في اوساط العقار تتكرر كثيرا الشكوى من اصحاب العقار، فهم يغالون في تقديرات الايجار ويزيدونه عاما بعد عام بلا هوادة، ويهملون في المقابل صيانة العقار والاهتمام به. ولكن السكان لا يعرفون في الغالب ان ملكية العقار ايضا لها مشاكلها. فهناك فئات من السكان المشاغبين الذين يحولون ملكية العقار الى كابوس مزعج ويقنعون العديد من اصحاب العقار بالبحث عن مجال استثماري اسهل. بعض قصص اصحاب العقار مزعجة الى درجة انها اقنعت الكثيرين بالتخلي عن الفكرة الشائعة بعد عصر «الدوت كوم» ان الوسيلة الاستثمارية الاسهل والاضمن هي شراء عقار وتأجيره.

مشكلة السكان المشاغبين تضاف الى جملة من المتاعب الاخرى المصاحبة للاستثمار العقاري التي لا بد ان يأخذها في الاعتبار المستثمر العقاري قبل ان يخطو نحو مجال تأجير العقارات. فالعقار من المجالات التي تحتاج الى تمويل مكثف عادة ما يكون بالاقتراض لنسبة كبيرة من ثمن العقار، واذا وقعت تقلبات في السوق وتراجع معدل الاسعار، قد يجد المستثمر نفسه يمتلك عقارا اقل قيمة من القرض المصرفي الذي اقترضه لشراء العقار. هناك ايضا مخاطر وجود عيوب فنية خطيرة في العقار تكلف المشتري الكثير من المال لاصلاحها كضرورة قانونية قبل التأجير مما يفقده كل هوامش الربح المتوقعة. وهناك العديد من اشتراطات السلامة التي يلتزم بها مالك العقار قانونيا قبل تأجيره والا تعرض للمسآلة في حال وقوع مكروه لاحد سكانه بسبب درجات سلم مكسورة او سخان مياه معطوب. لكن اسوأ المخاطر على الاطلاق هم السكان انفسهم! في بريطانيا انتشرت في السنوات الاخيرة ظاهرة تأجير المنازل والشقق كوسيلة استثمارية سهلة. فما على المشتري سوى اختيار العقار المناسب وتمويل الشراء ثم تأجيره وانتظار الايجار شهريا بلا متاعب. وهناك نحو 2.5 مليون مستثمر بهذا الاسلوب حاليا، وهو رقم مرشح للزيادة في شهر ابريل (نيسان) المقبل عندما تتغير بعض الشروط الضريبية بحيث يمكن للمستثمر تضمين عقاراته في مدخرات التقاعد بحيث يحصل على تسهيلات ضريبية عليها.

وفي المتوسط يباع عقار من كل ستة عقارات جديدة لاغراض الاستثمار بالتأجير في بريطانيا. ويزداد الاقبال في قطاع الشقق الصغيرة في وسط العاصمة.

ولكن هل من السهل القيام بدور مالك العقار والتعامل مع شتى «اشكال» المستأجرين. احد هؤلاء المستثمرين الجدد هو جون مور الذي قرر ان يبيع عقاره بعد ان طفح الكيل من مشاكل المستأجرين. ويقول جون، وهو مستثمر بالصدفة قام بتأجير شقته في ضاحية «بايزووتر» عند اضطراره للسفر الى اميركا للعمل، يقول انه سوف يبيع شقته ويتجه الى مجال آخر حتى ولو كان الاحتفاظ بالاموال في البنك نقدا.

فخلال فترة التأجير كان الازعاج من نصيب جون بين الحين والآخر عندما يتصل به الساكن ليخبره ان شيئا قد حدث في الشقة يتطلب الاصلاح الفوري. وفي احدى المرات اضطر جون للعودة من عمله في أميركا لتلبية مطالب الساكن والقيام بالاصلاحات. وفي مرة اخرى اضطر لاصلاح نظام التكييف المركزي للساكن، والبقاء بلا تسخين في منزله لانه لم يستطع تحمل تكلفة اصلاح النظامين معا! اما عن اهمال السكان فحدث، لان العقارات التي يسكنون فيها لا تهمهم في شيء. ويقول جون ان كسرا في مواسير مياه الشقة حدث ولم يهتم به الساكن، ولم يعرف جون بالواقعة الا عندما اشتكى مالك الشقة السفلى من تسرب المياه اليها عبر السقف.

بعض السكان الآخرين يتوقعون ان يقوم مالك العقار بكل وظائف الصيانة الصغيرة حتى ولو كانت تغيير لمبات الكهرباء او تغيير ستائر ممزقة قد يكون الساكن نفسه هو الذي مزقها! وهي متاعب صغيرة يمكن للسكان المحترمين ان يقوموا بها، ولكن هؤلاء قلة، والاغلبية تريد من مالك العقار رعايتهم لأنهم يعتبرون ان هذه هي وظيفته.

