بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. أهلًا بكم.

خروج سيدنا موسى عليه السلام من مصر:
نكمل سويًا ما بدأناه سابقًا، يريد الآن سيدنا موسى عليه السلام الخروج من مصر ليبتعد عن طائلة يد فرعون، ولكن إلى أين وقد ترامت حدود الدولة المصرية في عصرالفرعون رمسيس وغطت مساحة كبيرة من الأراضي؟ ومن ثم سيضطر سيدنا موسى عليه السلام قطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام. ولكى تستطيع استيعاب مدى حرج الموقف، راجع كل الوجهات التي يمكن لسيدنا موسى عليه السلام الفرار إليها، وقد وصلت حدود مصر إلى سوريا وإلى لبنان، فلن تجد إلا "مدين". الطريق إلى مدين يتصف بالوعورة والخطورة وتصعب فيه الحركة إلى أبعد ما يكون، ويقبع على جانبيه جبال، وفى نهايته وادٍ تقع فيه مدينة مدين، والتي تبعد عن مصر إلى ما يصل إلى ألف كيلو متر من الأراضي، والتي قطعها سيدنا موسى عليه السلام في ثمانية أيام، وقد كانت هذه هى أول رحلة لسيدنا موسى عليه السلام خارج مصر. وبالرغم من دراسته لعلم الفلك وإمكانية الاهتداء بالنجوم في الصحراء والاستعانة بها في تحديد المسار الصحيح إلا أنه استعان بالله عز وجل، وظن الخير في إهدائه للمسارالصحيح. ويصف القرآن الكريم خروج سيدنا موسى عليه السلام من مصر بالآية التالية: [font=/'tahoma/'][size=/'2/'])[/font]وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَّهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) (القصص:22) وهناك معاني جميلة في وكأن سيدنا موسى عليه السلام يلجأ إلى ربه ويقول له سبحانه وتعالى: "يا رب أنا خرجت من مصر لأنى نصرت مظلومًا، فيارب أنا أعلم أنك لن تتركني وستهديني إلى الطريق الصحيح"، وفي هذا حسن ظن بالله عز وجل، وعليه توكل سيدنا موسى عليه السلام، وظن أن يرد عليه عمله الحسن عندما أحسن من قبل وساند مظلومًا، وهنا يأتى لُب الموضوع، والذى سأظل أردده عليكم، وأطلبه منكم وهو أن تقفوا بجانب الغلابة، وأن تساعدوا الضعفاء، وأن تنصروا المظلومين، فبنصرة المظلوم أصبح سيدنا موسى عليه السلام كليمَ الله]
من أصعب الأشياء على النفس أن يخرج الإنسان من بلده فجأة، ولكن ما معنى خروج الفجأة؟ خروج الفجأة معناه أنه ليس هناك طعام يتزود به المسافر في سفره، ولا ركوبة يمتطيها، ولا صديق أو أخ يُوَدِعهُ كهارون عليه السلام، بل ليس هناك حضن أم، فحتى أمه لم يستطع سيدنا موسى عليه السلام أن يُودعها. خروج الفجأة خروج صعب على النفس، ولكن لا خيار آخر أمام سيدنا موسى عليه السلام لينجو بنفسه من القتل غير هذا الخروج الأليم، ولم يكن خروج سيدنا موسى عليه السلام من مصر مجرد خروج فجأة بل لقد كان أيضًا خروج من كونه موسى الأمير إلى موسى المطارد؛ الذى يخرج فقط لينجو بنفسه من القتل وذلك لأنه ساعد ضعيفًا.

ويبدأ الترحال في حياة سيدنا موسى عليه السلام من ذلك اليوم، فهو لن يكون مستقرًا من الآن فصاعدًا فى حياته. وهكذا كانت رحلته الأولى من مصر إلى مدين، والتي قضى فيها عشر سنوات من عمره، ثم رحلته الثانية من مدين إلى مصر، والتى قضى فيها خمس عشرة سنة، ثم من مصر إلى سيناء وإلى صحراء النقب، ومرة أخرى إلى حدود الأردن وإلى حدود فلسطين، ثم التيه فى صحراء النقب حتى الوفاة. لقد كانت حياته سبعين سنة بدون استقرار من أجل الضعفاء!

