ورقة بحثية عن
رعاية وتأهيل المعاقين في ظل التشريعات والقوانين المصرية
إعداد أ / صلاح سيد شاكر شطوري
مدير نادي فرسان الإرادة والتحدي سابقاً بالجمعية النسائية بجامعة أسيوط
ومدير الورش المحمية لتدريب وتأهيل المعاقين وأمين مكتبة مشروع تأهيل وتدريب المعاقين ذهنيا بريف محافظة أسيوط والممول من الصندوق المصري السويسري
مقدمة :-
إن فئة المعوقين هي فئة من فئات المجتمع أصابها القدر بإعاقة قللت من قدرتهم على القيام بأدوارهم الاجتماعية على الوجه الأكمل مثل الأشخاص العاديين.
هـذه الفئة هي أحـــوج إلــي أن نتفهــم بعض مظــاهر الشخصيــة لديهم نتيجة لما تفرضه الإعاقة من ظروف جسمانية ومواقف اجتماعية وصراعات نفسية، وإلي أن تتفهم أساليبهم السلوكية التي تعبر عن كثير من هذا التعقيد والتشبيك، ورغم كل ذلك فإن هذه الفئة لم تلقى حتى الآن الاهتمام المناسب من الباحثين والمتخصصين حتى وقتنا الحالي ، وطبيعي فإن فئة المعاقين لهم متطلبات مختلفة في شتى مجالات الحياة تختلف عن المتطلبات الأخرى للأشخاص العاديين وتختلف هذه المتطلبات تبعاَ لنوع الإعاقة وما يترتب عليها من مؤثرات.
أن العناية بالأطفال المعاقين كفئة اصابتها درجة من درجات العجز واجباً أخلاقيا إنسانياً تفرضه القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية المختلفة فإن تأهيلهم ورعايتهم قيمة اقتصادية لأن هذه الفئة طاقة إن أهملت أو عطلت أصبحت عالة على المجتمع وعلى ذويهم وضرراً بالاقتصاد القومي فضلا عن أن العناية بهم لتجنب المجتمع أعباء كثيرة مستقبلاً.
إن لكل فرد من الأفراد المعاقين حقاً في الرعاية الصحية والتعليمية والتأهيلية في جميع مراحل نموه وله حق العمل والتوظيف في مرحلة العمل وله حق تكوين أسرة بالزواج مالم يكن هناك حائلاً يمنع ذلك كما أن له الحق في الحياة والتمتع بكافة الحقوق المادية والاجتماعية والقانونية ، كما أن عليه واجبات المواطنة بقدر الاستطاعة وتحمل المسئولية وأن تجاهل هذه الحقوق أو إغفالها يؤدي الي أن يدفع المجتمع الثمن باهظاً عندما تزداد أحوال هذه الفئة تدهوراً فيتحولون إلي طاقات غير مستثمرة ويصبحون عائق على ذويهم ومجتمعاتهم ، كما يكونوا عرضة للإنحراف الاجتماعي والأخلاقي ويجب على المجتمع أن يفهم هذه الحقوق لأنها جزء لا يتجزء من خط الدولة في الاهتمام بالمعاقين.
أن الجانب التشريعي لا يمكن أن يتخلف عن هذه الرعاية، بل يقننها ويعمل على بسط حمايته عليها، لذلك نجد المشرع قد حرص منذ 1959 على مواجهة مشكلة المعوقين فصدر القانون رقم 14 لسنة 1959 بشأن التأهيل المهني للعاجزين عن العمل وتحديدهم. ثم أدمجت مواد هذا القانون في قانون العمل ثم عاد المشرع لتنظيم الموضوع بموجب القانون رقم 39 لسنة 1975 بالمعدل رقم 49 لسنة 1982 وأطلق عليه اسم قانون تأهيل المعاقين.
تعريف المعاق :-
تعريف قانون تأهيل المعاقين رقم 39 لسنة 1975م :-
وقد عرف قانون التأهيل المعوق بأنه " كل شخص أصبح غير قادر على الاعتماد على نفسه في مزاولة عمله أو القيام بعمل آخر والاستقرار فيه، ونقصت قدرته على ذلك نتيجة لقصور عضوي أو عقلي أو حسي نتيجة عجز خلقي به".
