ولكن ماهي مخطوطات البحر الميت ؟
في التاسع من أغسطس عام 1947 كان صبيان من بدو التعامرة هما محمد الذيب (10 سنوات( ومحمد حامد (12 سنة) يرعيان الأغنام في خربة قمران،حين عثرا في إحدى الكهوف علي لفائف من الجلد العتيق عليها كتابة ما،وهي المجموعة الأولى لما عُرف فيما بعد بمخطوطات البحر الميت،ولأن الصبيين لا يعرفان القراءة،فقد ذهبا إلى شيخ مسلم في سوق بيت لحم أدرك أن الكتابة سريانية،وأشار إليهما بمراجعة التاجر خليل اسكندر شاهين,الذي اتصل بدوره بالتاجر السرياني جورج شعيا,الذي بادر بإعلام المطران يشوع صموئيل في دير مار مرقص للسريان الأرثوذكس بالقدس القديمة وقد أدرك يشوع صموئيل أن الكتابة سريانية,وإشتراها بمبلغ زهيد،ثم ترك القدس متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية,وما إن ذاع نبأ اكتشاف هذه المخطوطات حتى بدأت أعمال التنقيب في سفوح التلال المكشوفة على البحر الميت عام 1949 لسنوات عدة كانت بطرق شرعية وغير شرعية وفي عام 1960 تجمع في المتحف الفلسطيني جزء مهم من المخطوطات المكتشفة،وعكف على دراستها مجموعة مهمة من الباحثين منهم العالم الفرنسي الأب رولان ديفو وكانت مؤلفاته حول الموضوع مرجعاً أساسياً،وعالم الآثار الإسرائيلي أهارون كمبيسكي الذي قال: إذا قبلنا بيهودية جماعة قمران،فهذا يعني بطلان اليهودية الحالية .
تم إكتشاف ما لا يقل عن600 مخطوط، تقارب أربعين ألف صفحة ووثيقة معظمها باللغة العبرانية القديمة والآرامية وقليل باليونانية،وهي مكتوبة على أوراق البردى وجلد الغزلان والماعز,ويعود زمن تدوينها إلي (200 ق.م : 70م) وهي تحوي علي كل أسفار العهد القديم المعتمدة عند اليهود والنصاري مع الكثير من التحريف,وحوالي ثلثي المخطوطات (خمسة عشر ألف صفحة) هي لكتب غير موجودة بالعهد القديم الأن.
عندما ظهرت هذه المخطوطات بدأ المحققون والعلماء بنشرها على هيئة سلسلة من
DJD
( DISCOVERIES IN THE JUDAEAN DESERT )
كان النشر بطيئا جدا ثم حدث ما كان في الحسبان,فقد بدأت السلطات الاسرائلية بمنع الاطلاع على المخطوطات,وبعد كثير من المحاولات سمحت السلطات الاسرائيلية بالاطلاع على المخطوطات فقط لمن تراه مناسبا ليطلع عليها من العلماء المؤهلين من وجهة نظرها !!! وكانوا ثمانية معظمهم من اليهود !! وإشترطوا عليهم ألا يقوم بنشر أي أحد منهم صورة لمخطوطة أو عرض نصها,بل فقط يمكنه نشر استنتاجاته أو ترجمات بعض الفقرات والتي توافق عليها السلطات الإسرائيلية .
هذا إن دل فلا يدل إلا أنهم يخفون وراء هذه المخطوطات ما لا يعلمه الا الله سبحانه وبدأت الكتب تظهر مرة اخرى بالشروط المتفق عليها !! فلا يظهر من المخطوطات شئ الا بإذن السلطات الاسرائيلية .
فمما سبق يتضح أن الحصول على بشارة واضحة من المخطوطات يكاد يكون مستحيل !! ولكن بفضل الله الحق ساطع مهما فعلوا والله الموفق .
