، كالمتزوجين ، و المطلقين. الإستراتيجيات الرامية إلى إضعاف التوتر ليس للتوتر وجود في البيئة الخارجية التي تحيط بنا ، ذلك أن القلق و الخوف لا "يهاجمان" المرء بل يصدران عن النفس ومن داخلها. و هما نتاج التفكير و إدراك للعالم الخارجي ، فنحن الذين نؤول الحوادث الخارجية فتتحول إلى خوف و قلق وتوتر في نفوسنا. فقد تجد في رئيسك الشخصية المفزعة التي تثير خوفك لأنك أنت الذي اخترت أن تنظر إليه بهذه النظرة. فقد لا يكون بالضرورة يحمل الصفات التخوفية التي تعتقد أنها موجودة فيه. و إذا كنت تعاني التوتر النفسي في حياتك فذلك لأنك فضلت أن تحكم على الأفراد و الأشياء بالطريقة التي تمدك بالتوتر. فالتوتر إذن و بهذا المعنى هو خبرة غير طبيعية من صنع ذواتنا. ثم إن جميع الكائنات عدا الإنسان تتجنب الصراع الداخلي إلا في الآلية الرامية إلى الحفاظ على البقاء ضد أى خطر يهدد عضويتها و كيانها. و من ناحية أخرى ، نجد الكائنات البشرية يستحوذ عليها القلق غير المفيد فتتعرض أجسادها إلى إضطرابات نفسية – فسيولوجية ، مثل إرتفاع ضغط الدم ، و القرحات ، و تقصير مدة الحياة المنتجة. فالفرد الذي يشعر بالميل الطبيعي نحو التوتر النفسي قد يظل على حالته هذه طوال حياته. و مع ذلك هناك أسس يمكن إتخاذها و العمل بها للوصول إلى الهدوء النفسي و السلام الداخلي. فإذا كان مصدر التوتر من الخيارات التي يختارها فرديًا ، حينئذٍ توجد وسائل نوعية و مناهج حياتية تعين الفرد ليكون أكثر إسترخاءًا ، و ليتحرر من التوتر و القلق بالقدر الذي يستطيعه. وهناك جملة حقائق يمكن الإشارة إليها في هذا المجال: بما أن التوتر ينعكس على وظائف الجسم فيخل توازنها ، فإن مسئولية إزالة هذا التوتر تقع عليك. إن أى نشاط بدني يحسن الإسترخاء و يزيده يؤدي آليًا إلى تخفيض التوتر النفسي و إضعافه. فيمكنك مثلاً التدرب على التأمل ، أو أى نمط من أنماط الإسترخاء البدني و النفسي. عندما تصبح واعيًا مدركًا للقلق ،عليك ممارسة السيطرة النفسية من خلال التحرر في الأفكار الباعثة على التوتر لمدة 60 ثانية ، و من ثم إطالة هذه المدة. إن هذا هو القاعدة لتخليص نفسك من الأفكار المهدمة للذات. تخلص من آفة السرعة سواء في عملك أو قيادة السيارة أو في شراء حوائج الدار..إلخ. عليك تأجيل بعض الأعمال لصالح عملية الإسترخاء عندما تشعر بميلك إلى الإسترخاء. تحاش إجبار نفسك على إنجاز أعمال كثيرة بأوقات محددة ، فلا تراقب عقارب الساعة و لا مرور الوقت لمدة يوم على الأقل. و تمتع بحرية التحرر من ضغط الوقت. تخل عن محاولاتك لتكون الزوج المثالي ، أو الزوجة المثالية أو الموظف المثالي...إلخ. و في أغلب الأحيان قد لا تحصل على التقدير الكامل على صنيعك ، لذا لا تقدم المعروف الكامل للغير على حساب ألقابك و توترك لأن هذا يفضي إلى الشعور بالإحباط.(بخلاف الوالدين أو المسكين و اليتيم و الفقير). كن قادرًا و مقتدرًا على أن تقول "لا" بثبات و تصميم بالنسبة للإلتزامات التي تسبب لك الكثير من الضغوط النفسية. ففي مقدورك التخفيف عن نفسك الكثير من الضغوط غير المسوّغة و غير الضرورية من خلال إحجامك عن التعهد بالقيام بواجبات جديدة من أجل إرضاء الآخرين. طوّر الأساليب التي تمكنك من تبديل سمات الشخصية غير المرغوبة في نفسك. فمثلاً: أجّل إنفجارات الغضب التي تعتريك لعدة دقائق ، فهذا يسمح لك بالإبتعاد عن المتاعب مع الغير و بذلك تبعد بعض التوترعن حياتك. خصص لنفسك ساعة واحدة في اليوم و اقضها في التأمل أو الكتابة أو ممارسة أى عمل يسرك و يمتعك. نمّ في نفسك السرور و البشر. إن النزوعات الإيجابية تضعف التوتر النفسي عندك و عند الأشخاص المحيطين بك أيضًا. نوّع من نشاطاتك ، ولا تقتصر على نوع واحد من الأداء فى كل الأوقات . تذكر دومًا أن الادوية والكحول لا تزيل متاعبك النفسية . ما عليك سوى استشارة اختصاصى ليساعدك على التخلص من الاعتماد على الأدوية والكحول فى حل مشكلاتك . تجنب الحياةالكسولة التى لا نشاط فيها .