تعريف الموسوعة الطبية الأمريكية :-
وقد عرفت المعاق على أنه كل شخص به عيب صحي أو عقلي يمنعه من أن يشارك بحرية في النشاط الملائم لعمره ، كما يولد لديه إحساس بصعوبة الاندماج بالمجتمع.
تعريف منظمة العمل الدولية :-
هو كل فرد نقصت إمكانياته للحصول علي عمل مناسب والاستقرار فيه نقصاً فعلياً نتيجة لعاهة جسمية أو عقلية.
- ولما كان للمعوق حاجاته التي يجب إشباعها كغيره من بين جنسه فقد أصدرت مجموعة من التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية في شأنه نصت موادها على أن يحيا المعاق حياة طبيعية مثله مثل باقي سائر البشر من حوله .
وبصورة واقعية فقد فرض علينا الواقع المعيوش أن نطرق باب هذه التشريعات وأن نتصفح كتب القانون بحثاَ عن القوانين والتشريعات والقرارات والمواثيق التي أصدرت بشأن هذه الفئة ونبحث وراء كل هذا وذاك بالواقع الذي نعيش فيه ولنعرضه أمام سيادتكم بصورة صرخة من هذه الفئة لجميع المسئولين والمهتمين والباحثين والتشريعيين لكي يستيقظون لأن الكثير من تلك القوانين والبنود والقرارات ما هي إلا حبر على ورق يتم تنفيذ القليل منها حيث تم تصميم استمارة استبيان حول مدى معرفة المعاقين وأسرهم والقائمين على رعايتها بالقوانين المصرية الصادرة بشأن رعايتهم وتأهيلهم وقد طبقت هذه الاستمارة على الآتي :
- عدد 130 معاق - 50 من أسر المعاقين .
- 10 من القائمين على رعايتهم ( في نطاق محافظة أسيوط ).
فقد وجد من خلال الاستبيان أن هناك مجموعة من المشاكل لابد أن نعمل جميعا على حلها وأهم هذه المشاكل :-
1- أن أغلب المعاقين أنفسهم وأسرهم وبعض القائمين على رعايتهم لا يعلمون أي شئ عن التشريعات والقوانين التي صدرت بشأنهم .
2- عدم تطبيق الكثير من نصوص القوانين الخاصة بالمعاقين من الواقع الملموس.
3- قلة المميزات والتسهيلات الخاصة بالمعاقين بالمواصلات والمسارح وقصور الثقافة والنوادي داخل نطاق محافظة أسيوط مما دعانا إلي أن نبحث وراء كل نصوص القوانين ومعرفة دور الدولة في رعاية وتأهيل المعاقين.
المعاقين وتشغليهم وتأهيلهم بالقوانين المصرية
أولاً : قانون تأهيل المعوقين رقم 39 لسنة 1975 :-
فقد جاء هذا القانون جامعاًَ لشتات مجموعة من النصوص والتي تفرقت قبل صدوره في القوانين أرقام 91 لعام 1959، 63 لسنة 1964، 133 لسنة 1964، 58 لسنة 1971، 61 لسنة 1971 وفيما يلي عرض لأهم المواد التي بشأنها خدمة المعاقين:
المادة (1) :
" تسري أحكام هذا القانون على المعوقين المتمتعين بجنسية جمهورية مصر العربية ..."
المادة (2):
يقصد في تطبيق أحكام هذا القانون بكلمة المعوق – كل شخص أصبح غير قادر على الاعتماد على نفسه في مزاولة عمله أو القيام بعمل آخر والاستقرار فيه أو نقصت قدرته على ذلك نتيجة لقصور عضوي أو عقلي أو حسي أو نتيجة عجز خلقي منذ الولادة.
ويقصد بتأهيل المعوقين تقديم الخدمات الاجتماعية والنفسية والطبية والتعليمية والمهنية التي يلزم توفيرها للمعوق لتمكنه من التغلب على الآثار التي تخلفت عن عجزه.
