Global

تستعمل في صناعة الأثاث مواد مختلفة تتبدل تقنيات معالجتها وتتطور بتطور الإنسان، بدءاً من الحجر والطين إلى الخشب والمعدن بأنواعه إضافة إلى الزجاج والألياف الزجاجية واللدائن والعظم والعاج والصدف والجلود وأنواع الطلاء المختلفة.

الخشب

يعد الخشب أكثر المواد الأولية انتشاراً، ولعله أكثرها مواءمة، في صناعة الأثاث. وفي الطبيعة أنواع لاحصر لها من الأخشاب المختلفة التي يمكن استعمالها لهذه الغاية، ولكن بعض أنواع الخشب اختصت بصفات وميزات طبيعية وضعتها في المرتبة الأولى عند مصممي الأثاث والمهندسين والحرفيين.

والخشب مادة متوافرة في الطبيعة ويمكن التعامل معها بأشكال مختلفة، إذ يمكن صبغ الخشب وطليه وتمويهه ولصقه وتشكيله باليد أو بأدوات النجارة والحفر والقطع والتطعيم، كما يمكن حني الخشب وليه إذا ما سخن بالبخار للحصول على الشكل المطلوب، وهو يحافظ على شكله هذا حين يبرد، وتوفر عروق الخشب وحلقاته السنوية بنية متعددة الصفات وتمنحه سطحاً طبيعي الزخرفة يمكن معه تشكيل نماذج مختلفة بترتيب لصق الأجزاء الخشبية وفي أوضاع متقابلة أو متعاكسة أو باستعمال أنواع مختلفة من الخشب.

تتنوع ألوان الخشب بين الأبيض والأصفر والأحمر والبني والرمادي والأسود، بين هذه الألوان تدرجات لونية لا حصر لها، ولبعض أنواع الخشب روائح عطرية متميزة، وقد عرف صناع الأثاث هذه الخصائص منذ القديم واستثمروها - وخاصة صناع المشرق العربي والشرق الأقصى - والخشب مديد العمر إذا ما حفظ في شروط مناسبة، وقد عثر على قطع من أثاث من حضارات موغلة في القدم, وما تزال في حالة مقبولة.

أما أكثر أنواع الخشب استعمالاً فهو السنديان والبلوط والجوز والزان والعرعر والخشب الأحمر والوردي إضافة إلى الأخشاب الثمينة مثل الأبنوس والماهوغاني وغيرهما.

وقد ساعد تطور صناعة الأخشاب وأدوات النجارة والتقنيات المستعملة في معالجة الأخشاب منذ نحو قرنين وإلى اليوم في إنتاج أثاث خشبي رخيص الثمن نسبياً وفي زمن قصير، واستخدمت مواد جديدة أساسها الخشب المعالج كنجارة الخشب المضغوطة وقشر الخشب وأليافه والخشب المخرم والهيكلي وألواح الخشب المصمتة والمعاكس والمصفح والمطبق وغير ذلك.

وقشر الخشب veneer رقاقة من خشب خاص عالي الجودة، تنشر وتقطع بمناشير خاصة يدوية أو ميكانيكية، وتلصق على هيكل أو أساس خشبي من نوعية أدنى فتعطيه مظهراً جميلاً وسطحاً أملس. وإكساء قطع الأثاث قشر الخشب معروف منذ العصور القديمة ولكنه لم يستغل استغلالاً كاملاً حتى أوائل القرن العشرين.

أما ألواح الخشب المضغوطة فتصنع من بقايا الأخشاب المنجورة والتالفة بعد تقطيعها و«فرمها» نثرات صغيرة وعجنها بالغراء ثم سكبها في قوالب تحت الضغط حتى تجف، وهي تنتج بثخانات مختلفة وتستعمل في صنع سطوح قطع الأثاث بعد إكسائها القشرة، ولكنها لا تتمتع بمتانة الخشب الطبيعي أو متانة ألواح الخشب المصمتة أو المعاكسة أوالمصفحة.

تصنع ألواح الخشب المعاكس (البلاكيه) playwood من عدة طبقات من قشر الخشب تلصق إحداها فوق الأخرى بطريقة متعاكسة تحت الضغط، وتستعمل هذه الألواح في صنع أكثر أنواع الأثاث وخاصة الأجزاء الخلفية منها، كما تستعمل الثخينة منها في صنع الكراسي والمقاعد وجلساتها بعد تشكيلها وحنيها وضغطها في وسط من البخار الساخن.

وأما ألواح الخشب المصفح (اللاتيه) laminated boards فتتألف من قدد خشبية ضيقة تلصق الواحدة بجانب الأخرى ثم تصفح من الوجهين برقائق من الخشب أو ألواح الخشب المعاكس تحت ضغط معين وبذلك يتم الحصول على لوح مصفح بالثخانة المرغوب فيها، وتستعمل الألواح المصفحة في صناعة سطوح الخزائن والمناضد والأسرة والأبواب وغيرها.

وتتمتع ألواح الخشب المصفحة بمتانة متجانسة طولياً وعرضياً وقطرياً وهي غير قابلة للانكماش أو اللي كما هو حال الخشب الطبيعي، ومثلها في ذلك ألواح الألياف الخشبية fiber board التي تصنع من ألياف الخشب المضغوطة بعد معالجتها بالمواد الكيميائية وعجنها بالغراء.

