التعلم بالاكتشاف ....خطوة على طريق الإبداع
يُعد هذا الأسلوب في التعلم ثورة على نموذج التعليم الشرحي المباشر ، و القائم على تزويد المتعلم بالمعلومات الجاهزة لحفظها ، ومن ثم اختباره بمحتواها بأسئلة إنشائية مباشرة تقيس المعلومات المختزنة ، وليس التغير في السلوك وفي طرائق التفكير . ويهدف التعلم بالاكتشاف إلى تشجيع المتعلم على التفكيرفي بنية المسألة المطروحة أمامه لاكتشاف عناصرها بنفسه ، مما يترتب عليه تطوير قدراته على التصنيف وتدريبه على ممارسة مهارات التفكير الاستقرائي مما يمكنه من إزالة تعقيداتها ويسهل عليه فهمها .
مفهومه :
التعلم بالاكتشاف هو عملية تفكيرية تتطلب من الفرد إعادة تنظيم المعلومات المعروضة عليه أو المختزنة لديه بحثا عن علاقات جديدة لم تكن معروفة لديه من قبل .
وقد عرّف برونر Brunerالتعلم بالاكتشاف بأنه : عملية تفكير يتجاوز فيها المعلم المسألة المعروضة أمامه لينطلق منها إلى أبعاد ودلالات جديدة .
كما عرّفه سوشمان Suchmanبأنه : عملية تفكير يتم فيها تمثل مفاجيء للمعلومات التي يستقبلها المتعلم كنتيجة للتفاعل الذي يتم بين المفهوم الموجود أصلاً لديه وبين المثيرات التي يتعرض لها في الموقف الجديد الذي يقوم بدراسته .
وعرفه ديفس Davis بأنه : عملية تفكير يوظف فيها المتعلم معلوماته المخزونة لمناقشة مسألة جديدة بهدف اكتشاف علاقات جديدة .
ويلقى هذا الأسلوب إقبالاً من المتعلمين ؛ لأنه يهبهم فرصة الاستمتاع باكتشاف أشياء لم تكن معروفة لديهم من قبل، وهو يحظى بعناية خبراء التربية والتعليم نظراً لأهميته البالغة وفوائده المتعددة .
أهمية التعلم بالاكتشاف :
تبرز أهمية هذا الأسلوب من أنه يكسب المتعلم القدرة على :
- الملاحظة الدقيقة والموضوعية .
- القدرة على جمع المعلومات .
- القدرة على القياس باستخدام أطر مرجعية .
- القدرة على التنبؤ بما قد يحدث مستقبلا .
- الثقة بالنفس والاعتماد على الذات ، و يحرره من التبعية للآخرين .
إضافة إلى أنه :
- يستثير دافعية المتعلم للتعلم الذاتي .
- ينمي لدى المتعلم مهارات التفكير العلمي .
- يدرب المتعلم على مهارة النفكير الناقد .
- ينمي قدرة المتعلم على الابتكار والإبداع .
ومن مميزات هذاالأسلوب في التعلم أيضاً أنه :
- يمكّن المتعلم من التعامل مع المشكلات الطارئة بمنهجية علمية ، بما يهبه من قدرة على التعامل مع المعطيات وتنظيمها ، وتسجيل النتائج التي تترتب على ذلك.
- يعتمد هذا الأسلوب على توظيف التفكير المنطقي ويعمل على تنمية التفكير الإبداعي.
- يشجع التلميذ على ممارسة التفكير الناقد بما يقوم به من عمليات تحليل وتركيب وتقويم.
- التعلم الحاصل بهذه الطريقة أكثر ثباتاً لأنه ناجم عن مشاركة عملية بالأنشطة التي أدت إلى اكتشاف المعلومة.
- يثير قابلية التلميذ للتعلم بما يوفّره له من استثارة ورغبة في الاكتشاف وسبر أغوار المجهول.
أساليب التدريب على الاكتشاف :
يستطيع المعلم توظيف هذا النمط من التعلم بطرائق عديدة أهمها:
1- الاكتشاف الموجّه:
وهذه الطريقة تلائم أطفال المرحلة التأسيسية حيث يقوم المعلم بتوجيه الأطفال لاكتشاف مفاهيم أو حقائق علمية من خلال خبرات عملية مباشرة بعد أن يوضح لهم خطوات العمل التي يبنغي عليهم اتّباعها والهدف من كل خطوة.