مادة (9) :
على أصحاب الأعمال الذين يستخدمون خمسين عاملاً فأكثر سواء كانوا يشتغلون في مكان أو بلد واحد أو أمكنة أو بلاد متفرقة استخدام المعوقين الذين ترشحهم مكاتب القوى العاملة من واقع سجل قيد المعوقين وذلك في حدود 5% من مجموع عدد العمال في الجهة التي يرشحون فيها، ومع ذلك يجوز لأصحاب الأعمال المشار إليهم في الفقرة السابقة شغل هذه النسبة باستخدام المعوقين عن غير طريقة الترشيح من مكاتب القوى العاملة بشرط حصول القيد المنصوص عليه ( شهادة التأهيل الاجتماعي)...
مادة (10) :
يخصص للمعوقين الحاصلين على شهادات التأهيل نسبة 5% من مجموع وظائف المستوى الثالث الخالية بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية ...
مادة (11) :-
لوزير الشئون الاجتماعية بعد الاتفاق مع الوزير المختص إصدار قرار بتخصيص وظائف وأعمال معينة من الوظائف والأعمال الخالية في الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها المعوقين الحاصلين على شهادات التأهيل وذلك في حدود النسبة المشار إليها بالمادة السابقة.
مادة (16 ):
يعاقب كل من يخالف أحكام المادة (9) من هذا القانون بغرامة لا تتجاوز ثلاثين جنيها والحبس مدة لا تجاوز شهر أو بإحدى هاتين العقوبتين ..
قانون رقم 49 لسنة 1982 :
مغيراً ومعدلاً لنصوص كلا من المادة 9 ، 10 ، 15 ، 16 من قانون تأهيل المعاقين رقم 39 لسنة 1975 فقد جاء في هذا القانون استبدال المواد 9 ، 10 ، 15 ، 16 وهم كالآتي :
مادة (9) :
على أصحاب الأعمال الذين يستخدمون خمسين عاملاً فأكثر وتسرى عليهم أحكام القانون رقم 137 لسنة 1981 بإصدار قانون العمل سواء كانوا يشتغلون في مكان واحد أو بلد واحدة أو في أمكنة متفرقة استخدام المعاقين الذين ترشحهم مكاتب القوى العاملة من واقع سجل قيد المعوقين بها وذلك بنسبة 5% من مجموع عدد العمال في الوحدة الذين يرشحون لها.
مادة (10):
تخصص للمعوقين الحاصلين على شهادات التأهيل نسبة 5% من مجموع عدد العاملين بكل وحدات الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والقطاع العام كما تلتزم هذه الوحدات باستيفاء النسبة المشار إليها باستخدام المعوقين المقيمين بدائرة عمل كل وحدة والمسجلين بمكاتب القوى العاملة المختصة على أن يتم استكمال النسبة المقررة بالقانون خلال سنتين من تاريخ صدور هذا التعديل.
مادة (16) :
يعاقب كل من يخالف أحكام المادة التاسعة من هذا القانون بغرامة مائة جنيها والحبس لمدة لا تجاوز شهراً أو بإحدى العقوبتين .
تعليق :
كل هذه القوانين والقرارات التي أصدرت بشأن تأهيل وتشغيل المعاقين إلا أن هذه القوانين تفتقد عنصر الالتزام بالنسبة لشغل النسبة المطلوبة في وظائف القطاعين الحكومي والعام. فليس هناك إلزام قانوني على هذه الأجهزة بتنفيذ ما أوجبه القانون بمعني أنه لا يوجد جزاء جنائي أو إداري عند إهمال ما تطلبه الأجهزة المختصة في مجال تشغيل المعاقين وأصبح متروكاً لهوى القائمين على العمل في هذه الجهات بعكس الحال بالنسبة للقطاع ا لخاص سواء غرامة لا تتعد المائة جنيها لا غير .
