موقع الأستاذ / خالد مطهر العدواني

يهتم الموقع بالموضوعات المتعلقة بالتربية والتعليم

authentication required

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

التعليم : الواقع والطموح [*]

جاسر عبد الله الجاسر

تمهيد :

      عندما نقول بأن فلاناً متعلم فهذا يعني أنه يملك استعداداً أولياً لأن يكون مثقفاً

وهو بالضرورة على درجة من الوعي مرتبط بمستواه التعليمي ، وبالتالي فهو إنسان

إيجابي ومثمر لأنه قادر على توظيف المعطيات الأولية بشكل بنّاء ولخير الصالح

العام .

      كل هذه أشياء يفترض توافرها في الشخص المتعلم لأن التعليم يهدف للتغيير

الإيجابي وبصورة أشمل فهو يهدف لتهيئة الإنسان فكرياً أي أن يتعلم الإنسان كيف

يفكر بشكل منهجي .

      من ذلك نجد أن التعليم يتعامل مع عقل الإنسان باعتباره عدة عوامل مترابطة ،

بحيث تكون الذاكرة مدخلاً أولياً لحفظ وتخزين لأساسيات الضرورية للتفكير ثم

يهدأ بعد ذلك إكمال البناء الفكري عن طريق الملاحظة والربط والاستنتاج والمقارنة .

      ولكن التعليم العربي ينطلق من اتجاه معاكس تماماً فهو يتعامل مع الذاكرة فقط

باعتبارها إمكانية إيجابية وحيدة في ذهن الإنسان ، ولذلك كان الحفظ الكامل لأرتال

من المعلومات المعلبة هو هدف التعليم العربي ، وكلما كان الطالب أكثر استعداداً

للحفظ كان في نظر المشرفين أكثر ذكاءً وألمعية ، من هنا ابتدأ الخطأ .

خطوة أولى :

      يقول العرب ( العلم في الصغير كالنقش في الحجر ) وهذا المثل يوضح بأبرز

صورة نمطية التفكير التعليمي لدينا ، فالعلم يقصد به الحفظ ، ومنذ ذلك الحين ،

والمتعلمون سامحهم الله يحشون رؤوس صغارنا بكم هائل من المعلومات المتناثرة

فيصبحون كالببغاوات ، وما إن يسأل أحدهم عن معلومة ما حتى ينطلق سارداً إياها

لا يغادر صغيرة أو كبيرة ، ويفرح الأهل بذلك أشد الفرح ، بينما الطفل المسكين لا

يفهم شيئاً مما قال .

      يجمع علماء النفس التربوي على أن ذكاء الطفل حتى الثامنة تقريباً هو ذكاء

حركي وليس تجريدي ، بمعنى أن الطفل يعرف الأشياء من خلال احتكاكه المباشر

بها ، ولذلك ركز التربويون على استخدام اللعب كمدخل تعليمي للأطفال في هذه

السن ، بينها يصر التربويون العرب على أن يحبسوا الطفل في قاعة خاصة لمدة

تزيد عن خمس ساعات ، وهو يجتر المعلومة تلو المعلومة ، ورأسه الصغير يكاد

ينفجر ضيقاً وقرفاً وخوفاً ، فما أن يطلقوا سراحه حتى ينطلق لممارسة أنواع

سطحية ساذجة من اللعب العابث الذي لا ينمي موهبة ولا يرسخ سلوكاً ولا يثمر إلا

ضياعاً وجهلاً لا يفوقه إلا جهل المدرسة .

خطوة ثانية :

      يجمع التربويون على ضرورة أن يكون معلم الطفل متخصصاً في هذا المجال ،

دارساً لنفسية الطفل ، مدركاً للفروقات الفردية ، والأهم من ذلك كله أن يكون

مخلصاً في عمله متحمساً له ، مؤمناً بأنه يؤدى عملاً جليلاً ، وواجباً خطيراً .

      ولكن وزارات التربية العربية لا تؤمن بشيء من هذا ، وهي ترى بأن الطفل

يستطيع تعليمه من يعرف مبادئ القراءة والكتابة ، ولذلك توكل عملية تعليمه لأقل

مدرسيها كفاءة ومستوى وربما أقل مدرسيها اهتماماً بالطفل ، فيكون الطفل ضحية

من ناحيتين .

      والخطورة تكمن في أن مرحلة التعليم الأولية تشكل التكوين الفكرى الأساسي

للطفل ، بحيث تصبح المراحل اللاحقة مجرد إبراز الجوانب الخفية في هذا التكوين .

      فإذا لم يكن المعلم مدركاً لهذا الجانب ، ولم تكن المناهج قادرة على ربط الطفل

بعقيدته بشكل صحيح ومدروس فإن النتيجة النهائية ستكون الفشل لأننا أخطأنا في

تحديد نقطة البداية وبالتالي فإننا كلما تقدمنا خطوة ، سنوغل في الخطأ أكثر وهكذا

فإننا لن نصل أبداً .

