<!--<!--

 

تربية الأبناء كتربية الأشجار

بقلم:

م. جمال حافظ

قد يستغرب البعض من اطلاق كلمة تربية على النباتات

لكن لا غرابة اذا علمنا ان تربية النبات لهـا نظم وأصول وعلم مستقل بذاته

 

وان كنا لن نتطرق هنا الى علاقة الوراثة بالتربية

فإننا نتحدث عن تربية الأشجار وتهذيبها خلال مراحل حياتهـا بصورة عامة

 فالأشجار أيضاً تتم تربيتها وتهذيبها وكل فترة لابد من مراجعة هذه التربية حتى تسير على النسق المطلوب


                                                                                                         قد يكون تقليم الأشجار شكلاً من أشكال التربية . . لكن تقليم الأشجار يأتى فى مرحلة متقدمة نسباً  من العمر لذا نستعمل طريقة البتر                                                                  نعم البتر بقص الأفرع غير المرغوب فيهــا ، أما التربية فتكون التى أعنيهـا هنا فتتم للنبات منذ نعومة أظافره ، أى مع بداية مراحله الأولى .. . 

 

                                       والأشجار اذا ترك لهـا العنان لتمنو كيفما شائت فإن كل فرع من فروعها سينطلق فى الاتجاه الذى يرغبه هو وربما كان نموه فى اتجاه ما فى حساب باقى أفرع الأصل الواح أو الشجرة الواحدة والأمر يكون من الخطورة بمكان اذا لم يحافظ المربى على مسافة الزراعة المطلوبة بين الشجرة واختهـأ فيا يمكن أن نسميه بعرفنا (العدالة الاجتماعية) والا فأنه ان تمت التربية على غير نظام أو قانون فإنه ستكون هناك ضحايا مجتمعية فالنباتات الصغيرة ستتقزم وقد تموت بسبب عدم وصول ضوء الشمس لها بالقدر الكافى                          وأيضاً قد تكلفك الشجرة ثمناً باهظاً اذا لم توضع فى المكان المناسب أو لم يتم تقويم أحد فروعهـا منذ الصغر  فيضطر المجتمع الى النزول على رغبتهـا  وتغير مساره أحيانأ

 

 

أو أن يتركهـا تخترق الحواجز وتكشف جزءً قد نكون بحاجة الى ستره     


وقد تضعك فى اختيارات صعبة أحلاها به بعض المرارة كأن تكبر وترسل فروعها داخل شرفة بيتك وتشاركك النفس بدلا من أن تمدك بالثمار الطيبة، فتصبح فى حيرة من أمرك هل تقطعها لتستفيد بما تشغله عى من مساحة وتحرم نفسك جمال المنظر ، أم تتركها وتتحمل تبعات تدخلها بهذا الشكل فى حياتك              

وهو نفس سلوك الأبناء اذا تركتهم على سلوك خاطىء وأبديت الرضى عن سلبياتهم (فى بداية حياتهم) كما نرى من بعض الآباء وهم يبتسمون من كسر الأطفال لما هو حولهم وتلبية طلباتهم أياً كانت  نرى أن أطفال الأمس قد اشتد عودهم ومن شب على شىء شاب عليه ،

ويصعب على الأسرة تقويم سلوك قد تأصل لديهم وهذه قد تكون بداية الجريمة فى المجتمع أعاذنا الله واياكم من سوء الأخلاق المراحل التى يكون فيهــا خشب النبات غضاً ليناً ، بحيث يسهل على المربى توجيه الأفرع فى الاتجاه الصحيح ولى بعضهــا ان لزم الأمر.      

                                                                    بل قد يلجأ المربى الى تقليم للجذور للحد من النمو الخضرى للشجيرات خاصة تلك التى تستخدم لأغراض الزينة الداخلية                                                                                           ومسألة لى الأفرع تحتاج من المربى درجة عالية من الصبر فى تربية هذا النبات                                               فلا يصح له أن  يقوم بلى الفرع مرة واحدة فى الاتجاه المطلوب فينكسر . .                                          بل يجب أن يتم اللى بنسب بسيطةوعلى فترات  (شيئاً فشيئاً)  و يستمر على ذلك أياماً وشهوراً وربما سنين حسب نوع الشجرة وسُمك الجذع ودرجة الميل المطلوب . .                                                                                        يعنى الموضوع ليس بالسهولة المتصورة ، فالأمر بحاجة إلى موالاة ومتابعة لصيقة ، ولا تنسى أن النبات يشعر بصاحبه بل ويتجاوب معه وقد لمست ذلك بنفسى أثناء عملى فى تربية النباتات فى الزراعات المحمية وهى قصة طريفة سأسردهـا على سعادتكم لاحقاً ،                                  وموضوع سيكولوجية النبات هذا ثابت أيضاً فى السنه المشرفة فى حديث الجذع ، قد يقول البعض ان هذه خصوصية لنبى الرحمة صلى الله عليه وسلم

نعم خصوصية ، لكن الخصوصية هنا كانت فى سماعه صلى الله عليه وسلم أنين الجذع

وهى ان نظرنا اليها من زاوية أخرى سندرك أن النبات لديه احساس ويبدوا الأمر جلياً فى حالة النباتات المفترس.           وفى الوقت الحالى سمعنا جميعاً عن احساس النبات بالموسيقى                                                                الشاهد هنا أن ما ينطبق على الأشجار ينطبق على بنى البشر من أبنائنا الأعزاء

نعم فهكذا الحال مع الأبناء                                                                             اذا تابعتهم بنفس الطريقة ، وكلنا نعلم المثل القائل لا تكن ليناً فتنعصر ولا تكن صلباً فتنكسر فالأمور يجب أن تكون بين الشدة واللين والقسوة الهادفة الى نتائج بعينهــا مطلوبة  هكذا قيل (قسى ليزدجر ، ومن يك حازماً فليقسُ أحياناً على من           يرحم)                                                       والتقرب منهم من باب الرحمة بهم واجب بل انه من دواعى الاستقرار الأسرى                                          ويؤدى الى نتائج نتائج قد يراها البعض نوعاً من الإعجاز من أول وهلة شأنهم فى ذلك شأن من ينظر الى هذه الشجرة من أول وهلة فيقول سبحان الله ،، نعم سبحان الله. . .          لكن أيضاً بارك الله فى كل يد ربت ووجهت التوجيه السليم وأعطتنا هذه النتائج الباهرة .                  

 بارك الله فى كل أم وأب أنجب وربى مواطناً صالحاً ، يخدم دينه و وطنه .. . مواطناً يعرف ما عليه قبل أن يبحث عن حقوقه . . .     مواطناً يخشى الله فيترك بعض الحلال مخافة الوقوع فى الحرام. . . . وهذه قبلة اعجاب منى لكل يد تقوم بمثل هذا الانجاز الرائع حباً منا لهذه اليد (فى الله )

م. جمال حافظ

 

المصدر: محاضرات فى تربية النبات تقليم أشجار الفاكهة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

139,734