ومن المادتين 9 ،10 نجد أن هناك إلزاماً بتعيين نسبة 5% من المعاقين الحاصلين على شهادة التأهيل في وظائف الجهاز الإداري للدولة ونأسف بأن نجد أن هذه المواد غير مطبقة بالواقع المعيوش وإن كانت مطبقة فليس بالنسبة التي أقرها القانون حيث ألزم القانون أصحاب الأعمال الذين زاد عدد العمال فيه عن 50 عاملاً أو أكثر تعين هذه النسبة بمعني أنه إذا قل عدد العاملين بالمنشأة عن 50 عاملاً لا تنطبق عليهم هذه المادة ، فلما ألزم القانون من يستخدمون أكثر من 50 عاملاً وترك كل من يعمل لديه بالمنشأة أقل من 50 عاملاً فإن كان هناك إلزام بتشغيل هذه الفئة فإن مشاركته في تحمل أعباء هذه المشكلة ولو عن طريق إلزامهم بنسبة من إجمالي أجور العاملين بمنشئاتهم تعادل 5% تكون حصيلتها دعماً للموازنة العامة المخصصة لتأهيل المعوقين.
ومن هنا يتطلب الأمر تفعيل قانون العاملين بالدولة والمادة الخاصة بتخصيص نسبة 5% للمعاقين للعمل في وطائف القطاعين الحكومي والعام ووضع آلية رصد وتفعيل ومتابعة للعمل على تفعيل نصوص المواد التاسعة والعاشرة بالقانون رقم 42 لسنة 1982 والمطالبة باهتمام كل الهيئات العاملة في مجال رعاية المعاقين بتوعية هذه الفئة بالقوانين والمواثيق التي تخدمهم والوقوف على أهم المواد التي تحتاج إلي تعديل وعرضها على المجلس التشريعي للدولة.
كما لا يفوتنا الحديث حول افتقار قانون رقم 39 لسنة 1975 والمعدل بالقانون رقم 42 لسنة 1982 من أوجه الرعاية الاجتماعية والإنسانية في عصر أصبحت فيه هذه الرعاية من مقومات الإنسانية ومنها مراعاة هذه الفئة في تخصيص الطوابق الأرضية لهم بالإسكان التابع للقطاع الحكومي و تخصيص سيارات لهم في خطوط المواصلات مع تشجيع أقامة المصانع المجهزة للمعوقين ( المصانع المحمية) مراعاة الظروف الخاصة لهم بالطرق والمنشآت العامة والخاصة.
وفي تساؤل سر يع :
أين يوجد المعاق في مجتمع زادت فيه مرتفعات معدلات البطالة ، وأيضاً في ظل الخصخصة والقطاع الخاص والذي يسعى لتحقيق أكبر قدر من الربح فهو يسعى لتعين الأصحاء.
قانون رقم 12 لسنة 1996باحكام حماية الطفل :-
أفرد فيــه بابا خاصـا لرعاية الطفـل المعاق وتأهيله الباب الساد( رعاية الطفل المعاق وتأهيله) ومواده كالآتي :-
مادة (75) :-
تكفل الدولة حماية الطفل من كل عمل من شأنه الإضرار بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو الاجتماعي.
مادة (76) :-
للطفل المعاق الحق في التمتع برعاية خاصة اجتماعية وصحية ونفسية تنمي اعتماده على نفسه وتيسر اندماجه ومشاركته في المجتمع.
مادة (77) :-
للطفل المعاق الحق في التأهيل ويقصد بالتأهيل تقديم الخدمات الاجتماعية والنفسية والطبية والتعليمية والمهنية التي يلزم توفيرها للطفل المعاق وأسرته وتمكينه من التغلب على الآثار الناشئة عن عجزه وتؤدي الدولة خدمات التأهيل والأجهزة التعويضية في حدود المبالغ المدرجة لهذا الغرض في الموازنة العامة للدولة مع مراعاة حكم المادة (85) من هذا القانون .
مادة (82) :-
على صاحب العمل الذي يستخدم 50 عاملاَ فأكثر سواء كانوا يعملون في مكان أو أمكنة متفرقة في مدينة أو قرية واحدة استخدام الأطفال المعاقين الذين ترشحهم مكاتب القوي العاملة بحد أدنى 2% من بين نسبة 5% المنصوص عليها في القانون رقم 39 لسنة 1975 بشأن تأهيل المعاقين...
