منذ عام 1942، وفي خضم الحرب العالمية الثانية، عقدت حكومات البلدان الأوروبية التي كانت تواجه ألمانيا النازية وحلفاءها اجتماعا في انجلترا، في إطار مؤتمر وزراء الحلفاء للتربية (CAME). ومع أن الحرب لم تكن قد اقتربت من نهايتها، فإن البلدان كانت قد أخذت تتساءل عن الطريقة التي يمكن أن تعيد بها بناء النظم التعليمية بعد أن يستتب الأمن من جديد. وسرعان ما تضخم هذا المشروع واتخذ بعداً عالمياً. دفع حكومات جديدة، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى المشاركة فيه.
وبناء على اقتراح من مؤتمر وزراء الحلفاء للتربية (CAME)، عقد في لندن، من 1 إلى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1945، أي فور انتهاء الحرب العالمية الثانية، مؤتمر للأمم المتحدة من أجل إنشاء منظمة تعنى بالتربية والثقافة. وضم هذا المؤتمر ممثلين عن نحو أربعين بلداً. وبتشجيع من فرنسا والمملكة المتحدة - وهما بلدان عانا معاناة بالغة من النزاع - قرر المندوبون إنشاء منظمة ترمي إلى إقامة ثقافة سلام حقيقية.
وفي نظر هؤلاء المندوبين، كان يتعين على المنظمة الجديدة أن تحقق "الضامن الفكري المعنوي بين بني البشر"، وأن تمنع بالتالي نشوب حرب عالمية جديدة.
وفي نهاية المؤتمر، وقعت 37 دولة على الميثاق التأسيسي الذي أفضى إلى نشوء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). ودخل الميثاق التأسيسي حيز النفاذ منذ عام 1946، بعد أن صدقت عليه 20 دولة، هي التالية: استراليا، والبرازيل، وتركيا، وتشيكوسلوفاكيا، والجمهورية الدومينيكية، وجنوب افريقيا، والدنمارك، والسعودية، والصين، وفرنسا، وكندا، ولبنان، ومصر، والمكسيك، والمملكة المتحدة، والنرويج، ونيوزيلندا، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية، واليونان. وعقدت أول دورة للمؤتمر العام (بالانجليزية) في باريس، في الفترة من 19 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 10 ديسمبر/كانون الأول 1946. وشارك في الدورة ممثلون عن 30 حكومة، يتمتعون بحق التصويت. لقد نشأت اليونسكو على غرار الأمم المتحدة، على أنقاض الحرب العالمية الثانية، تتجلى آثار هذا الوضع من خلال قائمة الدول المؤسسة. وقد انضمت اليابان وجمهورية ألمانيا الاتحادية إلى قائمة الدول الأعضاء في عام 1951، بينما انضمت اسبانيا في عام 1953.
وكان لبعض الأحداث التاريخية الهامة، كالحرب الباردة، وحركات التحرر من الاستعمار، وانهيار الاتحاد السوفييتي، آثار على اليونسكو. وأصبح الاتحاد السوفييتي عضواً في المنظمة في عام 1954 قبل أن يُستعاض عنه، في عام 1992، بالاتحاد الروسي. والتحقت بالمنظمة تسع عشرة دولة افريقية في عام 1960. كما انضمت إلى قائمة الدول الأعضاء في اليونسكو في الفترة بين عامي 1991 و1993 اثنتا عشرة جمهورية سوفييتية سابقة، وذلك إثر تفكك الاتحاد السوفييتي.
وتعد جمهورية الصين الشعبية، منذ عام 1971، الممثل الشرعي الوحيد للصين لدى اليونسكو.
أما جمهورية ألمانيا الديمقراطية، التي كانت عضواً في المنظمة منذ عام 1972، فقد اتحدت مع جمهورية ألمانيا الاتحادية في عام 1990.