واذا كان مستثمر العقار من النوع الذي ينزعج بسرعة، فأن هذه المشاكل المتكررة سوف تؤرق لياليه الى درجة انه سوف يفقد حماسه للعقار بسرعة.

من ناحية اخرى يقول خبراء العقار ان الاستثمار بتأجير العقار لا يناسب كل المستثمرين، خصوصا هؤلاء الذين ينزعجون من اي مشكلة تحدث في العقار لان المشاكل لا بد من حدوثها عاجلا او آجلا حتى لو كانت العقارات جديدة تماما. كذلك لا بد للمستثمرين الجدد في العقار من اتباع نصائح الخبراء فيما يتعلق بالمشاكل المحتملة من المستأجرين. ويؤكد مكتب عقاري في لندن ان معظم المستأجرين ليسوا مشاغبين وهم يدفعون الايجارات في المواعيد المحددة ويقومون بالتزاماتهم ويتوقعون من مالك العقار ان يقوم ايضا بالتزاماته هو الآخر، خصوصا فيما يتعلق بالصيانة وجوانب الامان في العقار. ولا يجب توقع ان يتعامل المستأجر مع العقار وكأنه المالك، لان ذلك لا يحدث. فالمالك لا بد ان يتوقع نسبة اكبر من الاستهلاك وعدم الحفاظ على المنقولات او تجهيزات العقار كما يفعل هو في بيته. وهو تكرار للمثل الشعبي القائل «لا يصون المال الا اصحابه». وبعد سماع قصص بعض السكان ومطالباتهم المتكررة عبر اكثر من مكتب عقاري عن تفهمه لمطالب المستأجر وعدم التعاطف مع المالك، لان كل المطالب تقع في نطاق الصيانة المتوقعة في العقار المفروش. وقال احدهم ان التعامل مع مستأجر صعب ليس واردا في العادة الا في حالات نادرة وهي حالات يحق فيها لمالك العقار، وفقا للتعاقد، ان يطلب من المستأجر الصعب ان يغادر العقار في الفترة المتفق عليها، وهي تكون في العادة بين شهر وستة اشهر.

مالك العقار النموذجي هو ذلك الذي ينظر الى الموقف كله وكأنه تعاقد عمل لا دخل للعواطف فيه. ولا بد له ان يبقى هادئا في كل الظروف مهما كانت نوعية المشاكل التي يعاني منها العقار. اما اذا كانت كل مشكلة صغيرة تقع في العقار تزعجه وتؤرق منامه، فأن مجال الاستثمار العقاري ليس له.

وفيما يرى معظم مستثمري العقار ان اسوء مشكلة يمكن ان تقابلهم في استثمارهم هي التعامل مع مستأجرين مشاغبين، فان اصحاب مكاتب العقار يؤكدون انها مشكلة نادرة الوقوع، وان اسوأ ما يمكن ان يواجه مالك العقار هو عدم العثور على مستأجرين لفترات طويلة. ففي هذه الحالة سوف تتراكم عليه الديون من اقساط العقار نفسه ومصروفات اخرى اهمها رسوم البلدية التي لا تتسامح مع العقارات الشاغرة الا بنسبة بسيطة من الرسوم لا تزيد في العادة عن الربع. ويدفع المالك ايضا اقساط المياه، سواء كان العقار شاغرا ام لا، وايضا اقساط التأمين. وفي المناطق الباردة يقوم مستثمرو العقار عادة بتدفئة العقار حتى ولو كان شاغرا حتى لا تتجمد المواسير فيه، لان اصلاح انفجار المواسير اكبر بكثير من تكاليف التدفئة. والوضع الاسوأ هو ان يكون مالك العقار في وضع مالي حرج لا يحتمل تكاليف الاصلاح والصيانة، ولا يتحمل بقاء العقار شاغرا لفترات طويلة بين مستأجر وآخر. وهذه المخاطر متضمنة في الاستثمار العقاري ويعرفها الخبراء جيدا، فلا يوجد بعد العقار الذي لا يسبب المتاعب لمالكه بين الحين والآخر.

في هذه الحالات، سواء كانت المشكلة هي مشاغبة السكان او مخاطر العقار الاخرى، فان الحل الوحيد لمن ينزعج من مشاكل العقار هو البيع والاتجاه لمجالات استثمارية اخرى تكون ملائمة اكثر لطبيعة المستثمر.

 

kamar

قمر للإستثمار العقاري [email protected]

  • Currently 176/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
60 تصويتات / 1819 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

551,341