مادة (84) :-
يعاقب كل من يخالف أحكام المادتين السابقتين بغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 1000 جنيه ............
مادة (85) :-
ينشأ صندوق لرعاية الأطفال المعاقين وتأهيلهم وتكون له الشخصية الاعتبارية ويصدر بتنظيمه وتحديد اختصاصاته قرار من رئيس الجمهورية ويدخل ضمن موارده الغرامات المقضي بها في الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب .
مادة (76) :-
تعفي من جميع الضرائب والرسوم الأجهزة التعويضية والمساعدة ووسائل النقل اللازمة لاستخدام الطفل المعاق وتأهيله.
تعليق :-
عندما كنت أتصفح هذا القانون لفت نظري تعليق بسيط عليه وجدته في إحدى الكتب الخاصة بالمؤتمر عن الإعاقة وهو كالآتي:
1- مطالبة بإضافة مادة في قانون الطفل تفيد باستمرارية تمتع المعاقين ذهنياً بالحقوق المنصوص عليها في القانون والاتفاقيات في كافة مراحل عمرهم الزمني لأن عمرهم العقلي هو عمر عقل الأطفال حتى لو تجاوزت أعمارهم الزمنية الثامنة عشر (المادة رقم 2 من قانون الطفل 12/1996، والمادة رقم 1 في اتفاقية حقوق الطفل )
2- والمطالبة ايضاً بحق انتفاع الطفل المعوق ذهنياً بمعاش شهري من الضمان الاجتماعي وفقاً للمادة 49 من قانون الطفل 12/1996 والمادة 26 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ونصها كالتالي.
" يكون للأطفال الآتي بيانهم الحق في الحصول على معاش شهري من وزارة الشئون الاجتماعية وفقاً للشروط والقواعد المبينة في قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977 بشرط ألا يقل هذا المعاش عن عشرين جنيها شهرياً لكل طفل".
1- الأطفال الأيتام أو مجهول الأب أو الأبوين.
2- أطفال المطلقة إذا تزوجت أو سجنت أو توفيت.
3- أطفال المسجون لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
3- والمطالبة أيضاً بتفعيل المادة رقم 85 من قانون الطفل 12/1996 والخاص بإنشاء صندوق لرعاية الأطفال المعاقين وتأهيلهم، فبالرغم من صدور القانون عام 1996 إلا أنه حتى الآن لم يصدر قرار بإنشاء هذا الصندوق.
قانون العاملين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 بالمادة (13):-
والتي نصت " علي جميع الوحدات أن تراعي عند كل تعيين جديد ضرورة استكمال نسبة 5% المحددة لتشغيل المعوقين حسبما نص عليها القانون رقم 39 لسنة 1975 والمعدل بالقانون رقم 49 لسنة 1982 ويقوم الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة باحتجاز 5% من أعداد ومسميات الوظائف التي يصرح بالإعلان عن شغلها لتعين المعوقين عليها في تاريخ موحد ودفعة واحدة في كل وحدة من الوحدات الإدارية للدولة.. " وبعد أن عرضنا أمام سيادتكم خلاصة مجموعة من القوانين والتشريعات المصرية والتي أصدرت بشأن المعاقين والتي كانت تهدف إلي توضيح دور الدولة في رعاية وتأهيل المعاقين ، أنه لا يؤسفني أن أجد أن هناك الكثيرون ينسون أن هذه الفئة من حقها أن تحيا حياة كريمة طبيعية مثلها مثل باقي البشر العاديين بل وقد كفلت الدولة رعايتهم وتأهيهم وحمايتهم كما أن رعاية وتأهيل هذه الفئة ليست من واجب الدولة وحدها بل من واجب المجتمع كله أن يتكاتف لحل مشكلات هذه الفئة والعمل على دمجهم في المجتمع واستغلال ما تبقي لهم من قدرات تمكنهم من العمل والسير على الدرب الصحيح ليكونوا نافعين لأنفسهم ولوطنهم العزيز وفيما يلي عرض بسيط للجهات والمؤسسات التي تقدم خدماتها لهذه الفئة.
