موقع الدكتورمحمد الحسانين لعلوم السنة

 

لقد تعرضت السنة لمن ينكر حجيتها قديما وحديثا، أما في القديم فلم يأت القرن الثاني حتى ظهر من ينكرأنها مصدر من مصادر التشريع، ومنهم من أنكر حجية غير المتواتر منها، كما ظهر من ينكر منها ما لا يكون بيانا للقرآن أو مؤكدا له.

 

وأول من تعرض لدحض تلك الآراء الخبيثة الإمام الشافعي رحمه الله -فيما أعلم-، فقد ذكر في آخر كتاب ((الأم)) مناظرة جرت بينه وبين من ينسب إلى العلم بمذهب أصحابه ممن يردون الأخبار كلها، كما عقد في ((الرسالة)) بحثا مستفيضا أثبت فيه وجوب اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن طاعته مقرونة بطاعة الله، وبيّن كيف أجمع الصحابة وأهل العلم على العمل بخبر الواحد في مسائل كثيرة من أحكام الشريعة سردها رحمه الله سردا قويا مقنعا، ولم يبين الشافعي رحمه الله تعالى من هذه الطائفة التي ردت الأخبار كلها، ولا من هو الشخص الذي ناظره في ذلك، ورأي الشيخ الخضري رحمه الله أن الشافعي يعني بذلك المعتزلة، لأن الشافعي قد صرح بأن صاحب هذا المذهب منسوب إلى البصرة، وكانت البصرة آنذاك مركزا لحركة فلسفية كلامية، ومنها نبغت مذاهب المعتزلة، فقد نشأ بها كبارهم وكتابهم، وكانوا معروفين بمخاصمتهم لأهل الحديث، ودعم الخضري قوله بما تعرض له ابن قتيبة في كتابه ((تأويل مختلف الحديث)) من الرد على شيوخ المعتزلة فيما كانوا يطعنون به الصحابة وكبار التابعين.

 

وفي الحقيقة أن غارة شعواء شُنت في العصر الذي كتب فيه الشافعي رسالته أو قبل ذلك بقليل من المتكلمين على أهل السنة وأهل الحديث، وبالتالي على السنة التي يشتغلون بها ويدعون الناس إلى الاحتجاج بها، فقد كان غلاة المعتزلة يريدون تحكيم العقل وطرح نصوص السنة، ولكن الشافعي ناقشهم وأطال النقاش معهم حتى ألقمهم الحجر، ويتضح مما ذكره الشافعي من رأي منكري حجية السنة، ومما ذكره العلماء من آراء بعض شيوخ المعتزلة أنهم ينكرون حجيتها من حيث الشك في طريق ثبوتها وما يلحق رواتها من خطأ أو وهم، أو ما يندس بينهم من وضاعين وكذابين، لا أنهموراء تلك الشبهات التي يثيرونها حول صحة نسبة السنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظنية ثبوتها على فرض صحتها، وأن الظني لا يمكن أن تبنى عليه أحكام شرعية.

 

وتتلخص شبهات من يرد غير المتواتر من السنة أو يرد السنة كلها كما حكاها الإمام الشافعي عنهم بما يلي:

 

أما من يرد غير المتواتر منها فيقول: إن خبر الواحد (أو خبر الآحاد) يفيد الظن بالنسبة لثبوته نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والظني الثبوت لا يجوز أن نبني عليه أحكام شرعية.

 

وقد رد عليهم الشافعي ببحث طويل مستفيض في ((الرسالة)) بما يقارب المائة صفحة، وفي بعض طبعات هذا الكتاب، وأتى بأدلة على حجية خبر الواحد، أقواها عمل الصحابة وإجماعهم على الأخذ بخبر الواحد والاحتجاج به حتى في الأمور العظيمة الخطيرة، وأتى بأمثلة كثيرة أسوق مثالا واحدا منها طلبا للاختصار، هذا المثال هو تحول أهل قباء وهم في صلاة الفجر من التوجه إلى بيت المقدس واستقبالهم بيت الله الحرام بخبر الواحد، وهذا ما قاله الشافعي في الرسالة، قال الشافعي: ((وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار وفقه، وقد كانوا على قبلة فرض الله عليهم استقبالها، ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم عليهم الحجة، ولم يلقوا رسول الله ولم يسمعوا ما أنزل الله عليه في تحويل القبلة، فيكونون مستقبلين بكتاب الله وسنة نبيه سماعا من رسول الله ولا بخبر عامة، وانتقلوا بخبر الواحد إذ كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي أنه أحدث عليهم من تحويل القبلة، ولم يكونوا ليفعلوه إن شاء الله بخبر الواحد إلا عن علم بأن الحجة تثبت بمثله، إذا كان من أهل الصدق إلى آخر ما قال ))  الرسالة للشافعي ص 406-407 طبعة مصطفى البابي الحلبي بتحقيق وشرح أحمد محمد شاكر..