2- الاكتشاف شبه الموجّه:
وهوأسلوب يناسب المتعلمين الذين لديهم خبرات سابقة ، حيث يكتفي المعلم بإعطاء تلاميذه توجيهات عامة ويترك لهم حرية اختيار النشاط الذي يرونه ملائماً لتحقيق الغرض الذي يسعون لتحقيقه.
3- الاكتشاف الحر:
وهذه الطريقة يستخدمها المتعلمون بعد أن يكونوا قد أتقنوا توظيف الطريقتين السابقتين، وفيها يتاح لهم فرصة التعامل مع المشكلة بطريقة منهجية علمية قائمة على اختيار الفروض واختبارها وتصميم التجارب التي يتطلبها العمل.
خطوات الاكتشاف :
تتم عملية الاكتشاف على خطوات هي:
1- عرض المشكلة التي يراد دراستها لإيجاد حل لها، ويتم هذا العرض في معظم الحالات على هيئة سؤال سابر يتطلب جواباً أو تفسيراً، ويراعي المعلم عند اختيار المشكلة مجموعة من العوامل أهمها: المنهاج الدراسي، خصائص المتعلمين، عدد المتعلمين، مستواهم المعرفي، وقت الحصة.
ويراعى في السؤال المطروح أن يكون مشوقاً يثير فضول المتعلمين ويستنهض هممهم للبحث عن تفسير له. كأن يطرح عليهم موقفاً بلا نهاية ويطلب منهم البحث عن نهاية له أو يقدم لهم معلومات تتعارض مع ما رسخ في أذهانهم من أفكار ويطلب منهم المقارنة بينها للتوصل إلى الحقيقة..
2- جمع المعلومات حول القضية ، ويتم بالحوار الهادئ والتواصل متعدد الاتجاهات، أو بالرجوع إلى المكتبة أو إلى الشبكة العالمية للمعلومات .
3- صياغة الفرضيات .
4- التحقق من صحة المعلومات التي جمعت ، ويتم ذلك بمناقشتها مع الزملاء، أو بعرضها على المعلم، أو بالمقارنة بينها للتأكد من عدم وجود تناقض بينها.
5- تنظيم المعلومات وتفسيرها. بهدف التوصل إلى إجابة مرضية عن السؤال المطروح أو القضية المراد بحثها لإيجاد حل لها ، ويقوم المعلم بتوجيه الطلاب وتقديم المساعدة لمن يطلبها.
6- تحليل عملية الاستقصاء وتقويمها لاختبار الفرضيات والتأكد من سلامة الخطوات المتبعة ، ومن صحة التحليل والاستنتاج.
7 - بلورة النتيجة واعتمادها لاتخاذ القرار ، وتسجيل الحل الذي تم التوصل إليه من قبل المتعام نفسه .
دور المعلم :
يختلف دور المعلم الموظف لأسلوب الاكتشاف عن دور المعلم التقليدي الذي يقتصر غالبا على الشرح والتلقين
ويمكن إيجاز دور المعلم في عملية الاكتشاف بما يلي:
1 – توفير مناخ صحي هاديء ومريح .
2 – منح المتعلمين الحرية الكاملة للتعبير عن أفكارهم دون قيود .
3 – التأكد من معرفة المتعلمين بالمتطلبات السابقة .
4- طرح المفاهيم موضوع الدرس على هيئة سؤال يبحث عن جواب أو مشكلة تتطلب حلاً.
5- تحليل المشكلة وعرضها على هيئة تساؤلات غريبة.
6- تجهيز الوسائل المعينة التي يتطلبها تنفيذ الموقف الصفي.
7- تحديد الأنشطة أو التجارب التي يتطلبها الموقف.
8 – وضع الاستراتيجيات لوماجهة الاختلافات في وجهات نظر المتعلمين
9 – تقديم النصح والتوجيه في الوقت المناسب ، والمساعدة لمن يطلبها .
10- تقويم النتائج وتوظيفها في مواقف جديدة مماثلة.
وهكذا فإن المتعلم بأسلوب الاكتشاف يتمتع بقدر كبير من الاستقلالية والاعتماد على الذات
ويستطيع توظيف المهارات التي حصل عليها في خطوات تالية تقود إلى الإبداع .