لكل إنسان طابع شخصى مميز وخاص. كأن يكون اجتماعياً أو انطوائياً أو أن يتسم بالتفكير قبل اتخاذ القرارات أو أن يكون متسرعاً فى اتخاذها. ويسري ذلك أيضا على سلوك الإنسان فيما يتعلق باستثماره لأمواله. فالمستثمرون لديهم أساليبهم الخاصة في الاستثمار: فالبعض يرغب فى مواجهة مخاطر عالية بطبيعتهم ويستثمرون مبالغ كبيرة في الاستثمارات التي تتسم بالمضاربة. ويفضل البعض الآخر تحقيق السلامة والأمان للأموال عن طريق إيداعها بالبنوك حتى إذا كان ذلك سوف يؤدي إلى تضاؤل القوة الشرائية الفعلية لأموالهم تدريجيا بسبب معدلات التضخم المرتفعة.

ويندرج معظم الناس ضمن الفئة الوسط ما بين هذين ويرغب هؤلاء في قبول بعض المخاطر، مع توقع الحصول على عائدات أكبر من تلك التى يحصلون عليها نظير إيداعهم أموالهم بالبنوك. وبالنسبة لك فإن حجم المخاطرة التي ترغب في الاضطلاع بها سوف تحدد أسلوبك في الاستثمار.

أسلوبك في الاستثمار

ينشأ أسلوبك في الاستثمار عن مجموعة متنوعة من العوامل، من بينها: عمرك وشخصيتك وخبراتك الشخصية وظروفك المالية. فعلى سبيل المثال، إذا كنت توشك على التقاعد أو كنت تعاني من مسئوليات مالية ضخمة أو تأثرت بتقلبات اقتصادية ملموسة، فمن الأرجح أن تكون من المستثمرين ممن لا يرغبون فى تحمل مخاطر كبيرة أى من المستثمرين المتحفظين.

ومن ناحية أخرى، إذا كنت صغيرا في السن وتحظى بدخل مرتفع وتتحمل مسئوليات مالية قليلة ولم تواجه الكثير من المتاعب الاقتصادية على مدار حياتك، فقد يكون عندك الرغبة فى تحمل المزيد من المخاطرة مقابل الحصول على عائد أكبر.

ورغم وجود عدد كبير ومتنوع من أساليب الاستثمار يماثل أنماط المستثمرين، إلا أن معظم الناس يندرجون تقريبا ضمن واحدة من أربعة فئات عريضة: المتحفظ والمعتدل والمخاطر والمعاكس.

المستثمر المتحفظ

يشعر المستثمرون المتحفظون بصفة عامة أن أولويتهم الأولى هي حماية ما يمتلكون من أموال وثروات. ويطلق على هذا التوجه، بصفة عامة، المحافظة على رأس المال. ويريد هؤلاء المستثمرون تجنب المخاطرة – وخاصة المخاطرة بفقدان أي من الأصول والأموال المدخرة – حتى إذا كان ذلك يعني ضرورة أن يرتضي عائدا متواضعا للغاية.

ويخصص المستثمرون المتحفظون معظم محافظهم للسندات مثل أذون الخزانة أو السندات المحلية ذات العائد المرتفع أو في شهادات الإيداع وحسابات الادخار. وعادة ما يرفضون الاستثمار في الأسهم، التي قد تنخفض قيمتها، وخاصة على المدى القصير. وحينما يخاطر المستثمرون المتحفظون بشراء الأسهم، غالبا ما ينزعون إلى اختيار الأوراق المالية من الدرجة الأولى أو أسهم الشركات الضخمة والتي تكون معلومة العائد، نظرا لأنها تنزع إلى تغيير القيمة بصورة أبطأ من أنماط الأسهم الأخرى وتوزع الأرباح في بعض الأحيان. وعادة ما يضطر المستثمر المتحفظ إلى أن يرتضي النمو المتواضع في الاستثمارات، مما قد يزيد من صعوبة تحقيق الأهداف طويلة الأجل، مثل الحصول على العائد الكافي للإنفاق الشخصى بعد التقاعد.

ولكن في بعض المواقف، قد يكون التوجه الاستثماري المتحفظ ملائما. فعلى سبيل المثال، إذا كان لديك مسئوليات مالية كبرى، مثل استثمار مبالغ مالية كبيرة في شركتك الخاصة أو كنت مسئولا عن رعاية أحد الأقارب المرضى أو المسنين، قد يكون من المناسب أن تضطلع بمخاطر أقل ضمن محفظة استثماراتك. وإذا كنت متقاعدا أو تتوقع التقاعد في المستقبل القريب، قد يكون من غير الملائم أن تخاطر بالكثير من أموالك في الأوراق المالية التى تتغير قيمتها فى المدى القصير بمعدلات سريعة، مثل الأسهم، في هذه المرحلة السنية حينما لا يكون لديك وقت كافي تستعيد خلاله محفظتك قيمتها إذا حدث انخفاض فى أسعار تلك الأسهم.