الجهات والمؤسسات التي تخدم المعاقين:
أما بالنسبة للجهود المبذولة في الدولة والمتمثلة في الجهات والمؤسسات والوزارات في تقديم الخدمات والتسهيلات للمعاقين كل في نطاق اختصاصه على النحو الآتي :
جهاز الشباب والرياضة :
والذي يعني بتوفير البرامج والأنشطة الرياضية الخاصة بفئة المعاقين والمتمثلة في مراكز الشباب والأندية بالإضافة إلي الاتحاد العام للأندية أبطال المعاقين.
وزارة الشئون الاجتماعية :
وتعد وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية هي أكثر الوزارات المعنية بتقديم خدمات للمعاقين منذ عام 1939م وحتى الوقت الحاضر وهي تأخذ على عاتقها التوسع في نشر خدمات تأهيل المعاقين فهي تقترح التشريعات الخاصة بالمعاقين ، كما تقوم بإعداد مكاتب ومراكز التأهيل الاجتماعي لتقديم الخدمات للمعاقين، كما تقوم بقيادة قطاع كبير من النشاط الأهلي في مجال رعاية وتأهيل المعاقين ونعني به " الجمعيات الأهلية والتي زاد دورها بصورة واضحة في الأيام الحالية وحسب إحصاءات اتحاد هيئات رعاية الفئات الخاصة بالمعوقين قد بلغ عدد الجمعيات الأهلية التي تعمل في مجال رعاية وتأهيل المعاقين في مصر في أول يناير 2002 عدد (370) جمعية تعمل جمعيها على العمل بقدر إمكاناتها لخدمة هؤلاء الفئة بتقديم خدمات اجتماعية ونفسية وتأهيلهم مهنياً مع تقديم كافة الأنشطة الرياضية والترويحية كما تسعى الكثير من هذه الجمعيات إلي التطرق لحل مشكلة البطالة وعدم التشغيل لهذه الفئة بعد تأهيلهم مهنياً لإلحاقهم بالأعمال المناسبة لقدراتهم داخل مؤسساتها مما يكون له الدافع الفعال والإيجابي لهذه الفئة وقد تعايشاً مع هذه التجربة داخل الجمعية النسائية بجامعة أسيوط للتنمية والتي تعمل على تأهيل المعاقين تأهيلاً مهنياً فعالاًَ ثم تقوم بتشغيلهم داخل الجمعية.
هذا بخلاف وحدات الرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية بجانب البحوث والدراسات التي تقوم بها الجمعيات الأهلية في كثير من برامجها من ندوات ومؤتمرات ودراسات.
وزارة القوى العاملة :
والتي من شأنها تطبيـق مــــواد القـــانون الخــاص بتشغيل المعاقين ( نسبة 5%) كما من شأنها دراسة الأحوال الاقتصادية ومعرفة الأعمال التي تتناسب وتصلح للمعوقين وتوجه المعاقين إليها وتؤهلهم لها.
وزارة التربية والتعليم :
والتي من شأنها أيضاً فتح فصول التربية الخاصــة بأنــواعها المختلفـــة ( تربية فكرية – مدارس النور للمكفوفين – مدارس الأمل للصم والبكم ) وفصول ملحقة أيضاً بمدارس التربية والتعليم وقد نجد أن هناك بعض المحافظات والمدن تخلو من فصل ملحق أو مدرسة خاصة لهذه الفئات قد تكون هذه المحافظات والمدن في أمس الحاجة لفصل أو مدرسة داخلها لتدريب وتعليم وتأهيل هذه الفئة.
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي :
والتي تقوم بتقديم مجموعة من التسهيلات الخاصة بالمعاقين كقبول المعاقين الناجحين من الثانوية العامة إلي الجامعة بحد أدنى 50% من درجات الثانوية العامة بكليات ( التجارة – الآداب– الحقوق )، كما تقوم بعمل مؤتمرات وبحوث علمية في هذا الشأن.