خطوة ثالثة :

      يعاني معظم الطلبة العرب من عدم التوافق الدراسي ، وهذا يعني بأنهم

يشعرون بأن الدراسة عبء مرهق يفرحون سريعاً بالتخلص منه ، وهم يقضون

نصف دراستهم في التحسر على إجازات انتهت ونصفها الآخر في انتظار إجازات

قادمة ، وهذا يعني منطقياً أن استيعابهم محدود وتركيزهم شبه معدوم ، ولذلك تتبخر

معلوماتهم بعد الامتحانات مباشرة ، فينسون كل ماله علاقة بالدراسة وهكذا ينتهي

كل شيء ، وهذا يعني وجود خلل خطير في المناهج وفي طريقة التدريس إذ أنه من

المفروض أن يحب الطالب المدرسة ، وأن يستمتع بالدراسة كما يستمتع بأية هواية

أخرى يحبها ويقضي ساعات طويلة في ممارستها .

      ومن نتائج عدم التوافق الدراسي ضعف المستوى العلمي حتى على مستوى

خريجي الجامعات ، ومما يؤكد انعدام فاعلية التعليم لدينا هو اقتران هذا الضعف

العلمي بضعف سلوكي وأخلاقي ، وهذا يعني أن ما يقارب ستة عشر عاماً من

التعليم لم تجد فتيلاً ، وهر أمر يستحيل قبوله من الناحية المنطقية ، فالله سبحانه

وتعالى ميز الإنسان بالعقل وجعله حجة عليه وحثه على التفكير والتأمل والتدبر ،

فإذا كان الأمر كذلك فإن التعليم العربي يخدر العقل باستمرار ، ولو ترك الإنسان

على فطرته دون تعليم لوجدنا فيه خيراً كثيراً ، لأن العقل البشري بطبيعته تركيبي

فهو يبحث ويسأل ويقارن ويحلل ولا يمكن أن يتخلى عن هذا الدور ما لم يكن يعاني

من عجز خَلْقي أو تثبيط موجه .

خاتمة :

      يبدو لي أن علينا أن نعيد حساباتنا بخصوص التعليم وأن نستفيد من الناحية

الهيكلية من تجارب الآخرين بدلاً من أن نظل نتخبط في محاولات الصح والخطأ .

      وللخروج من هذا المأزق الحرج يجب على العالم العربي أن يكون على قدر

من الشجاعة والمسئولية وأن يعترف بأخطائه في هذا المجال ، ومن ثم تبدأ إعادة

البناء بشكل كامل وصحيح :

      1- الاهتمام بالطفل تربوياً وسلوكياً ونفسياً واجتماعياً ، فهم نواة المستقبل

ومسئولية الأمة حتى ينضجوا .

      2- الاهتمام الجدي والمدروس بتعليم الطفل وتعديل المناهج لتكون ملائمة

لعقلية الطفل .

      3- إعادة وضع المناهج التعليمية ، بحيث تكون حافزاً على التفكير وليست

مجرد معلومات جاهزة تؤخذ كما هي .

      4- تقليل عدد الطلاب في الفصول .

      5- التركيز على جلسات الحوار والمناقشة الودية بين الأستاذ وتلاميذه .

      6- تشجيع الابتكارات .

      7- قيام علاقة ودية بين الأستاذ وطلابه .

      8- الابتعاد عن التلقين في كافة مراحل التعليم .

      9- التركيز على بناء الشخصية وتدعيم استقلالية الطالب .

      10- الاهتمام بالبحوث التربوية والإكثار منها .

      11- وضع الرجل المناسب في المكان المناسب .

      12- مراعاة أن تكون المناهج تساعد في صقل شخصية الفرد المسلم وأن

تعمق ارتباطه بعقيلته بشكل واعٍ وصحيح .

      13- عدم التسرع في النواحي التربوية فالخطأ فيها قد يقضي على أجيال

كاملة .

      14- تأهيل المشرفين والترحيب بالمخلصين والمتحمسين لأنهم هم الذين

يدفعون بصدق حركة التعليم للأمم .

      15- العمل على تحسين المكانة الاجتماعية للمعلمين وليس هذا الأمر بعسير .

________________________

(*) مساهمة وصلتنا استجابة لدعوة المجلة لفتح ملف التعليم في البلاد العربية ، ولازالت الدعوة

لأهل الاختصاص والمهتمين بذلك قائمة .

المصدر: (( مجلة البيان ـ العدد [17] صــ 26 شعبان 1409 ـ مارس 1989 ))
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 706 مشاهدة
نشرت فى 9 مارس 2011 بواسطة kadwany

د. خالد مطهر العدواني

kadwany
موقع شخصي يهتم بالدرجة الأساس بالعلوم التربوية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

639,035