هناك الملايين من الضعفاء الغلابة في بلادنا، ماذا فعلت لهم؟ ولماذا أسرد عليك هذه القصة؟ وبماذا تشعر تجاه سيدنا موسى عليه السلام؟ اعلم أن مساعدة ومناصرة سيدنا موسى عليه السلام للضعفاء كانت هى السبب فى استحقاقه لأن يكون كليم الله، لقد أحببت سيدنا موسى عليه السلام جدًا من قراءتي لسيرته، فهو لم يعش مستقرًا أبدًا. أما نحن فنعيش في استقرار، وإذا ما نقلنا من بيت إلى آخر بحاجاتنا من أثاث وديكور وغيره نعتبر هذا أيَّما مشقة.

الوضع في مصر:
يبحث فرعون عن سيدنا موسى عليه السلام في كل مكان، وقد استشاط غضبًا، وعليه أن يجده، فمن أجله قتل آلاف الأطفال الرضع منذ ثلاثين عامًا، وياللقدر! ينجو هو، وقد كان هو المراد من القتل، بل ولقد رباه فى بيته. ومع اشتداد حذر فرعون من تحقق الرؤيا وسلب ملكه اشتدت أوامره لجنوده بإيجاد سيدنا موسى عليه السلام حيًا أو ميتًا، وإن كان قد نجا من الموت منذ ثلاثين عامًا فيجب أن يذبح الآن ولا يفلت أبدًا هذه المرة، فانتشر جنود فرعون في بيوت بنى إسرائيل ليفتشوها، وعذبوهم لعلهم يجدونه، ولكنهم لم يبحثوا عنه قط في الصحراء؛ وذلك لعلمهم بأن الصحراء جرداء، من دخلها وهو لا يملك ركوبة ولا دليل فهو هالكٌ لا محالة، ولعل سيدنا موسى عليه السلام فى هذه الأثناء كان يناجي نفسه بأنه ما أراد إلا أن يُصلح في بنى إسرائيل ويساعد الضعفاء، ولكن يا للخُسارة ضاعت رسالته. أو لعله كان يتساءل: لماذا كان عاقبة مساعدته مظلومًا خروجًا مفاجئًا من وطنه وأهله، وهو لا يدري أن هذا هو منتهى الحب والإعداد من الله عز وجل له، يا سيدنا موسى، لكى تكون كليم الله عز وجل، ولكى تحمل الرسالة يجب أن تتحمل مشاقًا ومشاقًا تقويك وتؤهلك أن تكون على قدر المسؤلية الآتية، فتربية القصور لا تجدي بمفردها نفعًا مع هذه المهام العظيمة، ومن ثم وجبت مشاق الصحراء وتعبها وجهادها. فكل ما في هذه الرحلة هو من قول الله عز وجل:[font=/'tahoma/'][size=/'2/'] [/font](وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) (طه: 41) الله الله على هذه الكلمة، فكل ما يحدث لك يا سيدنا موسى هو إعداد لك من الله عز وجل، وهناك قاعدة تقول: "ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك"، والمعنى أن في بعض الأحيان قد يمنع الله عز وجل عنك ما تريده ولكن هذا في حقيقته لا يكون إلا عين العطاء ومنتهى الحب من الله عز وجل، خذوها قاعدة في حياتكم يا شباب، وتعلموها من سيدنا موسى عليه السلام، لو أنك على الحق، ولو أنك على الخير، ولو أنك تساعد الغلابة والمظلومين وفى هذا تعرضت لصعاب ومشاق مثل ما تعرض له سيدنا موسى عليه السلام فى الطريق، فاعلم أن هذا من اصطناعة الله عز وجل لك، فكل من يريد الله ويريد الحق يصنعه الله ويُعده، وإن كنت منهم فافرح ولا تحزن فهذا من صناعة الله عز وجل لك، هذه كانت مشاعر سيدنا موسى عليه السلام مقترنة بحسن ظن فى الله عز وجل.

سيدنا موسى عليه السلام في الطريق إلى مدين:
يسير سيدنا موسى عليه السلام في الطريق الوعر الخطير إلى مدين، وهو مهدد بالقتل، وذلك للمرة الثانية في حياته، والتى سبقتها محاولة قتله وهو لا يزال بعد رضيعًا صغيرًا، وفي هذا رسالة خفية إلى موسى عليه السلام من رب العالمين له، وفيها أنك يا موسى، نجوت فى المرة الأولى وستنجو فى الثانية، وفيها أيضا أنك يجب أن تعلم أن أَجَلُك وأجل العباد في يدي أنا الله، وها أنت تتعرض للقتل مرتين، وممن؟ من فرعون، ولكن الله عز وجل ينجيك فى المرتين، وعلينا نحن أن نعي هذه الرسالة جيدًا، وفي هذا يقول سيد النبيين محمد صلى الله عليه وسلم: "نفث روح القدس في روعي أن نفسًا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلهاوتستوعب رزقها". لا تخشوا على أرزاقكم وأعماركم؛ فهى مضمونة لكم بين يدى الله عز وجل، ولكن افعلوا الخير، واعملوا الحق. تعلموا من سيدنا موسى عليه السلام ومن رحلته إلى مدين.