فالمخطوطات تحوي كتبهم المخفية والثانوية مثل: أخنون وتهاليل ووصايا الآباء الاثنتي عشرة ووصية لاوي إضافة إلي كتب طائفة الإيسينيين وهي (كتاب النظام) ويمثل عقائد هذه الطائفة اليهودية،ولهذا السفر ملحقان: الأول بعنوان (الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلمة)وبالمخطوطات أيضاً مايسمي (وثيقة دمشق) وهي تتتكلم عن شدائد تحيق بمعلم الصلاح,ويُضاف إلى ذلك سفري الوصايا وتراتيل الحمد والشكر وهما محور كتابنا هذا,وهناك بعض المخطوطات التفسيرية لسفر حبقوق والمزامير وفيه ذكر للشدائد التي ستحل بالجيل الأخير,وهناك الكثير من جذاذات ومخطوطات أخري منها مخطوط (لاماك)وهو مكتوب باللغة الآرامية في تسعة عشر عموداً تتضمن تعليمات إدارة الحرب بين أبناء النوروالظلمة,ويقول خبراء الآثار أن هذه المخطوطات تعود أهميتها إلى أنها تحتوي على أقدم نص مدون للتوراة وللديانة اليهودية كشف عن اختلافات جوهرية بينه وبين المعروف منها حالياً .
وهذا هو السر الذي جعل حكومة إسرائيل تعمل على إخفاء الكثير من المخطوطات,بالإضافة لإحتواء المخطوطات أيضاً علي أمر ما سيهدم كل من اليهودية والمسيحية الموجودتان الأن معاً وهو صفات معلم الصلاح المفترض أنه الشخصية المحورية لهذه الطائفة وسيتضح أنه هو المسيح بن مريم مع إنجيله الأول بين طائفته الحوارية وكشف هذا الأمر بالتالي سيظهرهيمنة الإسلام علي كل الأديان السابقة وأنه الدين الحق الخاتم
ولقد أكد إجماع الدارسين وعلماء الآثار على أن تجاراً ومسؤولين ورجال دين قد اشتركوا جميعهم في تهريب الكثير من هذه المخطوطات إلى الإسرائيليين وحين استكملت إسرائيل احتلالها لفلسطين سيطرت على كل محتويات المتحف الفلسطيني المعروف باسم رُكفلر,وهو متحف دولي أُسس في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين،وكان يضم علماء آثار من مختلف بقاع العالم أتوا للتنقيب والدراسات والحفريات,فحين استولت إسرائيل على الضفة الغربية,نقلت المخطوطات إلى متحف إسرائيلي,هو متحف الكتاب المقدس في القدس الغربية الذي أصبح يؤمه الناس من أنحاء العالم الأن لمشاهدة بعض المخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية .
ولابد هنا أن نبين الحكمة العظيمة من ظهور هذه المخطوطات قدراً بفلسطين التي كانت أرض اليهودية فترة من الزمن,فهذه المخطوطات هي مكتبة لطائفة منهم عاشت أجيالها من قبل المسيح بمائتي عام حتي عاصرت عهده,وظلت بعده بأربعين عام كما هو مذكور في مخطوطاتهم قبل تركهم لهذا المكان,وهي طائفة يهودية متدينة زاهدة مثالية في أخلاقها ومعاملاتها,قد إعتزلت القدس ومدن اليهودية بسبب فسادهم وبعدهم عن شريعة موسي عليه السلام,وأقامت وطن لها بوادي قمران أمام كهوف البرية التي علي شاطئ البحر الميت,وأطلقت علي مكان هجرتها هذا مسمي (دمشق)وإمتدت قري أتباعها ببرية الشام حتي مدينة دمشق التي هي العاصمة السورية الأن,ولما أرسل الله سبحانه المسيح بن مريم أمنوا به وناصروه .
وجعلت الطائفة كهوف قمران مكان مكتبتها الدينية,وتركت هذه المكتبة بهذه الكهوف عندما غادرت أول موطنها بدمشق قمران إلي أخر موطن ببرية دمشق والمعروفة حالياً كماقلنا بدمشق العاصمة السورية,وذلك بسبب نفوذ الجيش الروماني بالمنطقة لقربها من القدس عند حصاره لها وتدميره الهيكل عام 70م .
