لاشك ان ادخال السرور على قلوب الناس فضيلة عظيمة ، لا يستطيعها كثير من الناس ، ثقلت حتى على من ملك أسبابها ، تتعدد صورها قياسا على ما يحوزه المرء من امكانات ، ومواهب وملكات ، فبمالك – ان حسنت النية – قد تدخل السرور على فقير وبسلطانك قد تدخله على ضعيف ، وبعلمك و موهبتك تدخل السرور على حزين .

لكن الجديد القديم هو ان تتخذ السخرية من الاخرين سبيلا الى اضحاك الناس وان تصبح كرامتهم واعراضهم - برذيلة الكذب والخداع - مرتعا لكل متشدق بالحرية يطلق فيه كلابه وذئابه تنهشها و تتحرش بها .

ان من يفعل ذلك  - متجاوزا القصد من الاضحاك او الاسقاط السياسي – مفلس ، وقع في حد الغيبة والنميمة او البهتان والافك ، سيرا على نهج المنافقين والصعاليك ليذل عزيزا أو يهين كريماً ، ويل له يكذب ليضحك القوم ، ووالله ما اضحكني بقدر ما ابكاني حتى صرت اشفق عليه يضع عنه ثوبا تتوق الى لباسه نفوس عظيمة ليلبس ثوبا اخرقاً لا يواري سوأته ولا ينض فجوره لنفرغ من شطط الساسة ونقع في ردغة المهرجين وخبالهم .

وحين اخطأ هذا الطريقة فخاض في المباح وولغ في المحذور ولم يكتف بذم الاشخاص والمؤسسات شأنه شأن الافاقين في كل زمان ، وسكت هؤلاء – وهذا شأنهم - خوفا ان يتهموا بمعاداة الحرية وتكميم الافواه – ذلكم المصطلح الصحافي الجديد - وتطاول على مناسك عقيدتنا وسنة حبيبنا ، أجدها وقد هانت علي الحياة - وأنا لا أملك منصبا كمناصبهم أخاف ضياعه ولا وظيفة كوظائفهم أخشى فقدها ولا يعنيني أن يشمئز هذا أو يغضب ذاك ولست توافقيا أرقص على سلم ليرضى عنى من أعلاه ومن بأسفله - أثقل علي من حمل الجبال أن لا أرد ولو بهذه الكلمات – غاية جهدي وجل ما املك – نيابة عن نفسي وعن كل نفس حرة لم تألف ذلا ، تأبى أن يهان دينها حين يهان رموزه ويهان السالكين دربه المتمسكون بسننه قولا وفعلا وتشبها .

أيها السقط المهين مسلوب الشرف منزوع الهيبة ماذا ستجني حين يضحك الناس اليوم وتبكي أنت غدا ، أم ماذا سيحل عليك حين تصيبك دعوة في جوف الليل ممن اهنت كرامتهم أو انتقصت مكانتهم وانت مطموس البصر معدوم الفؤاد قد شغلتك اصوات الضحكات وأعمت بصيرتك ايات الثناء أن ترى عيوب سادتك على كثرتها فرحت ترمي في غفلة افقدتك الحس والضمير سهام حقدهم بدلا منهم وتبث سموم الفرقة نيابة عنهم .

ان تتبع عورات الناس ليس بالصعب على كل مترصد حتى تظن نفسك مبدعاً ، واضحاك العامة كان قاصرا على سفهاء القوم وغوغائهم واراجوزات السلطان ومحاظيه ، فلست تراقب ملائكة لا تخطئ ولا قديسين لا يذنبون وانما هم بشر يؤخذ منهم ويرد ، فرحت تستقطع من احاديثهم كلمات حق يراد بها باطل لتناسب ضغائنك – فما ظنك إن تتبع هؤلاء سقطاتك وهفواتك وأحاديثك ، الا يجدون ما يهين ذكرك ويحقر شأنك ويمقت فكرك ويظهر خبثك ، بلى والله  

حسبتك ستحمي حقوق الضعفاء بما أفاء الله عليك من علم تنكرت له لم ترعه ، ومن شهرة خنت أمانتها ولم تتق الله فيها ، تحيك المهازل خيطا جنب خيط تلبس بها الحقيقة باطلا ، ووالله انا أقوياء وإن ظننت بنا الضعف ، لكن ما تذدريه من عقيدتنا هو ما يمنعك منا ، ومن تهينهم من رموز ديننا هم من يؤخر غضبتنا عليك ، وإلا لجاهدناك وعصفنا بك عصف شهواتك بدواخلك .   

فاعلم أنك في الفتنة وقعت ، وعن الصراط نكبت ، وللأمانة ضيعت ، فيا حسرة عليك وعلى ما كسبت واكتسبت ، فاعمل ليوم تسود فيه وجوه وتبيض وجوه ، وينادى هذا ما جنت يداك وسعت رجلاك ، ونطق لسانك ، فالتوبة التوبة والخلاص الخلاص من قبل أن تذل قدم بعد ثبوتها وتكب في نار لا أخر لقعرها بما حصده لسانك وأضمره جنانك .

(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ( 103 ) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ( 104 ) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ( 105 ) )

وقانا الله السوء ما ظهر منه وما بطن

 

المصدر: شخصي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 279 مشاهدة
نشرت فى 30 ديسمبر 2012 بواسطة lance

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

43,032