يسير سيدنا موسى عليه السلام في الطريق إلى مدين، ويمر عليه يوم ويومان وثلاثة، وفي هذا يصف ابن عباس نقلًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حال سيدنا موسى عليه السلام في هذه الرحلة، فيقول: "التصقت بطنه بظهره من شدة الجوع، أكل ورق الشجر، تقيحت فاه، بات ليال فى الصحراء عاريًا، ثم سقط نعله، ثم سقط جلد قدميه، وسقطت أظافره، وأدميت قدماه". إن لكم أن تعلموا أن المسافرين في الصحراء يُحَّذًَرُون من العقارب؛ فهى تقبع تحت الصخور، وتخرج على السائر في الصحراء، وتلدغ الجالس فيها.

فكيف كان حال سيدنا موسى عليه السلام في هذا المكان وقد مرت عليه ثمانية أيام، وكان لا يجد مأوىً للنوم إلا أرض الصحراء العارية؟ ولم تكن هذه هى المشقة الوحيدة التى تعرض لها سيدنا موسى عليه السلام، بل ومن طول مسيرته تقطع نعله، وسقط جلد قدميه، ونزفت رجلاه. أليس بعد معرفة بعض مشاق هذه الرحلة يجدر علينا أن نتعب لله عز وجل؟ ألسنا نتعب كثيرًا من أجل الدنيا؟ أنبخل ببعض التعب لله عز وجل؟ ألم تُدمى قدما كل من سيدنا موسى وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام؟ وألم يسيرا- كلٌ منهما- في الطريق الطويل؟ فيسير سيدنا موسى عليه السلام إلى مدين، ويسير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الطائف؟ يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: "يُبتلى المرء على قدر دينه، فمن كان في دينه صلابة زِيدَ في ابتلائه، قالوا: ومن أكثر الناس ابتلاءً يا رسول الله؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل" إذا كنت ممن تعمل الخير وتتعرض للصعاب فأنت تسير على طريق الأنبياء، فأنت على خطى سيدنا موسى عليه السلام، وأنت كأنك تسير في طريق سيدنا موسى عليه السلام إلى مدين، ثم إلى الدرجات والمقامات العلا في الجنة، يا أهل البلاء، اصبروا، اصبروا كما صبر سيدنا موسى عليه السلام، والحق في القرآن الكريم يقول]... إِنَّمَا يُوفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيرِ حِسَابٍ (الزمر:10

الأنس بالله عز وجل:
أنا أتخيل سيدنا موسى عليه السلام وهو سائر على قدميه خائر القوى، يكاد يسقط من شدة التعب، وها هو يقترب من مدين، وها هى مدين تلوح فى الأفق، أريد أن أنبهكم إلى عبادة جميلة عاشها سيدنا موسى عليه السلام فى هذه الأيام الثمانية، ألا وهى الأُنس بالله عز وجل، ولكن ما معنى الأُنس بالله؟ الأنس بالله هو أن تصبح الوحدة ليست بوحدة لأنك مع الله. عليكم بتجربة هذه العبادة، والله إنها لعبادة جميلة، فبدلًا من أن تقول سأشاهد التلفاز ساعتين أو ثلاثة، أو سأتكلم فى الهاتف لأضيع الوقت، جرب أن تأنس بالله عز وجل، هيا، قلد سيدنا موسى عليه السلام، ولكن كيف لك أن تأنس بالله عز وجل؟ ركعتين، نعم عليك بالصلاة، لأنك فى الصلاة وبينما أنت تقول "الحمد لله رب العالمين"، يقول الله عز وجل لك: "حمدني عبدي"، وبينما أنت تقول: "الرحمن الرحيم" فيرد عليك الله عز وجل، ويقول: "أثنى على عبدي"، وبينما أنت تقول: "مالك يوم الدين"، فيقول ربنا عز وجل: "مجدني عبدي"، وبينما أنت تقول: "إياك نعبد وإياك نستعين"، فيقول عز من قال: "هذا بيني وبين عبدي"، الله الله الله على هذا! كان لسيدنا عمر بن عبد العزيز مع الفاتحة عملًا عجيبًا، وهو أن يصمت بعد كل مقطع فيها هنيهة من الوقت، فسألوه: لماذا تصمت؟ قال: لأستمتع برد ربى. هذا هو الأنس بالله، هل أدلكم على عمل جميل للأنس بالله عز وجل؟ اذكروا الله.. فذكر الله هو قمة الأنس[]فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ...) (البقرة:152) وهناك حديث قدسي يقول: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه"، قل الآن: "لا إله إلا الله"، يذكرك الله تعالى الآن باسمك]