وظلت هذه المخطوطات المقدسة محفوظة في قوارير ضخمة من الفخار مغطاة لمدة ألفين عام تقريباً,حتي تم العثور عليها قدراً كماذكرنا,والرائع في هذه المعجزة أن هذه المخطوطات ظهرت بين سيطرة محتلين ليسوا من المسلمين إطلاقاً,وذلك حتي تقام الحجة الدامغة علي اليهود والمسيحيين مما سوف تظهره هذه المخطوطات من بشارات بدين الإسلام وأنه الدين الخاتم وماعداه من يهودية ومسيحية هي بقايا أديان سماوية قد تغيرت إلي الوثنية,فبداية ظهور المخطوطات كانت مع المحتل الإنجليزي وتولي أمرها المسيحيين الكاثوليك الأجانب,ثم إنتقلت بعد ذلك للمحتل اليهودي الإسرائيلي,والأروع فيما مضي أن بداية الظهور لهذه المخطوطات كان عام 1947م حينما إدعي اليهود أحقيتهم بأرض فلسطين,وسخروا العالم أجمع لهم من خلال دول الإستعمار المسيحية وإخطبوط الصهيونية العالمية لإقامة هذا الوطن المغتصب,فجائت هذه المخطوطات وهذا الإنجيل المكتشف بهذه الأرض المغتصبة في وقت إعلان قيام دولتهم إسرائيل,ليظهرهم علي حقيقتهم المرعبة في أنهم شر قوم سكنوا هذه الأرض,ولاحق لهم فيها بعد كفرهم وفسادهم .
صراع المخطوطات مع حكومة إسرائيل والفاتيكان
لقد جعل الله سبحانه لليهود رغبة عارمة في الأعلان عن هذه المخطوطات,وذلك لإثبات أن لهم تاريخ قديم بهذه الأرض وأحقية بها من وجهة نظرهم,ولولا هذه الرغبة ماخرجت هذه المخطوطات من رهن الإعتقال إلي النور أبداً بإستثناء القليل منها الذي فر من قبضتهم عند بداية الإكتشاف وتم نشره لقد بدا لهم بعد أربعون عاماً من منع نشرها والإقتراب منها أن يظهروا أجزاء أخري بسيطة من هذه المخطوطات,ولكن مادار بالخفاء في هذه السنيين الطويلة لأمر عظيم سواء علي يد المحتل الإنجليزي المسيحي أوالمحتل اليهودي الإسرائيلي,فقد قال مايكل بيجنت وريتشارد لي في كتابهما الذي صدر بلندن (خداع مخطوطات البحر الميت) عام 1991م أن الإيكول بيبليك المسيطرة علي أعمال اللجنة المسئولة عن المخطوطات تخضع لبابا الفاتيكان مباشرةً,الذي يتدخل في عملية النشر والترجمة,ويمنع مايخالف العقائد المسيحية,وأن هذا الولاء سوف يهدد بضياع المخطوطات والمعلومات التي تتعارض مع الفاتيكان,وظهرت أقوال أخري بأن الفاتيكان والحكومة الإسرائيلية إتفقتا علي ألا تخرج هذه المخطوطات بما يزعزع العالم المسيحي والدولة الإسرائيلية .
لقد أثبتت المخطوطات أن المسيح لم يصلب ولم يقتل كما أخبر القرأن الكريم وأنه بشر وليس إله ولا إبناً لله .
ولذا فغالب الظن أن مدة الأربعين سنة هذه قد تم فيها الحذف بتفتييت الجمل والكلمات التي تتعارض مباشرة مع العقائد المسيحية واليهودية,وكذلك بالطبع حذف المواضيع والبشارات التي تصب في صالح النبي الخاتم والدين الإسلامي,وهذا ملاحظ في سياق المخطوطات وتفتيتها في مواضع معينة وسقوط صفحات كاملة أحياناً,ويؤيد ذلك أن معظم المخطوطات إلي الأن ممنوع أن يقترب منه أي أحد مهما كان قدره غير أعضاء اللجنة الإسرائيلية وجلهم يهود,ثم ظهرت حملة إعلامية كبري في عام 1991م في الصحف الأمريكية مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست,تهاجم مجموعة الباحثين المسئولين عن مخطوطات قمران والبحر الميت,وتتهمهم بالإشتراك في مؤامرة يحيكها الفاتيكان لمنع نشر بعض ماورد بنصوص هذه المخطوطات .
