فوضى أبنائنا وضحكتهم وهم يلعبون بحرية لها حلاوة لا نعرف قيمتها إلا إذا راحوا عنا مثل ما راحوا عن عمر بهاء الدين الأميري، وبقي يتأمل آثارهم وذكرياتهم وصورها أبدع تصوير في الأبيات التالية بقوله:    

أين الضجيج العذب والشغب                   أين التدارس شابه اللعِبُ
أين الطفولة في توقُدِيها                  أين الدمى في الأرض والكتبُ
أين التشاكس دونما غرض                    أين التشاكي ما له سببُ
أين التباكي والتضاحك في                    وقت معاً والحزن والطرب
أين التسابق في مجاورتي                     شغفاً إذا أكلوا وإن شَرِبوا
يتزاحمون على مجالستي                     والقرب مني حيثما انقلبوا
يتوجهون بسَوق فطرتهم نحوي                    إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا                     ووعيدهم (بابا) إذا غضبوا
وهتافهم (بابا) إذا ابتعدوا                      ونجيبهم (بابا) إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا                    واليومَ وَيح اليومِ قد ذهبوا
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم                في القلب ما شقوا وما قربوا
إني أراهم أينما التفتت نفسي                      وقد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم في                الدار   ليس ينالهم نصبوا
وبريق أعينهم إذا ظفروا                      ودموع حُرقتهم إذا غلبوا
في كل ركن منهم أثرٌ                          وبكل زاوية لهم صخبوا
في النافذات زجاجها حطموا               في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه                 وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا             في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا               في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت عيني                     كأسراب القطا سربوا
بالأمس في قرنايلٍ نزلوا                        واليوم قد ضمتهم حلبُ
دمعي الذين كتمته جلداً                          لما تباكَوْا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا                   من أضلعي قلباً بهم يجبوا ألفيتني كالطفل عاطفة                          فإذا به كالغيث ينسكبوا     قد يعجب العُذّال من رجل يبكي!!                 ولو لم أبكِ فالعجبو!!
هيهات ما كل البكاء خَوَرٌ                 إني وبي عزم الرجال أبو 

 

مقدمة:- أخي القارئ الكريم أنوه لتكرار المقدمة الواردة بمقال ( فقه التربية  ) ووضعت المكرربين علامتي تنصيص للوضوح وارتباط المقدمة بالفهم السليم للمقال وحتى لا يكون الكلام مبتوراً " ففي ظل المتغيرات العصرية والاضطرابات السلوكية التي تحيط بأبنائنا وتعصف فيهم وبهم نجد أننا في أمس الحاجة إلى أن نفقه أسلوباً جديداً من أساليب التربية ومدى حاجتهم النفسية وضرورة اشباع تلك الحاجات النفسية عن طريق اللمس حتى يربوالابن بعيداً عن تلك التوترات السلوكية التي كثيراً ما يشتكي منها الآباء - وإن كانوا هم سبباً فيها - ولكن الشكوى بعد فوات الأوان وصعوبة الاستدراك لذا وجدت من الحتمية علي كتربوي ومهتم بأمور التربية أن أضع أشارات وإضاءات حول مفهوم فقه التربية باللمس ووجدت في لغتنا العربية الجميلة خير معين في تجلية هذا المعنى والمفهوم.                     

 

فالفِقْهُ: العلم بالشيء والفهمُ له،  والفِقْهُ في الأَصل الفَهْم. يقال: أُوتِيَ فلانٌ فِقْهاً في الدين أَي فَهْماً فيه. قال الله عز وجل: ليَتفَقَّهوا في الدين؛ أَي ليَكونوا عُلَماء به، وفَقَّهَه اللهُ؛ ودعا النبي، صلى الله عليه وسلم، لابن عباس فقال: اللهم عَلِّمْه الدِّينَ وفَقِّهْه في التأْويل أَي فَهِّمْه تأْويلَه ومعناه، فاستجاب الله دُعاءه، وكان من أَعلم الناس في زمانه بكتاب الله تعالى.
والفِقْهُ الفِطْنةُ.الفِقْهُ (القاموس المحيط)الفِقْهُ، بالكسر: العِلْمُ بالشيءِ، والفَهْمُ له، والفِطْنَةُ، وغَلَبَ على عِلمِ الدينِ لشَرَفِه.