 

وقد عقد الخطيب البغدادي في ((الكفاية)) بابا سماه ((باب ذكر بعض الدلائل على صحة العمل بخبر الواحد ووجوبه)) استهله بقوله ((قد أفردنا لوجوب العمل بخبر الواحد كتابا، ونحن نشير إلى شيء منه في هذا الموضع، إذ كان مقتضيا له)) ثم قال: ((فمن أقوى الأدلة على ذلك ما ظهر وانتشر عن الصحابة من العمل بخبر الواحد)) الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص 26.، ثم ساق الأمثلة والشواهد على احتجاج الصحابة بخبر الواحد، إلى أن ختم الباب بقوله ((وعلى العمل بخبر الواحد كان كافة التابعين ومن بعدهم من الفقهاء الخالفين في سائر أمصار المسلمين إلى وقتنا هذا، ولم يبلغنا عن أحد منهم إنكار ذلك ولا اعتراض عليه، فثبت أن من بينهم دين جميعهم وجوبه، إذ لو كان فيهم من كان لا يرى العمل به لنقل إلينا الخبر عنه بمذهبه والله أعلم المصدر السابق ص 31..

 

وأما من يرد الأخبار كلها فيمكن حصر شبهتهم بأن القرآن جاء تبيانا لكل شيء، فإن جاءت الأحاديث بأحكام جديدة لم ترد في القرآن، كان ذلك معارضة من ظني الثبوت وهو الحديث القطعي الثبوت وهو القرآن، والظني لا يقوى على معارضة القطعي، وإن جاءت مؤكدة لحكم القرآن كان الاتباع للقرآن لا للسنة، وإن جاءت لبيان ما أجمله القرآن كان ذلك تبيانا للقطعي الذي يكفر من أنكر ثبوته بالظني الذي لا يكفر من أنكر ثبوته.

 

وهذه التقسيمات في الحقيقة فلسفة فارغة تعارض ما كان عليه الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان من العمل بالحديث بمجرد ثبوته ولو من طريق شخص واحد إذا توفرت فيه شروط الراوي المعروفة من العدالة والضبط وغير ذلك.

 

ويتخلص جواب الشافعي عن شبه هؤلاء بما يلي:

 

1_ إن الله تعالى أوجب علينا اتباع رسوله، وهذا عام بمن كان في زمنه وكل من يأتي بعده، ولا سبيل إلى ذلك لمن لم يشاهد الرسول إلا عن طريق رواية الأحاديث، فيكون الله قد أمرنا باتباعها وقبولها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به كان واجبا.

 

وحتى أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتيسر لمجموعهم -مع أنهم في زمنه- أن يسمعوا جميع ما قاله الرسول منه مباشرة، فكثيرا ما كان يسمعها البعض ويبلغونها غيرهم فيعملون بها جميعا، السامع والمبلّغ.

 

2_ إنه لابد من قبول الأحاديث لمعرفة أحكام القرآن نفسه، فإن الناسخ والمنسوخ لا يعرفان إلا بالرجوع إلى السنة.

 

3_ إن هنالك أحكاما متفقا عليها بين جميع أهل العلم وطوائف المسلمين قاطبة حتى الذين ينكرون حجية السنة، كعدد الصلوات المفروضة، وعدد الركعات، وأنصبة الزكاة وغيرها، ولم يكن من سبيل لمعرفتها وثبوتها إلا السنة.

 

4_ إن الشرع قد جاء بتخصيص القطعي بظني، كما جاء في الشهادة على القتل والمال، فإن حرمة النفس والمال مقطوع بهما، وقد قبلت فيهما شهادة الاثنين، وهي ظنية بلا جدال.

 

5_ إن الأخبار وإن كانت تحتمل الخطأ والوهم والكذب، ولكن الاحتمال بعد التأكد والتثبت من عدالة الراوي ومقابلة الرواية بروايات أقرانه من المحدّثين يصبح أقلّ من الاحتمال الوارد في الشهادات، خصوصا إذا عضد الرواية نص من كتاب أو سنة فإن الاحتمال يكاد يكون معدوما.

