authentication required

 

يجب الابتعاد عن الأسواق التقليدية والاختيار من بين الأسواق الجديدة

لندن: «الشرق الأوسط»
في أحدث كتاب صدر في بريطانيا عن الاستثمار العقاري، كشف خبراء عقار عن أسرار الاستثمار في أسواق العقار الدولية، وعن كيفية اختيار الاستثمار العقاري الأفضل في العالم. ويسرد الكتاب، وهو بعنوان «أين تستثمر في العالم؟» أفضل المواقع الاستثمارية العقارية، ويقول مؤلفاه، سيمون تويديل وروبن بومان، إن هناك أربع مراحل ديناميكية تمر بها الأسواق، وإن الأرخص لا يعني بالضرورة الأفضل من الناحية الاستثمارية. كما يذكر الكتاب بعض مواقع الاستثمار العقاري في العالم ويستشف مزاياها وبعض مخاطرها.

ويطرح الكتاب فرضية أن من يريد أن يبحث عن عوائد مجزية في عالم العقار عليه أن يبتعد عن الأسواق التقليدية المتضخمة والمتشبعة، وأن يختار من بين باقة من الأسواق الجديدة التي تقدم له أفضل العوائد. وفي السعي نحو الأسواق الجديدة يجب تجنب التركيز على الأسواق الرخيصة، لأن الثمن مسألة نسبية بين سوق وأخرى، ولأن الأرخص ليس بالضرورة الأفضل استثماريا. كذلك لا يجب الالتفات كثيرا إلى نسب النمو الهائلة في بعض الأسواق لأن هذا لا يعتبر مؤشرا جيدا للجدوى على المدى البعيد.

هناك أيضا بعض الأسواق التي تعتمد على الدعاية المكثفة ويتسابق فيها المستثمرون على شراء العقارات من بعضهم البعض في عمليات مضاربة ترفع الأسعار اصطناعيا. فلا بد من التأكد أن السوق حقيقية، وأن المشترين حقيقيون وليسوا فقط حفنة من المضاربين. وإذا لم يكن الأمر كذلك فالأمر كله لا يخرج عن كون السوق مفتعلة وتعيش مرحلة فقاعية.

وفي الماضي كان الاستثمار الأجنبي بالنسبة للبريطانيين مثلا لا يخرج عن نطاق السوق المحلية وأحيانا يخرج إلى السوق الإسبانية، ولكنه نادرا ما خرج عن النطاق الأوروبي. وعبر سنوات طويلة ظلت السوق الإسبانية يقدم نسب نمو جيدة على رأس المال، ولكن الاهتمام الاستثماري تمدد بعد ذلك إلى وسط وشرق أوروبا على أساس أنها أسواق تقدم فرصا جيدة. ولكن الكتاب يشرح أن هذه الدول تختلف بين دولة وأخرى وتختلف القطاعات المتباينة داخل الدولة الواحدة. وتحتاج أكثر الدول الواعدة إلى الكثير من البحث والتمحيص قبل الإقبال على خطوة الاستثمار فيها. فالأحياء أحيانا تختلف في تقديرات الأسعار ونسب النمو عن بعضها البعض.

ويشرح الكتاب أن معظم الأسواق تخضع لأربع فترات استثمارية لكل منها مواصفاتها. وهذه المراحل هي بالترتيب:

أولا - المضاربة: وهي تعم على كل الأسواق في بداياتها وهي المرحلة التي تسبق دخول الاستثمار الأجنبي إلى السوق وأهم ملامحها الغموض وعدم وضوح الرؤية. وتسود في هذه المرحلة صعوبة التمويل، حتى للمشترين المحليين، كما أن السوق الواحدة قد تتكون من عدة قطاعات بعضها يتبع إطار المضاربة والبعض الآخر يكون قد تخطاها. وفي نهاية المرحلة يبدأ التمويل للأجانب للشراء في البلد المعني، وقد يكون هذا مؤشرا على اتجاه مرحلة المضاربة إلى نهايتها لتدخل في المرحلة التالية.

وخلال هذه المرحلة يكون العامل السائد هو عدم الوضوح مع الكثير من المتغيرات التي لا يعرف أحد مؤداها ولا نتائجها، مثل احتمال العضوية في الاتحاد الأوروبي أو منظمة التجارة العالمية أو سوق إقليمية، أو حتى عودة الوحدة الوطنية إلى الدولة المعنية. ومن أبرز الأمثلة للمواقع العقارية التي ما زالت في هذه المرحلة كل من أوكرانيا وشمال قبرص. ويمكن القول إن معظم الدول العربية ما زالت تقع في هذه المرحلة العقارية الأولى، فهي أيضا غامضة ومعرضة للكثير من المضاربة.

