<!-- هاني آصف الشويخ
الأحد 22 تشرين الثاني 2009
بعد أن شاهدت أكثر من 1000نوع "صبٌّاريات" على سطح منزله، وأمتعني بحديثه الجميل عنها وأيضاً بما قدمه لي من معلومات عن هذه الهوايةً، عدت إلى منزلي لأدون حواري معه، لكن حادثاً مؤسفاً جعلني أغير الأسطر الأولى مما كتبت، فقد انتقلت روحه إلى بارئها بعد أيام قليلة من لقائي به، رحم الله السيد "محمد محمد صادق الحاج"، الملقب بـ "أبو أكرم"، الذي التقاه eSyria وأمام نباتاته الساحرة كان لنا معه هذا اللقاء:
* من الذي رغبك بهذه الهواية الجميلة؟
** هناك "في أمريكا الجنوبية" حيث كنت أعمل في السلك الدبلوماسي كنت محظوظاً لأنني رأيت ولأول مرة في حياتي وعلى الطبيعة أنواعاً مختلفة من "الصبٌّار" "Cactos"، نباتات تنطق بالفن الإلهي، وقد أبدعت يد الخالق فيها فصاغتها نماذج تسحر العين وتأسر القلب، فارتضيت منذ تلك الأيام أن تكون هواية "الصبٌّار" هي هوايتي المفضلة، أجمع أنواعها وأعتني بها وأدرس عنها.
* كيف بدأت بهذه الهواية، و ما هي النتيجة؟
** بدأت باستنبات البذور التي جلبتها معي من أمريكا الجنوبية عام1967، ولكنني لم أوفق بسبب عدم معرفتي آنذاك بأصول هذا الاستنبات، فقررت الحصول على بعض الأنواع المستوردة شراءً أو عن طريق بعض الأصدقاء المتواجدين في الخارج، وعندما اكتسبت بعض الخبرة من خلال اهتمامي بهذه النباتات، ومن الدراسة والتجربة، عدت مجدداً لزراعة البذور التي نجحت معي بنسبة 75% تقريباً، وأنا الآن أمتلك مجموعة تعد حوالي الألف بين نوع Species"" وضرب ""variety وشكل ""form.
* هل من أحد يساعدك، و ما هي الصعوبات التي تعاني منها؟
** يساعدني اليوم في العناية بها أحد أولادي وهو "مازن محمد الحاج" الذي اكتسب بعض الخبرة من معايشة هذه النباتات، وكان ذلك كله بجهدي الشخصي دون مساعدة من أية جهة حكومية، لأنه يوجد من يمتلك مجموعة أكبر بكثير لأنه تلقى الدعم المادي والتسهيلات من دولته ومن الجهات المسؤولة عن الزراعة أو السياحة، الأمر الذي لم يحظ به أمثالي، وكمثال على من تلقى هذا الدعم كبير الهواة "جامع "الصبٌّار"" اللواء "ثروت بدوي" من "مصر".
وبعد أن صدرت تعليمات منع استيراد مثل هذه النباتات وبذورها صرت أعاني من صعوبة الحصول على ما يوسع هوايتي.
* نتمنى منكم إعطاءنا فكرة عن "الصبٌّار" بشكل عام؟
** ولنتحدث بإيجاز عن "الصبٌّار"، نقول: "الصبٌّار" فصيلة نباتية مستقلة هي الفصيلة ""الصبٌّارية" ينضوي تحت لوائها أكثر من ثلاثة آلاف وستمائة نوع "عصاري" "Succulent" شائك ""spiny مصنف تنتمي جميعها إلى القارة الأمريكية، من جنوب غرب الولايات المتحدة مروراً بالمكسيك في أمريكا الوسطى فالجنوبية وانتهاء بمنطقة "الباتاغونيا Patagonia" أقصى جنوب " شيلي" و"الأرجنتين"، أي أن هذه النباتات العجيبة لم يكن قد رآها أو عرفها أحد قبل اكتشاف القارة الأمريكية عام1492 م غير "الهنود الحمر" .
