هل يدفن الطبيب النفسي روحي المُهدر؟.. هل يدفن سرى وملامح شياطيني ومسمياتي متعددة الأوجه الإنساني، في براءة طفلة لم تحلم بحياتها البريئة وسط رُكام عائلة منهارة، أسمى المستعار مع جريمتى؟.. فهل «الستر» أصعب من «الخطيئة»؟.. إنها عوالم علم النفس وبواطنها للعاديين من البشر فما بالكم بأغوارها من أصحاب العلم بها نفسيين ومرشدين أُسريين ومُعالجين واستشاريين وغيرهم كثير، يهتمون أو يزعمون بأنهم بالبواطن النفسية أعلم وهُم بحاجة للعلاج من دواخيلهم التي تنصب كالسياط على مرضاهم، أو ضحاياهم، إن لم يكونوا هُم الضحايا أكثر دون أن يشعرون.
إنها سلوكيات نارية من بعض الأطباء والاخصائيين النفسيين ومن في عدادهم ممن يتجاوزون تخصصهم، لتشخيص حالات نفسية أو علاج أمراض مُجتمعية بدافع الطمع واستغلال التخصص وثقة المراجع أو لدوافع شخصية نرجسية، ينتج عنها أمراض وعلاقات سامة أكبر من ذي قبل، ففي بعض الأحيان، يكون كل ما عليك فعله لكي تموت هو أن تظن فقط أنك مريض، كما يقول الصحفي العلمي ديفيد روبسون.
لقد عاهدنا العصور وعرف الأطباء منذ زمن طويل كيف يمكن للمعتقدات أن تكون مميتة ولو من باب المزاح أدت إلى نهاية مروعة لأحد ضحاياها منها حالات فارقت الحياة في الحال، أو الإصابة بالجلطات أو الشلل الرعاش، إذ ركّز الباحثون المعاصرون بكثرة على قدرة العقل على الشفاء من الأمراض، وليس الإيذاء – ويُسمى ذلك "التأثير الوهمي الإيجابي"، المأخوذ من اللاتينية من كلمة "بلاسيبو"، وتعني "سوف أُرضي". يقول تيد كابتشوك، من كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية: "إنها ظاهرة ثابتة، إلا أن الطب لم يعالجها أبداً" لأن التأثير النفسي الضار بالصحة، أمر شائع جداً.
وهناك أشخاص يتمتعون بقدرة استثنائية على التواصل مع الآخرين وإبهارهم بالكلام المعسول والتودد، مُسيطرين على الأخرين من حولهم في أغلب الأحيان من دون ترك مجال لهم للتعليق أو التعبير عن آرائهم، فيقول بيكسلز: "حُب السيطرة والأنانية والعناد والغيرة من المسببات التي تجعل الشريك يقلل من قيمة شريكه"، وقد يتماكرون ويصطنعون البعض الغباء أو نسيان أمور ما، لأنهم ببساطة استطاعوا أن يفهموا حقيقة أن الأفكار التي تجول في أذهاننا هي السبب وراء الحالة النفسية لمن يتعاملون معهم، لذلك يعملون على التخلص من الأفكار غير المفيدة، تاركين كل ما يمكن أن يُكدر حياتهم ولو كان شيئاً ثميناً، أو عاطفياً حتى، دون أن يحملون ضغائن لأحد أن الخوض في الكلام عن شيء تركه ومضى، لأنه يؤمن ببساطه أنه (لا يمكن تغييره)، وأن التركيز على التجارب السلبية يمنعهم من التمتع باللحظة الراهنة، فإذا كنت تتعامل مع أشخاص يؤمنون بفكرك، فأنت تُكرر ما تعيشه برتابة، فلا تنمو، ولا تتعلم أن تكون منفتحاً على أراء ووجهات نظر المُختلفين، فعليك أن تقضي بعض الوقت في التفكير في ذلك، وكيفية استجابتك لتطوير ذاتك ممن حولك. توقف، خذ نفساً عميقاً، وتخيل ما هو الأفضل بالنسبة لك.
فبعض النساء عُمرهن كبير أي لهم خبرة مجتمعية جيدة- ذات صلات وعلاقات متعددة لذلك البُعد الخفي، تتنمر على ضحاياها بالوداد ثم ترميهُن لمجرد الملل أو وجود طرف ثالث أبعده عنها، وأمثال تلك النسوة ضحية تربية خاطئة وقاصرة في بيئتها التي تعيشُ فيها بصفات ذات خبرات مُكتسبة تجعل هذه التصرفات سلبية، تنم عن تربية غير مُوفقة، ولو كانت من بيت الصحة النفسية أو ممن يقُومون بالعلاج السلوكي والإرشاد الأسري، وللأسف الشديد تلك التصرفات نتائجها فادحة تخسر أو يخسر فيها المعالج هنا نفسهُ ليكون هو الضحية لا المريض، مشاركاً في طامة اُسرية واجتماعية قدمها علة النفس ومن علمهم المهنة، وشاركت فيها المؤسسات والمجتمعات، وكان لابد من تأهيلهم وعمل اختبارات دورية لهم للوقوف على تلك الحالات ومن يصلح منهم أو منهن لما لهم من تأثير مباشر على الأجيال القادمة التي سوف تخرج وهي تحمل تلك الموروثات السيئة، دون رقيب من الوالدين خاصة الأب وفق ظروف عمله، والأم في عالم أخر لينصدموا عند زواج ابنهم أو بناتهم بدمار نفسي قبل أن يكون أسري مجتمعي كـ (نيرون) الذي أحرق عرشه الذهبي، مهما كانت الثقافة والتعليم، وكأنهم نجوم لا تتكرر أو موت لا يتكرر رغم التصرفات والسلوكيات التي تكون «دون وعى»..
عموما، أنا لن ألوم تلك الفئة، فكما أسلفنا هي ضحية، ففي علم النفس مصطلح هام يفسر تلك الحالات، وهو اضطراب الشخصية، أو«السادية -المازوخية»، ومعناها الحصول على المُتعة من خلال القيام بالأعمال التي تتضمن إلحاق الألم أو الإذلال سواء بالطرف الآخر.. أيّ التلذّذ بالتعذيب عامةً، و«المازوخية» هي اضطراب نفسي يتجسّد في التلذّذ بِالألم الواقع على الشخص ذاته. أيّ التلذذ بالاضطهاد عامةً.. هذا هو التفسير الوحيد لحالتك.
إذن أنت بحاجة إلى «طبيب نفسى».. فالنفس البشرية أعقد من واقع الفقر والعوز.. فأنت لا تتحدثين عن «العفة».. في «لعنة الجسد» فأنت في حالة «انتحار بطئ»، تقدمين كل ليله بعضا من كرامتك وجسدك لمن يدفع الثمن.. واعلمي أن «الشرف» أثمن من أن تفرطي فيه، فكيف تنظرين لنفسك هكذا، بالتأكيد حقارة نفسك أماك مرأتها الحقيقية، وقد سبق ونصحتك فمع احترامي لذكائك أنت لا شيء ولو ذهبتي لعلماء النفس.
أرشيف الكاتب:
https://www.al-jazirah.com/writers/20242540.html
ساحة النقاش