تأثيرها أكبر على الأفراد من المؤسسات والشركات

افرزت ازمة الرهن العقاري الاميركية واقعا جديدا في عالم التمويل العقاري، اهم معالمه حرص البنوك في اتخاذ قرارات الاقراض، والتدقيق في السجلات الائتمانية للمقترضين، وخفض حدود الاقراض وفترات السداد كلما كان ذلك ممكنا.

وتنظر الاسواق حاليا بالكثير من الشك لمخاطر الائتمان وتحاول ان تتجنبها، وهي تتوقع فترة صعبة خلال المدى المنظور حتى تنقشع غيوم الازمة الاميركية او على الاقل تتضح ابعاد المخاطر من حيث حجم الخسائر الاجمالي وتحديد الاطراف التي سوف تتحملها.

ولعل اصطفاف طوابير المدخرين الذين سحبوا اموالهم من جمعية عقار بريطانية متعثرة بفعل الازمة الاميركية يرسم بوضوح معالم الحقبة الجديدة التي تعاني منها البنوك من ازمة خانقة. فحتى عمليات الاقتراض بين البنوك وبعضها بعضا توقفت حتى اشعار آخر تجنبا لمخاطر غير محسوبة.

في هذه الاجواء وجد مطورو العقار من ناحيتهم ان الاقتراض من اجل تمويل مشروعاتهم الجديدة صار اكثر صعوبة من السابق، وبالتالي كان لزاما عليهم محاولة الاقتراض من جهات اخرى.

ووجد هؤلاء ان من الاسهل التوجه الى المستثمر العقاري وعرض مشروعات على الخرائط من اجل المساهمة في تمويلها عبر مراحل بنائها. ويروق هذا الحل لشركات العقار التي تستبدل البنوك بالمستثمر العقاري، كما انه ايضا حل يتوافق مع رغبات بعض المستثمرين الذين يريدون الاختيار المتمهل للموقع والتمويل المتدرج عبر عدة سنوات.

ولكن هذا الاسلوب يحمل معه المزيد من المخاطر والمحاذير في عصر ما بعد ازمة الرهن العقاري. فالمستثمر يتحمل في هذه الحالة مخاطر التمويل بدلا من البنوك ويتحمل ايضا اخطار تحولات السوق السلبية خلال فترة التعاقد على الخريطة ووقت تسلم العقار بعد اكتمال البناء.

ولا شك ان هناك آلاف الشركات التي تتعامل بأسلوب البيع من على الخريطة من دون اي مشاكل لها او لعملائها، وهي في الغالب شركات كبرى ولها تاريخها الطويل في المجال العقاري وتتمتع بسمعة جيدة ايضا.

ويمكن القول ان خبرة العقدين الاخيرين تؤكد ان معظم المستثمرين الذين اشتروا عقاراتهم بهذا الاسلوب حققوا منه ارباحا، احيانا من قبل وقت تسلم العقار. ومع ذلك يحذر خبراء العقار من ضرورة الحرص الشديد عند استخدام اسلوب الشراء من على الخريطة في المناخ الحالي. فالواقع في الاسواق تغير والآفاق لا تبدو ايجابية من ناحيتي سهولة التمويل او توجهات اسعار العقار. وهم يوجهون بعض النصائح للمستثمر مثل:

ضرورة الاستعانة بالنصيحة القانونية: وهي في هذه الحالات يجب ان تكون نصيحة مستقلة عبر محام ينتدبه المستثمر العقاري بنفسه، وليس محامي شركة العقار او المحامي الذي ترشحه له. واولى مهام المحامي هي التأكد ان شركة العقار حصلت على كافة التراخيص المعمارية اللازمة للمشروع، وعما اذا كانت شركة العقار المشرفة على المشروع تملك الارض التي يقام عليها المشروع.

وربما يتذكر بعض المستثمرين فضيحة بعض المشروعات التي اقيمت في جنوب اسبانيا بلا تراخيص ولا ملكية للاراضي، واكتشف المشترون بعد فوات الاوان ان عقاراتهم غير قانونية وانها يجب ان تهدم مرة اخرى. ولكن يجب القول ان هذه الحالة الشاذة وقعت على رغم توخي الدقة واتباع النصائح القانونية لان الاحتيال كان من داخل ادارة منح التراخيص في الحكومة المحلية التي كانت تمنح تراخيص وهمية مقابل رشاوى.

ولكن على رغم هذه الحالة فإن الحرص والتأني في الشراء واجراء البحث القانوني من ضرورات الشراء من على الخريطة. وهناك شركات بحث متخصصة يمكنها القيام بمهام تقييم شركات العقار واجراء الابحاث الضرورية حول وضعها ومشروعاتها وسمعتها بالنيابة عن المستثمر، وذلك لقاء تكاليف تصل في المتوسط الى حوالي الف دولار.