 

وقصدت أن الفقه أعمق وأدق من الفهم ولما كانت المهن تحتاج إلى فهم ليجاز العامل فيها فما بالكم تربية أبنائنا وغرس قيمنا ألا يحتاج هذا إلى فهم واتقان ومع الفهم لا بد أن يغلف بالفطنة والذكاء وللتربية معان رائعة تلقي بظلالها على تصوراتنا التي تترجم بأفعالنا ومنها  : -                            رب (مقاييس اللغة) الراء والباء يدلُّ على أُصولٍ. فالأول إصلاح الشيءِ والقيامُ عليه.والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. والله جلّ ثناؤُه الرَّبٌّ؛ لأنه مصلحُ أحوالِ خَلْقه.والرَّبيبة الحاضِنة.

 

والأصل الآخرُ لُزوم الشيءِ والإقامةُ عليه، وهو مناسبٌ للأصل الأوّل. يقال أربَّت السّحابةُ بهذه البلدةِ، إذا دامَتْ.ويقال الإرباب: الدّنُوّ من الشَّيء.
ويقال أربَّت الناقة، إذا لزِمت الفحلَ وأحبّتْه، .والأصل الثالث: ضمُّ الشيء للشَّيء، وسُمِّي العهدُ رِبابةً لأنَّه يَجْمَعُ ويؤلِّف.(لسان العرب) رَبا الشيءُ يَرْبُو رُبُوّاً ورِباءً: زاد ونما.وأَرْبَيْته: نَمَّيته. وفي التنزيل العزيز: ويُرْبي الصدَقات؛وفي حديث الصدقة: وتَرْبُو في كَفِّ الرحمن حتى تكونَ أَعْظَمَ من الجبل. وقوله عز وجل في صفةِ الأَرضِ: اهْتَزَّتْ ورَبَتْ؛ قيل: معناه عَظُمَتْ وانْتَفَخَتْ وتربية الأبناء تحمل مفاهيم كثيرةمن زيادة السلوكيات السوية الحميدة ، وهي وظيفة الآباء من اصلاح التالف وتعديل المعوج ، وهي القيام على مصالحهم ،وديمومةالممارسات التربويةلأنها لا تنتهي أبداً وبالتالي هي ملازمة لحياة البشر لينتقل من مقام تربوي لآخر، والتربية بكل ثناياها تجمع ولا تفرق وتضم ولا تبعثر فهي ضم النافع لمثله "                       (لسان العرب)
اللَّعِبُ واللَّعْبُ: ضدُّ الجِدِّ. وقال الأَزهري: رجل تِلْعابة إِذا كان يَتَلَعَّبُ، وكان

كثيرَ اللَّعِبِ.

 

وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه: زعم ابنُ النابغة أَني تِلْعابةٌ؛ وفي حديث آخر: أَنَّ عَليّاً كان تِلْعابةً أَي كثيرَ الـمَزْحِ والـمُداعَبة، والتاءُ زائدة.
ورجل لُعَبةٌ: كثير اللَّعِب. اصطلاحا: هو اصلاح وتعديل وصيانة سلوكيات الأبناء من خلال نشاط موجه عن طريق اللعب على أساس من الفقه والفهم والاتقان . ومن هنا بعد أن كانت التربية التقليدية تعتبر اللعب عدواً للوقت والجهد وتحول بين الأطفال وبينه، جاءت التربية الحديثة لتعزز موقفه وتجعله ضرورياً للنمو الجسمي والعقلي والاجتماعي والانفعالي للطفل، وتؤكد على انه ميل طبيعي له غاياته التربوية.. ولذا فإن معظم علماء التربية يؤكدون على جعل اللعب مبدأ من مبادئ التربية، وانه وسيلة مهمة لتربية الصغار يسهم اللعب فيها إسهاماً كبيراً مع الغذاء في زيادة وزنه وحجمه ونمو أجهزته المختلفة، تعمل جميعها أعمال الطاقة الكامنة لدى الطفل، وبالتالي زيادة قوته العضلية ونموه البدني. واللعب هو استغلال لطاقة الجسم الحركية في جلب المتعة النفسية للفرد، وهو الوسيلة التي يزداد بها الطفل معرفة بالبيئة التي يعيش فيها.. إذ أن اللعب هو عمل للطفل، وهو وسيلته التي ينمو بها ويرقى بواسطتها، ويمكن أن ننظر إلى نشاط -إن اللعب ضرورة أساسية لنمو الطفل في مرحلتي الطفولة المبكرة والمتأخرة لتهيئته لاستقبال الأعمال والمهارات التي تتطلبها مراحل النمو والبيت والمدرسة وكلاهما مدعو لتشجيع الطفل على تنويع نشاطه الحركي وتشجيعه على الحركة التي تتطلب المهارة والشجاعة، كما تعد ألعاب الأطفال وسيلة مهمة وحيوية لإدراك الكثير من المفاهيم والقواعد في مختلف المعارف والعلوم، وفهم بعض أسراره.  اللعب له دوراً هاماً في النمو الحركي والمعرفي وكذلك الوجداني وخصوصاً عند الأطفال .ومن المعروف والثابت بالدراسات الحديثة أنه كلما زاد المتعلم في استخدام الحواس المختلفة كلما كان التقدم والتطور السريع . وحديثاً لم تصبح اللعبة مجالاً للتسلية وحسب بل أصبحت جزءً لا يتجزأ من العملية االتربوية . فظهر ما يسمى ( ألعاب تعليمية ) – (التعليم باللعب ) ( التعليم بالترفيه ) . وبالتالي أصبحت الألعاب مكوناً رئيسياً من مكونات العملية التعليمية التربوية . ومن هذا المنطلق نعرض مفهوم اللعب والدور التربوي منه . واللعب في الإسلام وما يجب مراعاته في تصميم اللعبة ……………… ألخ 

 

 اللعب في الإسلام : -                                                     وردت كلمة اللعب في القرآن بعدة مواقف منها سورة يوسف ( 11 ، 12 ) . كما وردت في السنة كثيراً مثل : قال رسول الله " لاعب ولدك سبعاً وأدبه سبعاً وأصحبه سبعاً ثم أترك بعد ذلك " ويقول القرضاوي أن الإسلام لم يفترض في الناس أن يكون كل كلامهم ذكراً ، وكل صمتهم فكراً ، وكل سماعهم قرآناً ، وكل فراغهم بالمسجد ، وإنما اعترف بهم وبفطرهم التي خلقهم الله عليها . ويقول النبي " روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإنها إن كلت عميت " وقد أقر النبي مبدأ التسابق كما حدث هذا في حياته من تسابق بالجري والمصارعة والرماية وركوب الخيل وكذلك المبارزة وقال علي كرم الله وجه إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة . وقال أبو الدرداء : إني لاستجم نفسي بالشيء من المباح ليكون أعون لها على الحق . وقال الحجاج لمربي ولده علمه السباحة قبل الكتابة فإنهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم . 

