تمويل العقارات عملية معقدة

تستعد العديد من الدول العربية والإسلامية لإصدار قانون للتمويل العقاري لإيجاد مخرج قانوني واقتصادي لمشكلة تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي لمحدودي الدخل، خاصة الشباب حديثي التخرج والراغبين في الزواج، وتهدف مشاريع قوانين التمويل العقاري عمومًا إلى تحقيق عدة أهداف، منها:

- تدبير التمويل لمحدودي الدخل للحصول على وحدات سكنية تجارية أو مهنية للراغبين في الحصول عليها.

- حل مشكلة المتجمد الكبير من الوحدات السكنية والإدارية والتجارية بالسوق العقاري.

- تمويل الركود الحقيقي في السوق العقاري ومحاولة تحريكه.

وتتضمن عملية التمويل العقاري ثلاث معاملات متصلة ببعضها، وهي: شراء العقار، وإقراض الممول للمشتري، ثم رهن العقار محل البيع لصالح الممول، وبالتالي فهي اتفاقية تحتوي على ثلاثة عقود هي: البيع، والقرض، والرهن. وهي ما يطلق عليها فقهًا "العقد المركب".

شروط التمويل

توجد ضوابط لصحة هذه العقود شرعًا، منها ضرورة توافر أركان وشروط كل عقد من العقود الداخلة في الاتفاقية، وألا يكون التركيب حيلة للتعامل المحرم مثل الربا.

وبالنظر إلى قوانين التمويل العقاري وفكرتها الرئيسية يرى الفقهاء أن:

- شرط اجتماع الرهن مع القرض جائز شرعًا؛ حيث يقول الفقهاء في ذلك "وله (أي للمقرض) شرط رهن وكفيل وإقرار به عند حاكم (أي التسجيل في الشهر العقاري)؛ لأن ذلك توثقة للعقد لا زيادة فيه".

شرط اجتماع بيع العقار مع حصول المشتري على قرض من طرف ثالث يدفع للبائع ثمنًا للعقار أمر جائز شرعًا، ولا يندرج ذلك في النهي الوارد من حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في النهي عن: بيعتين في بيعة، وصفقتين في صفقة، وبيع وسلف، وبيع وشرط.. أخرجه أبو داود والترمذي؛ وذلك لأن النهي عن اجتماع البيع والسلف بين البائع والمشتري.. لأنه إذا اشترك القرض أو السلف مع البيع كان ذلك ذريعة للربا بحصول المقرض على أكثر من حقه مندمجًا في ثمن البيع، أما اشتراط أن يكون المقرض شخصًا ثالثًا فإن التهمة تنتفي، وقد قال الفقهاء: "لو قال بعتك هذه الدار بألف على أن يقرضني فلان الأجنبي عشرة دارهم ففعل المشتري ذلك صح البيع"، مع مراعاة أن ذلك في القرض الحسن.

- الزيادة على القرض هي الربا الواضح الجلي والمحرم شرعًا بإجماع الفقهاء قديمًا وحديثًا.

وقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية في مؤتمره الثاني عام 1965 فتوى بحرمة الفوائد على أنواع القروض كلها، ولا فرق في ذلك بين القرض الاستهلاكي أو القرض الإنتاجي، وأن الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة.

كما صدر قرار عن مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمره السادس عام 1410هـ نصه: "إن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان، وينبغي أن يوفر بالطرق الشرعية بمال حلال، وأن الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والإسكانية ونحوها من الإقراض بفائدة - قلّت أو كثرت - هي طريقة محرمة شرعًا لما فيها من التعامل بالربا".

ويرى د. محمد سيد طنطاوي أن الاقتراض للسكن يتخلص في أن الأصل في الزيادة على القرض هي ربا، أما في حالة الضرورة فإنه يجوز ذلك استنادًا لقوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْه…"، وفسّر فضيلته حالة الضرورة هذه بقوله: "والضرورات معناها شرعًا أن الإنسان إذا لم يأخذ مالاً من غيره من أجل سد هذه الضرورات فإنه يتعرض للموت أو حياته تتعرض للخطر والاضطراب".

وبالنظر في هذا الاتجاه الذي يبيح الاقتراض بفائدة لشراء مسكن نجد أنه ربط بين الجواز الشرعي وحالة الضرورة، ومن المعرو، كما تقول القاعدة الأصولية: إن "الضرورة تكون بقدرها"، الأمر الذي لا يمكن معه الاستناد إلى هذه الفتاوى لإصدار قانون للتمويل العقاري؛ لأن ذلك يؤدي إلى تضييق نطاق تطبيقه في مجالات الضرورة فقط، بما يتطلب ذلك النص على عدم منح التمويل أو القرض العقاري إلا للشخص المضطر الذي لو لم يتوافر له المسكن بهذه الطريقة لأدى ذلك إلى هلاكه أو تعرضت حياته للخطر، هذا مع ضرورة الإشارة إلى أنه إذا وجد أسلوب شرعي للتمويل خلاف القرض الربوي- هو موجود بالفعل- فلا تكون هناك ضرورة للقرض الربوي.

البديل الإسلامي للتمويل العقاري

من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة بيع بالتقسيط ورهن العقار بالثمن، ويتم ذلك في اتفاقية واحدة بأن يشتري المقترض - بنكًا أو شركة من شركات التمويل العقاري - الوحدة السكنية من البائع ويسلم له الثمن، ثم في نفس الاتفاقية يبيع الوحدة إلى المشتري بالأجل على أقساط، وبثمن يزيد على ثمن الشراء مع تعهد المشتري برهن الوحدة لصالح الممول البائع ضمانًا لسداد الثمن.

من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة تأجير تمويلي تتضمنها اتفاقية تنص على أن يشتري الممول العقار من البائع، ويؤجره للعميل في صورة عقد تأجير تمويلي مقابل أقساط يراعى في تحديدها - بجانب تغطية مقابل الانتفاع - استرداد الممول لثمن العقار، وبحيث يمتلك العميل العقار في نهاية المدة، ويسمّى هذا في الشريعة الإسلامية "الإجارة المنتهية بالتمليك".

ومن الممكن أن يتم التمويل في إطار عقد "الاستصناع" المعروف في الشريعة الإسلامية؛ حيث يقوم على طلب شخص من شخص آخر إنشاء مبنى أو صناعة شيء مقابل ثمن معين دون شرط تعجيل الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها.

 

kamar

قمر للإستثمار العقاري [email protected]

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

553,193