المعادن

استخدم الإنسان المعادن في صنع أدواته وحوائجه منذ أن تعلم صهرها وسكها وطرقها. واستعمال المعادن في صنع الأثاث وزخرفته قديم جداً، وقد عثر في مقبرة توت عنخ آمون على قطع أثاث فاخرة منها سرير عرش وكرسي مزيّنان بالذهب (ق14 ق.م)، واستعمل اليونان البرونز والحديد والفضة في صنع قطع الأثاث وزخرفتها، وعثر في رماد مدينتي بومبي Pompeii وهيراكولانيوم Heraculanneum في إيطاليا على طاولات لها أطر معدنية قابلة للطي، وعلى أسرة مصنوعة من المعدن كلها أو بعض أجزائها. واستعمل الكرسي المعدني في مناسبات خاصة في العصور الوسطى في أوربة (كرسي عرش ملك الفرنجة دغابرت الأول Dagaborti من القرن السابع للميلاد). وفي دولة بنين في إفريقيا كرسي من البرونز خاص بالبلاط جعلت جلسته على شكل سمكتين مجدولتين. وثمة نماذج كثيرة من أثاث فضي أو مغلف بالفضة أو الذهب المطرق.

ومنذ القرن الثامن عشر شاعت صناعة الأثاث الحديدي، وصارت السرر المعدنية والصناديق المقواة بالمعدن في متناول الناس، وازداد الطلب عليها في المعسكرات والمخيمات لسهولة طيها وفكها وتركيبها، وأشهر مثال عليها سرير نابليون بونابرت في جزيرة هيلانة.

وكانت السرر الحديدية تزين بزخارف وقطع نحاسية أو برونزية. كما استخدم الحديد في صناعة مقاعد الحدائق والكراسي التي توضع في العراء لمقاومته عوامل الطبيعة، وخاصة بعد طليه بطبقة من الدهان. وتوصل الألمان في العشرينات من القرن العشرين إلى استعمال الفولاذ في صنع الأثاث وصنع النوابض والأنابيب الفولاذية المطلية بالكروم وتطويعها في صناعة الأثاث حتى غدت الأنابيب الفولاذية رمزاً لمذهب «الوظيفية» في العمارة (أن يتناسب تصميم أجزاء البناء وأثاثه مع الوظيفة المعدة لها). ومنذ الثلاثينات من القرن العشرين شاع استعمال الألمنيوم في هذه الصناعة لمواصفاته الجيدة.

يستخدم المعدن، وخاصة الحديد والنحاس والألمنيوم، في صنع القطع الكاملة بتشكيلها عن طريق السكب والثني والطلي واللحام والقطع وغير ذلك، كما يستعمل في صنع الأقفال والحواضن والمفصلات وحوامل القطع وقواعدها وفي التزيين والزخرفة. وكانت صناديق حفظ الثياب تدعم بأحزمة من حديد تزيد متانتها وكثيراً ما كانت تزين نهاياتها بزخارف، وكانت المكتبات في عصر النهضة تزخرف بحواضن وقواعد من أُشابات معدنية أساسها البرونز أو النحاس أو القصدير، وبرع الفرنسيون في تشكيل حواضن مزخرفة من المعدن تركب على الزوايا والأدراج والأرجل من أجل الحماية والتقوية.

المواد الأخرى

يعد الزجاج من المواد الثانوية المستعملة في صناعة الأثاث وزخرفته، وتستعمل المرايا والبلور العادي والملون للتزيين وإضفاء الجمال على القطع ووقايتها، وقد برع الإيطاليون في صناعة الأثاث المزجج المتعدد الألوان، واستعمل العاج والعظم والصدف والذَّبْل (جلد السلحفاة الكبيرة أو عظم ظهرها) مواد للتطعيم والتنزيل والترصيع في صناعة الأثاث، وشاع في القرن السابع عشر استخدام العاج في تطعيم الأثاث الفاخر، واستخدم عظم قوقعة السلحفاة للتنزيل النفيس فوق أرضية من الفضة، كما استخدمت أصداف القواقع وعرق اللؤلؤ لتطعيم الخشب، واستعمل الجص المعجون بالغراء لتشكيل الزخارف وخاصة في الأثاث الإسلامي الشرقي، كما صنعت منها «شمسات» لثقوب المفاتيح وأغطية لها.

وأما الرخام والجص والخزف فاستعمل في مجالات معينة، وخاصة في تغطية سطوح «القنصليات» والمكاتب والتخوت ذوات الأدراج والمغاسل وطاولات الزينة، كما استخدمت العجينة الورقية (عجينة الورق مع الغراء ومواد أخرى) في صنع بعض قطع الأثاث في إنكلترة في العصر الفيكتوري.

وأما اللدائن بأنواعها والألياف النباتية المعالجة والألياف الزجاجية فقد شاع استعمالها بعيد الحرب العالمية الثانية وعلى نطاق واسع وهي تستعمل في صنع القطع المقولبة (المشكلة في قالب).

  • Currently 220/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
78 تصويتات / 7894 مشاهدة
نشرت فى 24 يناير 2010 بواسطة medo17

عدد زيارات الموقع

321,959