تتحدد الشخصية بوجه عام بالعوامل الفيزيولوجية من جهة وبالعوامل الاجتماعية من جهة أخرى وينعكس الاضطراب الجسمي على سلوك الفرد المميز للشخصية

كذلك تتأثر الشخصية في خطوطها العريضة بما هو سائد في المجتمع فتكون شخصية الفرد ممثلة لروح الجماعة بتقليدها وعاداتها وأخلاقها ولهذا يختلف الأفراد باختلاف الجماعات التي ينتمون إليها . إلا أن الشخصية وليدة هذا التبني والخضوع لقواعد الجماعة إذا لو كان الأمر كذلك لكانت النتيجة تشابه أفراد الجماعة تشابهاً كبيراً في أنماط سلوكهم ولهذا فإن الشخصية ليست شيئاً مفروضاً على الفرد بل هي وليدة مدى المقاومة التي يبديها الفرد تجاه قواعد مجتمعه فشخصية الفرد هي نوع من رد الفعل الذي يبده نحو بيئته وتعتمد في بنائها على الفرد نفسه كوحدة عضوية من جهة وعلى البيئة التي يعيش فيها من جهة أخرى .

ويستلزم تطور الشخصية تكيف الشخص مع بيئته و تبدأ الشخصية في التكوين حينما يبدأ الطفل أولى مراحل تكيفه مع العالم الذي يولد فيه والبكاء الذي يطلقه الطفل حينما يخرج إلى الحياة يعتبر أول خطوة من مراحل تكيفه مع البيئة وبالنسبة لشخصية الكفيف يمكننا أن نقرر أن قصوره البصري ينشأ عنه اختلاف في أنماط سلوكه .

أن الكفيف يحصل على خبراته عن طريق حواسه الأربع وهي اللمس والسمع والذوق والشم كذلك فإن حركة الكفيف محدودة تتسم بكثير من الحذر  واليقظة حتى لا يصطدم بعقبات أو يقع على الأرض نتيجة تعثره بشيء أمامه .

كما أن الكفيف قد يتوصل بكل حواسه للانتقال من مكان إلى آخر فبواسطة حاسة الشم يمكنه تمييز الروائح المختلفة التي يمر بها ويتحسس الأرض بقدميه وبواسطة حاسة السمع يستطيع تمييز الأصوات ويستخدم التقدير الزمني لقياس المسافات .

ومعنى هذا أن الكفيف يبذل طاقة وجهداً كبريين أثناء حركته مما يعرضه غالبية الأحيان للإجهاد العصبي والشعور بعدم الأمن وخيبة الأمل مما ينعكس أثره على شخصيته .

وتؤدي البيئة المحيطة بالكفيف دوراً هاماً في بناء شخصيته سلباً أو إيجاباً وهو دور يتراوح بين المواقف التي تغلب عليها سمات المساعدة والمعاونة المصحوبة بالإشفاق وبين المواقف التي تغلب عليها سمات الإهمال والنبذ ويترتب على هذه المواقف المتباينة إزاء الكفيف ردود أفعال تصدر عنه قد تكون ملائمة أو غير ملائمة .

إن شخصية الكفيف في ضوء المواقف المتباينة تفرض عليه أن يعيش في عالمين عالم المبصرين ، وعالمه الخاص المحدود وهو لا يستطيع مجاراة المبصر في عالمه ويأمل في الوقت نفسه إلى الخروج من عالمه الضيق ولكنه يجد نفسه قاصراً عن ذلك ويتولد في نفسه صراع الأقدام والأحجام إقدام على عالم المبصرين وإحجام عن عالمه الضيق وقد يلجأ إلى حيل لاشعورية تساعده على الهروب من هذا الواقع المتناقض  وكل هذا يؤدي إلى بناء شخصيته على أسس نفسية غير سليمة تعرضه دائماً إلى سوء التكيف .

وتتعرض شخصية الكفيف لأنواع متعددة من الصراعات فهو في صراع بين الدافع إلى التمتع بمناهج الحياة والدافع إلى الانزواء طلباً للأمان.

وينتاب الكفيف نتيجة هذه الصراعات أنواعاً من القلق فهو يخشى أن يرفض من حوله بسبب قصوره ويخشى أن يستهجن الآخرون من سلوكه وأفعاله .

وهو في خوف دائم من أن يفقد حب الأشخاص الذي يعتمد آمنه على وجودهم .

وقد يلجأ الكفيف فيما سبق الإشارة إليه لأنواع من الحيل الدفاعية منها التبرير فهو إذا يخطئ يبرر أخطاءه بأنه كفيف وعاجز ومنها الكبت كوسيلة دفاعية تجنبه الاستهجان والاستنكار فيضحي ببعض رغباته من أجل الفوز بتقبل الآخرين له .

وقد يلجأ إلى الاعتزال كوسيلة هروبية وآمنة من بيئة قد يتخيل إليه أنها تنبذه أو على الأقل لا تحبه بالقدر الذي يرضي نفسه .

المصدر: إعداد / المرشدة التربوية ثناء محمود علي مكي

ساحة النقاش

نور الفجر

hudaenshasy
موقع يهتم برعاية او تاهيل لمكفوفين في المجال التربوى تقدمه هدى الانشاصى اخصائي نفسي اكلينيكي بالتربية و التعليم مسؤل دعم فني جودة بادارة النزهة التعليمية عضو مجلس ادارة اتحاد رعاية هيئات ذوى الاعاقة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

216,526