موقع الأستاذ / خالد مطهر العدواني

يهتم الموقع بالموضوعات المتعلقة بالتربية والتعليم

<!--<!--<!--

اعترافات أخيرة

مقالة أدبية

بقلم المبدعة

سمر عامر

العتاب المسموم

 

إن جميع ما أحاول كتابته لا يتعدى كونه تعبيرا واضحا عن مذكرات مثقف لا يعرف كيف يتعامل مع من حوله  لأنني كلما حاولت تطويع نفسي للأفضل خذلتني تصرفات الناس من حولي فأعود لصفاتي راضية .

وكلما اشعر بالاختناق واغرق في متاهات اكتئابي الدائم الذي يعد نتيجة حتمية لعدم فهمي لما حولي أو لخوفي من المجهول أو ربما انزعاجي من قال وقيل ومجالس إيذاء الآخرين التي لا أصلها إلا فيما ندر أو ربما بسبب تحطيم إبداعاتي بسهام الكلمات المسمومة التي تقضي على شغفي الأدبي في المهد  ......

الجأ إلى احتضان قلمي وأوراقي اكتب خواطري المتخمة بالأسى فأحس بعدها براحة مثل حبات البرد تتساقط على قلبي وإن كنت على يقين بأنني فيما بعد سأعجز عن قراءتها كما يفعل الزمن بالحقائق كلها حتى وإن نقشت على حجر .

كنت راضية بكتاباتي القصيرة الشحيحة التي تعبر عن اختلاجات قلبي بالآلام فلا تحوزني من فكرة أو ومضة إلا أودعتها مذكرتي الصغيرة كمن يستودع أسراره محيطا متلاطم الأمواج .

أشير علي بأن أخذ رأي الأدباء من حولي في كتاباتي حتى أرتقي وكانت هذه بحد ذاتها مهمة صعبة  ولكني كنت كالغريق الذي يتعلق بقشة وهذه القشة هنا هي من قصمت ظهر البعير بقصد المباهاة بأن لهم الفضل في تطور كتاباتي    

فكان أحدهم يضيف وأخر يمحو وثالث يوصم النصوص بالركاكة والضعف ورأي أحدهم ليس كالأخر وكلٌ يقلل من شأن الأخر أو كما نقوله بالعامية (وكلٌ يغني على ليلاه) وأنا اتخذت موقع المتفرج على مسرح التصحيح أرى كتاباتي تتغير دونما أعرف السبب أو يقال أنها ضعيفة ولا ادري ما سبب اعتلال صحتها وكل الذي أدريه أن كتاباتي الضعيفة قد نشرت باسم الذي أضعفها ولم تعجبه .

طويتُ صفحة الكتابة حيناًً إلا أنها كانت حصيلة حتمية للقراءة الكثيرة التي شغفتني حباً منذ الرابعة من عمري فكانت ملح حياتي اليومية بدونها ساعاتي ميتة أسقطتها من حساباتي فلا تذكر وتحذف من مفكرتي لذا أدمنت عليها ولم استطع التراجع ولكني لم أعد أتسول من يصحح كتاباتي إلا من كان له باع طويل في هذا المجال حتى لا تنتكس حالة كتاباتي مرة أخرى فلا أعلم متى سيتم تشجيعي فولادته ما تزال عسيرة . 

 

*        *         *             *

قد يظن من يقرؤون لي بأنني حساسة مرهفة بعكس ما يدله مظهري من ثقة بالنفس أو أحيانا بالغرور ونرجسية الأنا كما وصفني بذلك أناس لم يعرفوا تواضعي وانطوائي على قوقعة نفسي إلا بعد أن درسوا شخصيتي عن قرب .

لكني وللأمانة لم اعرف حتى الآن من أكون ؟ أو هل إحدى هاتين الصفتين المدمرتين ينتميان إلي بصلة ما ؟

تتصارع الإجابات في رأسي فأجد بأن الحساسية سلاح ذو حدين إذا لم تقتل صاحبها كمدا جرحته بسكين الألم والحزن, وإما الغرور فيقيني بأنه أول مسمار في نعش النجاح كما قال الحكيم الصيني( كونفشيوس) ذات مره لأحد أتباعه, ولا أفضل إحدى هاتين المصيبتين .

*                                    *                          *

  ومضة :اعلم أن هروبي من واقع يهزم المبدعين ويحطم أجنحة أحلامهم ويجمد أفكارهم   يعد جبناً, وأنني لابد من أن  أعاني يوما ما من تبعاته الثقيلة وخمشاته الجارحة.                                    