كان الأنس بالله عز وجل هو حال سيدنا موسى عليه وسلم طيلة الثمانية أيام التى قضاها في رحلته قاطعًا الصحراء بين مصر ومدين، وأخيرًا بدأت ظهور بعض ملامح الحياة في الأفق، وكانت تلك مشارف مدين بالفعل، وهكذا استجاب الله تعالى لدعاء سيدنا موسى عليه السلام وحسن ظنه به عز وجل، والكلمة التى قالها "عَسَى رَبِّي أَن يَّهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ" قد تحققت.

دخول سيدنا موسى عليه السلام إلى مدين:
ودخل سيدنا موسى عليه السلام إلى مدين وتوجه إلى مُجتَمَع الناس، وهو ماء مدين، وهذا هو المكان الذي يسقي الناس فيه، وإن أنتم ذهبتم إلى مدين في زماننا هذا ستجدون نفس عين الماء المذكورة في القرآن الكريم، والتي ذهب إليها سيدنا موسى عليه السلام منذ ثلاث آلاف سنة، ومن المعلوم أنه إن لم يكن تحديد هذا المكان غير ذي أهمية لما تم ذكره في القرآن الكريم، توجد ماء مدين فيما يعرف الآن باسم محافظة الكرك في دولة الأردن، ومن يصل إلى هذه المنطقة سيجد لوحة مُعلقة مكتوبٌ عليها الآية القرآنية التي تقول:](وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ...) (القصص:23) ولا تزال هذه الماء تسقي حتى وقتنا الحاضر، ولا يزال البشر يَرِدُونها ليسقوا منها.

يالها من رحلة طويلة ومشقة كبيرة، ولكن هكذا تستحق الرسالات العظيمة. ياليتكم تكونون مثل سيدنا موسى عليه السلام تنصرون الضعفاء، وما ماء مدين إلا مكانٌ آخرٌ ينصر فيه سيدنا موسى عليه السلام ضعفاء آخرين، فهنا في هذا المكان ساعد الفتاتين، وهذا هو لب قصة سيدنا موسى عليه السلام، فنصرة الضعيف هى السيرة الذاتية التي أهلته لكى يكون نبيًا، ولكى يكون كليم الله. أتريد أن يكون لك مقام عند الله عز وجل؟ انظر ماذا تفعل مع الضعفاء، وما هو مقام الغلابة عندك؟ وأنت ستعلم ما هو مقامك عند الله، وهكذا سَيُؤَهَل سيدنا موسى عليه السلام من هذا المكان- ماء مدين- ليكون كليم الله عز وجل.