 

ولعمري هذه إجابات موفقة مخرسة ألهمها الله تعالى للإمام الشافعي حفظا لدينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فالحمد لله على توفيقه.

 

وأما قولهم إن الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء فإن من المعلوم أن الله لم ينص على كل جزئية من جزئيات الشريعة وإنما بين أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة.. ومن الأصول التي بينها وجوب العمل بسنة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كما في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} هذه هي الشبهات والهجمات التي تعرضت لها السنة من قبَل مفكريها في القديم، ولكنها لم تثبت أمام الحق ولم يكتب لها البقاء أمام جهود العلماء من أئمة السنة وأئمة الاجتهاد وطوائف المسلمين المتعددة فرسخت دعائم السنة وقام عليها كيان التشريع الإسلامي العظيم، وكانت تلك الشبهات التي ألقاها أصحابها كزوبعة هوجاء ما لبث أن زالت وصحا الجو ولم يبق لها من أثر وبقيت الحال كذلك إلى أوائل هذا القرن إذ سمعنا من جديد إثارة الفتنة حول حجية السنة وبعثها من جديد وتناسى مثيروها أن سلفهم من شياطين الإنس قد أثاروها من القديم ثم خنسوا لما تلقوا الردود المفحمة التي أخرستهم.. وفي الحقيقة فإن الدافع الذي يكمن وراء هذه الحملات في القديم والحديث واحد، وهو الكيد للإسلام وهدمه وذلك بهدم الركن الثاني من أركانه، فإن الذي كان وراء المعتزلة الذين تولوا أكبر معارضة السنة وأهل الحديث هو الفلسفة اليونانية الحاقدة على الإسلام، وكذلك فإن حركة الاستشراق اليهودية والنصرانية معا هي التي تكمن وراء إثارة هذه الشبهات حول حجية السنة في هذا العصر فهذا كبير المستشرقين المستشرق اليهودي المجري جولد تسيهر الذي يعد أشد المستشرقين خطرا وأكثرهم خبثا وإفسادا في هذا الميدان وذلك لسعة اطلاعه على المراجع الإسلامية حتى اعتبر زعيم المستشرقين ولا تزال كتبه وبحوثه مرجعا خصبا وأساسيا للمستشرقين في هذا العصر.. وكان له أكبر الأثر في التشكيك بالسنة وترى أراءه منثورة في كتبه المتعددة.. وأهم شبهة له ما زعمه من أن القسم الأكبر من الحديث ليس وثيقة للإسلام في عهده الأول ((عهد الطفولة)) ولكنه أثر من آثار جهود المسلمين في عصر النضج، يقول جولد تسيهر: ((إن القسم الأكبر من الحديث ليس إلا نتيجة للتطور الديني والسياسي والاجتماعي في القرنين الأول والثاني)) ومعلوم أن هذا زعم باطل تكذبه النصوص الثابتة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينتقل إلى الرفيق الأعلى إلا وقد وضع الأسس الكاملة لبنيان الإسلام الشامخ بما أنزل الله عليه في كتابه وبما سنه عليه الصلاة والسلام من سنن وشرائع وقوانين شاملة وافية، حتى قال صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته "تركت فيكم أمرينلن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي".

 