فالجلوس كثيرًا ، والإقلال من النشاط ، يؤديان إلى التوتر والكرب ، وزيادة الوزن ، أو الإكتئاب . قرر فى الصباح الأعمال الصغيرة غير المرغوبة عندك ، والتى عليك انجازها فى ذلك اليوم ، وذلك لتتخفف منها بسرعة من برنامج عملك اليومى . إن هذا يجعلك تستشعر بالراحة وبالتخفيف من الإزعاج والتوتر احترم نفسك واعتبارك لذاتك فى كل الأوقات ، فالتوتر النفسى هو فى واقع الحال النموذج القاسى لرفض الذات الذى يمكن معالجته وتصحيحه . وليكن خيارك دومًا الشىء الذى لا ازعاج فيه ولا توتر . مبددات التوتر العملية نفذ الاسترخاءات ذات المدة الزمنية القصيرة عدة مرات فى اليوم أى فى أثناء حديثك على الهاتف ، أو عند انتظاردورك فى الباص ، أو عند شراء حاجة من المخزن . انتبه إلى أسلوب حديثك . حاول أن تأخذ أنفاسًا عميقة وزفيرًا بطيئًا (تهوية رئوية متواترة) . استخدم إشارات معينة ( فى ساعتك ، وعلى مرآة السيارة ، أو على قرص التليفون مثلاً) كتوقيت للاسترخاء . وذكر نفسك ألا تكون عجولاً فى أى أمر . وأنت تتحدث مع ذاتك كرر كلمات مثل : الهدوء ، أو السكينة كمنبهات لإثارة الاسترخاء . سجل فى دفتر خاص علامات التوتر النفسى التى تحدث لك ، أو الحوادث التى تعجل ظهور أعراض التوتر لتعالجها من خلال الاسترخاء وإزالة التحسس نحوها . ضع يدك على وجهك لتعرف درجة حرارته ، و بالتالي لتدرك ما إذا كنت متوترًا أو مسترخيًا (تقبّض أوعية الجلد السطحية يؤدي إلى إنخفاض درجة حرارة سطح الجلد ، و هذا دليل على التوتر النفسي). لاحظ ما إذا كنت تضغط فكيك ، و تكز على أسنانك (صريف الأسنان) أو تشد العضلات التي حول عينيك دون أن تشعر. كذلك لاحظ تقطيبك لعضلات الجبهة و الوجه عمومًا ، و الرقبة أو تقلصات العضلات الأخرى. تفوّه بكلمة (أوه) في كل زفير ، و لعدة لحظات في كل عملية إسترخاء في منطقة ما من الجسم. مارس أى نشاط رياضي ترغبه: السباحة ، ألعاب القوى...إلخ. تحدث مع أصدقائك و خالط الناس بخلق حسن. تحوّل عن متاعبك اليومية بالإستمتاع المباح. حرر مشاعر الغضب المكبوت بالطريقة التي تراها مناسبة وحدك ومن دون أن يسئ ذلك إلى مكانتك الإجتماعية ، مثلاُ: البكاء إن وجدت حاجة إليه. مارس التدليك و الحمامات الساخنة...إلخ. العلامات و المؤشرات الفسيولوجية و النفسية للتوتر النفسي العلامات الفسيولوجية توتر العضلات (الرقبة و الظهر و الطرفان السفليان) و الإرتجاف و التشنجات و الصداع التوتري و برودة الأطراف. جهاز الهضم: الغثيان، و حموضة المعدة، و القرحات، و الغازات، والألم البطني التشنجي. الطعام: عدم تذوق الطعام، و فقدان الشهية، و الإمساك، و الإسهال. مشكلات النوم: الأرق، و الإستيقاظ المبكر، و الكوابيس و الأحلام المزعجة، و فرط النوم. الألم: ألم الظهر، و ألم الكتفين و الذراعين، و كزكزة الأسنان (الصريف)، والألم الفكي – الصدغي. فرط التعرق. الإضطرابات القلبية – الدورانية: تسرع القلب، و الضربات غير المنتظمة، وألم الصدر. التنفس: عسر التنفس، و الألم الصدري. إرتفاع الضغط الشرياني. الإندفاعات الجلدية: الطفح الجلدي، و الحكة، و بقع الأكزيما. الإضطرابات الجنسية: العنة، و فقدان الشهوة الجنسية، و غياب الإيغاف orgasm (أى عدم القدرة على بلوغ ذروة اللذة) و غياب الطمث. العلامات النفسية: إكتئاب ، و التشاؤم، و الكرب ، وفقدان الإهتمام، و فرط التهيج، و فرط النشاط، وعدم الإستقرار، و فقدان الصبر، و الغضب، و سلوك العنف مثلاً: (ضرب الطاولة باليد)، و العرات tics بأنواعها، و صعوبات الكلام، و النهك، و الملل، و الخمول، وضعف الفاعلية، و التعب، وضعف تركيز الإنتباه، و ضعف الذاكرة، و التشوش الذهني ، و السلبية، ، و صعوبة إتخاذ القرارات، و الجمود، ومراقبة الذات، و التنبه المستمر لردود فعل الآخرين، و التصلب و العجز عن إحداث تبديل أو خلق مرونة في السلوك، و الشعور بهزيمة الذات و عدم القدرة على ضبطها، و الكسل، والأداء السئ، و تضاؤل القدرة على حل المشكلات. المواقف التي تخلق التوتر 1.