ولنتعرف أكثر على أرض مدين، فأرض مدين هى أرض سيدنا شعيب عليه السلام، وهو نبي من أنبياء الله عز وجل عاصر سيدنا لوطًا عليه السلام، وجاء بعد سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، ويبعد زمنه عن زمن سيدنا موسى عليه السلام بثلاثمائة سنة. وككل الأنبياء أُُرسل سيدنا شعيب عليه السلام إلى أهل هذه البلدة في زمانه يدعوهم إلى الله العزيز الغفار، ولكنهم كذبوا ورفضوا الدعوة، وهكذا نقرأ في القرآن الكريموَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ...) (الأعراف:85) وكانت هذه الأرض أرض زراعة وحضارة، يعيش أهلها عيشة هنية، ولكنهم كانوا يُطففون في الميزان –وهذا نوع من الظلم وللأسف الشديد ينتشر الآن وبكثرة في بلادنا- فأرسل الله عز وجل إليهم شعيبًا، وأعطاهم الكثير من الفرص كي يُقلِعُوا عن ذنوبهم ويعودوا إلى طريق الرشاد، ولكن مع حلم الله عليهم ازداد ظلمهم وجهلهم، فكان أن أخذهم عذاب يوم الظلة، كما يسرد القرآن الكريم: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمُ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الشعراء: 189] وكان أن حدث زلزال شديد أدى إلى سقوط وتهدم بيوتهم فهلكوا جميعًا بعد حلم الله عز وجل عليهم، ولكن السؤال الآن: لماذا نذكر هذه القصة هنا في هذا المكان- ماء مدين- وفي هذا الزمان، زمن سيدنا موسى عليه السلام؟ لأن الله عز وجل أراد أن يأتى سيدنا موسى عليه السلام إلى أرض كَثُرَ فيها الظلم كما هى أرض مصر الآن في زمن فرعون، وذلك ردًا على تساؤلات سيدنا موسى عليه السلام الداخلية التى لابد وأنه كان يتساءل بها فى نفسه، مثل: أأخرج أنا وأنا من نصر المظلوم بينما يبقى الظالم في مكانه ولا يخرج من أرضه؟! فكان لابد أن يجيب الله عز وجل عليه بطريقة عملية وواقعية وليست نظرية، وكأنه يقول له: لا يا موسى، فإن ربك حليم يمهل العباد، ويُعطي الفرص لعل الناس يرجعون عن ظلمهم، ولكنه إن أخذ_ سبحانه وتعالى_ فإن أخذه أليم شديد. كان لابد لسيدنا موسى عليه السلام أن يدخل أرض مدين ليُحكى له قصة هذه الأرض وقصة أهلها مع نبيهم وتكذيبهم له وأخذ الله لهم، وليرى سيدنا موسى عليه السلام بعينيه آثار هذا الزمان من بقايا البيوت المهدمة والحضارة المندثرة والموجودة حتى الآن؛ ليعلم أنه مهما علا فرعون في الأرض وظلم فإنه لابد له من نهاية مدوية كما في وصف القرآن الكريم لنهايات الظلمة(وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102) يا ظالمين، احذروا غضب الله العزيز، وإياكم أن تستهينوا، فنعم، الله هو الحليم، ولكن أيضًا أخذه أخذٌ أليمٌ شديدٌ. فكأن الله أراد عز وجل أن يُرِىَ سيدنا موسى عليه السلام بعينيه تجربة عملية، ليعلم أن الله مع الصابرين، ياالله على دروسك العملية التي تعلم بها البشر!

ما السبب الذى جعل سيدنا موسى عليه السلام يتجه إلى بئر مدين بمجرد دخوله إلى هذه الأرض الجديدة؟ كان للقدماء عادة وهى أن الغريب إذا دخل أرضًا جديدة عليه، وأراد أن يُضَيَفَهُ أحد ليأكل ويشرب فعليه أن يذهب إلى مكان السقاء؛ لأنه مكان اجتماع القوم مما يجعله مكانًا مناسبًا لإيجاد شخص يضيف الغريب، هذا بالإضافة إلى أنه أراد أن يشرب بعد رحلة الثمانية أيام في الصحراء. ما هو هدفك الآن يا سيدنا موسى؟ أن يستضيفنى أحد؟
اقرأ القرآن وتعايش معه:(وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) (القصص:23) والأُمة من الناس هى الجماعات الكثيرة من البشر، كلٌ له مأربهُ الخاص إما سقاية ماشيته أو سقاية أهله أو أن يشرب هو نفسه. ولنا أن نتخيل موقف سيدنا موسى عليه السلام الآن، فهو لابد فرح بوصوله إلى هذا المكان الذي يكثر فيه االناس، ولابد أن أحدهم سيلاحظ عليه مشقة السفر وجوعه فسيستضيفه عنده، ولكنه في هذه الأثناء لاحظ شيئًا غريبًا، وهو وقوف فتاتين على جانب هذه الساحة الكبيرة ومعهما أغنامهما، ولكنهما لا يقتربان من الماء. أريدك أن تلاحظ معي شيئًا لطيفًا في الآية الكريمة السابق ذكرها، وهو أن كلمة "وَجَدَ" قد تكررت مرتين، فمرة وجد أمة من الناس، ومرة أخرى وجد فتاتين تمنعان أغنامهما من أن يدخلوا إلى الماء متزاحمين مع أغنام الآخرين، لقد تعلم سيدنا موسى عليه السلام من التجربة، فأول مرة وجد شخصًا يضرب آخر، فوكزه فورًا فقضى عليه، بينما في المرة الثانية (فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَّبْطِشَ ...) (القصص:19) أي أنه فكر قليلًا قبل أن يهم بأمر ما، أما الآن فهو يرقب المكان ويتفكر في الأمر من حوله ويعقله، فتكررت كلمة "وجد" لتعبر عن هذا التفكر في الأمر قبل إحداث فعل ما. هل لاحظت كم هو جميلٌ هذا التدريب الرباني المستمر؟! تدريب الله عز وجل لموسى عليه السلام اليوم هو: "شاهد وارقب حتى ولو كنت تفعل خيرًا"، هذه هى القاعدة عند عمل الخير، فما بالك لو كان لعمل شر، إياك أن يجرك صاحبك إلى شر، إياك أن تسلم عقلك وقلبك إلى شيطان أو إلى صاحب سوء، بل يجب عليك أن تشاهد وترقب.