أصول اليونسكو
تعد الهيئات التالية من الجهات التي مهدت السبيل لنشوء اليونسكو:
• اللجنة الدولية للتعاون الفكري (CICI)، جنيف، 1922-1946؛
• لجنتها التنفيذية المتمثلة في المعهد الدولي للتعاون الفكري (IICI)، باريس، 1925-1946؛
• مكتب التربية الدولي (متد)، جنيف، 1925-1968؛ وقد أصبح متد، منذ عام 1969، جزءاً لا يتجزأ من أمانة اليونسكو، مع الاحتفاظ بوضع قانوني خاص به.
ولدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1945. ولا يتمثل أهم شيء بالنسبة لهذه الوكالة المتخصصة من وكالات الأمم المتحدة، في بناء قاعات الدراسة في البلدان المُخرّبة، أو في ترميم مواقع التراث العالمي. بل إن الهدف الذي حددته المنظمة لنفسها هو هدف كبير وطموح وهو: بناء حصون السلام في عقول البشرعن طريق التربية والعلم والثقافة والاتصال.
في يومنا هذا تؤدي اليونسكو دور مختبر للأفكار وهيئة تقنينية من أجل إبرام اتفاقيات عالمية بشأن القضايا الأخلاقية المستجدة. وتعمل المنظمة أيضا كمركز لتبادل الأفكار، من أجل نشر وتقاسم المعلومات والمعارف، كما تساعد الدول الأعضاء في بناء قدراتها البشرية والمؤسسية في شتى المجالات. خلاصة القول إن اليونسكو تعزز التعاون الدولي بين دولها الأعضاء البالغ عددها 193 دولة عضوا٭ وأعضائها المنتسبين الستة في مجالات التربية والعلم والثقافة والاتصال.
٭منذ تشرين الأول/أكتوبر 2007
تعمل اليونسكو على إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق الحوار الأصيل القائم على احترام الكرامة والقيم المتبادلة لكل حضارة وكل ثقافة.
ويتسم هذا الدور بطابع حاسم ولا سيما في مواجهة الإرهاب الذي يشكل اعتداء على البشرية. لقد بات العالم اليوم في حاجة ملحة إلى رؤية متكاملة للتنمية تضمن التقيّد بحقوق الإنسان والاحترام المتبادل والتخفيف من وطأة الفقر، وكلها قضايا تقع في صميم رسالة اليونسكو وأنشطتها.
تنشط اليونسكو، من خلال استراتيجياتها وأنشطتها، لبلوغ الأهداف الإنمائية للألفية وبالأخص الأهداف الرامية إلى ما يلي:
• الحد إلى النصف من عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في البلدان النامية بحلول عام 2015
• تعميم التعليم الابتدائي في جميع البلدان بحلول عام 2015
• إزالة التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي بحلول عام 2015
• مساعدة البلدان على تطبيق إستراتيجية وطنية للتنمية المستدامة من أجل قلب الاتجاهات الراهنة لفقدان الموارد البيئية بحلول عام 2015
• اليونسكو وأهداف الألفية التي حددتها الأمم المتحدة
ينص الميثاق التأسيسي لليونسكو في ديباجته على ما يلي: "لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام."
ولكي تتاح إقامة سلام دائم وصادق يقبل به الجميع، تعلن الديباجة أن الدول الموقعة على الميثاق التأسيسي " تعتزم تأمين فرص التعليم تأمينا كاملا متكافئا لجميع الناس، وضمان حرية الانصراف إلى الحقيقة الموضوعية والتبادل الحر للأفكار والمعارف".
وحُدد الهدف من إنشاء المنظمة، على النحو التالي:
"المساهمة في صون السلم والأمن بالعمل، عن طريق التربية والعلم والثقافة، على توثيق عرى التعاون بين الأمم، لضمان الاحترام الشامل للعدالة والقانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو اللغة أو الدين، كما أقرها ميثاق الأمم المتحدة لجميع الشعوب."
<!--TYPO3SEARCH_end--> <!--###blueSpace### begin --><!--###blueSpace### end -->
ساحة النقاش