ومن المعلوم أم من أواخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ..} وذلك صريح في كمال الإسلام وتمامه، فما توفي الرسول عليه إلا والإسلام ناضج كامل لا طفل يافع كما يدعي جولد تسيهر.. وتبع هذا المستشرق عدد من المستشرقين كشاخت وغيره، فأثاروا شبهات حول السنة تتعلق بالتشكيك في نسبة السنة للرسول صلى الله عليه وسلم وأنها من وضع الناس، وإن المحدثين وإن اعتنوا بالنقد الخارجي أي نقد السنة إلا أنهم لم يعتنوا بالنقد الداخلي أي نقد المتن، وإن كنا لا نعبأ بشبهات هؤلاء الكفرة وأضاليلهم المتهافتة لولا أن ناسا ممن يسمون أنفسهم علماء أو كتّابا إسلاميين تلقفوا كلام أولئك المستشرقين وصاروا يلوكونه ويلوحون به على شكل مقالات في الصحف أو أبحاث في طيات الكتب متظاهرين بالبحث العلمي والتجديد في البحث، وهم في الحقيقة إما جهلة أو مأجورون أخباث وإن كنت شخصيا أرجح الثانية فمن هؤلاء ((أبو رية)) فقد نشر كتابا اسمه ((أضواء على السنة المحمدية)) وكل ما في هذا الكتاب تشكيك بالسنة وصحة نسبتها للرسول عليه السلام، وكله سباب وشتم وطعن في الصحابي الجليل راوية الإسلام ((أبي هريرة)) وذلك باستشهادات مبتورة محرّفة وتأويلات باطلة تروق له ولمن دفعه من المستشرقين، ولا أحب عرض أي شيء من كتابه هذا لتفاهة الكتاب وتفاهة مؤلفه وإن كان ردّ عليه كثير من العلماء في مصر وغيرها.. ومنهم أيضا أحمد أمين في كتابه ((ضحى الإسلام)) يقول في الجزء الثاني منه ص 130 ما يلي: ((وفي الحق أن المحدثين عنوا عناية كبيرة بالنقد الخارجي ولم يعنوا هذه العناية بالنقد الداخلي، فقد بلغوا الغاية في نقد الحديث من ناحية رواته جرحا وتعديلا، فنقدوا رواة الحديث في أنهم ثقات أو غير ثقات، وبينوا مقدار درجتهم في الثقة وبحثوا هل تلاقى الراوي والمروي عنه أو لم يتلاقيا، وقسموا الحديث باعتبار ذلك ونحوهإلى حديث صحيح وحسن وضعيف، وإلى مرسل ومنقطع، وإلى شاذ وغريب وغير ذلك، ثم قال: ولكنهم لم يتوسعوا كثيرا في النقد الداخلي فلم يتعرضوا لمتن الحديث هل ينطبق على الواقع أو لا؟ وقال أيضا: ((كذلك لم يتعرضوا كثيرا لبحث الأسباب السياسية التي قد تحمل على الوضع فلم أرهم شكوا كثيرا في أحاديث لأنها تدعم الدولة الأموية أو العباسية أو العلوية الخ ما قال وتبعه على هذا الدكتور أحمد عبد المنعم البهي في مجلة العربي الصادرة بالكويت في نيسان 1966 العدد 89 ص 13 إذ يقول: إن رجال الحديث كان كل همهم منصرفا إلى تصحيح السند والرواية دون الاهتمام بتمحيص متن الحديث نفسه الذي هو النص.

والحقيقة أن كلام هذين الشخصين كلام من لم يمارس فن المصطلح وعلومه أوفى ممارسة، فإن علماء المصطلح اعتنوا بنقد المتن كما اعتنوا بنقد السند تماما، فهذه الشروط التي وضعها علماء المصطلح للتصحيح فإن منها أن لا يكون الحديث شاذا ولا معللا، ثم يذكرون أن الشذوذ قسمان: شذوذ في المتن وشذوذ في السند، وكذلك يقولون أن العلة قد تكون في المتن كما تكون في السند… فلو كان أحمد أمين وأحمد عبد المنعم يحترمان نفسيهما لما قالا هذا القول الذي يدل على جهلهما بمبادئ علم المصطلح التي يتلقاها المبتدئون من طلبة العلم، لكن الكسب المادي الحرام وحب التظاهر والتقليد للمستشرقين والتظاهر أمام الناس بمعرفة شيء خفي بزعمهم على الأئمة هو الذي أوقعهما وأوقع غيرهما في مثل هذه الورطة… والشي الذي يلفت النظر أن مجلة العربي نشرت مرارا للدكتور أحمد عبد المنعم المذكور وغيره مقالات في الطعن بالسنة والحديث النبوي الشريف والتشكيك في نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أن الطعن نال الأحاديث التي جاءت في صحيح البخاري وذلك بأسلوب حقير واضح الحقارة ليس فيه أثر من علم ولا دين، وبشكل لا تحسد عليه مجلة العربي ولا تُشكر.. فيجب التنبه إلى تلك الأقلام الأثيمة في تلك المجلة والتنقيب عمن يكمن وراء تلك الحملات المغرضة على السنة وكتب الحديث الصحيحة … هذا جهد متواضع عرضته بإيجاز لضيق المقام وذلك تنبيها لشبابنا الصاعد من أن تقع في أيديهم تلك المقالات الأثيمة فيخدعوا بزخرفها وربما يداخلهم الشك في صحة نسبة السنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي إلى أنها لا تصلح لأن يحتج بها، وما أظن أني وفيت الموضوع حقه في هذه العجالة ولكن عسى الله أن ينفع بهذا التذكير البسيط شبابنا المؤمن والحمد لله رب العالمين.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 170 مشاهدة
نشرت فى 30 إبريل 2015 بواسطة mohfaw8950

عدد زيارات الموقع

9,239