وأطلق بعض "الهنود الحمر" على "الصبٌّار" أو على بعضه Chula""، وأطلق عليه المصنفون "cacti" ومفردها "cactus" وأصلها لاتينية يقابلها بالإغريقية Kaktos وتعني " spine" و "thistle" و "Thorn"، وترجمت إلى العربية " صبٌّار" والواحدة" صبٌّارة" وتصغيرها " صبّيرة" والدارج" صبٌّار وصبٌّارة"، رغم أن معنى هذه الأخيرة لغوياً "الأرض المجدبة"، وتطلق كلمة " صِبر" والواحدة "صِبرة" على الجنس العصاري "Aloe" ذو العصارة المرة الحامضة في الغالب، والذي عرفه العرب لأنه متواجد في الأراضي الحجازية كما هو موجود في مناطق أخرى مجاورة، ويعرّف "الصبٌّار" بأنه: نباتات عصارية شائكة تنتمي إلى العالم الجديد، ذات سوق عصارية، عليها أوراق متحورة أو شبه شوكية، وغالباً ذات أزهار رائعة تنتمي إلى ذوات الفلقتين، والتي منها رتبة "العصاريات"
التي تعتبر مندرجة تحت لوائها: الفصيلة "الصبٌّار"ية، "cactaceae" Family
-وقد درج البعض على إطلاق كلمة "الشوكيات" Acanthoid"" على هذه الفصيلة، وهذا خطأ ومرفوض لأن "الشوكيات" مصطلح علمي تصنيفي يعني "شوكيات الجلد" "Echinodermata" من حيوانات الماء كـ : "قنفذ البحر" و"نجمة البحر".
* أين تعيش "الصُبّاريات"؟
** كما هو من الخطأ أيضاً القول بأن "الصبٌّار" نبات"صحراوي" ""Desert ذلك لأن أنواعه لا تعيش في الصحراء، عدا قلة منها، وإنما هي تعيش على امتداد حيز مترامي الأطراف محصور بين خط الثلج الشمالي على الحدود الأمريكية الكندية وخط الثلج الجنوبي على حدود منطقة القطب الجنوبي، إذن فهي تعيش -حسب الجنس أو النوع- في مناطق مختلفة التربة والمناخ والارتفاع ودرجات الحرارة المتفاوتة جداً، الذي وصل الحد بكهنة الأزتك "Pourour" أن يفرضوا عبادته على اتباعهم من الهنود الحمر، وقدموا له القرابين -وأحياناً القرابين البشرية، وهي أقسى طقوس العبادة في العالم-، وسموا مفرده الرب أو الربة.
* من هو هاوي "الصبٌّار""؟
** نبدأ أولاً بتعريف هواية "الصبٌّار" ونعني بالهواية اقتناء "الصبٌّار" وتكوين مجموعة منه، والمعرفة بأسمائه، وكيفية التعامل معه، ويجب أن تكون علاقة الهاوي "Hobbyist ="fancier بمجموعة الصبار علاقة الوالد بأطفاله.
ويجب ألا يفوتنا أن هذه الهواية ممتعة ومتعبة في آن واحد، وهي صعبة ومكلفة مادياً، وتتطلب وقتاً ودراية بالنوع وموطنه وتربته وغذاؤه وكمية الماء التي يحتاج إليها، وكذا الرطوبة التي تحيط به والنور الذي يتطلبه.
