لقد أصبح التغيير حقيقة لابد منها، فالعصر الحالي هو عصر التغيرات السياسية والاقتصادية والفكرية والتكنولوجية، حيث تتعدد فيه المؤثرات وتتنوع أشكال المنافسة وتنهار الفواصل الزمنية والمكانية بين الدول والأسواق، فالحدود المادية بين الدول لم تعد تؤثر على الأعمال كما كان الوضع في الماضي، وعليه فان بقاء هذه الأعمال بات يتوقف على النظرة الشمولية للعالم ككل، والتغيير كونه سمة من السمات الحضارية للعالم المتقدم فهو يمس الأفراد والمنظمات دون استثناء، لذلك أصبحت كل منظمة وإدارة تواجه مواقف جديدة تستوجب عليها العمل على اكتشاف التغيرات ومحاولة التعامل معها بل كذلك توقعها أو المبادرة بإحداثها، وذلك من خلال تبني موضوع التطوير التنظيمي الذي أصبح يمثل القضية الأساسية و الهدف المحوري لكثير من المنظمات و التي جعلت منه مشروعا لاستمرارها ونموها و أداة أساسية تكفل لها القدرة الدائمة على مواكبة التغيرات و التطورات البيئة بمختلف أبعادها.
إن النجاح في تحقيق مشروع التطوير التنظيمي سيوفر للمنظمة القدرة على تعظيم الانتفاع من نقاط القوة و كافة الفرص المواتية و المتغيرات البيئية ذات التأثير الايجابي في الوقت الحالي أو المحتمل، كما يمكنها من استئصال مختلف جوانب الضعف و يعزز لديها الاستعداد للتعامل الفعال مع التهديدات و كافة التغيرات ذات التأثير السلبي في الوقت الحالي أو المرتقب، و حتى تتمكن المنظمة من الحصول على هذا الوضع تطالب باعتماد العديد من المداخل الإدارية التي يتطلبها مشروع التطوير التنظيمي، كما تكون معنية بضرورة المفاضلة بين الاستراتيجيات المحققة لهذا المشروع في ضوء احترام الاعتبارات التنظيمية و الفنية التي تميز بيئتها الداخلية و الخارجية.
((يتبع))