المستثمر المعتدل

يتسم المستثمر المعتدل برغبته فى زيادة قيمة محفظة استثماراته مع حماية أصوله من مخاطر الخسائر الفادحة. وعادة ما يلجأ لتحقيق ذلك من خلال تخصيص جزء كبير من محفظته لتحقيق عائد منتظم والحفاظ على الأصول.

فعلى سبيل المثال، قد يستخدم المستثمر المعتدل نموذج تخصيص يتضمن أسهما تمثل 60% من المحفظة وسندات تمثل 30% ومبالغ نقدية تمثل 10%. وبينما ينزع المستثمر المعتدل إلى تفضيل الاستثمار فى الأوراق المالية ذات الأداء العالى من أسهم الشركات الضخمة، قد يرغب في استثمار جزء متواضع من أصوله في الأوراق المالية ذات المخاطر الأعلى – مثل أسهم الشركات التى تتميز بتقلبات الأسعار بصفة سريعة ودورية (مثل أسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات أو الاتصالات) ، ووثائق صناديق الاستثمار ذات العائد العالي – من أجل زيادة إمكانية تحقيق عائدات أعلى.

فإذا لم تكن مغامرا بطبيعتك، قد يكون أسلوب الاستثمار المعتدل ملائما لك في ظل أي ظروف أو موقف مالي.

المستثمر المخاطر

يركز المستثمر المخاطر على الاستثمارات التي يمكن أن تحقق نموا كبيرا. ويرغب في تحمل المخاطرة بفقدان جزء من أصوله، نظير توقع احتمال تحقيق عائدات أكبر.

يمكن أن يخصص المستثمر المخاطر ما بين 75% إلى 95% من محفظة استثماراته للأسهم الفردية ووثائق صناديق الاستثمار. وبينما يمكن أن تمثل أسهم ووثائق صناديق الاستثمار في الشركات الصغيرة والضخمة أساس محفظة استثمارات المستثمر المخاطر، إلا أنه يحتفظ بجزء كبير من تلك الاستثمارات في صورة أسهم تتسم بالمضاربة.

وحيث أن المستثمر المخاطر يركز على النمو، عادة ما يكون أقل اهتماما بالاحتفاظ بالأوراق المالية ذات العوائد العالية ، مثل السندات. ومع ذلك، قد يتخذ موقفا معتدلا فيما يتعلق بالسندات من أجل خفض تقلبات محفظة استثماراته.

ولا يتلاءم أسلوب الاستثمار المخاطر مع الأشخاص الذين يفتقرون إلى الشجاعة فى اتخاذ القرارات والقدرة على تحمل تقلبات أسعار الأوراق المالية بالتأكيد. ويتلاءم بالصورة المثلى مع المستثمرين ذوي آفاق الاستثمار طويلة الأجل التي تزيد عن 15 عاما، والذين يرغبون في الالتزام لأجل طويل بالأسهم التي يقومون بشرائها. ومع ذلك، فقد أوضح التاريخ أن توجه الاستثمار المخاطر، حينما يقترن بمحفظة استثمارات متنوعة والصبر على الالتزام باستراتيجية استثمارات الشراء والمحافظة طويلة الأجل من خلال حالات تدهور الأسواق الحتمية، يمكن أن يكون أكثر ربحية على المدى الطويل.

الاستثمار المعاكس

المستثمر المعاكس هو المستثمر السلبي في عالم الاستثمار، الذي يتشكك دائما في الحكمة التقليدية. ويقوم المستثمر المعاكس بشراء الاستثمارات غير المستحبة لدى المستثمرين الآخرين أو لدى السوق بصفة عامة، ويتجنب، على النقيض من ذلك، الاستثمارات التي تحظى بالشعبية في الوقت الحالي.

ورغم أن هذا التوجه يبدو مناقضا دائما، إلا أن هناك وجهة نظر يتبناها المستثمر المعاكس: تتمثل فلسفة المستثمر المعاكس في أن الأسهم التي يتم تقديرها في الوقت الحالي بأقل من قيمتها الحقيقية من قبل السوق قد تستعيد قوتها في مرحلة ما.

ولنجاح هذا التوجه، لابد أن يكون لديك الرغبة في التمسك برأيك حتى إذا ازدادت الأمور سوءا قبل أن تأخذ فى التحسن، أو إذا ما استعادت الأسهم قوتها بعد فترة زمنية طويلة. ونظرا لأن هذا التوجه يعد أكثر خطورة من أساليب الاستثمار الأخرى، ولأن الأمر يستلزم الخبرات المكثفة والبحوث الشاملة لتحديد والتعرف على الشركات التي يتم تقدير أسهمها بأقل من قيمتها الحقيقية، ينصح معظم الخبراء بتطبيق أسلوب الاستثمار المعاكس على جزء ضئيل فقط من محفظة استثماراتك.

 

  • Currently 287/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
97 تصويتات / 898 مشاهدة
نشرت فى 12 ديسمبر 2009 بواسطة moneelsakhwi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,149,063