* كيف كان التوفيق بين الهواية والدراسة؟
** كان لابد للتوفيق بين الهواية من الناحيتين العملية والنظرية-الدراسية-، وذلك بأن كونت مكتبة صغيرة خاصة بالكتب التي تبحث في "الصبٌّار"، وتعد حوالي خمسين كتاباً مختلفة الأحجام، وأحياناً مختلفة المحتوى-بعضها غير دقيق، وما كل من كتب بعالم-، وهذه الكتب بعدة لغات منها الإنكليزية والإسبانية والفرنسية والإيطالية والألمانية والروسية، فأبحرت في الترجمة بمساعدة-دكاترة- درسوا في الخارج، وأخذت بمطابقة المعلومات المترجمة على واقع النبتة الموجودة مع تقاطع لهذه المعلومات، لأدون هذه المعلومات في دفاتر ملاحظات خاصة،
ومع الازدياد المطرد لعدد هواة "الصبٌّار" في الوطن العربي، والاكتشافات الجديدة لبعض أنواعه سواء أكان في أرض الموطن أو أشكالاً من التهجين وازدياد الحاجة إلى مرجع أو كتاب أو موسوعة، لطرق العناية بأنواع كل جنس عن الآخر، إن لم نقل بين النوع والآخر، فإن كل هذا جعل من الضرورة الملحة وجود دليل أو مرجع ""guidebook بين أيدي هؤلاء الهواة يبحث في هذه النباتات، ماهيتها، تصنيفها، تسميتها، وصفها، استنباتها، وطرق العناية بها، ليعرفنا بالنباتات العصارية التي يشكل "الصبٌّار" الفصيلة الأهم بينها، وأكثرها جمالاً وغرابة، ليبقى الهاوي مرتبطاً بالأنواع التي يمتلكها، مشدوداً إليها، يزداد حبه لها يوماً بعد يوم، ويرى فيها كل يوم جديداً، من هنا كانت فكرة هذا الكتاب الذي أسميته مبدئياً معجم "الصبٌّار" " "lexcion of cactiوالذي وصفه أحد من اطلع على مسودته بأنه "معرض فني في كتاب" وهو عبارة عن مجلد ضخم -إن قدر له أن يرى النور- يعادل حجم قاموس جامعي عملت فيه قرابة خمسة عشر عاماً في بحث وتنقيبودراسة وترجمة وغوص في أعماق المراجع، أعيش في دائرة التعب والسهر والخوف من عدم النجاح، لأضيف إلى المكتبة العربية كتاباً فريداً من نوعه طالما افتقرت إليه هذه المكتبة، بعد أن احتكر البحث في "الصبٌّار" الأجانب فقط، لاسيما وأن علم "الصبٌّار" قد غدا علماً قائماً بحد ذاته يدرّس في معظم جامعات الغرب وخاصة "أمريكا" و"إسبانيا" و"ألمانيا"، فيقال أستاذ علم "الصبٌّار" في جامعة المكسيك أو الإكسفورد..الخ وبالتالي ليكون هذا الكتاب مرجعاً للهواة يغرفون منه ويسيرون على هديه، ولا يستمعون إلى حديث كل من هب ودب عن جهل وعدم دراية، فلقد سمعت ورأيت أكثر من مرة من يظهرون على شاشة التلفاز مغتنمي فرصة معرض الزهور الدولي ليدلون بمعلومات وأحاديث أغلبها خاطئة ولا تمت إلى "الصبٌّار" بصلة.
* هل لكم من ملاحظات أو مطالب بهذا الخصوص؟
** في معظم دول العالم توجد حدائق صبٌّارية مستقلة تحوي أكبر عدد ممكن من الأجناس والأنواع، تمولها الدولة، ويشرف عليها مختصون في "الصبٌّار" وفي علم "الصبٌّار"، وهم المسؤولون مباشرة عن الحديقة ومهندسينها وعمالها ونظامها، يعاونهم أشخاص كل في اختصاصه، كما يكلف هؤلاء المختصون باستيراد الأنواع الناقصة أو اللازمة، ويشرفون على التكاثر واستنبات البذور والتطعيم، كما يقومون بإلقاء بعض المحاضرات في كليات الزراعة وفي المراكز الثقافية الزراعية والسياحية.
أما عن الهواة الفرادى فحبذا لو أمدتهم الدولة بالمساعدة وسمحت لهم باستيراد بعض النماذج والبذور.