وزارة الصحة والسكان:
الاكتشاف المبكر للإعاقة والتدخل العلاجي المبكر وتقديم مجموعة من حملات التطعيم ضد الأمراض المؤدية إلي الإعاقة والتأمين الصحي ومدارس التربية الخاصة.
وزارة الدفاع :
وقد تعني هذه الوزارة بحالات الإعاقة المتولدة عــن الحروب (المحاربون القدماء).
وبالنظر إلي هذا الكم من البرامج والخدمات والمؤسسات قد يوحي بأنه قد حقق فائضاً في الخدمات. ولكن الحقيقة أن مجموع هذه الخدمات لم تصل إلي المستوى المناسب بعد لا على مستوى الكم ولا على مستوى الكيف . ويكفي أن تشير إلي الاستراتيجية المقترحة من قبل المجلس القومي للأمومة والطفولة بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان ومراكز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء هذه الوثيقة التي أصدرت في يوليو2004 لوضع قضية الإعاقة على أجندة العمل القومي فقد جاء في أهدافها الإستراتجية هدفان هما:
<تجميع وتكوين صورة حقيقية عن واقع الإعاقة والمعوقين في مصر واتجاهات هذه الصورة في المستقبل.
تحقيق زيادة مناسبة لا تقل عن 20% من حجم الخدمات الوقائية والعلاجية المقدمة للتصدي لمشكلة الإعاقة.
بحيث يتحقق في عام 2017 تغطية 50% من الفجوة على الأقل ومن هنا نجد أنه أمامنا طريق طويل ويلزمنا جهود كثيرة في هذا الاتجاه وعلى جميع الجهات المعنية التصدي لهذه الظاهرة والعمل على تكاتف الجهود الدولية والمحلية في رفع المعاناة التي تعاني منها أسر هؤلاء المعاقين في المجتمع حيث أن الخدمة لم تصل حتى الآن إلي أكثر من واحد ونصف في المائة من إجمالي عدد المعاقين حيث أن الإحصائيات تشير إلي أن عدد المعاقين بمصر يقدر بنسبة 10% من إجمالي السكان أي أن عدد المعاقين بمصر حوالي 7 مليون معاق أي أن هناك أكثر من 5 مليون معاق لم تصل إليهم الخدمة كما أن عدد المدارس الفكرية التابعة لوزارة التربية والتعليم غير كافي لسد حاجة أعداد المعاقين ذهنياً بالجمهورية.
المشكلات التي تواجه المعاقين في ظل التشريعات الوطنية :
تظافرت الجهود لوضع دستوراً لخدمة هذه الفئات وحماية حقوقهم وبالبحث والدراسة والإطلاع وجد الآتي:-
1- أن النسبة الغالبة من المعاقين وهي حوالي 88% يعانون من النظرة السلبية للمعاق باعتباره المشكلة التي تواجه الأغلبية العظمى.
2- ونسبة 32.9% يجدوا صعوبة في حصول المعاق على فرصته في التعليم نظراً لعدم وجود فصول أو مدارس للمعاقين في منطقة إقامتهم أو قريبة منهم.
3- كما أن هناك مشكلة من أهم المشاكل التي تواجه المعاقين وهي غياب مظلة التأمين الصحي التي تضمن لهم توفير الرعاية الصحية الخاصة في حين أن هناك الكثير من المعاقين تتطلب حالتهم الصحية انفاقاً دائماً أو نفقات ضخمة في صورة دفعة واحدة أو علاجاً أكثر متخصصاً وكل هذا لا يتاح من خلال الإمكانيات العادية للخدمات الصحية المتاحة.
4- كما أنه لا يزال المعوقين يواجهون ظروفاً صعبة وظروفاً قاسية في ظل تنامي معدلات البطالة عموماً وتقليص القطاع الخاص حيث أفضى تضخم القطاع الخاص إلي تنامي نفوذ رجال الأعمال ومن ثم ظهرت مخاوف بشأن مدى التزامهم بتعيين 5% من المعاقين في مؤسساتهم وفقا للقانون 49 لسنة 1982 والمعدل بالقانون رقم 39 لسنة 1975 بشأن تأهيل المعاقين حيث فضل أصحاب الأعمال دفع الغرامات المالية على تعيين المعاقين في مؤسساتهم.
