د.ايمان مهران

أعمال تهتم بالإبداع والمبدع والتواصل الإنساني عن طريق الفن

        لظروف عديدة ساقتني الظروف لقرار خوض إنتخابات مجلس الشعب 2010 م  عن مقعد الكوتة بمحافظة أسيوط مسقط رأسي ومنطقة دراسة الدكتوراه الخاص بي ، والتى تسببت في إمساكي بخيوط كثيرة في تلك المحافظة المختلفة عن جيرانها والتي تمتلك جامعة نموذجية وتراث ثري ملىء بالعادات والتقاليد الرسوبية من ثقافات مصر المتتالية.

        و كوني أكاديمية تعودت العمل بمنهج علمي وتوقيت وسط أطر واضحة ومحاور يمكن البناء عليها ، فحاولت معرفة حدود المكان والزمان لتجربة مقعد المرأة لوضع خطة عمل في تجربة أراها جداً مختلفة .

        وإنتظرت منذ عام حين أعلن عن تلك المقاعد أن أعرف حدود الدوائر الإنتخابية لمقعد الكوتة  و أسماء تلك الدوائر وتفاصيل الوقت المحدد للإنتخابات ، وبالطبع ذلك لتحديد ظروف الحملة وما سيتم النزول به من دعاية على فترات متتالية في محاولة لجمع الأصوات وكسب التأييد والتعريف بالبرنامج الإنتخابى.

       وكل الشائعات التى تسير بين المنتخبين الذين نمر عليهم في القري تؤكد و تشير إلى إن هذه الكوته جاءت لتضم سيدات المجلس القومى للمرأة فقط  ، والناخب رغم أميته غالباً يرى ذلك مرآة تهدف لرفع رصيد نسبة الحزب الحاكم في المجلس في تلك المرحلة الحرجة من إنتقال الحكم في مصر ، بهدف الإحكام على قبضة السلطة التشريعية.

       وتلمست مع بدايات القرن الواحد والعشرون ورغم إن العالم يمشى للأمام بخطى سريعة ، إلا أننا وللأسف بدأنا منذ فترة السير للوراء . فرغم أننا رسمياً مع دور المرأة  وترسيخ مكانتها على مستوى التشريع ، إلا أن كل الشواهد باتت تؤكد على تراجع المرأة بإرادتها على المستوى الشعبى ، وعلى إختلال مكانتها الأدبية بنسبة كعضو  فاعل ومؤثر ، بل هي تفضل أن تصبح زوجة مع من ينفق وأن تعود لعصر الحريم بإرادتها دون أن تكافح أوتصبح مستقلة مؤثرة .

     وبالطبع كان التأثير الإعلامي السلبي للفضائيات وتوجهه بالسلب لهذا الدور نحو المرأة فهو إما أن يظهرها تغطى وجهها و تسير دون إعمال العقل لتصبح تابع للرجل المنغلق  ، أو تعرض نماذج المرأة المتعة المعروضة لك مفاتنها وهو مانراه تسليع وردة للمرأة الشرقية.

       وسط هذا الزخم واللغط في وضع المرأة فى مصر جاء موضوع مقاعد الكوتة كحل مؤقت لمدة دورتين ، قبل به المجلس لرفع نسبة تمثيل المصريات وسط عالم يتقدم وهم في ذلك يحاولون لي ذراع المجتمع الرافض حقيقة في تأييد النساء لتكون من يمثله ويعبر عنه .

         لقد بدأت منذ عام تقريباً بقراءة الوضع حال نزولي الإنتخابات عن مسقط رأسي ، وعمل دراسة لخط سير الحملة و مصاريفها .

     في الحقيقة إن نبض المواطن البسيط يحس أنه مفعول به وليس فاعل مؤثر في تلك الإنتخابات وهو ما بدا واضحاً في إنتخابات الشورى السابقة .

     وهو ما يجعل هناك تحدي حقيقى فى مصداقية كوتة المرأة وسط إنتخابات جداً مختلفة ، فقد تكالبت علي هذه الدورة رغبات رجال الأعمال وأصحاب المصالح برؤوس الأموال التي تشكك في حجم المكاسب للعضو من شدة البذخ في الإنفاق على الحملة، أمام قلة جادة بوسعها أن تكون مرآة صادقة للمواطن.

