د.ايمان مهران

أعمال تهتم بالإبداع والمبدع والتواصل الإنساني عن طريق الفن

<!--<!--<!--<!--

 

 

الجوبلان المصرى

 

صنع المصري كل حاجاته من خاماته التي وفرتها البيئة، حيث تنوعت المنتجات اليدوية ،كما اشتهرت مصر بتقدم فنون العمارة  والنحت والفخار والتصوير الجدارى و المنسوجات  وغيرها من الفنون ، وظهرت منذ  القدم فنون عديدة ،  وظلت جميع المراحل الحضارية فى مستوى متميز ،  لتبقى شاهدًا على مستوى الحرفي المصري.

 و لقد اشتهرت فنون المنسوجات منذ العهود المصرية القديمة ،  وفاقت شهرتها الأزمان لتعيش طوال العهد الروماني و الإسلامي تحتل المقدمة ، وكان أشهرها على الإطلاق منسوجات الكتان و التى تصنع بطريقة القباطى ، ليجد الباحث نماذج من القمصان والملابس تظهر دقة في المنسوج ، كما يوجد نماذج من الأنسجة استعملت في التحنيط من خامة الكتان في منتهى الدقة التي تعجز الآلات الحديثة الآن عن صنعها.

     فنون الجوبلان أو الأبيسون أوالتابسترى كلها تقنية واحدة توازى فن القباطى المصرى ، والتى أشتهرت به محافظة أسيوط.

كما عرف المصرى بقبطى لأنتاجه لها وأنتسابها له، وهى نسجيات شديدة الدقة ، ومتنوعة فى موضوعاتها ،  وهى أفراز للعصور الفرعونية التى أقيمت فيها  المؤسسات النسجية المعتمدة على تصنيع الكتان المرتبط بالأله أوزير والصوف .

وقد أهتم الفراعنة بالمنسوجات فهناك آلهة فرعونية حامية للنسيج وآلهة ناسجة وأخري خالقة للنسيج وأسماء الآلهة النساجون هى:

                         _ الآلهة تائيث

-       الإله حدج حتب

-       الآلهة إيزيس

-       الآلهة نفتيس

-       الإلهة نيت

-       الآلهة ننوتت

-       الإله حعبى.

-       الآلهة واجيت

-       الإلهة سخمت

-       الآلهة سخمت باستت رع

-       الإلهة حورس

 وفى العصر القبطى صادق فن النسيج الرهبان والقديسين والهاربين من بطش الرومان وتعذيبهم  فى الصحارى المصرية، ليعرف العهد القبطى بتميز صناعاته النسجية خاصة القباطى.

ليلاحظ العرب حين دخلوا مصر تميزه فأستثمر الفن الأسلامى هذا الفن ليخرج بخصوصية فى الموضوعات المعتمدة على التجريد والرموز واستخدام الخط العربى بتنويعاته فى الأعمال النسجية .

 و يعرف هذا الفن الآن فى مصر بالنسجيات المرسمة . وله دار ترعاه فى حلوان تابعة لوزارة الثقافة المصرية . وقد أشتهرت عدة مناطق فى مصر بأنتاجه أهمها أسيوط بجنوب مصر ، وفوة بالدلتا فى الشمال والحرانية بمحافظةالجيزة .

ونعود لفن الجوبلان وهو  اسم يعود لمصانع فرنسية اشتهرت بنسيج القباطي، كان قد أنشأها أول الأمر ( جيل وجين جوبلان) في باريس سنة 1450م ، بدأت للصناعة  ثم استعملت بعد ذلك في نسج القباطي في القرن السابع عشر سنة 1669 م ، وهذه المصانع حتى الآن تحت إشراف الدولة ،تنتج نسيج القباطي ذا المناظر التصويرية

أما الأوبيسون (Aubisson ) : تعود التسمية إلى مدينة أوبيسون  والتى تقع فى ضواحي باريس ،حيث اشتهرت بنسيج القباطي ذي المناظر التصويرية منذ القرن الخامس عشر.

والتابستري : اصطلاح إنجليزي يعني بالعربية النسجيات المرسمة.

أما القباطى والذى يشابه الفنون السابق ذكرها فهو الأصطلاح الذى أطلقته سعاد ماهر على هذا النوع من المنسوجات الذي يعرف بالتابستري .

ولقد وجدت سعاد ماهر من الممكن تقسيم نسيج القباطي في فترة الانتقال تبعا للعناصر والأسلوب الزخرفي إلى خمسة طرز وتسمية كل قسم منها باسم المركز الصناعي الذي أنتجه فهناك  طراز الدلتا وطراز البهنسا وطراز قيس وطراز الفيوم وطراز الصعيد.

  ومحافظة أسيوط التى عرفت وتميزت لفترة بهذا الفن من أكبر مدن الوجه القبلي؛ وأهمها من الناحية التجارية، وقعت على رأس طرق القوافل لأنها تربط النيل بالواحات الخارجة ،  ثم دارفور في غرب السودان منذ عهد الفراعنة وبها معالم أثرية فرعونية . وهى على الضفة الغربية للنيل ، ويحدها من الجانبين سلسلة الجبال الشرقية والغربية، ويوجد بها محمية وادى الأسيوطى الطبيعية ،  و نهر النيل وقناطر أسيوط .