التوصيات :-
1- تبني جميع الجمعيات والهيئات العاملة في هذا المجال كل ما يخرج به المؤتمر من توصيات والعمل على تفعيلها كلاً في اختصاصه فإن قمنا بتنفيذ توصيات أحدى المؤتمرات المعنية بالمعاقين لتغلبنا على أكثر من 50% من حجم المشكلة.
2- مشاركة الإعلام المسموع والمرئي والمقروء للعمل علي توعية المجتمع بحقوق هؤلاء الأفراد وكيفية التعامل معهم والعمل على اكتشاف الإعاقة في صورة مبكرة.
3- مشاركة الجهات التشريعية من أعضاء مجلس الشعب والمحاكم الإدارية العليا للعمل على تفعيل القوانين الخاصة بالمعاقين والعمل على وجود آلية رصد لكل هؤلاء تعمل على متابعة خط سير العمل ومسائلة كل من يقصر في هذا الشأن عن طريق جزاء إداري رادع .
4- مطالبة صناع القرار لزيادة الاهتمام بالمعاقين في جميع المنظمات الحكومية وغير الحكومية.
5- تشكيل لجنة من خلال الجمعيات والمنظمات الحكومية والغير حكومية بتفعيل التشريعات والقوانين التي من شأنها خدمة المعاقين.
6- مخاطبة وزير الداخلية لعمل بطاقة خاصة بالمعاقين ذهنياً لإدراج بند جديد للبطاقة الشخصية لإثبات نسبة الإعاقة تحت إشراف لجنة متخصصة طبياً ( الكومسيون الطبي) تحت إشراف السجل المدني لإقرار نسبة الإعاقة رسمياً ويعمل بهذه البطاقة في كل من التجنيد ليعفى المعاق ذهنياً دون كشف طبي وفي التأمينات الاجتماعية ليستخرج له المعاش دون أن يحتاج لإثبات ذلك ولحمايته من الانتهاكات القانونية.
7- المشاركة الفعالة للمعاقين وأسرهم في مناقشة ووضع التشريعات الخاصة بهم.
الخاتمة :
إن خط الدولة يتمثل في الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة لتيسير اندماجهم في المجتمع وإعدادهم للعمل المنتج لتعود إليهم سيرتهم الأولى من القدرة على العمل والاستقرار فيه وأن الغرض من رعاية المعاقين هو الحفاظ على ما تبقي لهم من قدرات ومواهب وإمكانيات لاعتمادهم على أنفسهم في الحياة.
أن الإعاقة ليست مسئولية الدولة وحدها وإنما هي مسئولية مشتركة بين الدولة والمجتمع بما فيه من مؤسسات اجتماعية متخصصة إضافة إلي مسئولية الأسرة والمعوق نفسه وعلى جميع الهيئات والمؤسسات والجمعيات العاملة في مجال رعاية وتأهيل المعاقين التكاتف والترابط لحل ما يواجه هذه الفئة من مشكلات والعمل على حلها ومطالبة كل جهة اختصاص العمل على دمج هؤلاء الفئة والعمل على رعايتهم طبياً ونفسياً واجتماعيا ليكونوا نافعين منتجين لهم ولوطنهم والعمل على دراسة كل ما يختص بهم وتشجيع الباحثين والمتخصصين للعمل على دراسة أحوال هذه الفئة وعلى المجتمع التكاتف بجميع فئاته ومسئوليته على إدماج المعاق والعمل على رفع الروح المعنوية له وتشجيع ودعم ما تبقي من قدرات لديه والاعتراف بهم داخل المجتمع المحيط وتحسين النظرة السلبية التي يعانون منها بالمجتمع والعمل على تشجيعهم ليكونوا عناصر بارزين نافعين لأنفسهم وللمجتمع فعلينا جميعا هيئات ومؤسسات وجمعيات وإدارات ووزارات العمل على دمج هذه الفئة والاعتراف بكافة حقوقهم القانونية .
ساحة النقاش