 

ومن هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الأطفال :
المداعبة و التعليم بطريق اللعب ، و هو من الوسائل التي تعتبرها المدارس الغربية في التربية اليوم من أنجع الوسائل و أهمها و أقربها إلى نفس الطفل و أنفعها له ، رغم أن الهدي النبوي سبق إلى ذلك و قرره و شرع فيه صاحبه صلى الله عليه و سلّم بالفعل ، في مواقف كثيرة من أشهرها ما رواه الشيخان و غيرهما من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً ،‏ وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ -‏ قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ -‏ وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ «‏ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ »‏ .‏ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ،‏ فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ فِى بَيْتِنَا ،‏ فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِى تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ ،‏ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا .‏

و مداعبته صلى الله عليه و سلم لأبي عمير رضي الله عنه درسٌ عظيم يرسم منهجاً في تربية الأطفال و تعليمهم و آباءهم بأسلوب التشويق و التودد لهم ، و لذلك اهتم العلماء بهذا الحديث أيّما اهتمام .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ( الفتح ) : ( في هذا الحديث عدّة فوائد جمعها أبو العباس الطبري المعروف بابن القاصّ الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزءِ مفرد ، و ذكر ابن القاصّ في أوّل كتابه أنّ بعض الناس عاب على أهل الحديث أنّهم يروون أشياء لا فائدة فيها ، و مثل ذلك التحديث بحديث أبي عمير هذا ، قال : و ما درى أنّ في هذا الحديث من وجوه الفقه و فنون الأدب و الفائدة ستين وجهاً ثمّ ساقها مبسوطةً. وهذه الأهمية التربوية للعب لم تغب عن أذهان علماء التربية الإسلامية من السلف، بل قد عرَف السلف –رحمهم الله– أهميةَ اللعب للطفل، وأرشدوا الآباء والمربين إلى ضرورة السماح للأطفال بقسط من اللعب؛ فها هو ذا الغزالي يقول: "ينبغي أن يُؤْذَن للصبي بعد الانصراف من الكُتَّاب أن يلعب لعباً جميلاً يستروحُ فيه من تَعَبِ المكتَبِ؛ بحيث لا يتعب في اللعب؛ فإنَّ مَنْعَ الصبي من اللعب، وإرهاقَه بالتعلم دائماً، يُميت قَلبَهُ، ويُبطِل ذَكَاءَهُ، وينغص عليه العيشَ حتى يطلب الحيلة في الخلاص من الكُتَّاب رأساً". وما أشار إليه الغزالي بالكُتَّاب هو ما يساوي المدرسة في عصرنا و تضافرت النصوصُ التي تدل دلالة واضحة على اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بإعطاء الأطفال حقَّهم من اللعب؛ فعن أبي أيوب الأنصاري –رضي الله عنه– أنه قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحسنُ والحسينُ –رضي الله عنهما– يلعبان بين يديه أو في حِجْره، فقلت: يا رسول الله، أتحبهما؟ فقال: ((وكيف لا أحبهما وهما رَيْحَانَتَىَّ من الدُّنْيَا أشمهما؟!)) وعن جابر –رضي الله عنه– قال: دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يمشي على أربعة وعلى ظهره الحسن والحسين -رضي الله عنهما- وهو يقول: ((نعم الجَمَل جملُكما، وَنِعْمَ الْعِدْلانِ أنتما!)) وعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه– قال: رأيت الحسن والحسين -رضي الله عنهما- على عاتِقَيِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: نِعمَ الفَرَسُ تحتكما! فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ونعم الفارسان هما!)) وعن البَرَاء بن عَازِب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يصلي، فجاء الحسن والحسين، أو أحدهما -رضي الله عنهما- فركب على ظهره، فكان إذا رفع رأسه قال بيده، فأمسكه، أو أمسكهما، وقال: ((نعم الْمَطِيَّةُ مَطِيَّتُكُمَا!)) وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ونعم الرَّاكِبان هما، وأبوهما خير منهما)) ففي الأحاديث السابقة خير شاهد على تقديره -صلى الله عليه وسلم- لحق الطفل في اللعب، إلى الحد الذي جعله يلاعب الأطفال بنفسه -صلى الله عليه وسلم-، ولا يكتفي بذلك، بل كان يقرن ذلك بمدح الطفل والثناء عليه؛ ليزيد من نشاطه النفسي في اللعب؛ فيستمر بلا كلل أو تعب، ويتابع لعبه بحب وشغف؛ وبذلك يكون اللعب غذاء جسميا ونفسيا في آن واحد وكما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلاعب الأطفال بنفسه، كان يشجعهم أيضاً على اللعب معاً، فعن يَعْلَى بن مُرَّة -رضي الله عنه- قال: "كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدُعِينا إلى طعام، فإذا الحسين يلعب في الطريق، فأسرع النبي -صلى الله عليه وسلم- أمام القوم ثم بسط يديه فجعل حسين يمر مرة هاهنا ومرة هاهنا، حتى أخذه فجعل إحدى يديه في ذقنه والأخرى بين رأسه وأذنيه ثم اعتنقه وقبله، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((حُسينُ مني وأنا منه، أحبَّ الله من أَحَبَّهُ، الحسن والحسين سِبْطَانِ من الأَسْبَاطِ)) ولم يقتصر الإذن باللعب في الإسلام على البنين، فقد أجيز للبنات اللعب، شريطة أن يكون مناسباً للفتاة، وأن يكون مناسباً لعمرها، وألا يؤدي إلى إرهاقها كالرياضة الشاقة، وأن يرتقي اللعب بأخلاقها وصحتها.وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((تزوجني النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأنا بنتُ ستِّ سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج، فَوُعِكْتُ؛ فَتَمَزَّقَ شَعَرِي؛ فوفَى جُمَيْمَةً، فأتتني أمي أم رومان –وإني لفي أرجوحة ومعي صواحبُ لي– فصَرَخَتْ بي فأتيتُها، لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأَنْهَجُ حتى سكن بعض نفسي، ثم أَخَذَتْ شيئاً من ماء فَمَسَحَت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فَأَسْلَمَتْنِي إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يَرُعْنِي إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إليه، وأنا يومئذ بنتُ تسعِ سنين)) ففي إقراره -صلى الله عليه وسلم- لِلَعب عائشة ولُعبها التي كانت تلعب بها، ما يوضح تأكيدَ الإسلام أهميةَ اللعب للطفل، وجواز شراء اللُّعَب له؛ فعلى الآباء والمربين أن يراعوا ذلك، فيعطوا لصغارهم الفرصة للعب والترويح عن أنفسهم، ولكن مع توجيههم إلى أنواع اللعب الملائمة لهم؛ بحيث يمكن من خلالها تحقيقُ الفوائد المرجوة من اللعب.  روى أبو داود بإسناد صحيح عن عائشة –رضي الله عنها– قالت: ((قَدِمَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك أو حُنَيْن وفي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّت ريحٌ فكشفت ناحية السِّتْرِ عن بنات لعائشة –أي: لُعَب– فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي. ورأى بينهن فرساً له جناحان من رِقَاعٍ، فقال: ما هذا الذي أرى وَسْطَهُنَّ؟ قالت: فَرَسٌ، قال: وما الذي عليه؟ قالت: جناحان، قال: فرسٌ له جناحان؟! قالت: أما سمعت أن لسليمان خَيلاً لها أجنحة؟! قالت: فضَحِكَ حتى رأيت نَوَاجِذَهُ)) بل مر على صبيان وهم يلعبون بالتراب , فنهاهم بعض أصحاب  النبي صلى علية وسلم فقال : (( دعهم فإن التراب ربيع الصبيان )) إن لعب طفلك في التراب بحرية مقننة ُينمي عقله , ويصقل فكره , ويعطيه الثقة في نفسه , دليل ذلك أن أحد هولاء الأطفال أثناء لعبه في الطين كان سبباً في تصحيح مسار إمام كبير هو الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه .((فلقد ورد أن الإمام أبي حنيفة رأى غلاماً يلعب بطين فقال له:يا غلام إياك والسقوط في الطين
فقال الغلام للإمام : إياك أنت من السقوط , لأن سقوط العالم ِ سقوط العالم َ,فكان أبو حنيفة لا يفتي بعد سماع هذه الكلمة الأبعد مدارسة المسالة شهراً كاملاً مع تلامذته ))بوفيما يخص مكان اللعب فقد ثبت في السنة المطهرة أن مكان لعب الأولاد على عهد رسول الله ، وما بعده في عهد الخلفاء: كان في الطريق،   وكانوا يقرونهم على ذلك، ولا ينكرون عليهم، ولايمنعونهم، فقد روى الإمام أحمد في المسند أن رسول الله r خرج إلى طعام كان قد دعي إليه مع بعض أصحابه، ((فاستقبل رسول الله  أمام القوم وحسين مع الغلمان يلعب فأراد رسول الله  أن يأخذه فطفق الصبي ههنا مرة، وههنا مرة فجعل رسول الله يضاحكه حتى أخذه)). وعن عقبة بن الحارث قال: ((صلى أبو بكر رضي الله عنه العصر، ثم خرج يمشي، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه وقال: بأبي شبيه بالنبي لاشبيه بعلي. وعلي يضحك)). وكان عمر الحسن إذ ذاك سبع سنوات. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مر على عبد الله بن الزبير وهو صبي يلعب مع الصبيان ففروا ووقف هو، فقال له عمر: ((مالك لم تفر مع أصحابك ؟)) قال: ((ياأمير المؤمنين لم أجرم فأخاف، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك))، ومر ابن عمر رضي الله عنهما مرة في الطريق فرأى صبيانا فأعطاهم درهمين. ومما تقدم من الأحاديث والروايات يتضح أن لعب الصبيان على عهد رسول الله ، وعهدي أبي بكر وعمر: كان في الطريق دون نكير، أو منع. ولعله كان أنسب مكان للعب في ذلك الوقت. أما في ظروف اليوم، وأحوال المدن فإن لعب الأولاد في الطريق يعد مخاطرة بحياتهم، لوجود السيارات، والعربات، والدراجات النارية التي تغدو وتروح، أما في ذلك العهد القديم لم تكن هناك خطورة، فوسائل النقل كانت الدواب وخطرها على المارة قليل. والمستحسن اليوم توفير أماكن مأمونة للعب الأولاد في داخل أحياء المدن المزدحمة، وتسويرها، لضمان حمايتهم من خطر السيارات، كما يمكن تأمين أندية خاصة بالأطفال، أو فروع خاصة بالأطفال داخل الأندية الرياضية الكبيرة ليمارس الأولاد فيها لعبهم.  وإن لم يتمكن الأب من كل هذا، ولم تتوفر هذه الإمكانات، خصص لأولاده مكانا في فناء المنزل، أو على سطحه، أو على الأقل خصص غرفة في البيت يمارس فيها الأولاد بعضاً من لعبهم، ورياضتهم السهلة، ويكمل هذا النقص الحاصل من ممارستهم للرياضة في البيت بأخذهم من وقت لآخر خارج المدينة في نزهة حيث الهواء الطلق، والمكان المأمون لممارسة بعض النشاطات الرياضية الأخرى. أما إن كان سكن الأب خارج المدينة في قرية من القرى البعيدة عن صخب المدن، وازدحام السيارات، فإن لعب الأولاد في الطريق لا بأس به، مع مراعاة الحقوق العامة، وآداب الطريق. ويتخير الأب لأولاده وقت اللعب حين اعتدال الجو. ويحذرهم من اللعب في