في مثل هذا اليوم من كل عام يتذكر العالم مأساة اللاجئين، ولكنها اليوم تزداد وطأة دون أن يشعر أحد، فمن أفغانستان إلى باكستان والصين والعراق وسوريا وفلسطين وإثيوبيا واريتريا إلى السودان، تزداد معاناة اللاجئين الفارين من اتون الحرب والفقر والاضطهاد؛ سعيا لحياة أفضل، ولكنهم غالبا ما ينتهوا جثثا في البحر أو الصحراء، وفي أحسن الأحوال يسقطون ضحية للمتاجرين في البشر. من بين صحراء سيناء والأردن وسوريا والعراق إلى المحيط الهادي والبحر المتوسط والحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية، يواجه اللاجؤون مصيرهم المعتم سواء بالموت عطشاً أو غرقاً، أو الموت البطئ لسنوات في معسكرات الاحتجاز التي تكتظ بمئات الآلاف من الهاربين من نيران الحرب والفقر والاضطهاد. إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يذكر بمآسي اللاجئين حول العالم وخاصة في جنوبه، فإنه يطالب المجتمعات المحلية والدولية بتحمل مسئولياتها لحماية حقوق هؤلاء اللاجئين، ليس فقط عبر توفير الدعم الإنساني والإغاثي العاجل، ولكن بضمان حقوقهم في حياة كريمة في دول اللجوء. يطالب مركز الجنوب لحقوق الإنسان الدول الكبرى في النظام العالمي بتحمل مسئولياتها ووقف دعم حركات مسلحة هددت وتهدد استقرار بلدان سوريا والعراق وأفغانستان، المصنفة كأكثر دول العالم في أعداد الفارين منها، كما أن هذه الدول الكبرى تساند أنظمة حكم مستبدة لا تحترم حقوق الإنسان مثلما يحدث في مصر والسودان ودولة جنوب السودان وليبيا وكثير من دول العالم التي تستهين بحقوق اللاجئين، وتحاصرهم في العمل والتعليم والعلاج والتنقل، فضلاً عن منعهم حق الدخول لأراضيها والإقامة فيها. إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يرصد تنامي معاناة اللاجئين في العالم، فإنه يؤكد على أن غالبيتهم من أبناء دول الجنوب التي خضعت للسياسات استعمارية والتقسيمات العرقية والمذهبية الناتجة عن تحالف المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، ولا تزال دول الجنوب تعاني من مشكلات التخلف وتفاوت معدلات التنمية في مناطقها، وذلك لصالح فئات وطبقات تواطأت مع الدول الاستعمارية في نهب ثروات شعوب الجنوب. إننا في مركز الجنوب لحقوق الإنسان ندعو إلى وقف نزيف الدماء في دول الجنوب، والحد من ظاهرة الاضطرار للجوء لدول الجوار بسبب الحروب الأهلية والاضطهاد الديني أو العرقي الذي يزداد يوماً تلو آخر، وتغذيه بعض الدول الكبرى والشركات ذات المصلحة في السيطرة على ثروات شعوب ودول الجنوب لصالح أقلية من محتكري الاستثمارات في دول الشمال. إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يؤكد من جديد على المبادئ التي سيظل يدافع عنها دون تأثر بالأحداث الكبرى التي تشهدها مصر، تلك الأحداث التي تؤثر للأسف بشكل كبير على احترام حقوق اللاجئين وضمانات الحياة الكريمة لكافة اللاجئين لمصر بمختلف جنسياتهم، ولذلك فنحن نطالب الحكومة المصرية ببذل كل جهد ممكن لضمان حقوق اللاجئين، وبالأخص منع ووقف ترحليهم قسرياً، أو القبض عليهم دون سند قانوني، وإصدار قانون يتيح للدولة المصرية تقرير حالة اللاجئ أسوة بكل دول العالم، بدلا من الوضع الحالي الذي يتيح ذلك فقط للمكتب الإقليمي بالقاهرة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين. إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان إذ يذكر الرأي العام المصري والسلطات المختصة بأهمية احترام حقوق اللاجئين، فإنه يطالب الحكومة المصرية باحترام الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها وصارت جزء من الدستور، وتنص على احترام حقوق اللاجئين، وتطبيقا للدستور المصري الذي نص بوضوح على حق اللجوء، ووقف كافة الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني ضد ملتمسي الحماية أو اللاجئين الذين وفرت لهم المفوضية العليا لشئون اللاجئين الحماية القانونية والإنسانية الضرورية. إن ازمة اللاجئين في مصر والعالم لن تحل بغير تكاتف القوى المحلية والمنظمات المعنية وتفهم الحكومات وتحملها مسؤولياتها والتزاماتها الدولية، إننا ننتظر أن تكون ذكرى يوم اللاجيء العالمي بداية لعمل مشترك يحفظ للاجيء الحق في الحياة وحقه في حياة كريمة.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 158 مشاهدة

عدد زيارات الموقع

417,257

تسجيل الدخول

ابحث