شهامة ونصرة رغم التعب والجوع والعطش:
وما الذي شاهده وراقبه سيدنا موسى عليه السلام في ساحة ماء مدين؟ وجد الفتاتين تقفان على جانب الساحة، بينما يقف الناس في طابور على الماء الأقوى فالأقوى، أي أن الأقوى يصل إلى الماء أولًا، يسقى نفسه ثم أهله ثم ماشيته وينصرف، ليأتي الذي يليه في القوة، وهكذا من يأتي البئر مبكرًا يأخذ الماء الصافي، ومع الوقت يبدأ الطين والكدر الموجودان في قاع البئر يعكران الماء، فيأتي الضعيف ويأخذ الماء المكدر بالطين، وبالتالى فإن القوى هو من يحصل على الماء الصافي، بينما الضعيف يحصل على الماء الكدر، وأضعف الضعفاء هو من سيسقى في آخر الوقت بعد انصراف جميع السقاة، وبالطبع أضعف الضعفاء هما الفتاتان لأن والدهما رجل عجوز لا يستطيع أن يسقي بنفسه. استطاع سيدنا موسى عليه السلام بعد أن شاهد وراقب ساحة ماء مدين أن يتعرف على ماهية منطق الحكم عند أهل هذه المدينة، وهو منطق القوة وليس منطق الرحمة، كم من مواقف يحكمها منطق القوة في بلادنا! ومع أى منطق أنت؟ منطق القوة أم منطق الرحمة؟ منطق الأقوياء أم منطق موسى نصير الضعفاء؟ لم تُذكر هذه القصة فى القرآن هباءً بل لتتعلم وتعِىَ الأمور من حولك، وأنت عليك أن تحدد وتختار منطقك، أتريد أن تكون مثل الأقوياء الذين سقوا على البئر بالقوة على حساب الضعفاء؟ ولكنهم لم يُذكروا في التاريخ، أم تريد أن تكون مثل موسى عليه السلام كليم الله وحبيبه؟ لنرى ماذا سيفعل نبي الله موسى عليه السلام مع الفتاتين علمًا أنه ما ورد ماء مدين إلا ليجد من يستضيفه، وهو الغريب الجائع، ومن المؤكد أن الفتاتين لن يستضيفا رجلا، ولو أنه ساعدهما فهذا يعني أنه سيقدمهما بقوته على كثير من الرجال، وتقل فرص استضافته من أحد هؤلاء الرجال أو حتى تنعدم، فمع أي المنطقين سيكون سيدنا موسى عليه السلام؟ يا سيدنا موسى، ماذا أنت فاعل وأنت من سرت على رمال مصر إلى أن وصلت إلى حجر مدين، سائرًا على قدمين عاريتين بعد مسيرة ثمانية أيام؟ أنت الذي أُلصقت بطنك بظهرك من الجوع، وأنت المهدد بالقتل من قِبل فرعون، وأنت من لا تعرف هل نجوت أم لا، هل تفكر يا سيدنا موسى، في مساعدة الفتاتين وبك كل هذه الأحوال؟!