                   

        *                         *                        *

لقد قيل أننا نحب الماضي لأنه ذهب ولو عاد لكرهناه وقيل كلنا كالقمر له جانب مظلم ولكني أقول إن عظمة عقلك تجلب لك الحساد وعظمة قلبك تجلب لك الأصدقاء وأقول أيضا أنه كلما ارتفع الإنسان تكاثفت حوله الغيوم والمحن لذا أغيب عن الواقع قليلا واختلس من الزمن برهة لأعيد ترتيب حساباتي  أو اجلس مع ذاكرتي ذكرى الأوقات السابقة التي كنت أتوهم قسوتها لأجدها  أجمل مما أنا عليه الآن لتتحول وحشتي إلى وخزه أليمه في الصدر لكنها موجعه لحظات الكتابة الهاربة بلا عودة وقد تم تحجيرها على أوراق متهالكة طحن الزمن صلابتها وأكل لونها فأضحى لها اللون الكحلي لعله لون الانتظار فانكسرت أمامي كفقاعة التقط لها شخص ما صورة قبل أن تنفقىء .

هذا هو شأني مع ذاكرتي القابعة في قاعي حقيقية مرئية لكنها تستعصي على الاحتواء هاربة في مدارات الزمن خائفة من أن استخرجها من عالمي لأدفنها في مقابر النسيان .

حسنا لن أقول( كأناييس نين )" بأن أحلامي هي حياتي الحقيقية " لكن أين هي الحقيقة ؟؟؟

اشعر بأنني كمن يطارد هدفا متحركا على صفحة الأمواج وكل شيء يصطخب ويتحرك وما أكاد أتوهم أني أفهم شيئا حتى تنزلق أمالي من بين أناملي كزئبق مراوغ *

بدأت أؤمن بأن أغلبية المبدعين والأدباء (إن اعتبرت نفسي ولو بصورة ضئيلة واحدة منهم) لهم نفس هذه الصفات والنرجسية *

ربما ولكن  كلما توهمت أنني ازددت اقترابا من معرفة حقيقة كتاباتي زادت من سخريتها مني ومواربتها لي فأحاول النجاة بنفسي من المستنقعات المتحركة للعذابات الغامضة  باتخاذي قرارت عمليه لها صلة بالمستقبل كأن الغد دوائي ضد وسوسة الماضي والحاضر *

             *                     *                      *

أجدني دائما اقتل وقت فراغي الشحيح بالقراءة فأحلّق من خلالها في سماء أمنياتي المندثرة المهزومة في عالم الكتابة التي أتوق إلى اقتحام أبوابها الموصدة دون طموحي في أن أصبح ذات يوم كاتبة عظيمة في كل مجالات الأدب كـ (غادة السمان ) *

أو متذوقة لعالم الشعر الراقي كـ (د/طارق باكير) الذي ينير دروب المتلهفون للأدب ويجعلهم مصابيح أدبية مستقبلية*      

أو ربما أتوغل في الحبكة الروائية البوليسية المعجزة لـ (أجاثا كريستي وفيكتور هيجو وغيرهما) التي ارتويت منها حتى التخمة ومازلت أطالب بالمزيد حتى وإن لم استطع أن أحذو حذوهم في كتاباتي لقلة عهدي بذلك .

              *                         *                       *

لا أنكر بأنني أهفو دوما لتعلم كل شيء حتى احتكم إليه في كل احتياجاتي العلمية والعملية إيمانا بالمثل الشعبي الصيني القائل (لا تعطيني كل يوم سمكة ولكن علمني كيف اصطادها)*

أتمنى ... أرى... أجد... أحلم ....هكذا أنا أريد ابتلاع بحور المعرفة في شربة واحدة وطموحي بلا شيء يكبلها سوى قتل إبداعي أمام ناظري لعدم تشجيعي والأخذ بيدي وأنا أتجرع الغصص بصمت أدفن كل يوم إبداعا أو لنقل حلما لم ير طريقه إلى النور بعد*

اشعر بأني أكابد اليأس برغم تشجيع البعض لي إلا أنني بعيدة عنهم بأفكاري تلك الومضة التي أجيد إخفاءها عمن حولي إلا عن عيون الجدران الحية التي تراقبني بأحداق الصدأ المتعفن رطوبة بدموع الاهتراء نصف الجافة التي ارتضيت لها مشاركتي  حتى لا أكون مصدر إزعاج وقلق لأحد أكره اليأس وأكره الاعتراف به ولكن ما حيلتي مع نمله الذي يأكل قلبي ببطء ليطول عذابي.

أحاول أن أتفاءل ولكن ما حولي يشي بعكس ذلك فأبتسم بالرغم عني وأصحُ وقد نسيت كل ما حدث لأبحث عن إبداعاتي بعد أن حطمت تشاؤمي على صخور النسيان وأقف حين وقوفي كجبل راسخ لا يزعزعه شيء حتى الذكرى المنسية في زمن أرعن *

(لا إله إلا الله الحليم الكريم ،لا اله إلا الله العلي العظيم لا اله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم)  

  

  

          

  • Currently 19/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 631 مشاهدة
نشرت فى 3 إبريل 2011 بواسطة kadwany

د. خالد مطهر العدواني

kadwany
موقع شخصي يهتم بالدرجة الأساس بالعلوم التربوية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

639,044