ثانيا - أسواق نامية للمدى البعيد: وتعد هذه المرحلة هي الأكثر أهمية للمستثمر الدولي، فالعوامل الغامضة تم كشفها وبدأت الأسواق تتحرك قدما من قبل أن يقبل المستثمر على اتخاذ قراره. وما يهم المستثمر على وجه الخصوص هو النمو على المدى البعيد، والأفضل أن يكون نموا مستداما بنسب متوسطة لا تزيد على 10 في المائة سنويا، حتى لا ينقلب الوضع إلى فقاعة سعرية كما حدث في بعض الأسواق. ويضيف الكتاب أن هذه المرحلة تتكون من 4 فترات أو فصول، هي بالترتيب: فترة القاع، ثم فترة النشوء، ثم النمو، وأخيرا فترة النضج. ويمكن الإشارة إلى عدة دول تمر بهذه المرحلة في الوقت الحاضر مثل بولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا.

ثالثا - الأسواق التي تسيطر عليها صفقات فورية للمدى القريب: ويقول الكتاب إن الأسواق التي تمر بهذه المرحلة من السهل تعريفها لأنها تنطبق على الوضع الذي مرت به بريطانيا خلال عام 2007. فهذه أسواق ناضجة وصلت إلى غاية مراحل نمو سريع، وتندفع رويدا في قاع دورة نموها. وهي أسواق من السهل دخولها وتمتاز بالتمويل السهل، وهي ذات أسواق ثانوية ناضجة وبها سوق منتعشة للتأجير، وتنتشر فيها معلومات وإحصاءات السوق، مما يسهل مهمة المستثمر، وأحد أكبر أمثلة هذا النوع من الأسواق هو سوق لندن العقارية.

رابعا - أسواق تمتاز باستثمار القيمة المعتمد على التوقيت: وهي مرحلة تشبه إلى حد كبير مرحلة المضاربة، من حيث ارتفاع نسبة المخاطر على نمو رأس المال. ولكن الفرق الأساسي هو أن مرحلة المضاربة بها عوامل كثيرة غامضة حول ما إذا كانت ستدخل مرحلة نمو سريع أم لا، أما أسواق استثمار القيمة فهي سوف تدخل بالتأكيد مرحلة نمو سريع، ولكن السؤال الحاسم فيها هو «متى؟». من الفروق الأخرى أن أسواق استثمار القيمة أسواق ناضجة، وتتضح فيها معالم قطاع الإيجار ويعتمد المكسب والخسارة في هذه الأسواق على مدى فهم المستثمر لها ومدى دقة أبحاثة التي يجريها قبل اتخاذ القرار. ومن أمثلة هذه المرحلة سوق برلين العقارية.

ويستعرض الكتاب وسائل التمويل المتاحة في كل مراحل تطور أسواق العقار، التي تبدأ في المرحلة الأولى صعبة ونادرة في أسواق غير منتظمة وتنتهي بسهولة تدبير التمويل ما دام أن العقار يحتفظ بقيمته.

ويوضح الكتاب أهمية التمويل في المعادلة العقارية الاستثمارية أيضا لأن التمويل يتيح فرصة في الوصول إلى قطاعات أعلى في السوق، بحيث ينعكس هذا على نسبة الأرباح. ويشير التمويل كذلك إلى ثقة البنوك في صواب قرار الاستثمار في مناطق معينة لأن بعض البنوك كانت محافظة في نسب المخاطر التي تقبل عليها، وإن كان معظمها قد خالف العرف والمنطق وأقبل على استثمارات عقارية عشوائية في فترة الطفرة خوفا من فقدان حصص السوق وفرص النمو.

ويشرح الكتاب أن وسائل التمويل متعددة وتتيح للمستثمر العديد من الاختيارات. من هذه الاختيارات:

* قرض السداد العادي: وهو أبسط أنواع القروض وأكثرها انتشارا. وفيه يسدد المستثمر قرضه على أقساط تتغير في قيمتها وفق سعر تكلفة القرض صعودا وهبوطا، وبحيث يتكون كل قسط من جزأين، أحدهما لسداد نسبة من رأس المال والآخر للتكلفة. ويستمر السداد بهذا الأسلوب إلى نهاية القرض. ومن مزايا هذا النوع من الاقتراض بساطته وتناقص قيمة القرض باستمرار، ومن أهم عيوبه عدم معرفة قيمة الأقساط مع التغير الدائم لمعدلات التكلفة، أو الفائدة.