نعم، إن شهامته ستتغلب على تعبه وجوعه وعطشه، وسيساعد الفتاتين! ألم أقل لكم أن سيدنا موسى صلى الله عليه وسلم سيقدم سيرته الذاتية الخاصة به ليصبح نبيًا؟ ويا الله، إنها نفس السيرة الذاتية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي كليهما نصرة الضعيف هى سابقة الأعمال، ألم يستوقفك كلام السيدة خديجة رضى الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه الوحى لِيُعلمه أنه أصبح نبيا؟ ألم تقل له: "كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتكرم الضيف، وتعين على نوائب الدهر، وتعين الضعيف وتقف مع المكروب"، إذن تلك هى المواصفات التي جعلت الأنبياء أنبياء، وأنت إن أردت أن تكون حبيب للأنبياء وعلى قدم الأنبياء، فعليك بنصرة الضعفاء التي جعلت سيدنا موسى عليه السلام كليم الله وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد خاتم الأنبياء. هل لى أن أسالك ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان سيدنا موسى عليه السلام في هذا الموقف؟ دعني أقل لك ماذا كنت ستفعل، كنت ستهرول إلى البئر مزيحًا كل من يقف أمامك بالقوة لترتمي في الماء، وتروي نفسك منها، أليس هذا بصحيح؟ أم كنت ستجلس على الأرض تداوي قدميك التي أدمت دمًا، أم كنت ستنام، وتنام لكي تستطيع أن تفيق، أم كنت ستذهب إلى أحد الأقوياء، وتطلب منه الاستضافة، وعلى كلٍ فإنك من المؤكد كنت ستتجاهل الفتاتين، لأنه ليس هذا الوقت المناسب لتفكر في أمرهما، ناهيك عن مساعدتهما. لم يفعل سيدنا موسى عليه السلام أيًا مما كنت أنت ستفعله؛ لأنه لا يتوقف عن نصرة الضعيف، ولا تتوقف شهامته، فماذا فعل سيدنا موسى عليه السلام؟

ذهب سيدنا موسى عليه السلام إلى الفتاتين يسألهما عن أمرهما، ويسرد القرآن الكريم الخطاب بينهما كالتالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) (القصص:23) (فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص:24) ولاحظ أدب الفتاتين، فهما اعتذرا عن وجودهما في وسط هذا الحشد الكبير من الرجال بأن أباهما رجل عجوز، لا يستطيع أن يسقي بنفسه، ولذلك هما هنا من أجل هذه المهمة بدلًا منه، وهنا في هذه اللحظة ينصر سيدنا موسى عليه السلام الفتاتين الضعيفتين، فيسقي عنهما، وإن كان المنطق الذي يعرفه السقاة هو منطق القوة فسيدنا موسى صلى الله عليه وسلم هو لها، وبالفعل تزاحم مع الرجال، وسقى لهما، ونسى جوعه وعطشه حتى أنه لم يسق نفسه كما قال سيدنا ابن العباس: "لم يُدرِك أن يشرب".

هل عرفت الآن لم استحق سيدنا موسى عليه السلام أن يكون كليم الله عز وجل؟ ماذا عنك أنت؟ ما هو مقامك الذي تريد الله عز وجل أن يضعك فيه؟ أتريد أن تدخل الجنة؟ ولكن بأي عمل تريد أن تدخل الجنة، بأى ضعيف وقفت بجواره، بأى يتيم نصرته، بأى أرملة ساعدتها، بأي أطفال شوارع وقفت بجانبهم، بأي قرية فقيرة ذهبت إليها وساعدت فقراءها؟ قل لي بأي عمل؟

حب النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا موسى:
هناك رواية تقول أن الرعاة لما علموا أن سيدنا موسى عليه السلام ينتوي مساعدة الفتاتين أرادوا منعه، ولكنهم علموا بعدم مقدرتهم على هذا لِما ظهر منه من قوة البدن في زحامهم إياهم على الماء، فقرروا وضع صخرة عظيمة لا يستطيع حملها إلا عشرة رجال مجتمعين في طريقه ليعترضوه، فما كان منه إلا أنه رفعها بمفرده. ومن الجدير بالذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم وصف سيدنا موسى عليه السلام، وكان قد رآه صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج، وكان يحبه حبًا جمًا، وكان من أقرب الناس لقلبه صلى الله عليه وسلم بعد سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ وذلك لأن ثلث القرآن الكريم أُنزل في سيدنا موسى عليه السلام، وبحب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم كان حبه لسيدنا موسى عليه السلام، كما أنه كان أيضًا أكثر من عانى مثله مثل الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أجل ذلك كان يقول النبى صلى الله عليه وسلم عندما يؤذى أو يؤذى أحد من أتباعه: "رحم الله أخي موسى". إياكم أن تكونوا غير محبين لسيدنا موسى عليه السلام، أحبوه مثل الرسول صلى الله عليه وسلم كما علمنا القرآن الكريم (... لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) (البقرة:285) يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا موسى عليه السلام، فيقول: "رأيت موسى، فقال مرحبًا بالنبى الصالح والأخ الصالح"، يا الله على الحب بين كلا النبيين، يا ليت بني إسرائيل يتعلمون، يا ليتهم يعلمون مقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند نبينا موسى صلى الله عليه وسلم، ووصف رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا موسى عليه السلام، بقوله: "فرأيته طوالًا أجعد الشعر" وطوالًا هذه تشير إلى شدة الطول مع عضل مفتول، فقد كان سلام الله عليه قوة بدنية هائلة؛ ولذلك استطاع أن يحمل بمفرده صخرة لا يحملها إلا عشرة رجال مجتمعين، ومن أجل ذلك قالت الفتاة لأبيها فيما بعد: (... يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ) (القصص:26)0 أريد هنا أن أوجه كلامي إلى الشباب الذى يداوم على الرياضة: إياكم أن تكون عضلاتكم هذه للشر أو للبنات أو للإعجاب، إياك أن تضع في جيبك سلاحًا أبيض، وإياك أن تستقوي على أحد بعضلاتك، تَعَلَم أن تكون عضلاتك وقوتك للضعفاء، تعلم من هذا الدين، أ طعام وشراب أم رجولة وشهامة؟ اختار سيدنا موسى عليه السلام الوقوف بجانب الضعفاء فأصبح كليم الله عز وجل.