* التأكد من الحصول على الوعود النظرية: عندما تكون العقارات مرسومة بدقة على الخرائط او مصممة في نماذج مجسمة صغيرة، يكون من السهل الاسراف في الوعود والضمانات التي يحصل عليها المستثمر لو وقع على التعاقد فورا. ولكن لا بد من فحص هذه التعاقدات جيدا للتأكد ان تفاصيلها تطابق الوعود.

ويقول خبير عقاري ان من الممارسات المعتادة ان تغير شركات العقار من مواصفات وابعاد العقار اثناء عملية التشييد احيانا لان المقاول يكتشف انه يمكنه ان يضيف عدة وحدات اضافية لزيادة الارباح. ويجب ان يتضمن التعاقد كل التفاصيل بداية من الخدمات المتاحة في الموقع وحتى المساحة الداخلية للوحدة العقارية المتعاقد عليها.

ولا يجب التوقيع على تعاقدات تشمل المساحات الاجمالية للعقار التي تشمل الحوائط والمساحات العامة بين الوحدات. واذا كانت هناك وعود من اي نوع لا بد للمشتري ان يتأكد انها مذكورة كتابة في التعاقد.

* لا تبن حساباتك على البيع قبل اكتمال البناء: تسوق الشركات عقاراتها التي لم تبنها بعد بالقول ان المشتري يمكنه ان يبيعها بربح من على الخريطة ايضا وقبل اكتمال البناء.

وقد كان هذا القول صحيحا في فترة الطفرة التي كانت العقارات تزداد فيها 30 في المائة سنويا بحيث تبدو الصفقات الورقية مربحة من قبل البناء. ولكن الوضع تغير الآن لان السوق وصل الى حالة تشبع وهناك مئات العقارات المتشابهة التي تعرض للبيع في منتجعات اوروبا الجديدة ولا تجد المشترين.

وكان بعض المستثمرين يفضلون هذا الاسلوب لانه يعفيهم من تكاليف الاقتراض ويوفر الربح بأقل تكلفة. ولكن في اوضاع السوق الحرجة، كما هو الوضع الآن، فإن المستثمر غير الحريص قد ينتهي به الامر بملكية عقار لا يرغب فيه وقرض لا يستطيع ان يدفع اقساطه.

من ناحية اخرى لا يفضل وكلاء بيع العقار تسويق عقارات خاصة من على الخريطة، لانهم يحصلون على حوافز اكثر من شركات العقار التي تبيع ايضا من على الخرائط، كما انها تستطيع ان تعرض على المشترين نماذج لوحدات مكتملة تعرضها شركات العقار على المشترين لمشاهدة ما سوف تكون عليه عقاراتهم بعد اكتمالها. ولكن المشتري الخاص لا يملك مثل هذه النماذج ويجد صعوبة في العثور على مشترٍ في وقت تتاح فيه فرص افضل من شركات العقار ذاتها.

ولا بد من القول هنا ان بعض الصفقات التي تجرى حاليا هي من نوع "صفقات الاضطرار" التي يبيع فيها المستثمر عقاره بسعر ارخص لمجرد التخلص من اعبائه. ولا تتيح بعض التعاقدات امكانية البيع قبل اكمال التعاقد ولابد من التأكد من ان شروط االتعاقد تسمح باعادة البيع قبل عرض عقار على الخريطة للبيع مرة اخرى.

* لا بد من الحذر من الضمانات: احد الاساليب الناجحة في تسويق العقارات الاستثمارية تقديم ضمانات للمستثمر لعدد معين من السنوات يتلقى خلالها عوائد ايجارية مضمونة تحسب كنسبة مئوية من السعر الاجمالي. وتتراوح هذه النسب بين اربعة وستة في المائة. ويستمر هذا الضمان في العادة لمدة عامين بعد اكتمال البناء وتوقيع تعاقد الشراء. وفي بعض الاحوال تكون العقارات في مواقع جيدة سهلة الايجار، بينما يقع بعضها في مواقع صعبة التأجير.

ويقول احد رجال التسويق العاملين في هذا المجال ان هذا الاسلوب تتبعه شركات العقار لتسهيل بيع عقاراتها. وهي في الواقع ترفع اسعارها بنسبة 20 في المائة عن معدلات السوق ثم تعيد دفع هذه الهوامش للمشتري في صورة عوائد ايجارية. وتكسب الشركة في كل الاحوال سواء تم تأجير العقار او بقي شاغرا. وينصح خبراء العقار بالتأكد من دفع الثمن الفعلي للعقارات الجديدة بمقارنتها بالمتاح في المنطقة نفسها.

ويعتقد خبراء ان تقديم ضمانات ايجارية تعنى تلقائيا صعوبة العثور على مستأجرين في الموقع الذي يوجد فيه العقار، ولذلك لا يجب ان تبنى الحسابات على وجود مستأجرين دائمين في الموقع. ولا يجب اعتبار هذه الضمانات جدية الا في حالات التعاقد مع منتجعات مشهورة في مواقع جذابة وتكون الضمانات فيها للمدى البعيد الذي لا يقل في العادة على عشر سنوات.

 

kamar

قمر للإستثمار العقاري [email protected]

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

568,398