العلاقة المضطربة غير المستقرة إن العلاقة الإجتماعية أو الأسرية المضطربة تخلق توترًا كبيرًا على المستوى النفسي و الفسيولوجي. و مثل هذا الإضطراب يستحوذ على الفرد استحواذاً كبيرًا بحيث تصبح القضية أو المشكلة الأولى في حياته. لذلك يتعذر على الفرد التخلص من التوتر و إزالته حتى يجد له الحل المناسب. 2.عدم القدرة على الإسترخاء و إراحة النفس إن الإلحاح على إنجاز عمل ما ثم التصدي لعمل آخر، من غير أن تترك لنفسك فسحة للراحة و لتهدئة الذهن، و لإسترخاء البدن، معناه إمداد التوتر بزخم قوي يقضي عليك في نهاية المطاف. و تذكر أن التوتر يخلق عندما تكون مدفوعًا و بإستمرار نحو عمل تضطر إلى إنجازه في وقت محدد. 3.السورات الإنفعالية و إنفجارات الغضب يفضل دومًا أن تحرر مشاعرك المكظومة، و تعبر عنها، فلا تكبتها إذا ما إخترت السلوك الغاضب كأسلوب في الحياة، إلا أنه عليك من جهة أخرى أن تدرك أن مثل هذا السلوك سيكون مصحوبًا بالتوتر الذي يواكب الإنفعالات المعروفة المبددة تبديدًا دائمًا. 4.سلوكية الإتقان و الكمال في الحياة قد تكون من صنف الناس الذين يشعرون دومًا بالإحباط لعدم عثورهم على الشخص الكامل. و من المستحيل أن يكون الإنسان كاملاً بالصورة المثالية التي ينظر إليها بعض الناس. فالفرد الذي يفشل في التعامل مع الفشل يكون دومًا حبيس التوتر و الشعور برفض الذات. إن الفرد لا يستطيع أن يتعلم ضروب متاعب الحياة و صعوباتها إلا إذا كان مهيئًا و مستعدًا لقبول الفشل و الإحباط، و لإرتياد المجهول بإقبال و بلا وجل. 5.الميل نحو التنافس المفرط إن الميل التنافسي الصحي الذي لا إفراط فيه أو لا يشوبه التوتر، هو ظاهرة سوية عند الكائن السوي. أما التنافس المستمر و إتخاذه أسلوبًا في الحياة و هدفًا في جميع ضروب النشاطات، فهو باعث على التوتر، و مصدر إزعاج و كدر بالنسبة للفرد ذاته و للأفراد المحيطين به. إن فقدان الأهمية بالذات ووجود إعتوار في القوة يترتب عنهما قبول دور الأفراد المحيطين بك و سيادتهم عليك بالطريقة القادرين عليها. أما أن تطلب أن تكون مسموعًا دائمًا أو أنك تشعر دومًا بالإذدراء و بالإستخفاف، فهذا ما يبقيك في حالة عجز دائم عن التغلب على التوتر. 6.الصلابة في السلوك و في التعامل حاول أن تكون مرنًا في التعامل مع الناس، و بالتالي ستجد نفسك أكثر إسترخاءًا. فالشخصيات المتصلبة الجامدة تميل إلى البحث عما يزعجها و يتعبها، و بالتالي تجد ذواتها في مواقف جدلية مستمرة. 7.فقدان الصبر إذا ما فقد الإنسان صبره، و انخفضت عتبة تحمله، فإنه غالبًا ما يميل إلى فرض مفاهيمه و معاييره على نفسه و على الغير و بالتالي لا يعطي لنفسه أية فسحة من السلام و الطمأنينة و السكينة. فإذا كنت عجولاً غير صبور و كنت تتوقع من الآخرين إنجاز الأعمال بسرعة، فإنك غالبًا ما تتهم البشر الذين لا يجارونك في نزوعاتك العجولة بضعف المردود، و الكسل، و البرودة. ثم إن الإلتزام بالجدية المطلقة أو النسبية في علاقاتك مع الناس ينمي التوتر و سلوك الإثارة و الإنفعال في نفسيتك. نقلاً و تلخيصاً عن كتاب "فن العلاج في الطب النفسي السلوكي" للأستاذ الدكتور محمد الحجار المحاضر في جامعة دمشق الناشر: دار العلم للملايين – بيروت - لبنان
ساحة النقاش