بغداد أنتجت ورقا الأعلى نوعا 

دأب المؤرخون على تدوين  طريق واحد تجاري في السابق بين الصين والشرق الاوسط واوربا وهو طريق الحرير الفريد، بيد انهم اهملوا شرايينا وطرقا ودروبا اخري في حساباتهم  لتجارات متعددة كانت حية في التواصل بين الامم، لقد كانت هناك طرقا ودروبا ومسارات اخرى ينساب منها الفلفل والقرنفل والزعفران والخشب والحديد والماس والذهب والعاج، اذ كان لها هي الاخرى طرقا ودروبا وازقة تاريخية، كذلك كان للورق دروبا وازقة تفرعت والتقت ذهابا وايابا على مدى التاريخ. 

 

بدأ هوموسيبيانس (الانسان العاقل) كما يصنفه الانثروبولوجيون (متخصصوا السلالات)، بدأ بالرسم فقط على جدران الكهوف وبعد اعقاب من الزمن تطور الانسان وبدأ في الكتابة على الحجر والطين والخشب والنحاس والذهب وجلد الحيوانات والعظام. وكما يبدو من مؤشرات التاريخ ان ابناء الرافدين بدأوا بالكتابة اولا على الطين وهم اول من ابتكروا الكتابة بالحرف وكانت قبل ذلك تجري الكتابة صوريا، والجدير بالذكر  ان الفراعنة على رغم تقدمهم في الحضارة بقوا يكتبون بالكتابة الصورية وبذلك كان السبق لابناء الرافدين في العالم بابتكارهم التدوين الحروفي.

على رغم وجود البردي في اهوار العراق فان ابناء الرافدين فضلوا الكتابة على رقم الطين المفخور وهو اعلى مكانة في تحدي نوازل الطبيعة. ثم كانت الطفرة من مصر عندما استحدث الفراعنة رقائق البردي وكانت خطوة جريئة في التاريخ، بيد ان رقائق البردي رغم كونها كانت الاعلى صنعا لكنها لاتقوى على مقامة الدهور، وفي صدر الدولة العباسية عندما انتظم وجود الدوائر الحكومية اخذ العباسيون الاوائل يكتبون على البرديات المستوردة من مصر وعلى الرقوق الحيوانية. حتى حل عهد اصبحت فيه بغداد مركزا مهما لانتاج الورق بمعناه الاولي وكان الاصلح لتدوين الاخبار وصنعة الكتب; الورق اسماه العرب اول الامر بالقرطاس، وكان يعني بالأصل البرديات كصفحات مفردة او طويلة ملفوفة. وكلمة القرطاس مشتقة من اليونانية (خارتس). وعرف العرب الرقوق أي (جلود الحيوان) المعالجة صناعيا للكتابة. وبقيت كلمة الورق الاكثر استعمالا وكان يقال ايضا (ورق قرطاس) وتعني صفحة او ورقة واحدة من الورق ومنها حلت بعئذ كلمة وراق ووراقة ووراقين للاشارة الى المتعاملين بالورق كصناع الورق وتجاره والناسخين والمجلدين. توسعت دوائر الدولة في العهد العباسي فانشئت دواوين عديدة منها ديوان الجيش وديوان النفقات وديوان بيت المال وديوان الرسائل والانشاء وديوان البريد وديوان البر والصدقة وكلها تمثل ما يمكن تسيتها حاليا بالوزارات;
بغداد ادركت عهدها الزاهر عندما بدأت لاول مرة في التاريخ اكبر حركة ترجمة سجلها التاريخ، ذلك عندما استدعى المتصور فريق مستشفي جنديسابور الطبي برآسة جورجيس بن بختيشوع الى بغداد، فتأسس بيمارستانا الاول من نوعه في العالم، ثم تلى ذلك حدوث ترجمات المخطوطات الطبية والفلسفية اليونانية من اللغة السريانية الى العربية بشكل ليس له مثيل, كل ذلك استدعى اقبالا على الورق حتى قيل في ذلك العهد ان الكتب الثقيلة سقطت على الجاحظ فقضى نحبه.

شهدت بغداد في تاريخها اللامع تجمعا ثقافيا مهنيا يعرف بسوق الوراقين. حدث ذلك على الآغلب عندما حل في بغداد الورق البدائي  الذي انتهى الى الورق الذي  نعرفه الآن، ولكن بالطبع ليس كالورق الذي نشتريه من مخازن (كراند آند توي). هذا ويذكر المقريزي وجود (خان الوراقين) في القاهرة;   اتخذ الورق في العهد العباسي في القرن الثامن الميلادي اسم الكاغد، والتسمية آتيه عبر آسيا الوسطى من (كاغز) الكلمة إلإيغورية، وهي لغة لقسم من سكان الصين وتركستان القديمة ومن اللغة السوغدانية ايضا وهي لهجة ايرانية من اواسط آسيا. اما الدفتر فقد عرف في العصر الأموي وكان يعني الدائرة الحكومية، والدفتر مشتق من الأصل اليوناني (دفثرا)، وتعني الرق اي جلد الحيوان المصنع للتدوين عليه;قبل بدء صنع الورق في بغداد كانت الدوائر تستخدم البرديات، صفائحا مفردة او حزيمات مكونة من 24 أو 25 ورقة من نوع واحد من الورق Quires. وتشكل كل عشرين حزمة، رزمة واحدة وتقابلها بالانكليزية Ream والمأخوذة من عربية إسبانيا. كانت الرزمة تحتوي 480 ورقة. أما رزمة اليوم فتضم 500 ورقة.
يقول ياقوت الحموي والماوردي ان أول مشغل لانتاج الورق أقيم في بغداد كان في 794 – 795 م في عهد هارون الرشيد، بينما يذكر المؤرخ الجهشياري ان الورق ادخل أولا في بغداد في عهد المنصور مؤسس بغداد، الا ان المقريزي واستاذه ابن خلدون يقولان، ان الذي جاء بالورق الى بغداد هو الوزير البرمكي الفضل بن يحي في عهد الرشيد. ويروى أيضا ان الخليفة المعتصم انشأ مصنعا للبردي في سامراء في 836 م واستعان بمتخصصين مصريين لان البردي يتوفر في أسفل الفرات. ذكر ابن خلدون في المقدمة بان الورق في هذا العهد بلغ (درجة ملحوظة من العلو) وهذه العبارة مترجمة عن مصدر انكليزي. وقد ذكر ذلك ابن خلدون لأن الورق غدى في هذه المرحلة اكثر قدرة على امتصاص الحبر وأعلى مكانة من البرديات او الرقوق، ولم يعد بالامكان التلاعب به من محو او اضافة كما كان يحدث قبل هذا الزمن.

الورق المسمى بالبغدادي كان حتى القرن الرابع عشر، رمزا ليس للجودة فقط بل لكبر حجم الورقة المصنوعة المعروضة في السوق وكانت ملائمة لانتاج الكتب الكبيرة الحجم ايضا

papersproducts

إيفا لايف

ساحة النقاش

شركة إيفا لايف

papersproducts
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

462,421