وأخيراً بعد أن إنتهوا من تدبير أمرهم مع هذه المخطوطات بحذف وتفتييت المواضع التي تتعارض مع دين أربابهم وطواغيتهم كماسنري,قام البعض من هؤلاء المسؤلين اليهود بترجمة بعض هذه المخطوطات من الأرامية والعبرانية القديمة إلي الإنجليزية وبعض اللغات العالمية الأخري,وكان أشهرها ترجمة غيزا فيرمز وأندريه سومر ثم مؤخراً تم ترجمتها من الإنجليزية إلي العربية علي يد الدكتور سهيل زكار عن غيزا فيرمز ,وقام موسي ديب خوري بترجمة كتاب مخطوطات قمران لأندريه سومر وكانت كلتا الترجمتين منذ بضع سنوات قليلة قبل نهاية القرن العشرين,ولقد إعتمدت في معظم بحثي هذا علي ترجمة الاستاذ الدكتور سهيل زكار عن المترجم غيزا فيرمز المعروفة بعنوان (النصوص الكاملة لمخطوطات البحر الميت لغيزا فيرمز ) .
وتلك الترجمات كلها كانت للمخطوطات التي سمحت بها السلطات الإسرائيلية فقط أو التي تسربت من سلطتها في بداية الإكتشاف,فمعظم ماتم نشره من مخطوطات بعد سماح الحكومة الإسرائيلية لايتعدي واحد بالمائة مما تم الأعلان عنه وقت الإكتشاف علي يد المحتل الإنجليزي عام 1947م,ولقد قامت الحكومة الإسرائيلية بعدة تمثيليات,منها الإيهام بتسرب صور المخطوطات كلها إلي إحدي الجامعات الكندية والتي بدورها أعلنت عنها,ولكن المهتمين بالأمر وجدوا أن الموضوع برمته ماهو إلا تمثيلية حقيرة للسطو علي باقي المخطوطات وعدم الإفصاح عنها,وأصبح معظم المخطوطات مخبأة مابين أرشيف المتحف العبري أمام مبني الكنيست الإسرائيلي وأرشيف مكتبة الفاتيكان,ومحاطة بسرية تامة حتي لاتري النور أبداً .
ولقد قامت بعد ذلك حوارات ومؤتمرات بصدد هذه المخطوطات، كان منها مؤتمر حدثت به مفاجأة عظيمة وبعيدة عن الإتجاه السائد لدي الباحثين المسئولين عن المخطوطات , وهو المؤتمر الشهير الذي عقد في جامعة نيويورك عام 1993م ، بين العالمان الأمريكيان Robert Eiseman أستاذ الأديان في قسم الدراسات الشرقية في جامعة كاليفورنيا والدكتور Michael Wise أستاذ اللغة الآرامية في جامعة شيكاغو
وقد قال الأستاذ الدكتور Robert Eisenman
1- إن الفحص الكربوني لمعرفة تاريخ اللفائف فحص غير دقيق ، ولهذا فإن الفحص بهذه الطريفة لم يستطع أن يعطي تاريخ وثيقة دمشق Damascus Document ولا تاريخCommunity Rule ، ولم يعط أيضاً تاريخ الوثائق المعروفة باسم: "MMT " وبجانب ذلك فإن من المعلوم أن فحص الكربون لا يعطي نتيجة دقيقة ، ولهذا فلا بد من إعطاء مجال لاحتمال الخطأ من خمسين إلى مائة سنة ، فبعد ذلك تكون النتيجة صحيحة وهي أن اللفائف جاءت بعد الميلاد .
2- إن صورة عيسى في الأناجيل تختلف عن صورته في لفائف البحر الميت ،فاللفائف تعطي الصورة الحقيقيـة لما حدث في القرنين الأول قبل الميلاد والأول بعد الميـلاد، وإذا قارنا بين محتويات لفائف قمران مع محتويات الأناجيل نجد أن الأناجيل لست تاريخاً، ولكنها شيء آخر، فهي نوع من الرومانسيات اليونانية، ومهما يكن عيسى فلم يكن كالصورة التي وجدناها في الأناجيل، ولكن أقرب بكثير للصورة التي جاءت في لفائف قمران. وصحيح أن المسيحية التي نراها اليوم فهي مسيحية سلام بينما ما ورد في لفائف قمران فإنها تتحدث عن حركة مسيحية مسلحة في فلسطين تدعو إلى الحرب ضد الشر الذي على الأرض، وهذا يتناقض كلياً مع الصورة التي أمامنا عن المسيحية الحالية
ولمزيد من التفاصيل عن المخطوطات ارفق كتاب مخطوطات البحر الميت للدكتور احمد عثمان