قد تتساءل في نفسك أن ما فعله سيدنا موسى عليه السلام مع الفتاتين هو عمل خير، ولكنه فى النهاية عمل بسيط وصغير، يجب أن تعلم أن نصرة الضعيف ليس بعمل صغير، وأن من يعمل العمل الصغير يُهيؤه الله عز وجل للعمل الكبير، لأن الله عز وجل يُجرب عباده مرة تلو الأخرى، وإذا نجحوا يتفضل عليهم بالمنزلة الكبيرة، وهكذا أصبح سيدنا موسى عليه السلام هو السبب الذي يجعلنا نهتم بمدين وبماء مدين، فهو رمز نصرة الضعفاء، فهو الذي سيخوض أعظم تجربة لمواجهة الظلم في تاريخ البشرية.
وبعد أن سقى سيدنا موسى عليه السلام للفتاتين خسر كل من كان يقف على ماء مدين من الرجال الذين قد يُضيفونه، فرجع سيدنا موسى إلى الخلف وجلس في ظل شجرة ليس معه أحد إلا الله عز وجل.

الواجب العملى:
· وإليكم الواجب العملي بعد معرفة هذه القصة العظيمة، وهو أن تبحث عن فقير أو ضعيف وانصره كما نصره سيدنا موسى عليه السلام، فهذا هو الطريق إلى الجنة، وهذا هو طريق الأنبياء، وعليك أن تعلم أنك قد تجد ضالتك في بيتك، كأن يكون هذا الضعيف هو أمك أو زوجتك أو ابنتك وأنت من تستضعفها، وضع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم نصب عينيك، والذي يقول فيه: "لئن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا"، فيامن يعتكف في المسجد النبوي في العشر الأواخر من رمضان، اذهب إلى قريتك، وابحث عن أسرة فقيرة، ومُد لهم يَد العون، كأن تساعدهم على إقامة مشروع صغيرتُحيِيهُم به، ويا من يعاني من المشاكل، بالله عليك، اقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعلم منه: "من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة". "وكان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، "ومن يسر عن معسر يسر الله عنه في الدنيا والآخرة". ابحث عن أرملة، صديق، أو جار ضعيف، وقف بجانبه، واعلم أن أحد الصحابة كان إذا لم يمر ببابه ضعيف أو فقير يطلب مساعدته يقول: "هذه مصيبة بذنب أذنبته"، وعليه إذا لم تستطع أن تجد فقيرًا أو ضعيفًا تساعده، فاعلم أنك محروم بذنوبك الكثيرة.
· والواجب الثاني هو أن تقرأ القرآن، وأن تستمتع بالآيات الكريمات التي تحكي قصة سيدنا موسى عليه السلام لعلك أن تَحيا بالقرآن.

كم نحتاج إلى سيدنا موسى عليه السلام في زماننا هذا، وكم هى حاجتنا لنتعلم منه نصرة الضعيف، وكم هى حاجتنا لنتعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان من صفاته التي أهلته ليصبح نبيًا وقوفه بجانب الضعفاء.
عل الله الرحمن الرحيم يجمعنا مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا موسى عليه السلام في الفردوس الأعلى بنصرة الضعفاء والفقراء.]

<!-- / message -->

 

  • Currently 190/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
63 تصويتات / 934 مشاهدة
نشرت فى 28 أغسطس 2009 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,747,092