     وتعود تسمية المحافظة للعصر الفرعوني ، حيث عرفت بأسم أتف خنت khont atf  ، وكانت عاصمة هذا القسم  تسمى سيوط Siout  بمعنى الحارس، وأشتق منها الأسم العربى سيوط ، وبعد الفتح العربى عرفت أسيوط بأسم الأعمال السيوطية ، وكانت تضم 37 قرية .

وقد عرفت أسيوط بالصناعات الحرفية عامة ، وبالمنسوجات خاصة كالكتان والسجاد والكليم والتلي المرسم بالفضة ، كما ذكرت أسيوط في مراجع عديدة لجودة منسوجاتها وفي كتب الرحالة والمؤرخين أمثال المقريزي وناصر خسروا  وياقوت الحموي و غيرهما.

فذكر ناصر خسرو (وينسجون في أسيوط من صوف الخراف عمائم لا مثيل لها في العالم، والصوف الرقيق الذي يحضرونه إلى بلاد العجم، ويسمونه مصري وهو من الصعيد الأعلى لأنهم لا ينسجون الصوف بمصر، ورأيت في أسيوط فوطة من صوف الغنم لم أرى مثلها في بلهلور ولا في ملتان وهي بشكل تحسها حرير)و النسيج عامة هو تقاطع خيوط طولية مع خيوط عرضية. وكانت حاجة الإنسان للأستقرار وأنتقاله إلى الزراعة أن بدأ في النسج الأكثر دقة ليبدأ في عمل أردية وأغطية له ، لصغاره من أوبار وشعر الحيوانات التي بدأ في تربيتها واستئناسها .ليتطور النسج ويصبح عنوانا للمدنية والرقي..

و كانت أسيوط تشتهر بالمرسمات وعنها أنتشرت فى أماكن عديدة، خاصة كرداسة فى الجيزة.

وقد أستعان العديد من الفنانين التشكيلين بصناع القباطى أو النسجيات المرسمة فى تنفيذ أعمالهم المصورة ، وكانت منطقة غرب أسيوط لا يخلو فيها بيت من أربعة أنوال على الأقل وكان البيت نموذج لمصنع صغير، والموضوعات الأساسية فى المرسمات كانت تتضمن :

- موضوعات من حياة الريف سواء حفلات السمر أو الحياة اليومية للفلاح أو حياة الحقول والعمل وتجمعات الفلاحين .

_ موضوعات عن الحيوانات خاصة الجمال والأغنام والرعى  .

_ شجرة الحياة(وهى عبارة عن أوراق شجر كل ورقة نوع وبها ثعابين وبها رموز لكائنات عديدة)

_ موضوعات عن حياة النهر وهى تجعل من مجرى النيل بطل فى العمل ومركز توزيع عناصره و مفرداته .

ورغم بوادر الأندثار فى فنون المرسمات فى منطقة أسيوط إلا أن الأزدهار بدأ يعود مع التنمية السياحية والبرامج التى تحاول رعاية العديد منالفنون اليدوية .

 

ويعتمد الحرفى فى ألوانه عل مجموعات عديدة من اللون الواحد ليصبح لديه كم من الدرجات تسمح له بالتشكيل عن طريق اللون "لأيجاد البعد الثالث .

ويتم فى أحيان عديدة تنفيذ لوحات للمستشرقين ممنفذة بطريقة القباطى ، وتعد أعمال النسيجالمرسم أو القباطى من أهم الملامح التى تشهد على تقدم النسيج المصرى التى تشهد بتطور وتقدم التصميم والذى يعتمد عللى الحيوية فى التناول وتعدد درجات ىاللون وحبكة اتلتكوين ن وسرعة الأيقاع فى اللون.

والجوبلان المصرى ومنها قباطى أسيوط ضمن أهم الفنون اليدوية التى تميز الحرف المصرية وتمنحها خصوصية فهو مرآة عاكسة للوحدة بين المصريين وتوحد الشعور الجمعى لديهم ، وهو ما تعكسه بوضوح  أحدى القطع المنفذة بقرية فى محافظة أسيوط ، حيث يظهر لنا الصليب واللوتس والنهر والكعبة والأهلة وعرائس المسجد فى حالة ترابط وفى أنسجام ، وكانت هذه القطعة والتى تحمل أسم (المقربن) نسبة للقربان مرتبطة بفرش منزل الحاج لبيت النبى عقب عودته لأهله مفتاح لمعرض كامل أقامته كاتبة السطور أحتفاءاً باللقية النسجية الثمينة التى مازالت تحيا فى صعيد مصر ضمن فنونه اليدوية.

 

 

المصدر: د.إيمان مهران
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1518 مشاهدة
نشرت فى 30 نوفمبر 2011 بواسطة imanmahran

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

62,806

د.إيمان مهران

imanmahran
فنانة تشكيلية وكاتبة »