* قرض التكلفة الثابتة: ويتم فيه الاتفاق على تثبيت سعر التكلفة عند حد معين وفقا لحالة السوق ولفترات تتراوح بين عام واحد و20 عاما (أو طوال فترة القرض كما في الولايات المتحدة). وميزة هذا القرض أن المقترض يعرف تماما، ومسبقا، حجم التزاماته المالية التي لا تتغير. ولكن أهم عيوبه هو عدم الاستفادة من تحولات السوق في حالات انخفاض معدل التكلفة ودفع معدلات عالية وثابتة.

* دفع التكلفة أولا: وهو نوع من القروض كان مشهورا في الثمانينات، ولكنه ليس مفضلا في الوقت الحاضر. والفكرة في هذا النوع من التمويل هي سداد تكلفة القرض (الفوائد) فقط والاستثمار في أدوات مالية أخرى طوال فترة القرض، بحيث تغطي هذه الاستثمارات قيمة أصل القرض في نهاية الفترة. ولكن أداء البورصات المتراجع في السنوات الأخيرة كان معناه أن الآلاف من وثائق الاستثمار لم تكن كافية لتغطية أصول القروض في نهاية فترات سداد الفوائد. وفي بريطانيا يتم استخدام وسائل مالية أكثر كفاءة من الناحية الضريبية لربط القرض باستثمارات أخرى مثل قيمة معاش التقاعد أو حسابات «ISA» المعفاة من الضرائب. ولكن هذه الوسائل لها أيضا عيوبها المتمثلة في استنزاف أوعية ادخارية كان يجب أن تخصص لأغراض أخرى. ويستخدم هذا النوع من الاقتراض في حالات الشراء الاستثماري بغرض التأجير لفوائده الضريبية.

* قرض الحوافز الخاصة: وهو أسلوب تستخدمه البنوك لتشجيع الإقبال على قروضها وزيادة حصتها من السوق. من ضمن الحوافز التي تعلن عنها البنوك تقديم حسومات على معدلات التكلفة لفترات تصل أحيانا إلى 5 سنوات. وتأتي الحوافز أحيانا في صورة وضع حد أعلى لتكلفة القرض لا يتخطاها مهما كانت تحولات السوق، مع إمكانية الاستفادة من انخفاض التكاليف. وتمنح بعض البنوك فترات سماح من الدفع أو مرونة في الدفع بحيث يمكن للمقترض أن يغير قيمة الأقساط وفقا لحالته المالية. ولكن معظم هذه الحوافز انتهى مع نهاية فترة الطفرة ودخول مرحلة صعوبة الإقراض العقاري.

ويمكن إضافة التمويل الإسلامي أيضا. وهو نوع من التمويل لم يذكر في الكتاب، وهو وإن كان أفضل أنواع التمويل من الجوانب الشرعية، فإنه لم ينتشر بعد على نطاق واسع، بحيث يمكن أن يتيح للمستثمر خيارا عمليا في الكثير من الدول الغربية. ولكن الأمر المشجع أن هناك الكثير من المبادرات من البنوك الغربية نفسها للتوسع في وسائل التمويل الإسلامي وإيجاد الحلول المالية المناسبة لها لكي تستقطب بها الطلب الهائل من الجاليات المسلمة المقيمة، إلى جانب الطلب الخارجي القادم من الدول الإسلامية والشرق الأوسط. وأحيانا يكون هذا الطلب نابعا أيضا من بعض شرائح المجتمع الغربي التي تجد فيه قيمة أخلاقية في الاقتراض بوسائل تمويل إسلامية. والملاحظ أنه في الوقت الحاضر، وفي بعض الحالات، تزيد تكلفة الاقتراض بهذا الأسلوب من التمويل ببعض الأساليب التقليدية، ولكن مع انتشار هذا التمويل ومع نجاح الحصول على إعفاءات ضريبية كان التمويل الإسلامي محروما منها في الماضي، فإن التمويل الإسلامي يتعادل حاليا في التكلفة ويقل في بعض الحالات عن تكلفة الاقتراض بأسلوب دفع الفوائد والاستثمار في أدوات مالية لتغطية أصل القرض في نهاية فترة سداد الفوائد.

وبعض جوانب التمويل العقاري هذه يناسب الدول العربية والإسلامية أيضا. والكثير من البنوك العربية والإسلامية مؤهلة لإنجاز أنواع التمويل العقاري المذكورة الذي تعتبر أكثر ضمانا من بعض أنواع التمويل التجاري. ولكنها تنتظر تطور التشريعات القانونية وتطور صناعات تسويق العقار والتأمين عليه لكي تتوسع في أعمالها وتضمن حلا قانونيا عادلا لبعض مشكلات صعوبات الدفع التي قد يعاني منها مستثمر العقار، بحيث تضمن في النهاية أموالها التي هي في النهاية أموال مودعين ائتمنوها عليها.

 

kamar

قمر للإستثمار العقاري [email protected]

  • Currently 284/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
95 تصويتات / 3411 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

568,393