الشمس أثناء شدة حرارتها في الظهيرة، لقوله عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه: ((لاتطيلوا الجلوس في الشمس، فإن الشمس تغير اللون، وتقبض الجلد، وتبلي الثوب، وتبعث الداء الدفين)). وربما أصيب الولد بالضربة الشمسية، لطول مكثه تحت أشعتها الحارة، فيراعي الأب هذه القضية الصحية، خاصة إن كان في بلاد حارة، فيتخذ مظلة في فناء الدار تقي الأولاد أشعة الشمس، أو يلزمهم باللعب وقت اعتدال الجو، ويشغلهم في غير ذلك الوقت باللعب داخل المنزل. وروي أن رسول الله أمر عليا رضي الله عنه أن لا يبقي الحسن والحسين -رضي الله عنهما- في الحر، فقد روت فاطمة -رضي الله عنها- : ((أن رسول الله  أتاها يوما فقال: أين ابناي ؟ فقالت: ذهب بهما علي. فتوجه رسول الله  فوجدهما يلعبان في مشربة. وبين أيديهما فضل من تمر. فقال: ياعلي ألا تقلب ابني قبل الحر)). فهذا أمر من رسول الله لعلي بأن يحفظ الحسن والحسين -رضي الله عنهما- من الحر، الذي يمكن أن يضر بهما. وللأب المسلم في رسول الله الأسوة والقدوة في ذلك رحمة بالأولاد، وإشفاقا عليهم. ويحفظ الأب أولاده أيضا من اللعب في المطر خاصة أثناء الصواعق والبرق، فقد روي أن الحسن والحسين كانا عند رسول الله r في المسجد أثناء الصلاة، فقال أبو هريرة رضي الله عنه بعد أن انتهت الصلاة: ((ألا أذهب بهما عند أمهما ؟ قال: لا، فبرقت برقة، فقال: الحقا بأمكما. فما زالا يمشيان في ضوئها حتى دخلا )) . وفي هذا الحديث تظهر شفقة رسول الله  وحرصه على سلامة الأولاد من أذى الصواعق والمطر، وأمره بحفظ الأولاد في البيوت في هذه الأوقات، وعدم السماح لهم باللعب خارجها حتى يصفو الجو.وأفضل أوقات ممارسة الرياضة: عند الصباح قبل تناول الإفطار. وتنظيم ذلك  يكون بعد استيقاظ الولد من نومه فيؤمر بالاستحمام، ثم يعطى فرصة للعب بعض الوقت، ثم يطعم شيئا يسيرا من الأكل، ثم يعطى فرصة أطول للعب والاستمتاع، ثم يستحم ويأكل. وينبغي الحذر من اللعب والرياضة أثناء امتلاء البطن، وقبل انهضام الطعام، فإن أفضل وقت لممارسة الرياضة عندما لا تكون المعدة ممتلئة ولاخاوية، وذلك لأن الغذاء يحتاج في انهضامه إلى السكون والنوم، والحركة لا تساعد على حسن الهضم. وإن مراعاة الأب لهذه القضايا الصحية يعود على أولاده بالفائدة وحسن الاستمتاع باللعب والرياضة، ويحميهم من الأمراض والآلام المتنوعة التي تحصل عادة من مخالفة القواعد والآداب الصحية. 

 

 ومن شروط اللعب في الإسلام :

1.    ألا يكون هو الديدان للمسلم بجميع أوقاته..

2.    أن لا يهزل في موضع الجد.

3.    ألا يتحدث الكذب.

4.    البعد عن المقامرة.

5.   ألا يكون على حساب واجبات

 

 وللحديث صلة حول فقه التربية باللعب ( 2 )

مع تمنياتي بتربية راقية محبكم الخبير التربوي

أ . نزار رمضان

للتواصل التربوي والاستشارات

ج / 00966508705124

ايميل /[email protected]

  • Currently 328/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
107 تصويتات / 2770 مشاهدة

ساحة النقاش

نزار رمضان حسن

nezarramadan
مدرب تنمية بشرية بالمملكة العربية السعودية / مدرب معتمد في الكورت من معهد ديبونو بالأردن / متخصص رعاية موهوبين وهندسة التفكير/ مستشار في حل المشكلات الأسرية والشبابية / معهد اعداد دعاة / عضو شبكة المدربين العرب /مدرب في نظرية سكامبر/مدرب في نظرية تريزمن معهد ديبونو بالأردن / دبلوم برمجة لغوية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

388,370