لاسيما أنهم مع الزمن قد فقدوا بعض الأنواع-وخاصة تلك الصعبة التأقلم- التي حصلوا عليها بجهد جهيد وبشق الأنفس، دون أن يستطيعوا تعويضها، وحبذا لو منحت النشطاء منهم حديقة صغيرة ينمون فيها هواياتهم ويربون فيها نباتاتهم، وليتها جمعتهم في دائرة هي"جمعية هواة "الصبٌّار"" التي تكون تابعة إما لوزارة الزراعة أو وزارة السياحة، وليقدم رئيس هذه الجمعية لإحدى هاتين الجهتين مشاريعها واحتياجاتها وما تعانيه من مشاكل تحول دون تطوير هذه الهواية المنتشرة في كافة أنحاء العالم، ومن خلال هذه الجمعية سيتعرف الهواة على بعضهم وسيجري بينهم تبادل المعلومات والنماذج، ويبقى "الصبٌّار" نباتات تتجلى فيها قدرة الخالق، وتبقى هواية "الصبٌّار" من أرقى الهوايات، لا يبدع فيها إلا المختصون، فلتقدم لهم حكوماتهم العون لتطوير هواياتهم، وتوسيع مجموعاتهم، وبالتالي المحافظة عليها.
وقد قابل eSyria عدد من الهواة و المختصين و سألهم عن رأيهم و علاقتهم بهذا الرجل المبدع فجاءت تصريحاتهم:
الأستاذ الدكتور "عامر مجيد آغا" ، تخصص بيئة وصفه قائلاً: «محاولة جادة من هاوٍ تحول مع الزمن إلى محترف، ومتخصص في مجال "الصبٌّاريات"، والعصاريات، و يعتبر خبير ومصنف ومنتج ويستحق كلمة عالم في مجال "الصبٌّاريات" و برأيي يستحق دكتوراه فخرية في هذا المجال».
"نزار الشويخ"، هاوي "صبٌّاريات" قال عنه: «قادني القدر لأن أتعرف على هذا الرجل الموسوعة، عندما دلني عليه أحد الهواة، وقد كان نعم المرشد لي فهو يعطي خبرته العظيمة بدون مقابل وبغزارة و بسخاء لكل هاو أخلاقي وجاد».
"مازن محمد صادق الحاج"، هاوي "صبٌّاريات"، وابن السيد أبو أكرم تحدث عن والده : «كان والدي أباً و صديقاً لي قدم كل ما
استطاع من جهد لكي أكون هاوياً بهذا النجاح، ومهما قدمت له فإن عطاؤه لي في الهواية فقط يرجح على أي شيء أقدمه».
"أحمد سليمان العلي" مهندس زراعي متقاعد قال عنه: «أعرف هذا الرجل الغير عادي منذ اكثر من30 سنة، مثقف جداً و متحدث متمكن، وكاتب مميز و خصوصاً في الشأن السياسي، هذا عدا عن أنه رجل وطني موقفاً و كلمة».
"أبو غزوان"، من أقدم هواة "الصبٌّاريات" في سورية تحدث واصفاً تجربته معه: «يربطني بأبي أكرم قرابة وصداقة عميقة الجذور فنحن أصدقاء من عام1952 و قد بدأت الهواية في عام1959 قبله بعدة سنوات، وأحضرت حينها بعض "الصبٌّار"يات من مصر، ثم تابعنا الهواية سوية عندما كان يعمل في السلك الدبلوماسي في دول أمريكا الجنوبية».
"عماد عطوان"، هاوي "صبٌّاريات" : «تعرفت على أبي أكرم منذ اكثر من22 سنة هذا الإنسان النبيل و الذي أعتبره بمثابة الأب، قدم لنا كل ما هو نفيس و مهم لدعم هذه الهواية، عدا عن ذلك فقد استفدنا منه كمثقف و رجل وطني، أتمنى أن يلاقي تميزه هذا الرعاية و التقدير من الجهات المختصة
ساحة النقاش