     وأعود لمسألة ترك حدود دوائر إنتخابات الكوتة وترك مواعيد الإنتخابات كما هي دون تحديد حتى آخر وقت ، فهي لا تعكس إلا الهلامية في تطبيق الفكرة ،وعدم السير على منهج في حياتنا كما تعودنا في كل أمورنا الهامة.

    تخيل لو محافظة بها عشر مراكز  ، كل مركزعدة قرى ومتوسط القرية 50 ألف صوت فى عشر مراكز كم المطبوعات سواء الملصقات أو البرنامج الإنتخابى المطبوع وغيرها الذي تحتاجه الناخبة لتوزعه على الناخبين .

       كما أن الزيارات الإنتخابية للأسر والعائلات تختلف توجهاتها من منطقة لمنطقة داخل المحافظة الواحدة حسب المشكلات والروابط الأسرية في كل منطقة .

       وعن المستقلات في الكوتة فهن بالطبع سيتحملن العديد من المشكلات على رأسها التمويل لكل أركان الحملة وتحمل كل مشكلات تعامل إمرأة مع منافسات من أحزاب أخرى .

       إن الكوتة على تلك الهيئة جزء من الفوضى المنظمة التى نعيشها والتى نتظاهر فيها بفعل وحدث ونعلن عن المشروع ،ولكن نفقده روحه وكنته ليصبح مفهوم الأمانة والصدق غائب عن ملامح العمل ،وهو ما أصبح سمة الشخصية المصرية فنحن نزرع دائماً المصادفة والعشوائية المنظمة .

      قد أكون أول إمرأة في قريتي النخيلة تنوي دخول البرلمان  ،وثاني إمرأة في مركز أبوتيج بعد محاولة أ.د.عواطف عبد الرحمن في الثمانينات  .إلا أن  أسيوط تمتلىء بالنماذج المميزة والتى تنظر إلى التجربة كي تمارسها في المرة المقبلة .

      في النهاية لو أردنا لتجربة الكوتة المصرية النجاح كمرحلة إنتقالية بهدف ترغيب المواطن في ترشيح المرأة دون اللجوء بعد ذلك للكوتة ،  لابد من الشفافية وجدية الإنتخابات والتي يجب أن تكون بجعل الإنتخاب بالرقم القومى بدلاً من قائمة إنتهى العمل بها منذ زمن.

       فالناس عقولها مفتوحة مع فضائيات العالم وبالتالى كى تسير الجماهير لابد من إحترامها بدلاً من السخرية منها، ونحن نطوف في القرى لنجد الناس ترفض التعامل مع الإنتخابات ، ومقاطعة لممارسة حقها الإنتخابى ، ليست لأنها ضد النظام عامة ، ولكن لأنها تعلم أنها فى نظر النظام لم تزل غير ناضجة لإختيار الأصلح لها ولأوطانها وبالتالي هناك تزوير هناك تزوير.

  نحن نحتاج لرؤية جديدة تحترم بطل تجربة الإنتخابات وهو المواطن ، وبالتالي أن نري إستراتيجية للمواطن والوطن في ظل عالم متغير أكثر حداثة تدحل له بلغته وثقافته وتستوعبه وتعطيه امان للتفاعل مع النظام الحاكم.

   وبعد ذلك نطل على تجربة مقعد المرأة متخيلين أن تطوف إمرأة بطول محافظتها وتتحمل الحملة الإنتخابية فى كل المراكز ، والعديد من المضايقات المرتبطة بالتقاليد ، بلإضافة إنها لو نزلت مستقلة تحتاج لشراء مطبعة، أو المشاركة عليها..

 فيا أصحاب فكرة الكوتة في مدخل القرن الواحد وعشرين : هل هناك مصداقية لكوتة المرأة المصرية  2010؟

المصدر: د. إيمان مهران
  • Currently 65/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 515 مشاهدة

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

61,019

د.إيمان مهران

imanmahran
فنانة تشكيلية وكاتبة »