الربط بين المساحات الزخرفية والأسطح
لقد مكنت شساعة رقعة التشكيل الزخرفي وكثرة استنباط العناصر، وكذا التركيبات البنيوية للزخارف الإسلامية حسب الرقعة الجغرافية للعالم الإسلامي، هذه الكثرة التي يمكن إفراد مكوّناتها على عمر الحضارة الإسلامية وهيكلتها حسب معطيات التاريخ، ولا زال نبضها لم ولن يخفت مادام هذا العالم الإسلامي محافظا على نظام الصنعة بنظمه، كمكوّن أساسي في الشخصية الإسلامية... أقول مكنت من إعطاء الفنان المسلم إمكانات كثيرة في تكسية الأسطح والمساحات بما يتلاءم معها من عناصر زخرفية دون نشاز في البلورة الجمالية للقطعة/التحفة، بل الأجمل من ذلك أنه كلما كان هنالك تعقيد معين في السطح المراد زخرفته يكون مدعاة وسببا في خلق فني جديد وابتكار زخرفي حديث يضاف لفهرس مكتبة الزخارف والتصاميم الإسلامية حتى يكون مرجعا لما بعد، تتناقله أيدي الصناع المهرة دون حكر على أحد.
وكذلك يمكن تطويع تصاميم صنعة ما لتلائم أخرى في تلاقح بين التقنيات يظهر جليا في مكونات الزخرفة المعمارية خاصة، من أعمال الرخام والخشب، والجص والزليج..الخ. وما يتمازج بين تقنياتها من مكونات زخرفية.
4-الوحدة في الكل والكل في الوحدة
بالارتباط مع بند التناسب المذكور أعلاه تأتي العلاقة الرياضية بين الجزء والجزء، وكذلك الجزء والكل في كيانات الزخارف الإسلامية كمبدإ أساسي للتقييم والإحساس الجمالي لدى المتأمل.
هذه العلاقة أمكن التعبير عنها من خلال خاصية التكرار والتماثل في الابتكارات الزخرفية؛ فالفنان المسلم لا يوجد الجملة التعبيرية زخرفيا ككيان واحد متكامل، بل هي أولا جوهر فرد غير قابل للتقسيم أو التجزيء، وبفعل عمليات التكرار والتماثل المحكومة بالعلاقات الرياضية المنطقية، تصبح هذه الوحدة البسيطة كيانا أكبر ذا قيمة جمالية أشمل.
هذا التواتر في الوحدات البسيطة والتناسق يدخل المتأمل بإيقاع موسيقي متراكب يتجاوز البساطة إلى التعقيد في رحلة من الجمال الظاهري (الجمال لأجل الجمال) إلى الإحساس بسمو المشاعر وصعودها في معارج الإجلال الجمالي، فيحس مقدار وجوده النسبي ضمن دائرة الكون كوحدة ترتبط مع الوجود المطلق للخالق تعالى القائل وقوله الحق ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾(الحديد:3-5).
وكانت "نقطة" فـ"خط" ثم "دائرة"، وكأنك تلف بعبارات التسبيح "سبحان الله" و"الحمد لله" داخل دواخل النفس والروح في استظهار للصفات الإلهية يمكن استجلاؤه من خلال التأمّل العميق المسلّح باليقين والفهم الصحيح لعناصر مبادئ التصميم الزخرفي في الفنون الإسلامية كركيزة من ركائز الإحساس بجلال ديننا الحنيف وعظمته وجماله.
المصدر: منتدي الخط العربي
نشرت فى 21 مارس 2010
بواسطة princesslines
عدد زيارات الموقع
1,452,296
ساحة النقاش