الملل هو أحد الأزمات الكبرى والخطيرة التي‮ ‬تهدد الحياة الزوجية وهو أحد الصفات التي‮ ‬تنتاب الإنسان بدوافع نفسية أساسها حبه في‮ ‬البحث عن الجديد والاستكشاف‮.. ‬ورغبة في‮ ‬التغير والتنوع وكذلك قلقه الدائم وخوفه المستمر من عدم مقدرته على الاستمرار دون جديد أو دون بديل‮.‬

ويقول الدكتور‮ ‬يسرى عبد المحسن استاذ الطب النفسى بكلية طب القاهرة أن المل عامل مشترك‮ ‬يتواجد في‮ ‬جميع البشر تحت ظروف مختلفة وبدرجات متفاوتة في‮ ‬الشدة تتوقف على مدى صبره وقوة احتماله وعلى تكوين وتركيب شخصية وعلى عوامل خارجية تعتمد على تكرار المؤثرات الخارجية بصورة فيها كثير من الرتابة والروتين العقيم ومما لاشك فيه أن الزوجة هى الدينامو المحرك للحياة الزوجية باعتبارها محور الاسرة الذي‮ ‬يلتقى حوله كل أفرادها وأن العلاقات الزوجية هى أسمى وأرقى العلاقات الإنسانية على الأطلاق‮.. ‬وهى العلاقات الاجتماعية التي‮ ‬إذا وضعت في‮ ‬إطارها الصحيح أصبحت سنداً‮ ‬منيعاً‮ ‬وحصناً‮ ‬قوياً‮ ‬ضد المرض النفسى بشتى انواعه‮.‬

ومن التجارب في‮ ‬مجال العلاج النفسى الأسرى والعلاج النفسى للزوجين تبين أن نسبة لا تقل عن ‮٨٦‬٪‮ ‬من الخلافات والصراعات الزوجية‮ ‬يرجع سببها إلى هذه الأفة اللعينة ألا وهى الملل‮.‬

وأذكرا من ذلك حالة العروسين حديثى الزواج عن حب واقتناع وتفاهم وتوافق كامل‮.. ‬وكان الزوج هو الذي‮ ‬يشكو من مثالية زوجته في‮ ‬كل شئ حتى في‮ ‬نظام حياتها اليومى‮.. ‬لدرجة أنه أصبح‮ ‬يمل ويسأم هذا الروتين القاسى بالرغم من أن زواجهما لم‮ ‬يمر عليه أكثر من عامين وحالة أخرى اشتكى فيها الزوج المريض بالقلق النفسى الشديد وعدم قدرته على التكيف مع الحياة الزوجية بعد أن ظل‮ ‬يقاوم ويحاول سنوات طويلة دامت ثلاثة وعشرين عاماً‮ ‬أصبح فيها أبا لثلاثة من الأبناء ومن خلال مقابلة الزوجة وعمل الجلسات النفسية مع الزوجين في‮ ‬وقت واحد تبين ان الزوجة مصابة ايضاً‮ ‬بدرجة من الاكتئاب النفسى الناتج عن روتين الحياة المتكرر والذى لا‮ ‬يتغير حتى أصبحت لا تعرف للدنيا طعماً‮ ‬وقالت بالحرف الواحد‮ »‬اللى نبات فيه نصبح فيه‮« ‬ويبدو أننا خلقنا لنتعذب دون أى لذة أو متعة والهدف أولا وأخيراً‮ ‬هو الشقاء ثم الموت ومثال ثالث هو للزوجة التي‮ ‬جاءت إلى تشكو من حالتها وسوء حظها في‮ ‬زوجها الذي‮ ‬يحاول دائما أن‮ ‬يخرجها من عزلتها لعمل علاقات اجتماعية وتبادل الزيارات ولكنها ترفض لأن هذا ليس من طبعها وأنها تفضل دائما أن‮ ‬يخدم بيتها وتصونه وتحافظ على أولادها ولا تقصر في‮ ‬أداء عملها المنزلى على الوجه الأكمل وهذا ما أقره ووافق عليه الزوج ولكنها لم تدران سعادتها وسعادة زوجها تتوقف على خروجها عن روتين العمل المنزلى بقدر توفهات على تفانيها في‮ ‬خدمتها المنزلية وخدمة أولادها‮.‬

يضيف الدكتور‮ ‬يسرى عبد المحسن كل هذه الأمثلة وغيرها دفعنى إلى التوصل إلى هذه المشكلة في‮ ‬جوهرها تتوقف على الملل‮.. ‬ودفعتى أيضاً‮ ‬إلى الدعوة للقضاء على هذه الأفة الزوجية بمحاولة الزوجات وهن دينامو الحياة الزوجية على التغير المستمر حتى تظهر كل‮ ‬يوم بشكل جديد والشكل هنا لا‮ ‬يعنى المظهر المادى فحسب بل والمعنوى أيضاً‮ ‬فيمكن للزوجة أن تسعى دائما إلى خلق جو متجدد دائماً‮ ‬في‮ ‬الأسرة وذلك بظهورها بمظهر لائق ومتغير من ناحية الملبس وشكلها العام‮.. ‬وفى طريقتها لتجميل ووجهها وتصفيف شعرها وغير ذلك من تنويع الرتوش الاضافية على شكلها محاولة بذلك أن تشعر زوجها أنها تتجدد وتتغير كل‮ ‬يوم كذلك‮ ‬يمكنها أن تخلق جو من الحديث الجديد كلما اتيحت لها فرصة التحدث مع زوجها بحيث‮ ‬يكون هناك تنوع في‮ ‬أسلوبها في‮ ‬الحديث‮.. ‬وموضوع‮ ‬يكون فيه شيء من الاثارة والاشتياق سمعه والاستمرار فيه وهذا‮ ‬يعتمد وبلا شك على درجة ثقافتها وعلى لباقتها فتزيح عنه كابوس الملل‮.. ‬ويطلب من الزوجة أيضاً‮ ‬أن تخلق المناسبات السعيدة المتجددة في‮ ‬الأسرة مثل الحفلات والزيارات والرحلات وغيرها‮.. ‬وأن تراعى دائماً‮ ‬انتهاز أى فرصة لخلق هذا الجو من المرح ولو كانت المناسبة بسيطة ولو لمجرد احتفال‮ ‬يقصد به اجتماع أفراد الأسرة دون أى اجهاد مادى وفى حدود امكانيات الأسرة‮.‬

كذلك‮ ‬يطلب من الزوجة ألا تكون ثرثارة طول الوقت ولا هادئة صامتة طول الوقت ولا تكون مسيطرة أو مستسلمة خاضعة ولا تكون قوية متحدية ولا ضعيفة مغلوبة على أمرها‮.. ‬وإنما المطلوب هو أن تتمتع بكل هذه الصفات وأن تميز طباعها بمزيج من هذه العادات والسلوك وأن تكون لديها القدرة على أن تظهر مع كل موقف مناسب بالصفة والعادة واللوك المناسب وهذا ما‮ ‬يجعل منها أمرأة متغيرة أمام زوجها وتصدر ما تغير الزوجة من نفسها بقدر ما هو مطلوب منها تغيير ما حولها ويقصد بذلك نظام وترتيب حجرات المنزل ووضع اللمسات الرقيقة على الأثاث وكذلك تغير أماكن الأثاث من وقت لآخر‮.‬
 
_________________________________________
جريدة الأيام

  • Currently 225/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
74 تصويتات / 840 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2009 بواسطة moonksa

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,163,696